مقالات

  • مقال للكاتب والإعلامي “سيد علي” بعنوان “الحياة اليومية للمصريين على “فيسبوك”

    نشر موقع بوابة الأهرام الإخباري مقال للكاتب والإعلامي “سيد علي” بعنوان “الحياة اليومية للمصريين على “فيسبوك” جاء على النحو الآتي :-

    يمكن لأي باحث أن يرصد الحياة اليومية للمصريين بتتبع ما يكتبون على الفيسبوك ؛ بل ويمكن القول إنه ساحة الطبقة المتوسطة على كل لون وغالبًا ما يك

    ون (الشير) بلا منطق؛ وبالتالي لا يصبح ( الترافك ) معيارًا للقياس على السخط أو الرضى بالكتابة.
    أصبحوا أصدقاء لبشر لم يلتقوا أبدًا، لبشر تصلهم الحروف في ثوان.. لبشر يرحبون بالكلمات في كل وقت وحين.. لمن يلامسون نبض القلوب من رعشات تلك الحروف.. لمن يقرأون بين السطور الأوضاع والأوجاع.

    وقد استبدل المصريون صفحات الوفيات بالأهرام وسرادقات العزاء ب الفيسبوك ، وكذلك تبادل التهاني بورود أعياد الميلاد والزواج، ولكن في القرارات الحكومية يمكن رصد المظاهرات الافتراضية الصامتة بالسخرية الموجعة مثلما كتب أحدهم أن فاتورة الكهرباء جاءت بـ ٨٠٠٠ جنيه !!!!! غالبًا نسينا نقفل المفاعل النووي تحت الحوض! وعندما نتكلم كلنا أصحاب مبادئ.. وعندما نعمل كلنا أصحاب مصالح، وتقابلهم اللجان الإلكترونية بالهجوم العكسي، وهناك الأوصياء الجدد ينصحون طول الوقت بالهدوء وعدم النقد ويصل حد النقاش معهم إلى أن الآخرين لا يفهمون وأن الكواليس معقدة والظروف صعبة والتحديات كبيرة، ومطلوب الدعم والمساندة بدون نقاش أوفهم، وأن حالات الفساد ما هي إلا مواءمات وتوازنات مطلوبة ويعتمدون استخدام مصطلحات مركبة يصعب معها تأطير الموقف.

    وهناك حالات للتنمر والتخوين، وهناك دائمو الشكوى، وهناك السيلفي على الشواطئ وفِي المستشفيات والأفراح وحفلات عيد الميلاد.

    وليلة الخميس يتحول الفيسبوك لمنصة سلفية، كما في نهار شهر رمضان؛ بينما يتحول لمولد في المساء في الخيم الرمضانية؛ بينما راح بعضهم يستخدمون الفيسبوك بدلًا من الخاطبة باستعراض الحسب والنسب والانحناءات، وطلب الدعاء بالشفاء للمرضي ومن في غرف العمليات.

    وعلى العكس هناك حسابات مزيفة رجال يزعمون أنهم نساء والعكس، أما الطامة الكبرى في الخبراء في الطب والأدوية والطبيخ، وهناك من يتباهى بسيارة أو الكومبوند الذي يقيم فيه، أو بالساعات والشنط.

    والفيس ساحة للماركات والبرندات وأخطر ما نعانيه هي حالة الغضب الداخلي التي نعيشها ولا ندركها.. أصبحنا نكره أي شيء وكل شيء.. أصبحنا نشمت من أجل الشماتة.. نكره من أجل الكره.. نسب ونلعن فقط لإخراج طاقات سوداء حولنا لم نكن نعلم حتى بوجودها..

    أصبحنا نتلذذ في إخراج أسوأ ما فينا.. لا نغفر ولا نتسامح وننتظر أن يخطئ أي شخص حتى ننهال عليه ونسبه ونلعنه! أصبحنا القاضي والجلاد.

    الفيسبوك هو مجتمع افتراضي قاتل للعفوية والتلقائية والسلاسة والبساطة، وعاشق للعقد والكلاكيع والمظاهر والتصنع بامتياز، تلتقي مع بشر لأول مرة، ومنهم من لم تشاهده من زمن وتتعرف على آخرين وتقرأ ما تحبه وتمر على الآخر، وتكتب ما تشاء، ولأن الفيسبوك هو مرآة الطبقة الوسطى فهناك الحقيقي والمزيف.

    وبشكل عام بات مكانًا للفضفضة وفي أحيان كعنبر المجانين كل يكتب ما يشاء على الحائط!.. وهذا هو الخطر الحقيقي.. تدمير الدولة الحقيقي يبدأ من تدمير المواطن وليس العكس.. وهذا ما نعلمه لأطفالنا دون أن ندري..

    لن نسترجع بلدنا إلا عندما نسترجع أخلاقنا، والبرود بات نضجًا، والبعد عن أي موقف يتسبب في التوتر نضج، وعدم الإقدام على أي رد فعل تجاه من يتعمد استفزازك.. نضج.. والصمت في أوقات كثيرة واختيار البعد كوسيلة لراحة البال ليس هروبًا ولا ضعفًا منتهى النضج! ويظهر التناقض من هؤلاء الذين يشتكون طوال الوقت من السوشيال ميديا ومحل إقامتهم المختار بجوار روتر الإنترنت والبرلمان عند رواد الفيسبوك مثل النيش في جهاز العروسين ولكن وجوده ضرورة.. اتقاءً لكلام الناس.

    والنصيحة لكل رواد الفيسبوك من الجنسين، خاصة للآنسات والسيدات عدم قبول أي رجل أو دون المستوى الفكري والاجتماعي ليس ترفعًا، ولكن الأقل لا يستوعب الهزار والضحك وصور حفلات ورحلات المصيف والصور العائلية ولا داعي لنشر صور تسيء وتضر أكثر ما تنفع خاصة بعدما أصبح الفيسبوك يقدم خدمة جديدة اسمها الشقط! وكل ١٠ ثوان هناك راجل مصري بيرتاح لامرأة أخرى، وأنها غير كل الستات التي عرفها، وأنه يعرفها من زمان! وبالنسبة للرجالة لا تقبل إضافة أي امرأة.. فربما تكون رجلا مثلك، وطبعًا حدث ذلك؛ لأن الجواز كان نصف الدين، ولكن بعد ما تجاوز جرام الذهب الـ ٦٠٠ جنيه ومتر الشقة وصل أكثر من ٨٠٠٠ جنيه أصبح الجواز – كما بالحج – لمن استطاع إليه سبيلا! والراجل المتجوز لما يعرف واحدة يقول لها.. متجوز ولكنه غير سعيد، متجوز ولكنهما منفصلان متجوز، ولكن من أجل الولاد، متجوز ولكنها قصة طويلة وكلها مبررات للخيانة.. ويظهر التناقض من هؤلاء الذين يشتكون طوال الوقت من السوشيال ميديا، بينما الفيسبوك هو محل إقامتهم المختار، وترد سيدات الفيس على كل مبررات التحرش بالقول لو التحرش سببه الفقر؛ لماذا يتحرش المدير؟ ولو سببه تأخر سن الزواج؛ لماذا يتحرش المتزوج؟ ولو سببه جسم المرأة؛ لماذا التحرش بالأطفال؟ ولو التحرش سببه ملابس المرأة؛ لماذا التحرش بالمنتقبة؟ ولو التحرش سببه الجهل؛ لماذا يتحرش المدرس؟ وتبادر جماعات أنصار الرجل على الصور السياسية للنساء مع بعضهن ومع المشاهير بالقول إنهن يشبهن طابور العرض أمام النيابة!!

  • مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” سد النهضة.. هل اقتربنا من الحل؟! “

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” سد النهضة.. هل اقتربنا من الحل؟! ” جاء على النحو الآتي :-

    لو حدث اختراق حقيقى فى مفاوضات سد النهضة، فالفضل سوف يكون هذه المرة للتدخل الأمريكى المباشر بناء على طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى من الرئيس دونالد ترامب.
    وإلى أن نرى النتيجة النهائية للمفاوضات يوم ١٥ يناير المقبل فى واشنطن، فلا نملك إلا الانتظار المشوب بالقلق، لأن الخبرة مع الطرف الإثيوبى يفترض أن تعلمنا ألا نغرق فى التفاؤل حتى نرى النتائج على الأرض.
    صباح الأربعاء الماضى نشر الموقع الرسمى لوزارة الخزانة الأمريكية بيانا رسميا جاء فيه أن وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا، وعقب اجتماعات يوم الإثنين فى واشنطن بحضور وزراء الرى قالوا إنهم لاحظوا التقدم المحرز فى الاجتماعات الفنية، وأن الاتجاه الاستراتيجى للاجتماعين التقنيين المقبلين، يجب أن يركزا على تطوير قواعد وإرشادات تقنية لملء وتشغيل سد النهضة، وتحديد ظروف الجفاف وتدابير تخفيف آثار الجفاف التى يتعين اتخاذها. وطبقا للبيان سوف يتم تطبيق هذه القواعد والمبادئ الخاصة بملء وتشغيل السد بواسطة إثيوبيا، مع إمكانية تعديلها من قبل الدول الثلاث وفقا للظروف الهيدرولوجية فى سنة معينة.. ماذا يعنى كل الكلام السابق؟!
    الخبراء والمحللون فى هذا الملف يعتقدون أن هناك تطورا مهما يحدث للمرة الأولى وهو أن إثيوبيا قبلت تطوير المسار التفاوضى فى الاتجاه الصحيح، وهو ما نادت به مصر منذ بداية المفاوضات.
    أديس أبابا كانت تصر منذ البداية على التفاوض على عدد سنوات الملء، لكن مصر كانت تنادى بربط سنوات الملء والتخزين بحالة الأمطار والجفاف، وبيان واشنطن يشير بوضوح إلى الربط بين قواعد وملء وتشغيل سد النهضة بحجم فيضان النيل الأزرق. هذا شديد الأهمية وإذا تم الاتفاق عليه بصورة نهائية، فسيكون انتصارا إلى حد كبير لوجهة النظر المصرية، أو «أخف الأضرار» التى يمكن تحملها كما أشار الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة.
    السؤال: لماذا يتم الاتفاق صراحة على ذلك خلال اجتماع واشنطن أو القاهرة أو أديس أبابا؟!
    الإجابة أن تحديد عدة اجتماعات ما بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم تنتهى باجتماع حاسم فى واشنطن فى ١٣ يناير المقبل جعلت كل طرف يؤجل تنازلاته النهائية إلى الاجتماع الأخير فى انتظار أن يرى ماذا سيقدم الطرف الآخر.
    لفت نظرى كلام مهم تحدث به عدد من خبراء بارزين فى هذا الملف الحيوى لـ«الشروق» عقب اجتماع واشنطن، ومنهم هانى رسلان ومحمد نصر علام وخالد أبوزيد وعباس شراكى. هم جميعا يؤكدون وجود حل وبوادر تفاؤل، لكنهم يطالبون بالانتظار حتى نرى ماذا سيحدث فعلا.
    ما حدث فى واشنطن هو ما كانت ترفضه إثيوبيا، لكن هناك الكثير الذى ينبغى أن يتم حسمه والاتفاق عليه.
    على سبيل المثال نحتاج إلى تركيز من المفاوضين المصريين فى الأيام المقبلة لأن هذا الاتفاق سيؤثر على الأجيال المقبلة ربما لمئات السنين. المؤكد أن إثيوبيا ستلجأ لكل الحيل للتهرب من الاستحقاقات. صار معروفا أن مصر طلبت تمرير ٤٠ مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق خلال سنوات الملء الأولى، وإثيوبيا تعرض ٣١ مليار متر فقط.
    مصر تطلب أيضا ربط تخزين بحيرة سد النهضة بمنسوب السد العالى، وهو ما ترفضه إثيوبيا، لكن بيان واشنطن الأخير يقول إن تشددها فى هذه النقطة بدأ يلين.
    أحد الخبراء اقترح أن يتم تشغيل لجنة فنية دائمة من ستة مهندسين من الدول الثلاث يحددون حالة تخزين وكمية المياه المنصرفة طبقا للظروف، وبما يراعى حالة الأمطار والسدود فى السودان والسد العالى، لتحقيق الاستفادة القصوى لإثيوبيا من توليد الكهرباء، وضمان أقل ضرر على مصر والسودان.
    الوضع الآن جيد إلى حد كبير مقارنة بحالة اليأس والتشاؤم قبل اجتماعات واشنطن. لغة البيان الأخير توحى بأجواء تفاؤل خصوصا فى ظل الإشراف المباشر من وزير الخزانة ستيفن منوتشين ورئيس البنك الدولى ديفيد مالباس، بناء على طلب ترامب، لكن مرة أخرى علينا ألا نعتقد أن الأمر انتهى. وأن نتحلى بأكبر قدر من التركيز، واستخدام كل الأوراق المتاحة لدينا.
    ما يزال الطريق طويلا، وعلينا أن نتوقع عقبات تظهر فى أى لحظة، لأنه وإذا كان هناك البعض يريد أن يساعدنا فى حل هذه الأزمة حبا وصداقة، فهناك من يريد ثمنا للمساعدة، والأسوأ أن هناك من يتربص ويريد ألا يتم الوصول لاتفاق من الأساس، كى تظل مصر منشغلة فقط بهذا الملف وتترك بقية ملفات المنطقة.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” لماذا تشددت قطر فجأة؟! “

    مقال للكاتب “عماد الدين حسين”  على موقع الشروق الإخباري بعنوان ” لماذا تشددت قطر فجأة؟! ” جاء على النحو الآتي :-

    انتهت القمة الخليجية فى الرياض يوم الثلاثاء الماضى، ولم تتحقق المصالحة التى توقعها كثيرون طوال الأسبوعين الماضيين، بل ربما الأمور زادت سوءا.
    توقع كثيرون نهاية سعيدة، يقف فيها أمير قطر تميم بن حمد وسط قادة السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان، رافعين أيديهم معا، لتدشين المصالحة. لكن المفاجأة، أن تميم بن حمد لم يأت أساسا للرياض، وفضّل أن يزور العاصمة الراوندية كيجالى، للمشاركة فى تكريم الفائزين بجائزة تحمل اسمه لمكافحة الفساد.
    العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز، استقبل بنفسه رئيس الوزراء القطرى عبدالله بن ناصر آل ثان، الذى مثّل بلاده فى القمة. هذا الاستقبال الحار جعل المراقبين يعتقدون أن المصالحة تسير فى طريقها المرسوم، أو على الأقل أنها قطعت خطوات متقدمة.
    كانت هناك إشارة سلبية أخرى هى عدم مشاركة وزير الخارجية القطرى محمد بن عبدالرحمن آل ثان فى اجتماعات وزراء الخارجية التى سبقت القمة أو فى القمة نفسها، وتم إرسال وزير الدولة للشئون الخارجية سلطان المريخى، وهو نفس المسئول الذى مثّل قطر فى غالبية الاجتماعات العربية التى كانت الدوحة تريد أن تبعث لها برسالة أنها تتجاهلها وغير مكترثة كثيرا بها.
    غاب الأمير وغاب وزير خارجيته، ويبدو أن الدول الثلاث السعودية والإمارات والبحرين، قد تفاجأت بالتصرفات القطرية. عقب نهاية القمة، وبعد ثلاثة أسابيع من التسريبات الإيجابية، وعبارات الغزل بين قطر والدول الثلاث، خرج وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ليعلن عن أسفه لعدم جدية قطر فى إنهاء الأزمة مع الدول العربية الأربع.
    الوزير البحرينى قال إن ما صرّح به وزير خارجية قطر، بأن الحوار مع السعودية تجاوز المطالب الـ١٣ التى وضعتها الدول الأربع لا يعكس أى مضمون تم بحثه مطلقا، وأن الدول الأربع أى مصر والسعودية والإمارات والبحرين تتمسك بموقفها وبمطالبها المشروعة من قطر، والقائمة على المبادئ الستة الصادرة عن اجتماع القاهرة فى ٥ يوليو ٢٠١٧، والتى تنص على الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب وإيقاف جميع أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف والالتزام الكامل باتفاق الرياض عام ٢٠١٣ والاتفاق التكميلى عام ٢٠١٤، وكذلك جميع مخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض فى مايو ٢٠١٧، والامتناع عن التدخل فى الشئون الداخلية.
    الوزير البحرينى اعتبر ضعف التمثيل القطرى رسالة عدم جدية لأنها لم تفوّض رئيس الوزراء، باتخاذ أى قرارات، يمكن أن تسهم فى حل الأزمة. ما زاد الطين بلة، هو كشف قطر عن رسالة، يعتبرها البعض أفشلت كل حديث عن مصالحة.
    الناطقة باسم الخارجية القطرية لولوة الخاطر، قالت فى تصريحات لوكالة الأنباء القطرية «قنا»: «قطر تشكر المساعى الكويتية الحميدة مع دول الحصار، وأن قطر نجحت فيما فشلت فيه دول المقاطعة، وأنه فى كل مرة يظهر فيها أفق لبداية حل الأزمة تقوم إحدى دول الحصار بإرسال رسالة عدائية، تجاه تلك الجهود بغرض إفشالها».
    الغريب أن هذه التصريحات كانت هى الغريبة، فالدول الثلاث تناست الماضى مؤقا ظنا أن هناك مصالحة، وبالتالى فإن التصريحات الغريبة للمتحدثة باسم الخارجية القطرية، هى التى ربما ساهمت فى إفشال الأمر، لأنها ببساطة عمقت الخلافات فى وقت كان الجميع يتحدث عن المصالحة. والغريب أن الناطقة استحضرت كل الذكريات الأليمة فى الملف، لتصب المزيد من الوقود فوق النيران التى لم تكن قد انطفأت بعد.
    السؤال المنطقى هو لماذا كان هذا التصرف القطرى المجافى لكل التصريحات السابقة، بل وللزيارة التى كشفت عنها «وول ستريت جورنال» بأن وزير الخارجية القطرى زار السعودية قبل أسابيع وعرض قطع علاقة بلاده مع جماعة الإخوان؟!
    البعض يقول إن الاعتقاد القطرى هو أن الدول الخليجية الثلاث صارت فى موقف أضعف من اليوم، الذى تم فيه قطع العلاقات أى ٥ يونيو ٢٠١٧، وبالتالى فقد حان الوقت لتقوم قطر بالانتقام.
    التفسير الثانى أن موضوع المصالحة لم يكن جادا، وكل ما حدث هو استجابة لضغوط أمريكية تطالب بإنهاء هذه الأزمة، كى يحتشد الجميع خلف أمريكا فى مواجهة إيران.
    التفسير الثالث أن خلافات قطر مع الدول الثلاث تتفاقم يوما بعد يوم، والأخطر أنها صارت شخصية بين القادة والزعماء والمسئولين، وتحتاج وقتا طويلا وبيئة مختلفة كى تتحلحل.
    ورغم ذلك وفى ظل غياب معلومات أكثر توثيقا، فإن العلاقات الخليجية ــ الخليجية، عوّدتنا على المفاجآت التى تقترب أحيانا من الصدمات، بمعنى أنه لا يمكن استبعاد حدوث المصالحة فى أى وقت حتى لو كانت شكلية، على الأقل لإرضاء الأمريكيين، ما الذى سيحدث؟! علينا أن ننتظر وسوف نرى.

  • مقال للكاتب ” بيشوى رمزى ” بعنوان ” مصر والتجربة الفنلندية ” جاء على النحو الآتي

    نشر موقع اليوم السابع الإخباري مقال للكاتب ” بيشوى رمزى ” بعنوان ” مصر والتجربة الفنلندية ” جاء على النحو الآتي :-

    اختيار سانا مارين، التى لم تتجاوز بعد الـ34 عام من عمرها، لرئاسة وزراء فنلندا، يبدو مغامرة كبيرة فى ظل الظروف الحالية التى تمر بها البلاد، حيث أنها لم تأتى فى ظروف عادية، خاصة وأنها جاءت بعد شقاقات داخل الائتلاف الحكومى، وهو ما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء السابق أنتى رينيه من منصبه، كما أن وصول السياسية الشابة على قمة هرم السلطة فى بلادها جاء تزامنا مع رئاسة فنلندا للاتحاد الأوروبى، وهو ما يضعها فى اختبارات صعبة للغاية، تطرح تساؤلات حول أسباب الثقة الكبيرة التى منحها إياها كبار الساسة فى بلادها.

    لعل التجربة الفنلندية، عبر اختيار فتاة شابة، لقيادة دولتها فى المرحلة الراهنة، بما تحمله من تحديات، يمثل مؤشرا حيويا لأهمية إعداد الشباب فى سنواتهم الأولى لمجابهة التحديات، والجلوس على مقاعد المسئولية، حتى يمكن الوثوق بهم فى تحقيق ما تتطلع إليه الشعوب، بعيدا عن عما يمكننا تسميته بـ”أوهام” الفوضى، التى يحاول العديد من الشباب بثها داخل مجتمعاتهم، على غرار ما شهدته العديد من المناطق فى العالم فى السنوات الماضية، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط، إبان ما يسمى بـ”الربيع العربى”.

    وتمثل حقبة “الربيع العربى” مؤشرا لطاقات الشباب فى المنطقة، إلا أنها تبقى طاقات غير موجهة، بسبب أخطاء أنظمة جلست على مقاعد السلطة لعقود طويلة من الزمن، بينما تجاهلت هذا القطاع الحيوى، فكانت النتيجة المباشرة إلى استغلال هؤلاء الشباب لطاقاتهم فى نشر الفوضى بدون وعى حقيقى، لتداعيات ما يرتكبونه بحق مجتمعاتهم، وشعوبهم، وبالتالى وضعوا بلادهم بين أزمات اقتصادية طالت لسنوات، بينما كانت الحروب الأهلية هى المصير المحتوم لدول أخرى.

    يبدو أن الخطوات التى اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ توليه المسئولية فى 2014، والتى دارت فى جزء كبير منها على التركيز على الشباب وتأهيلهم، دليلا دامغا على استلهام دروس الماضى، ورغبة ملحة فى تدارك أخطاء الماضى، بحيث يصبح الشاب المصرى قادرا على توجيه طاقته فى الطريق الصحيح، عبر خدمة وطنه، وأسرته، وبالتالى تأهيله إلى مواقع المسئولية، وهو ما يبدو واضحا فى اختيار العديد من الشباب إلى مناصب حكومية رفيعة المستوى، وأخرها تعيين 8 من الشباب فى مناصب نواب المحافظين فى المحافظات المصرية.

    وتعد مؤتمرات الشباب التى تنظمها مصر بحضور الرئيس السيسى محاولة جادة لإشراكهم فى مجابهة التحديات التى تواجهها الحكومة، ومناقشتها فى العلن، بعيدا عن نهج العزلة الذى تبنته الأنظمة السابقة، بل وتمتد تلك المؤتمرات إلى مشاركة قطاع من شباب الدول الأخرى، على غرار منتدى شباب العالم، والمقرر انطلاقه يوم السبت القادم، لنقل تجاربهم فى دولهم، سواء إلى الشباب المصرى أو حتى لشباب الدول العربية والأفريقية الأخرى، وذلك فى إطار تبادل الثقافات والخبرات.

    التجربة الفنلندية ملهمة وتستحق الدراسة، ولكن يبقى النموذج المصرى على الطريق الصحيح، وذلك لتأهيل الشباب، واستخدام طاقتهم بشكل بناء يمكن من خلاله الاستفادة منها فى بناء الأوطان، عبر وضعهم فى طريق القيادة والمسئولية تدريجيا، ليكون الشاب قادرا على قيادة أسرته ومشاركا فى بناء مدينته وإقليمه، ليتحول بعد ذلك إلى القيادة المجتمعية، بعيدا عن الفوضى والضجيج الذى طالما أضر بحال أوطاننا لسنوات.

