على مدار 44 دورة سابقة تمكن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي من وضع محبي السينما على أجندة أولوياته، من خلال حث الصناع على المشاركة بأفلامهم الخاصة خلال المسابقات المختلفة من المهرجان، وإتاحة الفرصة للجميع لمشاهدة تلك الأعمال والاستمتاع بها، فضلا عن توفير ورش عمل لكل المهتمين بالسينما، وتكريمات وندوات فنية لكبار نجوم السينما في مصر والعالم، وبعد غيابه العام الماضي بعد تأجيل الدورة بسبب الأحداث المأساوية التي تتعرض لها فلسطين، يعود إلينا مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ 45، والمقرر إقامته اليوم الأربعاء وحتى 22 نوفمبر الجاري بدار الأوبرا المصرية، برئاسة الفنان الكبير حسين فهمي، بعدد أكبر من الأفلام والفعاليات الفنية التي ينتظرها الصناع من كل مكان لتلبي كافة أذواقهم الفنية، وبمشاركات عالمية عديدة.
ويقام حفل افتتاح الدورة الـ 45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بحضور عدد كبير من الفنانين وصناع السينما في مصر والعالم على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، تقديم الإعلامية جاسمين طه زكي، ومن المقرر أن يشهد حفل الافتتاح تكريمات مميزة لعدد من النجوم والصناع، إذ يكرم المهرجان هذا العام المخرج الكبير يسري نصر الله بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، تقديرا لما قدمه طوال مسيرته الفنية الحافلة، حيث بدأ مسيرته عام 1982كمساعد مخرج مع المخرج الراحل يوسف شاهين في فيلم “حدوتة مصرية”، ثم “وداعًا يا بونابرت” الذي شارك في كتابة السيناريو له، وذلك تمهيدًا لخطواته التالية كمخرج سينمائي ينتمي إلى تيار سينما المؤلف.
كما يمنح المهرجان جائزة فاتن حمامة للتميز إلى النجم أحمد عز، بعد سلسلة كبيرة من النجاحات التي حققها على مستوى السينما، بدأها بأدواره في أفلام مثل: “الشرف” للمخرج شريف شعبان و”كلام الليل” للمخرجة إيناس الدغيدي، وفيلم “مذكرات مراهقة” للمخرجة إيناس الدغيدي، وفي عام 2004 قدم أربعة أفلام سينمائية من أهمها “حب البنات” للمخرج خالد الحجر، وفاز عن دوره فيه بجائزة أحسن ممثل دور ثانٍ من المهرجان القومي للسينما المصرية في دورته العاشرة، بالإضافة إلى “سنة أولى نصب” مع المخرجة كاملة أبو ذكري، و”يوم الكرامة” مع المخرج علي عبدالخالق، لينطلق بعدها في أدوار البطولة المطلقة في أفلام أبرزها: “ملاكي إسكندرية”، “الرهينة”، و”مسجون ترانزيت”، و”الشبح”، “بدل فاقد”، “المصلحة”، “ولاد رزق” بأجزائه الثلاثة، “الخلية”، “الممر”، و”الجريمة”، و”كيرة والجن”.
إلى جانب تكريم المخرج وكاتب السيناريو دانيس تانوفيتش الذي قدم خلال تواجده في بلجيكا مجموعة من الأفلام الوثائقية، وفاز فيلمه “أرض محايدة” بجائزة السيناريو من مهرجان كان، وجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، وحقق الفيلم 42 جائزة عالمية، ومن أهم أفلامه “الجحيم”، “فرز”، “فصل من حياة جامع خردة” و”موت في ساراييفو” الذي فاز بجائزة الدب الفضي – جائزة لجنة التحكيم في مهرجان برلين عام 2016، بالإضافة إلى جائزة الفيبريسي يعد المخرج الوحيد من البوسنة والهرسك الذي فاز بجائزة الأوسكار، كما حصل على العديد من الجوائز، إلى جانب جائزة الأوسكار، حيث جائزة الغولدن غلوب، بالإضافة إلى ترشيحات لجائزة الدب الذهبي وجائزة السعفة الذهبية.
