والمقام يرجع تاريخه إلى عام 1979، وهو خاص بأحد أولياء الله الصالحين «برهان الدين أبوالإخلاص الزرقانى»، الذى ولد فى محافظة الغربية بقرية طيبة الجعفرية فى 11 أبريل 1924، ولكنه عاش ودفن فى محافظة الإسكندرية عام 1979، وقد تم بناء المسجد على امتداد المقام فى عام 1985، ثم أقيمت جمعية تخدم أهالى منطقة غيط العنب.
إلا قليلا، كَأَنَّمَا عَلَى رُؤوسِهِمُ الطَّيْرُ، صمت مريب لف الرؤوس المعممة بصدد حديث الرئيس حول نقل مسجد ومقام «أبوالإخلاص الزرقانى»، الذى يعرقل مشروع محور المحمودية، لزموا الصمت وتحدث الرئيس، وقرر النقل علانية وعلى رؤوس الأشهاد، ولم يأبه باتهامات قذرة توجهها المنابر الإخوانية، ولم يتردد ولم يتودد ولم يشتر رضاء الدراويش، بل قرر المصلحة العامة، وهذا ما جبن عنه كثيرون.
كنت أتصور صدور بيانات من المؤسسات الدينية التى تفتى فيما بين المرء وزوجه، أقله تبين الوجهة الشرعية، المصلحة العامة المتجسدة فى مشروع قومى يحول دون استكماله مسجد ومقام، وأن تبين لدراويش ومحبى القطب الصوفى، أن نقل المقام والمسجد جائز شرعًا لتحقيق المصلحة العامة، ونقل المسجد من العاديات، ولو كان الولى «أبوالإخلاص الزرقانى» حيًا لابتعد بمسجده ومقامه قليلا عن مسار المحور، لا ضرر ولا ضرار، أخشى توصيفه على حالته المعطلة للمصلحة العامة بـ«مسجد ضرار».
الرئيس يقسم بأغلظ الأيمان، «والله العظيم النبى محمد ما يرضى بكده» يؤسس قراره على قاعدة شرعية مستقرة، حيثما تكون المصلحة، فثم شرع الله، الشرع جاء بجلب المصالح، والشريعة وضعت لمصلحة العباد فى العاجل والآجل معًا، فإذا وجدت مصلحة متحققة معتبرة شرعا، فإن الشرع جاء بتحصيلها.
ليس مطلوبًا من الرئيس التأسيس الفقهى لقراره التنفيذى، ولا أنه يلبسه عمامة، ولكن صمت العمائم فى مثل هذه القضايا جد خطير، ويضع مؤسسات الدولة فى مواجهات شرعية على أرضية زلقة تتطاير فيها الاتهامات فى الوجوه.
واقعة مسجد أبوالإخلاص تفتح ملفا خطيرا، استباحة أراضى الدولة لبناء دور العبادة، وفى ظل الخوف الساكن فينا من سطوة رجال الدين، وارتباك الدولة فى مواجهة تجار الدين، وارتعاش أياد التنفيذيين أمام القبضات المكورة للدراويش، واقعة فاضحة فضحت ما سماه الرئيس «الدولة الرخوة» التى تقف أمام مجموعة من الدراويش تخشى الاقتراب حتى يأتيها مدد من الرئيس.
ما هكذا تورد الإبل، وما هكذا تبنى دور العبادة، ولو اتقى هؤلاء لتوجهوا ووجهوا جل اهتمامهم لبناء المدارس والمستشفيات، مصر فيها مساجد تكفى أمة لا الله إلا الله، «جعلت لى الأرض مسجدًا وطهورًا» نقل مقام ومسجد أبوالإخلاص إلى مكان قريب، لن يغير من أمره شيئًا، ولن يمس بالمقام فقط يفتح الطريق أمام محور لعمارة الأرض.