أقلام حرة

مقال للكاتب ” حمحدي رزق ” تحت عنوان ( العبور الاقتصادي )

لو كان هناك وصف صحيح ودقيق لما يجرى من جراحات عميقة فى أعماق الاقتصاد المصرى المنهك لكان عبوراً اقتصادياً بكل ما تحمله الكلمة من أعباء يتحملها الشعب الصابر، أملاً فى غدٍ أفضل.

أقول قولى هذا وأنا، صحفياً وإنسانياً، فى قلب أتون معركة العبور الاقتصادى أتلظى، كمواطن، بتبعات خطة اقتصادية مقتحمة لسواتر وموانع وعجز رهيب فى الموارد، خطة جريئة من قيادة شجاعة ترتكز على قاعدة شعبية ترنو إلى أمل يرونه بعيداً، ونراه قريباً قريباً بإذن الله.

مكانى دوماً بين الناس، فى القلب منهم، وموقعى وسط من نحسبهم أغنياء من التعفف، وأتألم لألمهم وأحزن لحزنهم، ولكنه موقن بأن هذا الشعب الكريم أبداً لا يُضام.

ويقينى أن العبور الاقتصادى يحتاج إلى تضحيات جسام واقتصاد حرب. واقتصاديات الحروب المجربة عالميا عانت من تبعاتها شعوب وثقت وصبرت فنالت حصاداً وفيراً.

خلاصته، فات الكثير ولم يتبق إلا القليل، وبعض من الاحتمال صار مطلوباً، والجَلَد صار من الموجبات، ولو كان فى المكنة ما يقيم أود دولة كبيرة كمصر ما كانت هناك حاجة لمزيد من الألم، ولكن كما يقولون «إيه اللى رماك على المرّ، يقيناً اللى أمرّ منه»، والأمَرُّ منه قاسٍ على النفوس الأبيّـة، التى هى عنوان عريض لشعب ضحّى ويضحّى ومستعد للتضحية بالمال والنفس، شعب يهب مصر كل صباح شهداء أبراراً، فلا يعزّ عليه اللقمة، تطلع من فمه ليقى بلاده وعثاء الطريق.

واعلم علم اليقين أن حزمة الإجراءات الاقتصادية مصحوبة بخدمة اجتماعية مُسخّرة لتخفيف العبء عن كاهل الفقراء ومحدودى الدخل، وبقى أن يترفع الميسورون عن مخصصات الفقراء، وأن يتعففوا ويخلوا طرفهم من زيت وسكر التموين، وأن يتركوا لقمة الغلابة للغلابة، ويتحملوا نصيبهم من الغرم، والأمل فى نفرة مجتمعية تعاونية يسهم فيها الأغنياء بما أفاء الله عليهم من خيره، من خير هذا البلد الطيب.

يقيناً لم تعد هناك بدائل أمام الحكومة فى الأمد القريب إلا استكمال خارطة الطريق، وهى معلومة للعامة، ويقيناً هناك ثقة كاملة بين القيادة التى اختارها الشعب على عينه والقواعد الشعبية التى لم تتأخر يوماً عن دعم العبور الاقتصادى بعد نجاح العبور السياسى بالخلاص من الاحتلال الإخوانى، فى مشهدٍ سجله التاريخ بأحرف من نور.

المطلوب ليس كثيراً على هذا الشعب البطل، وملحمة العبور الاقتصادى ليست نزهة خلوية، وفى التوصيف عبور صعب، ولكن التحام القيادة مع الشعب والشفافية والصراحة التى باتت أساس هذه العلاقة يوفر لنا مؤنة طريق جد صعيب، فإذا ما سارت القافلة سيراً حسناً سنصل إلى المراد، ونعبر الأزمة مؤملين فى غد أفضل.

زر الذهاب إلى الأعلى