ويأتي فيلم “أحلام عابرة” للمخرج رشيد مشهراوي، ليكون فيلم افتتاح الدورة الـ 45 من المهرجان في عرضه العالمي الأول، بطولة عادل ابو عياش، وأميليا ماسو، وأشرف برهوم، موسيقى جوهان كورتيت، تصوير دريد منجم، وتدور الأحداث التى صورت فى بيت لحم بـ فلسطين، حول سامى، البالغ من العمر 12 عاما، الذي يأخذنا فى رحلة ليوم وليلة، برفقة عمه وابن عمه الأكبر سنتين بحثا عن طائره المفقود، وقد أخبره جيرانه أنه ربما عاد إلى موطنه الأصلى، وتمتد الرحلة من مخيم للاجئين فى الضفة الغربية إلى مدن فلسطينية مختلفة بما فى ذلك بيت لحم والقدس القديمة وحيفا، ونكتشف من خلالها ما يحدث لهم، والحياة اليومية الصعبة للفلسطينيين وتأثيرها على شخصياتهم وعلاقاتهم بأنفسهم والآخرين، وقال عنه حسين فهمي: “نحن سعداء بعرض فيلم “أحلام عابرة” للمخرج رشيد مشهراوى وهو عمل سينمائى كبير عن القضية الفلسطينية وما يمر به المواطن فى غزة، وذلك بمثابة رسالة دعم كبيرة وهو دور نتمسك به”.
أما عن الأفلام المشاركة خلال هذه الدورة من المهرجان، تبلغ 194 فيلما والتي تعرض على مدار أيام فعالياته، ضمن المسابقات المختلفة للمهرجان، والتي أبرزها: المسابقة الدولية للأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة، والقسم الرسمي خارج المسابقة، ومسابقة أسبوع النقاد الدولي للأفلام الطويلة، ومسابقة الأفلام القصيرة، وآفاق السينما العربية للأفلام الطويلة، والبانوراما الدولية، وتأتي تلك الأفلام من 72 دولة مختلفة، كما تتضمن 37 فيلما في عرضه العالمي الأول، و8 أفلام عرض دولي أول، و119 فيلما عرض شرق أوسط وأفريقيا أول.
وخلال أفلام المهرجان تشارك النجمة درة في الدورة الـ 45 كمخرجة للمرة الأولى بفيلمها الجديد “وين صرنا” وهو فيلم وثائقي أخرجته وأنتجته، في أولى تجاربها الإخراجية والإنتاجية، والفيلم مدته 79 دقيقة، ويحكي عن نادين، امرأة شابة من غزة، وصلت إلى مصر بعد ثلاثة أشهر من الحرب، برفقة ابنتيها الرضيعتين، اللتين أنجبتهما قبل الحرب ببضعة أشهر بعد معاناة خمس سنوات في مصر، وتنتظر زوجها الذي لم يتمكن من الانضمام إليها إلا بعد شهرين.
حرص مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 45 على الاهتمام الكبير بفلسطين وكل ما يخص السينما الفلسطينية، بعد الأحداث المأساوية التي تعرضوا لها خلال منذ العام الماضي، ولم يتوقف ذلك الدعم على فيلم الافتتاح فقط، إنما تشهد أيام الفعاليات عدد كبير من البرامج الفنية الخاصة بإنتاجات السينما الفلسطينية أو أعمال تجسد معاناة الفلسطينيين، إذ تشهد الفعاليات عرض مجموعة أفلام “من المسافة صفر” وهي مجموعة من الأفلام القصيرة التي أطلقها المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، استجابةً للأحداث التي تلت هجمات 7 أكتوبر 2023، حيث يجمع المشروع 22 مخرجًا من غزة، يقدمون رؤية سينمائية عن الحياة اليومية وآمال وواقع السكان.
