نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً لمحمد أبو الغار بعنوان : ( الوراق.. إهانة الدستور وغياب الكفاءة والعدل ) ، وجاء كالتالي :
أداء النظام فى محاولة اقتحام جزيرة الوراق كان غريباً وكأن لا عقل ولا تجربة ولا فكر ولا تصور ، لم أكن أتخيل بعد سوء الأداء البالغ فى قضية تيران وصنافير، والذى أدى إلى فجوة حقيقية وعميقة بين النظام وغالبية الشعب المصرى، ألا يفكر أحد بعد هذه الكارثة بأن يتروى ويفكر ويتدبر قبل أن يصطدم مرة أخرى بالناس.
أتمنى ويتمنى الشعب المصرى كله أن يطبق القانون فى مصر. أتمنى ألا يكون هناك مبنى مخالف فى مصر وأتمنى أن تمنع الدولة إقامة هذه المبانى وأن تهدمها إذا تم بناؤها فى غفلة. البناء على الأراضى الزراعية مستمر، وتم فقد أكثر من ربع الأراضى الخصبة، والدولة لا تفعل شيئاً. أتمنى أن يرى الشعب المصرى نهر النيل ويجلس الجميع على شاطئه يأكل سميط وجبنة ويتمشى كما كنا نفعل فى الزمن الغابر ، للأسف نهر النيل فى معظمه مخفى عن الأنظار بمبان ومراكب ومنشآت، كثير منها ملك هيئات سيادية وبعضها لهيئات عادية وقليل منها لعلية القوم، وذلك مخالف لجميع القواعد والقوانين، ولم أسمع أو أقرأ أن هناك خطة أو فكرة لإزالة هذه المنشآت أو حتى الحد منها. قوانين البناء فى مصر شديدة الدقة ونعلم كلنا أن أعداد الفيلات الأثرية التى هُدمت وتم بناء أبراج مكانها مخالفة لجميع القواعد تملأ القاهرة والإسكندرية والجيزة ولا أحد يستطيع أن يفتح فمه. اشتكى شعب الإسكندرية لطوب الأرض بأن البحر يتم ردمه مخالفة للقواعد العالمية والقوانين المحلية وتم عمل جراجات تحت الكورنيش لإنشاء لوكاندة جديدة وتم إغلاق نصف الكورنيش شهورا عديدة، ولا أحد يستطيع أن يقول شيئاً. القانون أخذ إجازة كاملة ونام تماماً
تنص المادة 35 من الدستور على «ألا تُنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يُدفع مقدماً». بوضوح نزع الملكية هو لإنشاء كوبرى أو طريق ينفع الناس، وليس لبيع أو تنازل لمشروع استثمارى. ما يتم مخالفة واضحة وصريحة للدستور، ثم إن ما تملكه الدولة فى الجزيرة 3% فقط من مساحتها، وهو ما يعنى أنها ليس لها أى حقوق. هناك حوالى من ستين إلى مائة ألف مصرى يعيشون فيها، بعضهم مقيم أباً عن جد منذ أكثر من مائة عام وبعض المنازل والأراضى مسجلة والبعض غير مرخص ولا مسجل مثلها مثل كل مدن وقرى مصر. هل تقوم الشرطة بإزالة قرية أو حى بأكمله فى المحروسة لأن به بعض المنازل المخالفة؟ فلماذا الهجوم على الوراق بهذه الطريقة الغشيمة وكأن النظام فى حرب مع شعبه، ويتم قتل شاب ويُقبض على بعض الأهالى لمقايضتهم بالأرض! هذه ليست تصرفات دولة ولكم أن تجدوا الوصف المناسب
عندما فوجئ النظام بمقاومة شعبية ضخمة، وعرف أن الاستيلاء على الجزيرة سوف يؤدى إلى قتل المئات دفاعاً عن أرضهم، واكتشف أن معظم الأراضى والمبانى مرخصة، واكتشف أيضاً أن الجزيرة بها جامع وكنيسة ومدارس ومستشفى وشهر عقارى وشبكة كهرباء حكومية، وأن الإخلاء غير دستورى احتاس كالعادة فخرج متحدث النظام يقول إننا نريد فقط هدم بضعة منازل مخالفة، هل كل هذا المولد لهدم عدة بيوت مخالفة؟.. وقال وزير الرى إنه خائف على الوراق من الغرق (فى وقت انخفضت فيه مياه النيل)! أعتقد أن هذا الكلام عيب لأن الناس برضه عندها مخ.
منذ سنتين وأنا لا أشاهد تليفزيونا مصريا أو أجنبيا بخلاف قناة «بن سبورت» الرياضية
ومعلوماتى من الصحف المصرية والإنترنت واليوتيوب، ومن اشتراكى فى النيويورك تايمز الذى يكلفنى دولاراً واحداً فى الأسبوع، عرفت أن القنوات المصرية كلها تغرد وتغنى وتؤيد احتلال الجزيرة وطرد السكان وأنها كلها مع القانون وتطبيقه. ولم تتطرق لآلاف المخالفات والاختراقات التى يقوم بها النظام وأذنابه للقانون. لا أحد يتكلم فى أن الأمر كله غير دستورى. أود أن أعرف نسبة المشاهدة للقنوات المصرية الآن لأننى عندى خشية أن تكون قنوات الإخوان وغيرها قد استولت على عقل وقلب المصريين بينما قنواتنا تغرد لنفسها.
ألم يفكر صاحب القرار، الذى لابد أن يكون على أعلى مستوى، فى ماذا سوف يحدث إذا خرج من 60000 إلى 100000 مواطن من الجزيرة بدون سكن أو مأوى؟ ماذا سوف يحدث فى القاهرة الكبرى؟ ألم يفكر فى عدد المواطنين المسالمين الذين سوف يتحولون إلى إرهابيين؟
هل مصر الآن فى حاجة إلى مشروعات ترفيهية ومولات ترتادها شريحة صغيرة جداً من المصريين وتنتظر السياح العرب؟ نحن فى حاجة إلى استثمارات صناعية حقيقية تزيد الإنتاج والتصدير وتدرب العمالة على الصناعة الحديثة
أخيراً، إن موضوع تيران وصنافير مازال وسوف يظل عالقاً بأذهاننا جميعاً، وإن فقدان أجزاء أخرى من الوطن وفى سيناء يبدو أنها فى الطريق أدى إلى فقدان الثقة فى قدرة النظام على الحفاظ على الوطن. كل هذا أدى إلى الغضب الشعبى العارم والذى سببه انعدام كفاءة أصحاب القرار فى مصر وغياب الوعى بأهمية العدل