نشر موقع اليوم السابع مقال للكاتب “يوسف أيوب ” بعنوان ( السيسى رئيساً لفترة ثانية ) جاء كالتالي :
أيام قليلة ويفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، بعدما وضعت الهيئة الوطنية للانتخابات جدول سير العملية الانتخابيية، بداية من فتح باب الترشيح فى 20 يناير الجارى وانتهاء بالإعلان رسمياً عن رئيس مصر، الذى تقول كل الشواهد والدلائل أنه سيكون الرئيس عبد الفتاح السيسى، أيا كان المرشح الذى سيقف أمامه، لأن شعبية الرئيس ورصيده لدى المصريين يسمح لنا بالقول إنه سيكمل فترته الرئاسية الثانية.
حتى الآن لم يعلن الرئيس السيسى ترشحه رسميا، رغم الضغوط الشعبية عليه للترشح التى كان أحد أركانها توقيع أكثر من 12 مليون مصرى على استمارات حملة «علشان تبنيها»، وهو ما لا يستطيع الرئيس تجاهلها مطلقاً، حتى وإن كانت لديه مبررات أخرى، فالقبول الشعبى موجود ومتوفر، ولم يتأثر أو يهتز رغم محاولات التشوية التى نراها يومياً عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وفى الإعلام الإخوانى الممول والموجه من المخابرات القطرية والتركية، لكن النتيجة كانت عكس ما أراد هؤلاء الراغبين فى إسقاط مصر، فكلما فكروا فى ضرب شعبية الرئيس، أسكتهم المصريين بالتفافهم حول الرئيس، وهو وضع لا نراه كثيراً، ولذلك أسباب كثيرة، من بينها بطبيعة الحال الإصلاح الاقتصادى الذى تبناه الرئيس ونفذ جزءا كبيرا منه، وأيضاً المشروعات القومية الكبرى التى يتم افتتاحها على مدار اليوم، لكن يبقى أكثر شىء من وجهة نظرى، هو أن المصريين التمسوا فى الرئيس الصدق والوفاء بالوعد، مهما كانت التحديات والصعاب، فلم نرَ على مدى التاريخ رئيس يرهن شعبيته بقرارات إصلاح اقتصادى كان من الممكن أن يتفادها كما فعل سابقوه، لكنه قرر الخوض فيها، لأنه لا مناص منها إذا كنا بالفعل نريد إنقاذ مصر من مصير مجهول، فتجاوز الرئيس فكرة الشعبية وقرر تنفيذ برنامج الإصلاح الذى لا مفر منه.
إصرار الرئيس على الاستمرار فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، رغم صعوبته خاصة على المصريين، وبالتوازى مع ذلك تنفيذ خطة إنشاء البنية التحتية والأساسية التى تحتاجها مصر، هو ما أوجد هذه العلاقة الخاصة والمصداقية التى تربط المصريين برئيسهم التى وقفت كحائط صد أمام كل المحاولات الساعية إلى الإضرار بمصر ومصالحها الداخلية والخارجية.
أقول إن الرئيس السيسى لم يعد أمامه مفر من القبول بالرغبة الشعبية فى أن يعلن ترشيحه لفترة رئاسية ثانية، لاستكمال ما بدأه، وهذا لا يعنى أن مصر نضبت من الشخصيات القادرة على حكمها، لكن الفكرة محورها الأساسى هو من لديه القدرة على أن يحوز ثقة المصريين، فمصر مليئة بالخبرات والكوادر القادرة على القيادة والإدارة، لكن أن تجد الشخص الذى يحوز ثقة والمصريين فهذا أمر غاية فى الصعوبة.
قبل أربعة أعوام دخل الرئيس السيسى الانتخابات الرئاسية ومعه شرعية كبيرة تتمثل فى أنه وقف إلى جانب إرادة المصريين الذين انتفضوا ضد حكم الإخوان الفاشى، فاصطفت القوات المسلحة المصرية إلى جانب الشعب، فتحول السيسى إلى البطل الوطنى، وأستطيع القول إنه حينها أرغمه المصريون على الترشح للرئاسة، لكن اليوم الرئيس سيخوض الانتخابات الرئاسية بشرعية جديدة، وهى نهضة مصر وقيادتها طيلة السنوات الماضية إلى الطريق الصواب، وسط منطقة مليئة بالتحديات والاضطرابات، فاستطاع أن ينجو بمصر من فشل كان تخطط له الجماعة الإرهابية ومن يحركونهم فى الخارج، بل إن مصر تحولت من دولة مأزومة إلى دولة تخطط وتتحرك دوليا، دون أن تنكفئ على نفسها داخلياً رغم ما كانت تعيشه من أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية أيضاً، لكن الرجل حينما تسلم الرئاسة كان يعرف جيداً قدر الدولة التى أؤتمن عليها، ودورها وتاريخها، فعمل على أن تعود بسرعة إلى المكانة التى تستحقها فى محيطها الإقليمى، وفى المجتمع الدولى بشكل عام.
بالفعل استطاعت مصر فى شهور معدودة أن تكون حاضرة وبقوة فى الفعاليات الدولية، بشكل أبهر الأعداء قبل الأصدقاء، ولم تقبل مطلقاً أن تكون خاضعة لأحد، بل هى دولة ذات سيادة، وصاحبة رؤية، وخلفها تاريخ، وهى العناصر التى أدركها جيداً الرئيس السيسى، وعمل عليها، فحاز ثقة المصريين جميعاً دون مبالغة، حتى من يظهرون كمعارضين، لكن اذا سألت أحدهم رأيه بصراحة فيما أنجزه الرئيس طيلة السنوات الثلاثة الماضية، لن يستطيع أن يقول إلا الصدق، وهو أن مصر تغيرت على يد هذا الرئيس الذى استطاع أيضاً أن يدير العلاقة بين مؤسسات الدولة بحنكة شديدة، مستفيداً من مزايا كل مؤسسة، بما يصب فى صالح تحقيق الأهداف التى سعى لها منذ البداية، وهى أن تعود مصر دولة مؤسسات، وليس دولة الفرد أو الجماعة.