  • الصحفي عبد اللطيف المناوي يكتب مقال بعنوان ( تطور السطحية )

    حضرت مؤخرًا فى إطار أحد المنتديات العربية مناقشة لورقة عمل قدمها واحد ممن يُشار إليهم بالبنان فى مهنته فى بلده، إذ يعتبره الكثيرون أحد أعلام مهنته، وعنصرًا نابغًا فيها، وهو قد يكون كذلك، ولكن ما طرحه كان عجيبًا.

    الحقيقة أن عنوان ورقة العمل جذبنى، وجعلنى أكون حريصًا على الحضور. الورقة كانت عن «التحول الرقمى»، وهو أحد أكثر الموضوعات أهمية فى أيامنا هذه، حيث أولت دول كبيرة اهتمامًا خاصًا به، بوصفه أحد المشروعات الكبرى، والتى يستحيل تقدم بلد ما إلى المستقبل من دونه.

    بدأ الرجل بالحديث عن أشياء غريبة، كإنقاذ رجل مسلم طفلًا أمريكيًا من كلب فى إحدى الحدائق، ونشر صحفى الخبر فى «نيويورك تايمز»، نعم، تحت عنوان إرهابى مسلم ينقذ طفلًا أمريكيًّا. اعتقدت أن ما يقوله ربما يكون مدخلًا لكلام أكثر عمقًا حول مصادر مثل تلك الحكايات غير المنطقية والمنتشرة فى مجموعات تطبيق الواتس آب والسوشيال ميديا، ولكنه فاجأنى بأنه يتعامل مع هذه القصة باعتبارها حقيقية وموثقة. لم أستطع البقاء فى المناقشة أكثر من دقائق، وذهبت وفى رأسى أسئلة كثيرة حول سطحية أخينا الذى هو تطور لإنتاج السطحية فى عصر «التحول الرقمى».

    الكثيرون يعتقدون أن انفجارات الـ«فيسبوك» وبراكين الجروبات المغلقة والمفتوحة على السوشيال ميديا، وفضائح الإنستجرام و«بلاوى» تويتر- هى «التحول الرقمى»، بهذه السطحية الشديدة يتحدثون عن أن هذا المشروع الإنسانى العملاق هو مجرد سطور مكتوبة على فضاء إلكترونى.

    بهذه السطحية الشديدة يبنى بعض الكتاب والساسة ومواطنون فى أقاصى الأرض ومغاربها، مواقفهم على بضع كلمات يخطها أشخاص عاديون أو غير عاديين كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

    لقد ظهرت فئة- ضالة- شكلت السوشيال ميديا كل ثقافتها. لا تحتاج إلى كتب أو صحف أو أفلام سينمائية، لا تحتاج حتى إلى الذهاب إلى الطبيب إذا مرضت أو إذا مرض أبناؤهم وآباؤهم، صاروا يعتمدون على معلومات السوشيال ميديا فى كل ذلك.

    قديمًا عندما كنا نلتقى أحد المتشبثين برأيهم دون أن يمتلكوا المنطق والمعرفة نقول «اللهم قِنا شر قارئ الكتاب الواحد». بعدها ساد بيننا وصف لمدعى الثقافة ممن نلتقى حولنا بأن ثقافته توقفت عند الصفحة الأخيرة لجريدة الأهرام عندما كانت تنشر يوميًّا «حكمة اليوم» وكانت المصدر الوحيد لثقافة البعض. اليوم تحول الأمر وأصبحت السوشيال ميديا و«جروبات» الواتس آب مصدرًا لكثيرين، وللأسف يعتمد عليها البعض ممكن يكتبون للرأى العام. ولا أنسى ذلك الموقف عندما بنى كاتب موقفه من رئيس دولة على كلام غير صحيح انتشر عبر هذه المجموعات.

    نعم، السوشيال ميديا مهمة، وتشكل جزءًا كبيرًا من إعلامنا وحياتنا الجديدة، لكنها ليست كل شىء، هى ليست الثقافة، وليست الحياة، وليست خبرة الدنيا. هنا لا بد من وقفة حقيقية أمام هذه السطحية الشديدة التى يتعامل بها البعض مع هذا الأمر. هنا لا بد من نظرة مغايرة للأمور.

  • مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” لماذا تتشدد طهران ضد المحتجين؟!”

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” لماذا تتشدد طهران ضد المحتجين؟!” جاء على النحو الآتي :-
    التوصيف الحكومى الإيرانى للمظاهرات الاحتجاجية ضد رفع أسعار الوقود، حسب ما جاء على لسان المقربين من المرشد الأعلى على خامنئى هى أنها «مؤامرة أجنبية عميقة وواسعة النطاق، وبالغة الخطورة»، وإذا كان الأمر كذلك فقد كان منطقيا أن تتهم الدولة وأجهزتها المحتجين بأنهم «متمردون ومشاغبون وفوضيون وأشرار وأعداء الدولة الإيرانية وشركاء فى فتنة عالمية فى إطار مؤامرة كونية!».
    والنتيجة المنطقية لهذا التوصيف، هو اعتماد سياسة القبضة الحديدة، وانقضاض أجهزة الأمن المختلفة على المحتجين، مما خلف مئات القتلى وآلاف الجرحى فى الاحتجاجات المندلعة منذ ٢٥ أكتوبر الماضى، أما الأكثر لفتا للنظر فهو إعلان الحكومة الإيرانية أنها انتصرت على الأعداء.
    وحينما يقول البعض للحكومة الإيرانية إن غالبية المحتجين هم مواطنون إيرانيون عاديون اكتووا بنيران ارتفاع أسعار الوقود بنسبة ٢٠٠٪ دفعة واحدة، ينكرون ذلك ويواصلون الإصرار على المؤامرة الكونية.
    أفضل من عبر عن هؤلاء كان سعيد حداديان المداح الذى يحبه خامنئى، قال فى قصيدة ألقاها أمام حشد مؤيد للمرشد الأعلى فى طهران: «نحن متظاهرون ولسنا جسورا للأعداء، مشكلتنا مع غياب الكفاءة والكارثة التى حلت بسبب افتقارك إلى الكفاءة، لمرة واحدة اعترف، وقل إن الأمر كله خطؤك»!!.
    أفهم وأدرك سر إصرار الحكومة الإيرانية على هذا التوصيف، لأنها أيضا تعتقد أن السماح بالتظاهر فى طهران وغالبية المدن الإيرانية، يعنى نقل الحالة العراقية واللبنانية إلى أراضيها، وربما استنساخ التجربة السودانية أو الجزائرية.
    الفهم الوحيد الذى يصل إلى عقول القادة الإيرانيين، ليس هو الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها غالبية الإيرانيين لأسباب كثيرة منها العقوبات الأمريكية، بل إن الولايات المتحدة وبعض حلفائها فى المنطقة، يريدون تغيير النظام الإيرانى عبر الاحتجاجات الشعبية، بعد أن فشلوا فى ذلك طوال عقود بالحصار والمقاطعة والعقوبات.
    الفهم الإيرانى لا يكتفى بهذا التصور، بل يعتقد بوجود مؤامرة إقليمية تحاول ليس فقط محاصرة إيران، بل القضاء على النفوذ الإيرانى فى المنطقة العربية خصوصا لبنان والعراق، وبالتالى سمعنا من مسئولين إيرانيين كثيرين، التلويح بإعداد خطة للانتقام من الدول التى ساعدت أو دعمت المحتجين!!.
    من سوء حظ إيران أن الاحتجاجات الشعبية العارمة فى كل من العراق ولبنان، كانت موجهة بالأساس إلى إيران خصوصا فى العراق، وإلى حزب الله حليف إيران القوى فى لبنان.
    ما أزعج إيران أكثر أن المواطنين الشيعة فى العراق خرجوا ومزقوا صور المرشد الأعلى الإيرانى، وحذفوا اسم الخمينى من على أحد الشوارع الرئيسية فى النجف، واقتحموا قنصليات إيرانية فى مدن عراقية متعددة، ووصلت ذروتها قبل أيام بحرق القنصلية الإيرانية فى النجف، إحدى أهم المدن الرمزية للشيعة، والأخطر أن غالبية هؤلاء المحتجين كانوا من الشيعة، وهو خبر سيئ جدا لإيران، لأنه ينزع منها ورقة اتهام المتظاهرين بأنهم مناهضون لها ولحلفائها، على أساس طائفى.
    نتيجة لكل ذلك يمكن فهم التشدد الإيرانى ضد المتظاهرين فى إيران، فالسماح لهم بحرية التظاهر يعنى عمليا إسقاط النظام فى نهاية الأمر.
    من وجهة النظر الحكومية الإيرانية، فإنه حتى لو كانت هناك ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بسبب العقوبات الأمريكية وعوامل أخرى كثيرة، فإن المواطنين ينبغى أن يتحملوا، وأن «المؤامرة الغربية» سوف تحاول اللعب على الوتر الاقتصادى، ولو تم ترك المظاهرات والاحتجاجات بدون قمع، فإنها سوف تكبر وتنتشر وتتعمق، حتى يمكنها إسقاط النظام، بنفس الطريقة التى تم استعمالها لإسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلول أى المظاهرات اليومية المستمرة وإنهاك النظام حتى سقط.
    الحكومة الإيرانية تدرك أن أى ضعف يعتريها سيمتد بالضرورة إلى أطرافها وأذرعها فى المنطقة، خصوصا فى العراق وإيران وربما اليمن، ومن أجل كل ذلك يمكن فهم سر التشدد الأمنى ضد المحتجين ووصفهم بأنهم أشرار وأعداء للدولة، هذا التوصيف كان مهما لهم حتى يمكن تبرير استخدام العنف المفرط التى تقول تقارير عربية إن الضحايا زادوا عن ٣٠٠ قتيل، فى حين تقول تقارير أخرى أنهم ١٥٠ قتيلا وآلاف المصابين، وبنفس المنطق يمكن توقع أن تكون الحكومة الإيرانية قد نصحت مثيلتها العراقية باستخدام نفس القمع وربما تكون الرسالة قد وصلت أيضا إلى حزب الله فى لبنان.
    الآن المؤشرات على الأرض تقول إن الطريقة الإيرانية بدأت تعمل فى بغداد وبيروت وبالتالى علينا توقع مزيد من الاضطراب فى كل المنطقة.

