تتردد خلال الفترة الماضية أحاديث عن محاولات إصلاح الخط العام للدولة، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات وقرارات من شأنها إعادة ترتيب الوضع المصرى وتحديد الأولويات لاستكمال خريطة الإصلاح التى بدأت مع العهد الحالى.
تلك الخريطة وضعت أهدافًا نبيلة بعيدة، إلا أن طريق الوصول إليها صعب وشاق، ويحتاج كثيرًا من الخطوات والتحديات، كما يحتاج أيضًا العقل والمنطق.
فى هذه النقطة تحديدًا، أريد أن أُذكِّر القائمين على إدارة هذا الملف بأننا فى هذا الأمر لن نخترع «العجلة»، ولا المطلوب أصلًا أن نخترعها من جديد، بل إن الواقع والظروف الحالية وما يعيشه العالم من تقدم يُحتِّم علينا أن نتبع الأسلوب العلمى فى التفكير والتخطيط، وأن نستعين بالمتخصصين فى كل المجالات، واستقبال أطروحاتهم وأفكارهم، ومناقشتها علميًا، من أجل الوصول إلى نقاط الضعف والقوة، ومن ثَمَّ الاستفادة القصوى منها.
وهذه النقطة مهمة جدًا، لأننا دفعنا أثمانًا باهظة نتيجة الاعتماد على الاجتهاد من دون خبرة أو علم.
من المهم كذلك إخضاع تلك الأفكار لقياسات علمية صارمة، لبيان مدى نجاح تطبيق تلك الإجراءات.
نحتاج أيضًا استنباط توصيات لوضعها أمام أجهزة الدولة المعنية، لمعرفة إمكانية وكيفية تنفيذها، ومدى استفادة الدولة منها فى المستقبل، والإيجابيات التى تعود علينا منها، والسلبيات التى قد تضرنا جراء اتخاذ قرار فى غير محله، ولا وقته.
ضرورى كذلك أن نعترف بأخطائنا، فهو بداية الطريق نحو الفعل الصحيح، كذلك مطلوب ألّا نخجل من الاستعانة بالخبرات العالمية فى عملية إصلاح المسار تلك، لأن العالم تقدم بالأسلوب العلمى، وسبقنا فى هذا الأمر بسنوات ضوئية، فالاستعانة بهذه الخبرات تجعلنا نختصر وقتًا طويلًا من الحفر فى الصخر.
بقى أن نقول إن التوقيت مثالى للمراجعة وإعادة المسار، المهم فقط هو توفُّر الإرادة والقناعة بأن إصلاحًا داخل الإصلاح لا يُعتبر تراجعًا، بل هو تقدم، لأننا فى النهاية نريد تحقيق الهدف من الإصلاح.
لابد فى النهاية من الاتفاق مع الفكرة القائلة إن المقدمات المتشابهة تؤدى دائمًا إلى نتائج متشابهة، ومن السذاجة الاعتقاد بأن المقدمات المتشابهة قد تأتى بنتائج غير متشابهة.