كانت أياماً وردية بعد ثورة 25 يناير، طالب فيها البعض بإلغاء حصانة النواب خارج المجلس حتى لا يُساء استخدامها.. والمفاجأة أن بعض هؤلاء كانوا نواباً من قبل، وأصبحوا نواباً فيما بعد.. المجلس اعتبر كل هذا الكلام حماسة ثورية، ولم يلتفت للطلب.. الآن لم تعد هناك حصانة للنواب لا خارج المجلس ولا تحت القبة.. وإن كانت الحصانة مقررة بحكم القانون!.
وأتخيل أن تكتب أى جهة من الجهات تقريراً سرياً وعاجلاً للرئيس، بشأن وقائع الفصل السابقة للنواب، والتهديد بفصل آخرين حالياً.. وأتخيل أن هذه الجهة يجب أن تُسجّل أن ما يحدث فى البرلمان سيكون سؤالاً أساسياً للرئيس فى أى زيارة خارجية.. ماذا يحدث عندكم؟.. وأى ديمقراطية تتحدثون عنها وأنتم تفصلون النواب؟.. فما جريمة هؤلاء النواب؟!.
فلم يحدث أن تحدث رؤساء البرلمان هكذا، «تتفق أو تختلف معهم»، منذ صوفى أبوطالب ورفعت المحجوب وصولاً إلى فتحى سرور.. فلا هم تحدثوا عن اختطاف المجلس ولا عن التهديد بالفصل.. كانت أقصى عقوبة هى الحرمان من الجلسات فصلاً تشريعياً.. أما الفصل فلم نسمع به فى آبائنا الأولين.. فقد اخترعه الدكتور عبدالعال، وأظن أنه «سُبة» لا «سُنة»!.
والأمر الآن يتعلق بصلاحيات الرئيس.. ويتعلق بسمعة مصر، إن كانت سمعة البرلمان لا تشغل الدكتور على عبدالعال.. وأندهش أن البرلمان العربى لم يتحرك.. وأستغرب أن البرلمان الدولى لم يهتز.. صحيح لا أريد التحريض على رئيس مجلس النواب، ولكن لمَن يشكو النواب؟.. بجوارنا نواب الكنيست العرب مزقوا القانون العنصرى وألقوا به فى «وجه» نتنياهو!.
والمثير للغرابة أن النواب المطلوب فصلهم جملة وقطاعى لم يمزقوا أى قانون ولم يلقوا به فى وجه أحد، ولا نقبل منهم هذا بالطبع، ولم يقولوا شيئاً مما قاله العظيم عباس العقاد زمان عن الملك فاروق شخصياً.. لا فعلوا هذا ولا ذاك.. فكيف نفصل النواب لأتفه الأسباب؟.. كيف نتهم «مساكين» بمعنى الكلمة باختطاف المجلس، ونعاقبهم بالفصل تجنباً للعدوى؟!.
فهناك غضب مكتوم كشفت عنه الاتصالات أمس.. غضب من حيث المبدأ.. فماذا كان يفعل «عبدالعال» لو كان مكان رفعت المحجوب، أثناء خناقة زكى بدر ونواب الوفد؟.. هل كان يشنق طلعت رسلان؟.. هل كان يعلّقه تحت القبة؟.. هل نحن أقل من مجلس الأمة الكويتى؟.. وهل المعارضة من عمل الشيطان؟.. بعض الحكمة «مفيد» يا دكتور.. ولا تتسرع فنندم!.
وقد لا نختلف على شخص الدكتور عبدالعال.. ولكننا قطعاً نختلف على سياساته.. ونختلف معه حول مقولة «اختطاف البرلمان».. لذلك نلجأ للرئيس.. ونطلب تدخله مباشرة من أجل مصر.. ننتظر من أى جهة سيادية أن تكتب خطاباً سرياً وعاجلاً للرئيس من كلمتين.. «سمعة مصر»!.