وهي أفلام: “خارج الاطار لنداء أبو حسنة، وجنة الجحيم لكريم ستوم، وسِحر لبشار البلبيسي، وصحوة لمهدي كريرة، وجاد وناتالي لأوس البنا، ولا لهنا عليوة، وكل شيء على ما يرام لنضال دامو، وتاكسي ونيسة لاعتماد وشاح، و24 ساعة لعلاء دامو، وسليفي لريم محمود، وخارج التغطية لمحمد الشريف، وجلد ناعم لخميس مشهراوي، فلاش باك لإسلام الزريعي، وشظايا لباسل المقوسي، وقرابين لمصطفى النبيه، ويوم دراسي لأحمد الدنف، وفرح ومريم لوسام موسى، حمولة زائدة لآلاء أيوب، والأستاذ لتامر نجم، إعادة تدوير لرباب خميس، صدى لمصطفى كلاب، عذرا سينما لأحمد حسو”.
إلى جانب عرض 3 أفلام أخرى ضمن برنامج أضواء على السينما الفلسطينية، وهي: “سن الغزال لسيف حمّاش، وولدت مشهورًا للؤي عواد، وأحلام كيلومتر مربع لقسام صبيح”، بالإضافة إلى جائزتين خاصين بالسينما الفلسطينية وأفلام من غزة، ويشارك في لجنة تحكيم أفلام من عزة كل من: المنتج جابي خوري، والفنانة كندة علوش، والناقد الفني أحمد شوقي، أما جائزة الفيلم فلسطيني، يشارك في لجنة تحكيمها د.عمرو الليثى رئيس اتحاد إذاعات وتليفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي، والمنتجة الفلسطينية ليالي بدر، والنجم مصطفى شعبان.
كما يقام هذا عام برنامج خاص بعنوان حدود الصين السينمائية: الخيال العلمي والدراما وما بعدها بالتعاون مع مهرجان بكين السينمائي الدولي، والذي يتضمن عرض 7 أفلام صينية مختلفة، وهي: “الحسناء ، والجزء الأول : إضطرابات في تشاوقا، والإجلاء من القرن الحادي والعشرين، وذهب أو قرف، وهيا نوقظ الشمس، وفك الشيفرات، وإضاءة النجوم”.
أما فيما يخص كلاسيكيات القاهرة، فهو أحد البرامج التي يتضمنها مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 45، من خلال إحياء مئوية النجم الهندي ساتياجيت راي بعرض 3 أفلام من أبرز أعماله الفنية على مدار أيام المهرجان وهي: “البطل، المدينة الكبيرة، الزوجة الوحيدة”، إلى جانب مئوية المخرج الكبير سيرجي باراجانوف، وعرض فيلمي “بوبو، البعبع، ولون الرمان”.
واهتم المهرجان خلال هذا العام بتقديم عدد من الأفلام المصرية الكلاسيكية بعد ترميمها، وهي أفلام: “بداية ونهاية لصلاح أبو سيف، وشيء من الخوف لحسين كمال، والقاهرة 30 لصلاح أبو سيف، والفتوة لصلاح أبو سيف، والشحات لحسام الدين مصطفى، والسراب لأنور الشناوي، والمستحيل لحسين كمال، والسمان والخريف لحسام الدين مصطفى، والحرام لهنري بركات، والزوجة الثانية لصلاح أبو سيف، وقصر الشوق لحسن الإمام، وبين القصرين لحسن الإمام، وسواق الأتوبيس لعاطف الطيب، وقشر البندق لخيري بشارة”.
ولم تتوقف إسهامات فعاليات المهرجان على عرض أفلام فقط سواء جديدة أو قديمة بعد ترميمها، إنما حرصت تلك الدورة أيضا على وجود مجموعة من الندوات والمناقشات الفنية، والورش التي تهم كل صناع السينما، أبرزها: ندوة مع يسري نصر الله، وندوة مع رئيس لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دانيس تانوفيتش، وندوة مع المخرج جاسبار، وندوة مع للنجم أحمد عز، إلى جانب إقامة محاضرة مع تامر كروان – عضو لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأخرى بعنوان هيئات الأفلام حول العالم: إنتاج الأفلام عبر الحدود بالتعاون مع لجنة الفيلم المصرية و المتحدثون: لو ليانج، مايك فانتازيا، أليسون أ. تايلور، ماركوس بينش، إيان إيستربروك، خالد خوري، عبد السلام الحاج، عبد العزيز البوزديني.
بالإضافة إلى مجموعة من الحلقات النقاشية، منها حلقة بعنوان نظرة ثاقبة على الإنتاج المشترك في صناعة الأفلام المتحدثون: نعومي لاجاديك، وإنجريد ليل هوجتون، وشاهيناز العقاد و تدير الندوة: ريم علام، وأخرى بعنوان “آفاق خطط توزيع الأفلام القصيرة” المتحدثون: جوستين باي لارجيون، كلير دياو، مروان شافعي تدير الندوة: سوسن يوسف، وندوة التحديات والفرص في صناعة الأفلام السعودية بالتعاون مع هيئة الأفلام السعودية المتحدثون: هند الفهاد، وعبد المحسن الضبعان، وجواهر العامري، وحلقة نقاشية حول الفرص والامتيازات المتاحة عبر برنامج فولبرايت في مصر المتحدثون: ماجي ناصيف، نهى صلاح، مي عياد، ياسمين الهواري، مختار الديناري، يوسف هشام أمين، صناعة أفلام الجيل القادم: ثورة الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي بالتعاون مع كايرو فيلم فاكتوري المتحدث: عدلي توما، محمد علام تدير الندوة: ناهد نصر، وغيرها من الورش.
وفي هذا السياق قال النجم حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي: “كنت دائمًا حريصًا على توفير تذاكر مخفضة لطلاب معهد السينما وطلاب الجامعات عمومًا ونسعى دومًا لتقديم كل التسهيلات لمن يهتمون بصناعة السينما ويرغبون في مشاهدة أفلام من ثقافات مختلفة حول العالم، لأن هذا هو ما يهمني؛ أن يكون المهرجان استعراضًا لثقافات متنوعة من جميع أنحاء العالم، ونافذة على أفلام مميزة تختلف عن تلك التي تُعرض في القاعات طوال العام، فهي فرصة ثقافية وفنية مكثفة أحرص على أن يستفيد منها الشباب عامةً وليس فقط طلاب وصناع السينما”.
وأوضح حسين فهمي: “هذا العام، نشهد أيضًا دعمًا أكبر لصناع الأفلام من خلال زيادة عدد مشاريع الأفلام المشاركة في برنامج ملتقى القاهرة للصناعة مقارنةً بالسنوات السابقة، كما نعيد إحياء سوق مهرجان القاهرة السينمائي الذي توقف منذ سنوات طويلة، حين كنت رئيسًا للمهرجان سابقًا أسست هذا السوق ليكون منصة لاستعراض معدات سينمائية جديدة لم تكن متوفرة في مصر آنذاك، وقد حقق نجاحًا كبيرًا، حيث تم تمديد المعرض من ثلاثة إلى ستة أيام بسبب التفاعل الكبير من المنتجين الذين تعاقدوا على تلك المعدات، وأؤمن أن المهرجان يجب أن يشمل فعاليات متنوعة تدعم صناعة السينما وصناع الأفلام، وأن عودة السوق السينمائي لمهرجان القاهرة خطوة مهمة تعيد للمهرجان حيويته وتواكب التطورات المستمرة في عالم المهرجانات”.
وعن أبرز الملامح للدورة الحالية أشار حسين فهمي: “بالتأكيد لدينا برنامج أفلام قوي ومهم جدًا، لكن ما أود التركيز عليه هو أن الدورة الحالية ستشهد تركيزًا كبيرًا على القضية الفلسطينية من خلال تسليط الضوء على السينما الفلسطينية، ونحن نؤمن بأهمية إبراز هذه القضايا من خلال الفن والسينما، حيث يعكس كل فيلم قصة ومعاناة شعب”، لافتا: “كما سيكون هناك أيضًا اهتمام خاص بقضية الشعب اللبنانى والسينما اللبنانية، ونحن نسعى إلى تقديم منصة للفنانين وصناع الأفلام من فلسطين ولبنان لعرض أعمالهم، وذلك ليس فقط للاحتفاء بالفن ولكن أيضًا لإيصال رسائل قوية للعالم عن معاناة هذه الشعوب وتطلعاتها”.