نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً لمحمد أمين بعنوان : ( حكمدار الفضائيات ) ، وجاء كالتالي :
فتح الرئيس الباب على مصراعيه للنقاش العام.. وكان يريد أن تتجه الأنظار إلى تثبيت الدولة، من منظور أمنى.. وفوجئنا جميعاً بأن الرأى العام «الوطنى» يتحدث عن تثبيت الدولة بالحريات وحقوق الإنسان والعدل والديمقراطية.. ولا يعنى هذا أننا ننكر فكرة تثبيت الدولة، فى مواجهة الإرهاب، فالإرهاب حقيقة لا ينكرها أحد.. ولكن إذا أردت تثبيت الدولة المصرية، بمسمارين وشاكوش، فعليك بحرية التعبير أولاً!
وأعتقد أن الرئيس كان يوجه حديثه للإعلام، لتعبئة الرأى العام فى اتجاه معين، وليس لإشاعة جو من الخوف.. وكانت المفاجأة أن الشعور بالخوف «طغى» على الفكرة.. وهنا أسأل الرئيس: هل يستطيع ضابط أن يدير منظومة الإعلام، على طريقة «حكمدار الإذاعة»؟.. (وسأحكى قصته بعد قليل).. «حكمدار الفضائيات» لا يمكن أن يصنع رسالة جيدة.. وحكمدارات الصحف لا يمكن أن يساعدوا فى تثبيت الدولة!
ولابد أنك تعرف قصة الليثى ناصف، حكمدار الإذاعة.. وكان سيادته يتحكم فيما يذاع وما لا يذاع.. وذات صباح قرر أن يوقف صوت أم كلثوم، لأنها من «العصر البائد».. كان هذا «تقدير موقف».. ومرت الأيام وفوجئ عبدالناصر بأن أم كلثوم لا تشدو كعادتها، وهنا سأل ناصر: فيه إيه بالظبط؟.. واكتشف السر، لأنها من العصر البائد، فقال له: غداً تخرج على رأس كتيبة لهدم الأهرامات، لأنها من العصر البائد!
وبالطبع كانت رسالة «ناصر» واضحة.. ليس هكذا تُدار الأمور أبداً، وعادت أم كلثوم، لكن بقى «الليثى» يتحكم فى الإذاعة المصرية، ويعطون له «التمام» كل صباح.. وكانت هذه القصة كفيلة باستبعاده فوراً، لعدم خبرته.. وكان آخره قائد فصيلة أو كتيبة.. لكن الثقة مقدمة على الكفاءة والخبرة.. وللأسف كأن التاريخ يعيد نفسه.. فقد تم اختيار قادة فصائل لإدارة الصحف والفضائيات مؤخراً، بزعم تثبيت الدولة!
ولا تستغرب أن الذين لم ترُق لهم دعوةُ الرئيس، هم من معسكر السيسى نفسه.. ولا تندهش أنهم توجسوا خيفة من إجراءات ضد الحريات وحقوق الإنسان.. فالأمر يحتاج إلى تفسير.. هناك مخاوف بلا حدود.. قرأت كثيراً من الرسائل والإيميلات.. يتحدثون عن دولة الخوف.. ويتحدثون عن مراقبة التليفونات والاعتقالات.. يتحدثون عن استبعاد الكفاءات، ووجود حكمدار فى كل جامعة وصحيفة وفضائية!
وفى عهد عبدالناصر، تصرف «الحكمدار» دون علم رئيسه.. منع صوت أم كلثوم.. لأنه لا يعرف من هى أم كلثوم؟.. وفى عهد السيسى يتصرف «الحكمدار» على كيفه، يمنع الأصوات أن تشدو.. يمنع الأصوات أن تكتب.. يمنع صفحات الرأى.. يخنقُ الحريات.. يوحى بأن الرئيس صاحب قرار المنع.. يوحى بأن الدولة فى حرب.. يتصرف حكمدار الفضائيات كأنه ولى النعم.. يستبعد من يشاء، ويُقرّب إليه من يشاء!
باختصار، هل يعلم الرئيس كيف يتصرف «حكمدار الفضائيات»؟.. ما الذى يمنعه، وما الذى يسمح به؟.. هل هذا الحكمدار السبب فى اتهام الرئيس للإعلام؟.. هل هو سبب «فشل» الرسالة الإعلامية؟.. يا ريس افتحوا الأبواب والشبابيك للهواء النقى.. ولا تخش على مصر من الحرية.. فالخوف يهدم مصر قبل الإرهاب