أقلام حرة

مقال للكاتب عبد الناصر سلامة قمة إسطنبول.. نتنياهو شاهداً

جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حول الكلمات التى ألقيت فى قمة منظمة التعاون الإسلامى بإسطنبول، والبيان الختامى الصادر عنها، لتعكس مستوى القمة، وجدواها، ونظرة إسرائيل إليها، وكيف سيتم التعامل مع قراراتها، ذلك أن الرجل قال إنه لم يتأثر بالتصريحات، ولا بالخطابات، ولا بالبيانات الصادرة، مؤكداً فى الوقت نفسه أن معظم دول العالم سوف تعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، فى إشارة ضمنية إلى أن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى هذا الصدد قد سبقه تنسيق دولى، سوف يتم الكشف عنه فى الوقت المناسب، حينما تأتى الاعترافات المتتالية، على الرغم من حجم الاستنكار الواسع الصادر الآن عن العواصم العالمية.

على غرار المكْلمات العربية، جاءت القمة الإسلامية بشأن القدس، لتضيف مكْلمة جديدة، ولكن إسلامية هذه المرة، ذلك أن ٥٧ دولة عضواً فى المنظمة شاركت منها ٤٨ دولة بـ١٦ زعيماً فقط، وتمثيل أدنى للـ٣٢ دولة الأخرى، فى الوقت الذى كان فيه التمثيل العربى مخجلاً إلى أبعد حد، فيما بدا أن المشاركة كانت ذراً للرماد فى العيون أمام الشعوب، كما أن الخلافات السياسية لبعض الدول مع تركيا قد ألقت هى الأخرى بظلالها على المشاركة ومستوى التمثيل فى آن واحد.

المهم هو أن بعض الكلمات جاءت ساخنة، خاصة من الرئيس التركى، حيث الاستضافة وأهمية الحدث، والبعض الآخر وضع فى الاعتبار أن واشنطن تراقب على الهواء مباشرة، فجاءت الكلمات على مستوى الأنظمة باستثناء كلمة الرئيس الإيرانى التى حملت تهديداً مبطناً، بينما كانت القرارات فى النهاية ورقية لا علاقة لها بالأحداث على الأرض، ذلك أن القمة دعت العالم إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، دون توضيح تبعات مثل هذا الاعتراف، وماذا لو لم تعترف إسرائيل بذلك وهى دولة الاحتلال، كما دعوا إلى البحث عن وسيط آخر لعملية السلام بخلاف الولايات المتحدة، على الرغم من أن أطراف أى نزاع يجب أن يقبلوا بالوسطاء عموماً، وهو أيضاً ما سترفضه إسرائيل، كما رفضوا قرار الرئيس الأمريكى اعتبار القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، وهو الرفض الذى لا يحمل صيغة رد الفعل فى حال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

كان المنتظر مع حجم الحدث أن يتضمن بيان القمة التعهد بدعم المقاومة الفلسطينيية، والدعوة لانتفاضة جديدة، كان من المنتظر تحديد أساليب جديدة فى التعامل مع الوضع الراهن، بما لا يجعل رئيس الوزراء الإسرائيلى يسخر من الكلمات والبيانات فى آن واحد، كان من المنتظر دعوة الدول الأعضاء إلى وقف كل أشكال التعاون والتطبيع مع دولة الاحتلال، والتلويح بقرارات أخرى فيما يتعلق بالدولة الداعمة، ممثلة فى الولايات المتحدة، كان من المنتظر التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بممارسات القتل الإسرائيلية على مدار الساعة بحق الأشقاء الفلسطينيين، وممارسات الاستيطان التى لا تتوقف فى القدس والضفة الغربية على السواء.

ربما جاءت قرارات قمة إسطنبول لتؤكد أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن فى أبناء الشعب الفلسطينى، لن يحارب أحد للفلسطينيين قضيتهم، يجب أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، مع الأخذ فى الاعتبار أن القدس تحديداً قضية عربية إسلامية مسيحية، وهو ما يوجب دعم القرار الفلسطينى أياً كان، قد يتطلب القرار دعماً مادياً، وقد يتطلب دعماً عسكرياً، وقد يتطلب دعماً فى المحافل الدولية، إلا أنه لن يتطلب دعماً بشرياً فى ظل إرادة فلسطينية حقيقية نشهدها الآن، فى إصرار الأطفال والنساء والشيوخ، قبل الشباب والمقاتلين، حتى وإن كانت المواقف السياسية الرسمية تشهد أحياناً بعض التقلبات، نتيجة ضغوط عربية واضحة، وهو ما جعل الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، لا يستخدم مصطلح انتفاضة، أو مقاومة، على امتداد كلمته التى كانت الأطول، والأكثر رتابة حسب تعبير المراقبين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى