هل تخوض تركيا حرباً في سوريا؟ سؤال طرحه غوخان باجيك، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بالاكي التشيكية، الذي تشمل أبحاثه قضايا الشرق الأوسط والإسلام والسياسات التركية.
تركز السياسة الروسية في سوريا على استعادة دمشق سيطرتها على كامل البلاد. وبناء عليه، فإن أي هجوم على قوات الحكومة السورية يعني هجوماً على الخطة الروسية في سوريا
وفي استعادة للسياسة التركية قبل 2008 ، يقول باجيك، في موقع أحوال التركي، إن لا أحد كان يصدق أن تركيا قد تقوم بعمل عسكري لتغيير النظام في بلد آخر، وأن تحتفظ بقواعد شبه دائمة خارج أراضيها، أو أن تحرك متطرفين أجانب للقتال إلى جانب جيشها.
مرحلة جديدة
لكن حسب كاتب المقال، تبنت تركيا في العقد الماضي عقيدة حرب غير نظامية، حولتها إلى بلد مختلف تماماً.
وبعد مقتل 13 من جنودها، في قصف للجيش السوري هذا الشهر في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، دخلت تركيا مرحلة جديدة، ما جعل بعض المراقبين يتساءلون عن تورطها في حرب تقليدية في سوريا.
وبمعنى آخر، يسأل الكاتب: “هل تنشب حرب بين تركيا وسوريا، التي تلعب فيها روسيا دوراً محورياً؟. مشيرا إلى مصلحة روسيا في الحفاظ على نظام الأسد في سوريا.
لذلك، ترى روسيا أن حل الأزمة يكمن في استعادة سيطرة الحكومة السورية على كامل أراضيها، ما يُفسر تقدم الجيش السوري بدعم روسي، في مناطق كانت تسيطر عليها القوات التركية.
هجمات روسية
ويلفت الكاتب إلى أنه عندما يواجه الجيش السوري متاعب، تسارع القوات الروسية لتوفير الدعم الجوي.
وبالعودة إلى التطورات منذ ديسمبر الماضي، يتضح أن روسيا ماضية في شن هجمات دون تمييز بين جماعات مدعومة من تركيا، وتلك التي لا تتلقى مثل هذا الدعم.
ويتضح أن هدف روسيا يتمثل في استعادة الحكومة السورية سيطرتها على كامل أراضيها، لكن تركيا لم تدرك هذه الحقيقة طيلة الأعوام الخمسة الماضية.
ولذلك، لم يكن ما حصل في إدلب خلال الأسبوع الماضي مفاجئاً، إذ كانت ديناميا الأحداث نتيجة خلاف في الكواليس، في لقاءات ومحادثات في أستانة، عاصمة كازاخاستان.
ورغم أن المعروف جيداً أن تركيا وروسيا لن تتفقا على قضايا عدة، ظنت أنقره أنها قادرة على مواصلة طريقها، وكأن تلك الاختلافات غير موجودة.
قرارات قصيرة النظر
وما زاد الطين بلة، القرارات التي تكشف قصر نظر، فعلى سبيل المثال، ومقارنة مع بداية الحرب في سوريا، حصلت كل التنظيمات المتطرفة على دعم تركي عشوائي. ولكن رغم كل الدعم، لا تستطيع تلك المجموعات الوقوف في وجه الجيش السوري المدعوم من روسيا.
وتسببت هذه الاستراتيجية المروعة في أضرار فادحة، ناهيك عن خسائر في الأرواح، والموارد.
وفي رأي الكاتب، تمثلت أولى تلك الخسائر في تقويض سمعة الدولة التركية التي بنيت على مدار مائة عام لإعطاء صورة سلمية ومؤثرة.
أما الخسارة الثانية، فكانت بتقويض سمعة تركيا الدولة القوية، التي تجلس إلى طاولة المفاوضات، في الوقت الذي يهاجم فيه الجيش السوري قواتها بدعم روسي، ما يجعل عمليات الجيش السوري بمثابة التحقير لتركيا.
تحد
ويتضح، حسب الكاتب، أن الحكومة السورية تتحدى أنقرة. ويبدو أن روسيا غير مبالية، وتحابي طرفاً ما. ولا يخشى أي لاعب عندما يتحرك، ردة الفعل التركية.
وفي الوقت نفسه، يصر صناع قرار أتراك على شراستهم. وعلى سبيل المثال، قال دولت بهجلي، الشريك في ائتلاف الرئيس أردوغان: “يجب أن تستعد الحكومة التركية لدخول دمشق إذا اقتضى الأمر”.
ونظراً للاشتباكات في إدلب، يُشير كاتب المقال إلى ضرورة إعادة القادة الأتراك النظر في عملياتهم فيها، فما الفائدة من نقاط مراقبة تركية، تحيط بها قوات العدو؟.
إلى ذلك، لا يزال عدد من المستشارين والكتاب الموالين للحكومة التركية، يناقشون مواصلة وتوسيع الحرب في سوريا.
ويلفت الكاتب إلى ضرورة الانتباه إلى أن بعض الجماعات المتطرفة المدعومة تركياً هاجمت أهدافاً روسية وسورية، دون تمييز.
وتركز السياسة الروسية في سوريا على استعادة دمشق سيطرتها على كامل البلاد. وبناء عليه، فإن أي هجوم على قوات الحكومة السورية يعني هجوماً على الخطة الروسية في سوريا.
وفي المقابل، رأت تركيا على ما يبدو، أنها تستطيع حل مشاكلها في سوريا، بما فيها المشكلة الكردية، بالإبقاء على حضور عسكري طويل الأمد، فضلاً عن إنشاء إدارات سياسية ومدنية في بعض المناطق.
ولتحقيق هذه الغاية، يعتقد الكاتب أن تركيا سمضي قدماً في تعقيد الأزمة السورية، مولدة المزيد من المشاكل.