من الأفلام التى تركت بصمة كبيرة فى تاريخ السينما المصرية فيلم «المذنبون» الذى جمع نماذج كثيرة لشخصيات موجودة فى كل زمان ومكان، ولم تمر الرقابة على المصنفات الفنية فى مصر بأزمة كالتى مرت بها عام 1977 بسبب ذلك الفيلم والذى كتب له والدى، رحمه الله، المنتج والسيناريست الكبير ممدوح الليثى، السيناريو والحوار منذ اثنين وأربعين عاما عن قصة أستاذنا الكاتب الكبير نجيب محفوظ، وإخراج المخرج الكبير سعيد مرزوق، وهو من أفضل مائة فيلم مصرى، وكان الفيلم صارخاً فى تعريته الفساد فى المجتمع المصرى بشكل صادم على كافة المستويات لجميع شرائح المجتمع، لكن عرض الفيلم فى المسابقة الرسمية لأولى دورات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى واستقباله بشكل ممتاز من النقاد العالميين- جعلا الرقباء يميلون إلى السماح بعرض الفيلم خاصة أن فيلم «الكرنك» الذى دارت حوله مشاكل رقابية عام 1975 كان قد تقرر عرضه بقرار سياسى، وهو ما يعنى أن الاتجاه العام للدولة يميل لتشجيع حرية التعبير.. وبالفعل وافقت الرقابة على عرض الفيلم عام 1976 إضافة لعرضه فى عدة عواصم عربية، وقد أدى سماح الرقابة للفيلم بالعرض إلى معاقبة كل الكوادر الرقابية المسؤولة عن هذا السماح فتمت إحالة 17 رقيبا للتحقيق لأنهم أجازوا عرض الفيلم فى البداية.. كما أدى أيضاً إلى صدور قوانين رقابية جديدة فى وقتها.. بعد عامين من قرار وقف عرض الفيلم، تكونت لجنة فنية رقابية برئاسة سعد الدين وهبة لإجازة عرض الفيلم من عدمه. تم عرض الفيلم فى السينمات المصرية وقتها لفترة قاربت ثلاثة أشهر.. بدأت أحداث الفيلم بتلقى أحمد صابر الذى لعب دوره الفنان حسين فهمى مكالمة تليفونية أمام أصدقائه وذلك من صديقته سناء (الممثلة) التى لعبت دورها الفنانة سهير رمزى تبلغه فيها أن هناك من يحاول قتلها! وأسقط فى يد أحمد صابر وأسرع هو وأصدقاؤه إلى شقة سناء أو سهير رمزى ليجدوها مقتولة.
تقع جريمة القتل بعد انتهاء حفل ساهر حضره نخبة من رجال وسيدات المجتمع وعثرت المباحث على قمر المواردى (أسامة عباس) المصور الفوتوغرافى الذى صور الحفل، ومعه الصور التى التقطها للحضور، وعن طريق المدعوين فى الصور، بدأ رئيس المباحث حسين صديق (عمر الحريرى) ومساعده كمال (سعيد عبدالغنى) باستدعاء كل المدعوين الذين كانوا فى بيتها ليلة مصرعها، ولكى يبرئ كل من حضر الحفل نفسه من جريمة القتل بعد محاصرة رجال الشرطة لهم بأسئلتهم اضطر كل واحد منهم أن يعرى نفسه أمامهم ويعترف على نفسه بأنه وقت حدوث جريمة القتل كان يقوم بارتكاب جريمة اجتماعية أخرى، وإن كانت عقوبتها أخف من عقوبة جريمة القتل إلا أنها أشد ضراوة فى حق المجتمع من جريمة القتل فنجد ناظر مدرسة يسرب الامتحان.. وهذا طبيب يجرى عمليات إجهاض.. وهذا مهندس يغش فى البناء، وهذا رجل ذو سلطة يتردد على الممثلة من أجل قضاء وقت ممتع، وغيرهم من النماذج التى عرضها الفيلم لشخصيات وأنماط مختلفة، ويتم القبض على كل من كانوا فى الحفل، بعد أن كشفت الشرطة أن الجرائم التى ارتكبوها لا تقل عن جريمة القتل، وفى النهاية يعترف خطيبها المخرج (حسين فهمى) بأنه قتلها بدافع الغيرة، فقد رآها فى الفراش مع رجل السلطة (كمال الشناوى). ومثل هذه الأعمال هى ما ينطبق عليها بحق قول أرنست فيشر: «ليست وظيفة الفن أن يدخل الأبواب المفتوحة، بل أن يفتح الأبواب المغلقة.. فالسينما بحق هى مرآة المجتمع».