  • مقال للكاتب ” محمد أمين ” بعنوان … رجل المستحيل !

    هل تصدق أن الرئيس الذى قضى يومًا كاملًا فى بورسعيد كان قد أنجز حركة المحافظين والنواب؟.. وهل تصدق أنه عاد ليضع اللمسات الأخيرة على حركة الوزراء؟.. وهل تصدق أنه قبلها كان قد انتهى من تعيين محافظ البنك المركزى؟.. كل هذا الجهد الضخم فى ساعات فقط.. حتى أصبحت أخشى أن يقدم «حركة أخرى» لو وجد لديه وقتًا بلا افتتاح المشروعات!.

    وهل تصدق أن حكومة مصطفى مدبولى قد اجتمعت، أمس، اجتماعها الأسبوعى الأخير قبل التغيير لدراسة عدد من الملفات المهمة؟ وهل تعلم أن رئيس الوزراء نفسه كان قد التقى بعض المستثمرين، منهم محمد العبار، رجل الأعمال الإماراتى، كما وقع بروتوكولات تعاون أمس تخص خمس وزارات.. فما الرسالة التى تفهمها؟.. هذه حالة لم نشهدها من قبل!.

    لم تصدر حركة التعديل الوزارى حتى كتابة المقال.. وربما انتظارًا لانتهاء مراسم الاجتماع الأخير.. ولا أدرى بأى نسبة يتم التعديل؟.. هل يكون بنفس مستوى حركة المحافظين.. خاصة أنها تجاوزت 50%.. وبلغ عدد المحافظين والنواب 39 فى القائمة النهائية؟.. هل هناك حركة كبرى، وهل هناك مفاجآت؟.. ولكن هناك معنى مهمًا أن مصر تمتلئ بالكفاءات فعلًا!.

    فما يفعله الرئيس يمكن أن يسمى بأنه «رجل المستحيل»، أو رجل الأقدار.. جاء ليفعل كل هذا ويمكّن الشباب من إدارة بلادهم نحو المستقبل.. ولو كنا فى الزمن الماضى لأخذت الافتتاحات شهرًا، (ولاسيما) أن الأنفاق شىء خرافى وتفوق مثيلاتها فى أوروبا، كما قال الخبير العالمى م. هانى عازر.. بالإضافة إلى إطلاق مشروع التأمين الصحى، وإطلاق القمر الصناعى!.

    فما يحدث من إنجازات فوق طاقة أى رئيس.. والآن أصدقه عندما قال سنُمكّن الشباب، وأصدقه لأنه يضع اعتبارات الرأى العام عند اتخاذ القرارات، ولا يسمح لأحد بأن يمد يده للمال العام.. هذه معلومات وليست دعاية.. وقد رأينا كل ما يقوله حقيقة.. 23 شابًا وفتاة لإدارة المحليات بجوار المحافظين.. يمنحهم الرئيس كل الدعم، ويؤدون اليمين مثل المحافظين!.

    لقد أحدثت حركة المحافظين فرحة وارتياحًا لدى الشارع السياسى.. فالنواب من عينة مختلفة.. شباب يفرح.. وقد تم تدريبهم فى أكاديمية الشباب، والتقى بهم الرئيس ليكسر حاجز الخوف والرهبة، ويؤهلهم للعمل العام بمعايير عصرية.. يبقى أن يُفسح لهم المحافظون مجالات للعمل ولا يعتبروهم سكرتارية.. وكنت أتمنى أن يتم تعيين أحد النواب القدامى فى الحركة الحالية!.

    كنا نحلم أن يكون لدينا «صف ثان».. وكنا نتمنى أن نراهم فى موقع المسؤولية.. فلم يحدث.. ولكن السيسى أثبت أنه يستطيع تحويل الأحلام إلى حقائق.. فهل يشهد التعديل الوزارى مفاجآت وتعيين نواب رئيس وزراء للاقتصاد والخدمات؟.. وهل تصبح حكومة تحقيق الأحلام؟!.

  • مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” هل يهتم المصريون بأسماء الوزراء؟! ” 

