نشرت صحيفة الشروق مقال للكاتب عماد الدين حسين تحت عنوان الصحافة الورقية لن تموت وجاء المقال كالتالي :
«الصحافة الورقية لن تموت، الشكل الحالى قد يختفى أو يتأثر، لكن فى النهاية سيكون هناك نموذج ورقى ناجح بشكل أو بآخر».
القول السابق لخوان سنيور الخبير العالمى وأحد أبرز القيادات فى مجال تطوير الإعلام وأحد مؤسسى مجموعة انوفيشان للاستشارات الإعلامية فى لندن والأستاذ الزائر بجامعة أكسفورد.
سنيور زار القاهرة وألقى محاضرة مهمة فى الجامعة الأمريكية مساء الأربعاء الماضى بدعوة كريمة من «منتدى المحررين المصريين» أو «EEF» الذى أسسه ويرأسه تنفيذيا طارق عطية ومنسقه العام طارق سعيد.
سنيور مطلع على غالبية التجارب الصحفية فى العالم المتقدم والنامى، من جنوب إفريقيا إلى تشيكيا، ومن البرازيل إلى أمريكا وكل أوروبا.
هو يقول إن كثيرين قالوا إن الصحافة الورقية ماتت عام ١٩٢٢، حينما انطلقت إذاعة البى بى سى من لندن، ثم تكرر نفس الأمر عام ١٩٢٨ بظهور التليفزيون وأنه سيقضى على الصحافة والإذاعة معا، وحينما ظهر الإنترنت عام ١٩٩٨ قالوا إنه سيقضى على الثلاثة معا، وما نعرفه يقينا أن الوسائل كلها ما تزال تعيش بجانب بعضها البعض.
ويستشهد سنيور بأن جيف بيزوس الرئيس التنفيذى لموقع الأمازون الشهير قال عام ٢٠١٣ إن الصحف الورقية ستتلاشى فى 2020، ثم فوجئنا به يشترى صحيفة الواشنطن بوست الورقية!.
كل وسيلة كانت تظهر كان يقال انها ستقضى على الوسائل الأخرى السابقة لها، وعلى أرض الواقع فإن المسرح موجود وكذلك السينما، وبالمثل فإن الصحف المطبوعة سوف تستمر، لكن ربما ليس بالصورة التى نعرفها.
الإنترنت أخذ مساحة من المطبوع والأخيرة اغتالت بعض المجلات، التى أثرت بدورها على الكتب لكن كل ما سبق ما يزال موجودا وبعضه يتطور.. المهم ماذا داخلها من محتوى؟!
فى تقدير سنيور فإن على الصحف أن تتوقف عن التعامل مع المحتوى وكأن الوسائل الإلكترونية لم تظهر بعد. مثال ذلك أنه حينما توفى مايكل جاكسون صدرت كل صحف العالم فى اليوم التالى وعنوانها الواحد المتكرر هو: «وفاة مايكل جاكسون»، وهو الأمر الذى كان يعرفه الجميع منذ ساعات طويلة!!، لكن صحيفة واحدة فى فرنسا صدرت بعنوان مختلف هو: «مات مايكل جاكسون منذ عشرين عاما»!!!. هى لم تتعامل فقط مع خبر الوفاة الذى كان يعرفه الجميع، بل أضافت عليه محتوى جديدا ومختلفا، بأن الوفاة الفعلية للمطرب العالمى، تمت حينما تغيرت حياته بصورة دراماتيكية.
يقول سنيور إنه حتى موقع فيس بوك يستعد لإصدار صحيفة ورقية. على الصحفيين ألا يتحولوا إلى فيسبوك أو تويتر أو جوجل، كل ما سبق وسائط أو محركات بحث أو منصات لن تقوم بعمل الصحيفة والصحفيين.
نيويورك تايمز لن تصبح بديلا لجوجل والأخير لن يكون بديلا لها. وحتى مع وجود اليوتيوب، فإنه بمفرده لن يكون كافيا، هو وحده لا يصنع الفارق، المهم ماذا ستضع داخله. هو منصة مثل كل المنصات الحديثة الأخرى وبالتالى فإن الفكرة الأساسية ستظل هى المحتوى.
فى رأى سنيور أنه بدلا من استمرار الصحفيين فى القول بأن الصحف ستموت، أن يعملوا بجدية وبصورة مختلفة ليضخوا الحياة مرة أخرى داخل صحفهم.
يقول الخبير الاسبانى مخاطبا الصحفيين المصريين: «لا تقلقوا ما يحدث عندكم من دعوات تتنبأ بأن الصحف الورقية ستموت، يتكرر فى معظم بلدان العالم تقريبا. انتم لديكم تليفونات محمولة ذكية، ولديكم نفس عادات استهلاك الأخبار الموجودة فى معظم أنحاء العالم. نفس النقاش سمعته فى البرازيل وجنوب إفريقيا، وما أعلمه ان الذى يشكل الفارق هو الإبداع والتطور».
على الصحف أن تنتقل من القامة إلى القيمة ومن الكم إلى الكيف. لا يعقل ــ كما يقول سنيور ــ أن يصبح كل الصحفيين محللين وخبراء!!!، هذه هى صحافة الثرثرة التى تعيد إنتاج الأخبار، وبالتالى فالمطلوب هو إعادة اختراع المحتوى والاهتمام به سواء كان عبر صحف ورقية أم إلكترونية. وأن تتم إعادة الاعتبار للحقائق والمعلومات الجديدة وليس البيانات الرقمية والاراء الرخيصة التى تشبع الناس بها.