نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً لمحمد أمين بعنوان : ( مصر ليست دولة كرتونية ) ، وجاء كالتالي :
لا مصر دولة كرتونية، حتى تسقط بفعل الرياح وعوامل التعرية السياسية، ولا هى دولة آيلة للسقوط حتى يمكن إسقاطها، أو ترميمها بمعرفة الهيئة الهندسية.. وربما كنت أتقبل هذا الكلام من الرئيس فى بداية حكمه.. أما أن يبدأ عهده بقوله «مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا»، ثم يختتم دورته الرئاسية الأولى، بالدعوة لتثبيت الدولة، فهذا ما لا أفهمه، ومعناه أن السنوات الثلاث قد ذهبت هباء!.
فمنطق الأشياء أن الخطاب الرئاسى كان يحدثنا عن دولة مهددة بالفشل، ثم يعمل على ألا تفشل، فينتهى به الحال، أن مصر لن تسقط، وأن مخطط إفشال الدولة قد سقط، وأننا الآن نتطلع لمستقبل يليق بمصر وشعب مصر.. ولا أعرف سر انطلاق الصحف الحكومية والتابعة لها، فى الكلام عن المؤامرات والمخططات؟.. ولا أعرف السبب الحقيقى للكلام عن تثبيت الدولة «الآن» دون الإفصاح عن المبررات!.
وأعود لأكرر أن الدول لا تسقط بالإعلام «المأجور»، مادام هناك تلاحم بين الشعب ونظام الحكم السائد.. كما أن تثبيت الدول لا يحدث بالإعلام «الموالى»، الذى يصفق ليل نهار.. وأظن أن الدولة الآن تمتلك الإعلام الحكومى، وتسيطر على معظم الإعلام الخاص، ولم تكتف بهذا، ولكنها اشترت نصفه أيضاً.. وبرغم كل ذلك مازالت الدولة خائفة من شىء ما.. وبرغم ذلك مازالت الرسالة الإعلامية «فاشلة»!.
وعلى فكرة الإعلام لا «يصنع» من الفسيخ شربات، ولا يستطيع كذلك أن يهدم إنجازات يراها الناس ويلمسونها.. وبناء عليه قلت إن تثبيت الدولة يكون بالعدل.. واليوم أضيف أن تثبيت الدولة بالديمقراطية.. وينبغى أن يستوعب الحكام أن «الشراكة» بين الشعب والنظام هى «الضمانة» لتثبيت الدولة.. وهى التى تجعل أى مخطط يتكسر على صخرة الشعب.. أما التخويف باللاجئين فهو خطاب «قديم أوووى»!.
أنهيت مقال أمس بأن مصر ليست عشرة أفراد، يتبادلون الحكم فيما بينهم.. وأن مصر ليست عشر عائلات تحكم منذ جمهورية ناصر، حتى جمهورية السيسى.. وإذا دققت جيداً، سوف تعرف أن الحكاية لم تتغير بعد ثورتين.. وقد انتظر الناس التغيير، فلم يحدث.. وكنا نريد أن نشعر بالأمل.. وكنا نريد أن تتسع دائرة الحكم.. وكنا نريد أن تتخفف مصر من «المركزية» التى كثفت كل شىء فى يد الرئيس!.
فهل تعرف يا سيدى الرئيس أن الناس أصبحت تخاف من الكلام فى التليفونات؟.. هل تعرف أن منهم مثقفين ومفكرين؟.. هل تعرف أن أى تليفون دلوقتى يقول أحد المتصلين «خلى بالك فيه ناس معانا بتسجل»؟.. هذا الشعور بالخوف هو الذى يهدم الدولة.. هذا الشعور بالخوف هو الذى أصبح أكبر من أى مؤامرة.. تثبيت الدولة يا ريس بالعدل، والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان!.
أبداً، لن تسقط مصر.. لأنها ليست دولة كرتونية.. مصر فيها شعب عظيم يأكل الزلط.. وفيها جيش عظيم لا يهاب الموت.. تثبيت الدولة فى مواجهة الخارج أمر يهون أمام كبت الحريات ومصادرة الإعلام وشراء الفضائيات والصحف.. الأصوات «المعارضة» تثبّت الدولة أكثر من الإعلام المدفوع «مقدماً» من الأجهزة السيادية!.