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” هل يهتم المصريون بأسماء الوزراء؟! ” جاء على النحو الآتي :-
    السؤال الأزلى: ما الذى يريده معظم الناس من أى تعديل أو تغيير وزارى؟!
    الإجابة ببساطة هى أنهم يريدون تغييرا أو تعديلا فى حياتهم إلى الأفضل قدر الإمكان.
    نطرح السؤال السابق بمناسبة أن هناك احتمالا كبيرا بتعديل أو تغيير وزارى خلال الأيام القليلة المقبلة.
    بصفة عامة فإن غالبية المواطنين، لا يفرق معهم كثيرا أسماء الوزراء وشخصياتهم. هم يركزون أكثر على سياساتهم وكيفية أداء عملهم وقدرتهم على تغيير الأوضاع الصعبة إلى الأفضل.
    النظام السياسى المصرى يجعل رئيس الجمهورية، الشخصية الأكثر محورية فى السياسة المصرية منذ ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، بعد أن صارت مصر جمهورية، بعد أن كان نظامها السياسى برلمانيا، البطل فيه هو رئيس الوزراء منذ عام ١٩٢٣، وربما يفسر لنا هذا أن عددا كبيرا من المصريين لا يعرفون أسماء بعض الوزراء، بسبب ضعف أدائهم أو قلة صلاحياتهم. وبالتالى، وحينما يفكر غالبية المصريين خصوصا البسطاء فى الوزراء، فإنهم ينتظرون أفعالهم.
    تخيلوا مثلا كيف يفكر المصريون أو غالبيتهم فى وزير التموين؟! ما يشغلهم ليس شخصه مع كل التقدير للوزير د. على مصيلحى. الذى يشغلهم أن تتوافر السلع التموينية الأساسية، فى أول كل شهر، وأن تكون بأسعار فى متناولهم، خصوصا السلع الأساسية مثل الأرز والزيت والسكر والدقيق. ويشغلهم ألا يخرجوا من «بطاقة التموين»، حتى لا يخسروا السلع المدعمة، بعد أن صار ثلثهم تحت خط الفقر «٣٢٪» وثلثهم الآخر يكاد يقترب منه، وثلثهم الأخير يجاهد للصعود إلى الطبقة الوسطى العليا!!
    يشغلهم أيضا أن يحصلوا على الرغيف المدعم الرخيص جدا بخمسة قروش.
    ينشغل المصريون أيضا بوزير الكهرباء، ومع تقديرى واحترامى للدكتور محمد شاكر. ينشغل المصريون كثيرا، بفاتورة الكهرباء كل شهر. هم يتمنون أن تكون خفيفة و«حنينة» على جيوبهم، ولا «تكهرب» حياتهم وتقلبها رأسا على عقب، كما يحدث الآن.
    وحينما يأتى ذكر وزارة الداخلية فأول ما يخطر على بال المصريين هو حجم الأمن والاستقرار فى المجتمع، وكيفية المعاملة التى يتلقاها المواطنون فى أقسام الشرطة وكل المؤسسات الشرطية، وكذلك فى الشوارع خصوصا المرور.
    ما يشغل بعض المصريين خصوصا المحتاجين منهم، ليس شخص وزير التضامن الجديد الذى سيحل محل الوزيرة القديرة غالى والى ــ التى أثبتت كفاءة حقيقية، ونالت احترام الجميع ــ بل أن يحصلوا على معاش تكافل وكرامة أو الضمان الاجتماعى، بعد أن تحولت حياة كثيرين منهم إلى جحيم.
    كل التقدير للوزيرة هالة زايد لكن ما يشغل المصريين، أن تكون المستشفيات الحكومية متاحة ونظيفة وجاهزة للتعامل مع أمراضهم المتعددة، وأن يجدوا سريرا لائقا أو غرفة عناية مركزة فى حالة الاحتياج. وأن يستيقظوا ليجدوا تطبيقا فعليا وشاملا وعادلا ومعقولا لقانون التأمين الصحى، الذى بدأت خطواته الفعلية أمس فى بورسعيد.
    لا ينشغل المصريون أيضا بشخص وزير التعليم مع التقدير الكبير للدكتور طارق شوقى، بل بسياساته، وربما يكون هذا الوزير الأكثر تأثيرا والأهم فى حياتهم أيضا، لأن سياساته وأداءه، لن يؤثر فقط فى حياة أولادهم فى المدارس، بل فى مستقبلهم وفى الأجيال القادمة. يشغلهم ويحلمون بأن تتوافر مدارس لائقة ومناهج متقدمة ومعلمون مؤهلون.
    يهتم المصريون بسياسة وزير النقل، وهل تصل القطارات فى مواعيدها أم لا، ومدى نظافتها وسلامتها وطريقة معاملة الركاب، ونسبة الحوادث.
    وحينما يفكر المصريون الآن فى وزارة الرى فإن أول ما يشغلهم هو أن تتمكن الوزارة مع المؤسسات الأخرى، من ضمان حصة مصر فى مياه النيل، عقب اكتمال بناء سد النهضة الإثيوبى، بما يضمن توافر المياه للشرب والزراعة وبقية الاستخدامات الأخرى.
    وحينما يفكر المصريون فى وزراء التجارة والصناعة والاقتصاد والاستثمار والتخطيط فإن ما يشغلهم ليس أسماء الوزراء، بل أسئلة من عينة: هل هناك فرص عمل لائقة وكافية لهم أم لا، وهل إقامة المشروعات سهل أم معقد ومدى توافر السلع.
    بالطبع أى وزير لا يعمل فى برج عاجى، وهناك عوامل أساسية تكون سببا فى نجاحه أو فشله، وأهمها الإمكانيات والموارد المتاحة، والظروف التى يعمل فيها، والصلاحيات التى يتمتع بها. ولا يمكن لعاقل أن يغفل أهمية المهارات والسمات الشخصية لكل شخص خصوصا الوزراء وكبار المسئولين.. لكن تظل السياسات والأفعال هى الأساس.
    كل التوفيق للوزراء الحاليين منهم والسابقين!!

  • مقال للكاتب “عماد الدين حسين ” بعنوان “هل بدأت قواعد السوق تستقر؟!”

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين ” بعنوان “هل بدأت قواعد السوق تستقر؟!” جاء على النحو الآتي :-
    هناك ظاهرة طيبة، نرجو أن تستمر، وهى أن أسعار بعض السلع فى الأسواق تشهد هبوطا، أو على الأقل استقرارا. خصوصا أسعار اللحوم والدواجن والعديد من أنواع الخضراوات والفاكهة لاسباب مختلفة يطول شرحها.
    صباح الأربعاء الماضى، قرأت خبرا يقول إن أسعار الدواجن من المزرعة انخفضت ثلاثة جنيهات من ٢١ إلى ١٨ جنيها، وأن كرتونة البيض انخفضت إلى ٣٠ جنيها، علما بأن أسعار اللحوم تشهد انخفاضا منذ شهور، لدرجة أن سعر كيلو اللحم، انخفض فى بعض قرى ومدن الصعيد إلى ما دون المائة جنيه.
    إذا صح الكلام السابق واستمر، فهل سيتعود التجار، على فلسفة خفض الأسعار، طالما أنهم كانوا ماهرين دائما فى رفعها، خصوصا إذا انخفضت التكلفة، وهل الحكومة قادرة على إجبارهم على هذا التخفيض، خصوصا عبر التسعيرة الجبرية؟!
    القاعدة العامة التى يرددها كثيرون فى مصر، منذ سنوات، هى أنه إذا ارتفع سعر سلعة معينة، لأى سبب من الأسباب، فإنه يستحيل أن ينخفض سعرها مرة أخرى، حتى لو زالت الأسباب التى أدت إلى رفعها.
    الحكومة من جهتها كانت تستخدم حجة ثابتة، هى أن الارتفاعات المتوالية فى بعض السلع، مثل الوقود مثلا مدعمة من قبل الحكومة، وإن كل الارتفاعات المتوالية، لم تكن تصل بها إلى سعر التكلفة الحقيقى.
    فى كل مرة كانت الحكومة ترفع أسعار الوقود، فإن غالبية، أسعار السلع والخدمات ترتفع بنسب مساوية، وربما أعلى.
    الضربة الكبرى فى هذا المجال هى تعويم الجنيه المصرى أمام الدولار، فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦، والذى تزامن يومها مع رفع أسعار الوقود، مما وجه ضربة قاصمة لملايين المصريين، الذين استيقظوا ليجدوا أن مرتباتهم ومدخراتهم بالجنيه قد انخفضت بنسب تصل إلى ٦٠٪ مرة واحدة. فى خطوة تقول الحكومة دائما إنها كانت ضرورية، وإلا تعرضت البلاد للإفلاس.
    فى ظنى أن هناك تطورا مهما حدث منذ نحو شهرين حينما قررت وزارة البترول واللجنة الدائمة للتسعير التلقائى خفض بعض أنواع الوقود للمرة الأولى، ربما منذ عام ١٩٥٢. والسبب هو أن بعض هذه الأنواع كانت قد وصلت إلى سعر التكلفة، ولأن أسعار البترول العالمية واصلت الانخفاض، واستقر سعر الجنيه أمام الدولار، بل وارتفع أمامه أكثر من مرة، فقد كان طبيعيا أن تنخفض أسعار الوقود.
    هذه القاعدة نتمنى أن تستمر، ليس فقط فى أسعار الوقود، ولكن فى كل أسعار السلع والخدمات، لكن السؤال هو: من يمكنه فرض ذلك على التجار فى سوق مصرية، تتميز أساسا بالهرجلة والعشوائية والتخبط.. وهل ستقوم الحكومة، بعمل لجان تسعير تلقائى لغالبية السلع، كما فعلت مع الوقود؟!
    الإجابة هى أنه يصعب تماما أن تفعل ذلك، لأن الوقود يمكن معرفة سعره عالميا، لكن لا يمكن أن تكون لكل سلعة هذه الآلية. السؤال الثانى الذى يكرره كثيرون هو: ولماذا لا تقوم الحكومة بالتسعير الجبرى للسلع؟!. الاجابة انها لا يمكنها أن تفعل ذلك، أولا لأنها تقول إنها ملتزمة بسياسة العرض والطلب، وثانيا أنه طالما أن الدولة خرجت من السوق، أو من معظمه، فلا يمكنها أن تضبط السوق، إلا إذا عادت إليه كمنتج مرة ثانية، ولم يعد فى مقدورها إلا أن تلعب دور المنظم والمنسق، وأحيانا دور المنتج بنسبب معقولة كما نلحظه فى السلع التى تطرحها بعض الوزارات مثل الداخلية والتموين والقوات المسلحة، مما يضبط الأسعار إلى حد ما.
    المبدأ الذى يستند إليه كثيرون هو أنه طالما أن سلعة مثل الطماطم تهبط أحيانا إلى سعر جنيهين أو ثلاثة للكيلو فى حالة وفرة الإنتاج، فإن قواعد السوق أى العرض والطلب تظل هى الآلية الأفضل، لأنه ببساطة كلما زاد الإنتاج انخفضت الأسعار والعكس صحيح.
    فى تقدير هؤلاء أن العام الأخير شهد فعلا، انخفاض أسعار العديد من السلع أو استقرارها، لأن السوق تشهد منافسة صحية حقيقية، وذلك هو الضامن الحقيقى، وليس أى قرارات إدارية، لم يعد ممكنا تطبيقها الان. لكن المؤكد أن هناك مشكلة حقيقية فى أجهزة الرقابة خصوصا مفتشى التموين وبعض موظفى المحليات، الذين يتركون المستهلكين فريسة لجشع بعض التجار، ليس فى سلعة مثل الطماطم، ولكن مثلا فى أسعار المواصلات التى يفترض أن تكون محددة. هنا المشكلة الكبرى وهى تواطؤ بعض التجار مع بعض موظفى المحليات والتموين، مما ينتج عنه العديد من المشاكل والأزمات، ولا أحد يعرف كيف يمكن معالجة هذا الخلل، والمؤكد أنه يستحيل أن نحل هذه المشكلة بلجنة تسعير تلقائى؟!

