نشرت صحيفة ” الوفد ” مقالاً للكاتب ” محمد أمين “.. تضمن ما يلي :
ابتسم الرئيس حين هتف العمال أمس قائلين : المنحة يا ريس .. فلم يقل منين ، ولم يكن يفكر في منحة .. الحكاية أصبحت قديمة.. ومبدئيّاً العمال فعلاً يريدون منحة، ويريدون علاوة لمواجهة ارتفاع الأسعار .. لكن هل يستحق العمال منحة؟.. وهل يستحقون علاوة؟.. هل الإنتاج الذى تُنتجه مصانعنا يستدعى صرف منحة إنتاج ؟.. هل كل عامل يبذل الجهد ليحصل على منحة رئاسية أو حكومية ؟ .
أعجبني مدير أحد المصانع ، جمع الذين كانوا يصلون وقت العمل وينامون في وقت الراحة ، وقرر حرمانهم من الحافز ، ولا يستطيع الرئيس أن يفعل كما فعل مدير المصنع .. ربما لأسباب سياسية أو انتخابية .. لا يستطيع أن يقول منحة إيه ؟.. لا يستطيع أن يقول إن إنتاج العمال هذا العام، لا يجعله يحضر الاحتفال بعيد العمال ، أو تكريم النقابيين ومنحهم الأوسمة .. إنتاج مصر لا يستحق أن تقيم له احتفالاً ، ولا يستحق أن تعمل له عيداً ، ولا يستحق العمال الأوسمة .. هذه هي الحقيقة بعيداً عن السياسة والتوازنات السياسية .
لا أتخيل أن مصر تستورد نصف طعامها .. ولا أتخيل أن نستورد الكبريت، ولا أتخيل أن نستورد لعب الأطفال.. أين العمال وأين الإنتاج؟.. ولماذا نحتفل بالعيد؟.. أين الإيدين الشقيانة والناس العرقانة؟.. من الذين يبذلون الجهد والعرق والدموع من أجل مصر؟.. فما الذى سوف نتركه للأجيال القادمة؟.. ولماذا نحرص سنويًّا على الاحتفال بعيد العمال؟.. ألا يستدعى ذلك أن نقول هذا العام: لا نستحق الاحتفال ؟ . نعم نحتفل سنويًّا تقديرًا للعمل.. ونحتفل تقديراً للإنتاج .. ويبقى السؤال: أين العمل والانتاج؟.. في بعض المناسبات الأدبية والثقافية والشعرية نقول إن العمل المقدم لا يستحق جائزة.. وبالتالي نقول خلاص شكرًا.. ونمتنع عن منح الجائزة.. ولو فعلنا هذا مرة واحدة ربما تكون رسالة للعمال.. هل تعرف أن المؤسسات الخاسرة يتظاهر عمالها للحصول على منحة؟.. هل تعلم أنهم يطالبون بالأرباح السنوية ؟ .
أعترف بأن الظروف التي نمر بها صعبة للغاية .. ولكنني أعترف أيضًا بأن البعض لا يستحق مرتبه، ولا يستحق الأرباح بالتالي.. فقد كنت أستغرب من أن مؤسسات صحفية حكومية كبرى تتظاهر للحصول على الأرباح.. مع أن هذه المؤسسات خاسرة.. ومع أنها فاشلة.. فكيف نصرف الأرباح سواء كانت المؤسسات خاسرة أو رابحة؟.. كيف يحدث هذا بالذمة؟.. الحل السحري للأزمة هو زيادة الإنتاج فوراً . قرأت نص خطاب الرئيس، وتوقفت عند بعض معانيه.. لا يختلف عن أي خطاب سابق .. هذه هي المرة التي كنت أريده أن يتحدث من قلبه.. كنت أريده أن يقول تعالوا نتصارح.. هل هذا هو إنتاج عمال مصر؟.. هل كنا نستحق الاحتفال بعيد العمال؟.. هل أنتم راضون عن الإنتاج؟.. كيف نستورد عود الكبريت؟!