أقلام حرة

الصحفي أكرم القصاص يكتب مقال بعنوان ( حرب وزير التعليم.. هل يصلح التابلت ما أفسدته الدروس الخصوصية؟! )

نشر موقع اليوم السابع مقال للصحفي أكرم القصاص بعنوان ( حرب وزير التعليم.. هل يصلح التابلت ما أفسدته الدروس الخصوصية؟! ) :

فى الوقت الذى نتابع فيه تصريحات الدكتور طارق شوقى وزير التعليم عن تطوير التعليم ومشروع جديد يمثل ثورة فى العملية التعليمية، تظل هناك بعض المظاهر تمثل نوعا من التناقض مع ما يطرحه الدكتور شوقى، الدكتور طارق طرح خلال الأيام الماضية الكثير من الأفكار يشخص فيها مشكلات التعليم، واعتماده على الدرجات والامتحانات بوصفها غاية وليست وسيلة، كما يعلن عن خطوات جديدة فى شكل الكتاب المدرسى وإدخال التكنولوجيا والتاب والإنترنت، ويهاجم تجارة الكتب الخارجية التى تطبع فى بير السلم ويعد بكتاب مدرسى حديث شكلا ومضمونا. كما يتحدث عن تدريبات للمعلمين حتى يمكنهم التفاعل مع أهداف التطوير.
وطبيعى أن يكون حلم المواطنين نجاح تطوير التعليم، والخروج من الحالة التى لم تعد مناسبة للعصر، مع تساؤلات عما إذا كانت أزمة التعليم فى نقص التكنولوجيا أم فى انتشار الكتب الخارجية والملخصات والكتب الخارجية، ومتى يمكن للمواطنين الشعور بأن التعليم يسير على الطريق الصحيح بعد عقود كان التلاميذ حقل تجارب لكل أنواع المغامرات، وزير التعليم يعترف بمشكلات وأمراض التعليم، ويعد بنظام جديد للتدريس والمناهج والامتحانات، وهى تعديلات لن تظهر نتائجها قبل سنوات.
يقول الوزير: «اللى عندنا ده مش اسمه تعليم.. هناك دول سبقتنا.. البعض يرى التعليم مجرد وجاهة وشهادة على الحائط والمفروض أننا نساعد الذى يريد أن يطور مش نقذفه بالطوب»، ويقول أيضا: «أنا متربى فى المدارس الحكومية 9 سنين.. تعلمت فى جامعة القاهرة كلية الهندسة، وماجستير فى أمريكا، والتعليم فى مصر كان ممتازا فى الستينيات، وكانوا بيدوروا علينا بره ويخدونا وأنا سافرت بمنحة».
كلام الوزير يعنى أن التعليم لم يكن طوال الوقت سيئا، وأنه وغيره تعلموا فى مدارس الحكومة، وأن هذا التعليم تخرج منه الباحثون والعلماء، وقال الدكتور أحمد زويل كلاما مشابها عن مستوى التعليم فى مصر وأنه وغيره تعلموا بشكل جيد، وهذا الكلام يعنى أن التعليم لا يقوم فقط على مظاهر شكلية أو تقنيات فقط، لكن على أسس ربما تكون اختفت خلال عقود، ولو عدنا إلى هذه السنوات ربما اكتشفنا أنها تزامنت مع الدروس الخصوصية والتوسع فى الكتب الخارجية.
يقول الدكتور طارق شوقى أيضا: تعاقدنا على 700 ألف تابلت سيتم توزيعها على الغنى والفقير، وامتحانات الثانوية العامة لن يتدخل فيها العنصر البشرى، ستكون على التابلت والتصحيح سيتم إلكترونيا، والكتب الخارجية هتكون على التابلت مجانا داخل المدرسة، وقال إن تكلفة توصيل الإنترنت لكل المدارس 2.5 مليار جنيه، وأنجزنا 2400 مدرسة حتى الآن، الوزير دائما ما يشير لأصحاب المصالح من مافيا الكتب الخارجية والدروس الخصوصية، ممن يعارضون التطوير، وفى نفس الوقت وأمام تصريحات الوزير المهمة، تبدو المظاهر القائمة فى المدارس الخاصة وأيضا فى المجال العام للتعليم بعيدة عما يطرحه الوزير، الدكتور طارق شوقى يركز على المناهج والتكنولوجيا، والمدارس الخاص تبحث عن مزيد من الأموال وطلبات خرافية لا علاقة لها بالتعليم، وتستمر عمليات إنتاج وتوزيع الكتب الخارجية، وتزدحم «مراكز» الدروس الخصوصية على آخرها بالتلاميذ الباحثين عن «الدرجات والشهادات». وهو ما يبدو فى واد مختلف عما يطرحه الوزير.
الدكتور طارق شوقى يرد على من يشككون فى مشروع التطوير بالتأكيد انه ليس خواجة: «أنا قعدت فى أمريكا 17 سنة واشتغلت أستاذ فى الجامعة هناك وعملت أيضا فى الأمم المتحدة 13 سنة وده أتاح لى إنى أرى كل أنظمة التعليم وأهميته فى تقدم الأمم.. ويقول: «وقف النزيف سيبدأ من الثانوية، والنظام الجديد سيبدأ من رياض الأطفال، وعايزين الأهالى يساعدونا».
والطبيعى أن المواطنين يريدون نظاما تعليميا محترما، يرفع عن كاهلهم الأعباء والتكاليف الضخمة التى تبدو كأنها تضيع فى الهواء، سواء فى الكتب الخارجية أو الدروس الخصوصية، ويعرف الناس أن التعليم تحول إلى تجارة أغلبها غير مشروع، لايختلف الأمر فى المدارس العامة عن الخاصة، الكل فيها سواء والدروس الخصوصية توحد الجميع، بينما تخلو المدارس من التلاميذ، وربما تكون أهم خطوة كاشفة عن نجاح التطوير فى التعليم هى عودة التلاميذ للمدارس، وعودة الهيبة والاحترام للمعلم.   
الحديث عن التابلت والإنترنت، وإتاحة المناهج على الأجهزة تثير هى الأخرى مخاوف وتساؤلات، لأن التلاميذ يجيدون استعمال التكنولوجيا، لكنهم يذهبون إلى عالم آخر من التسلية وتفرض عليهم عمليات التسويق والدعاية الانشغال بما هو خارج التعليم، وبالتالى قد لا يكفى توفير المناهج على التابلت، لكن إتاحتها فى شكل مشوق وجذاب، وقد اكتشفنا مثلا أن هناك آلاف الفيديوهات على بنك المعرفة للأطفال لكن البنك نفسه غير معروف بين التلاميذ، وبالتالى فإن الأمر ربما ل ايكون فقط بالتكنولوجيا، لكن بنشره وتسويقه وجعلها جزءا من عملية التعليم.
زر الذهاب إلى الأعلى