  • مقال للكاتبة ” وفاء بكري “بعنوان ( الحكومة تتحدث مع نفسها )

    جلسة ودية جمعتنى بعدد من أصدقاء المهنة، دارت معظمها حول الشكوى من تجاهل الوزارات- التى يقومون بتغطية أخبارها لصحفهم ومواقعهم الإلكترونية- دعوتهم إلى الجولات الميدانية التى يقوم بها الوزير المختص أو مسؤولو هذه الوزارات- التى لن أُسميها- بل تعدى الأمر أكثر من ذلك، ففى المؤتمرات الصحفية التى قد تُعقد للإعلان عن مشروع ما قد لا يُسمح للصحفيين بطرح أسئلتهم على الوزير ومسؤوليه، ويأتى الوزير ليعلن تفاصيل «مشروعه» و«يُمليه» على الصحفيين، دون مشاركة منهم، وقد نسى أننا كصحفيين نُعَدّ «مرآة الشارع» له، ولسنا مجرد «ناقلى كلام» و«متلقين»، ومن حقنا طرح الأسئلة والاستفسارات لننقل الصورة الحقيقية لمشروعه، كنت ممن يحرصون على حضور جميع جولات الوزراء عندما كنت مندوبة لجريدتى فى عدد من الوزارات، وكنت أُكوِّن مع زملائى «همزة الوصل» بين الشارع والمسؤول، وكان يتم حل المشاكل ببساطة، وعرض النجاحات والإنجازات دون غضاضة، فماذا حدث إذن، هل أصبحت هناك حلقة مفقودة بين الصحفى والمسؤول أيًا كان منصبه، أم أن المسؤول اكتفى بمكتبه الإعلامى، الذى لا يعمل فيه بالضرورة متخصصون؟، أعلم بحكم خبرتى الصحفية والعمل مستشارًا إعلاميًا عدة سنوات أن هناك عددًا من المسؤولين لا يفضلون التواصل مع الإعلام، ولكن هذه النوعية- قد لا تكون متواجدة الآن- كانت تبحث عن «البديل» إما عن طريق مستشارها الإعلامى أو عن طريق أحد المسؤولين الذين يستطيعون التواصل مع الإعلام، ولكن أصبح الآن «التجاهل سيد الموقف» وإلقاء التهم جزافًا على الصحفيين بأنهم يتجاهلون إنجازات الوزارات، وأصبحت الحكومة أشبه بمَن «يتحدث مع نفسه» دون مشاركة حقيقية مع الآخرين، بالرغم من أن تغطية مشروعاتها هى أساس عمل الصحفى. المثير أن انتقاد الإعلام والصحافة أصبح «مشاعًا» للجميع دون أن يفهم هؤلاء طبيعة عملنا، وما الذى يجرى خلف الكواليس، بل أصبح الانتقاد أحيانًا يأتى من «ابن الكار» دون مبرر من ذلك. فى الوقت نفسه أتمنى أن يكون المسؤولون والوزراء «ذوى صدر رحب» للنقد، فهذا أهم لتعزيز النجاح ومعرفة المشاكل الحقيقية لحلها، فالإعلام بشكل عام، والصحافة بشكل خاص، فى الحقيقة هما داعمان للدولة، وليسا كما يتخيل المسؤول أننا كإعلاميين وصحفيين «نصطاد فى الماء العكر»، وعلى مجلس الوزراء أن يطالب أعضاء حكومته بالتعامل مع الإعلام بشكل أفضل، دون الاعتماد على «نفى الشائعات» فقط، وليس من المعقول أن نستجدى المسؤولين لنقوم بعملنا الأساسى، وكفانا «جلدًا» فى الإعلام دون أن نعطيه «سنارة الصيد» ليقوم بعمله بالأسلوب السليم.

  • مقال للكاتب الصحفي ” محمد إبراهيم الدسوقي ” بعنوان ” قوموا بدوركم “

    مقال للكاتب الصحفي ورئيس تحرير بوابة الأهرام ” محمد إبراهيم الدسوقي ” بعنوان ” قوموا بدوركم ” جاء على النحو الآتي :-

    الحقيقة ولا شيء سواها، هي الكفيلة بكشف الزيف والخداع المتواصل ودحضهما، والمحاولات التي لا تهدأ ليلا ونهارًا لسلب عقول و وعي المصريين ، ولا يغيب عن غالبيتنا أن مصر تواجه حربًا إعلامية أقل ما توصف به أنها شرسة ومتعددة الاتجاهات والأغراض، تقودها وتسهر على تأجيجها جماعات تبغي نشر الفوضى والعنف في ربوع بلادنا.

    ويقلق تلك الجماعات الشريرة أن تنعم مصر بالهدوء والاستقرار، وتعوض ما فاتها في مضمار التقدم والنهوض الاقتصادي، وأن تعالج مَوَاطن القصور والخلل الموروثة من عهود سابقة تقاعست عن التصدي لمتاعبنا الاقتصادية والمالية في التوقيت المناسب، مكتفية بالمسكنات الموضعية، إلى أن استفحلت وأضحت وحشًا كاسرًا لا يترك شيئًا أمامه إلا التهمه.

    ولا يكُف الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن التنبيه والتأكيد – في كل مناسبة عامة يشارك فيها – على ضرورة ومحورية قيام كل منا بدوره المنوط به دفاعًا عن الوطن، وألا يُستدرج المُواطنون لفخ الشائعات والمعلومات المغلوطة والكاذبة، التي تطلقها بكثافة أبواق وقنوات جماعة الإخوان الإرهابية ، وغيرها من الجماعات التي تخدم أجندات جهات خارجية، وآخر تلك المناسبات كانت افتتاح الرئيس مصنعين جديدين لإنتاج الغازات الطبية، ومادة فوق أكسيد الهيدروجين التابعين لشركة النصر للكيماويات.

    كما لا يكُف الرئيس السيسي عن الإشارة إلى أن الحرب الإعلامية أشد وأخطر بكثير من الحروب التقليدية المعلوم فيها طبيعة العدو الواقف على الضفة الأخرى، والوسائل والأسلحة المستخدمة فيها وسبل مواجهتها، على عكس الحرب الإعلامية الراهنة التي تتعدد أساليبها وطرقها الملتوية، بفضل التطور التكنولوجي الرهيب والمخيف الذي نعاصره، ويُسهم في انتشار الشائعة في ثوانٍ معدودة دون جهد يُذكر من مطلقها، لا سيما في ظل وجود من هم على استعداد دائم لنشر معلومات وأخبار عبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، دون تكليف خاطرهم قراءتها جيدًا وتمحيص مصادرها وأهدافها، أو خطورتها على الأمن القومي للبلاد، وتأثيرها على معنويات المواطن العادي، فهؤلاء لا يكترثون سوى باللهث خلف “اللايكات” والمشاركات والتفاعل على صفحاتهم، حتى لو كان ذلك على حساب مقتضيات وضرورات المحافظة على الأمن القومي خلال المراحل المفصلية التي تمر بها الأوطان.

    فالمعركة لا تخص الدولة وحدها، بحيث ينشغل كل واحد منا بشئونه الخاصة المحدودة ومصالحه الآنية والمستقبلية, تاركين إياها بمفردها تواجه الهجمة تلو الأخرى، فذاك تفكير عقيم وعواقبه وخيمة، فنحن مطالبون بدور فاعل ونشط لتقوية ظهر الدولة المصرية في مواجهاتها الصعبة مع قوى الشر، التي تسعى لعدم ترك فسحة – ولو قليلة – لشعور المواطن بالابتهاج والافتخار بما يتم إنجازه على أرض الواقع من مشروعات قومية كبرى ـ وما أكثرها ـ بواسطة سلاح التشكيك الدائم، وإثارة الغبار حول ما يجري افتتاحه من مشروعات، وراجعوا بدقة ما فعلوه بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، والمزارع السمكية، ومحور روض الفرج، وتشييد المدن الجديدة، وشبكات الطرق، وإزالة العشوائيات، وما سيفعلونه إثر كل مشروع ينفذ ويوفر الآلاف من فرص العمل للشباب، فالعمل والجهد والانتعاش الاقتصادي يقض مضاجعهم ويُذهب النوم من عيونهم.

    والهدف الثابت في حملات التشكيك المتواصلة هو مؤسسات الدولة المصرية، خصوصًا القوات المسلحة التي حالت دون سقوط البلاد في مستنقع العنف والفوضى والتخريب، وتصدت ل جماعة الإخوان الإرهابية التي تعاونت مع الإرهابيين والمتطرفين، وكادت تدخل مصر نفق الاقتتال الأهلي، لولا عناية السماء وعيون جيشنا الساهرة على أمنها واستقرارها، فهم يستهدفون قواتنا المسلحة التي أجهضت خططهم الشيطانية، ويحاولون بشتى السبل الانتقام منها من باب زعزعة الثقة فيها بالزعم أنها منخرطة في المشروعات المختلفة المنتشرة بطول البلاد وعرضها، ولا تترك المجال للقطاع المدني لمشاركتها، وهو ما تطرق إليه الرئيس السيسي عدة مرات بصورة مباشرة بتأكيداته أن الجيش المصري العظيم يقوم بدوره، دون أن يكون ذلك على حساب القطاع الخاص، وأنه لابد من فتح الباب للمصريين للمساهمة في شركات القوات المسلحة من خلال طرح هذه الشركات في البورصة.

    إن جبهة مواجهة الحرب الإعلامية يقف عليها أربعة أطراف أساسية، على كل منها الاضطلاع بدوره على الوجه الأمثل للفوز فيها، وهم المواطن، وأجهزة الدولة ومؤسساتها، والبرلمان، ووسائل الإعلام، وهذه الجهات الأربع لابد أن تكون على خط واحد طوال الوقت، فذاك سيمنحها قوة دفع، وقدرة هجومية فائقة تتفوق من خلالها على مَنْ يُقودون ويُخططون لتثبيط همم المصريين، وانطلاقتهم الواثقة نحو المستقبل.

    فدور المواطن التحلي بالوعي واليقظة الكاملة، وإعمال عقله دون توقف فيما يستقبله في نهاره وليله من تدفق معلوماتي، وما سيعينه على القيام بذلك، كما ينبغي أن تحرص مؤسسات الدولة على إجلاء الحقائق، وأن تكون سابقة بخطوة عبر كشف الحقائق المرتبطة بالقضايا اليومية التي تشغل المواطن، ويستثنى من هذا ما يتعلق بملفات الأمن القومي الواجب المحافظة على سريتها، فالحقيقة هي الركيزة الداعمة لمؤسساتنا المستهدفة بغية إضعافها، والتقليل من شأنها.

    وبالنسبة للبرلمان فعليه القيام بدوره الرقابي على أداء الحكومة، وبيان مواضع التقصير والخلل، وأن يتواصل النواب مع دوائرهم؛ لشرح ما يدور ويشغل أذهان المواطن، حتى لا يتركوهم نهبًا وفريسة سهلة لقنوات الإخوان المضللة والحاقدة، وواجب الوزراء والمسئولين ألا تضيق صدورهم من ملاحظات وانتقادات البرلمان ووسائل الإعلام لأعمالهم، وأن يتواجدوا للرد على التساؤلات البرلمانية المثارة، ودحض الشائعات فور إطلاقها.

    وأما وسائل الإعلام فإنها مطالبة بعكس مشكلات وهموم المواطن، وإيصال صوته للجهات المعنية بالحكومة والبرلمان دون كلل، وأن تتحرك بحرية دون قيود تعوق حركتها، وأن تصبح منبرًا لإجهاض الشائعات بإظهار الحقيقة والمعلومة الصحيحة الموثقة، والحض على التمسك بفضيلة العمل والإنجاز.

    فإذا قام كل طرف من الأطراف السالفة بدوره بالكفاءة والاشتراطات المطلوبة، فسوف تنهار على أسوارها كل مساعي تغييب الوعي وإيقاف مسيرة التقدم والإنجاز، وسيهزم شر هزيمة من يحركون ويقودون الحرب الإعلامية العنيفة ضد وطننا.

  • مقال للكاتب “خالد سيد أحمد” بعنوان “مقاول إنقاذ!” 

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “خالد سيد أحمد” بعنوان “مقاول إنقاذ!” جاء على النحو الآتي :-

    يستطيع أى نظام سياسى فى العالم، وليس فى مصر فقط، أن يشعر براحة البال وينام قرير العين.. مطمئنا غير قلق من مقبل الأيام، حينما يعرف أن شخصية مثل محمد على، المقاول والممثل المغمور، هى من تتصدر المشهد ضده، وتعمل على تقديم ما يسميه مشروعا لتوحيد القوى الوطنية وطرح بديل له على الشعب.

    مبعث هذا الاطمئنان أن هذا الشخص لا يمكن أن يكون مؤهلا لجمع القوى الوطنية الحقيقية، التى تضع نصب أعينها المصلحة العليا للبلاد.. فتاريخه لا يسمح له بذلك، وإمكانياته وقدراته محدودة، وخبراته وتجاربه السياسية تكاد تكون معدومة، وإذا حدث وتمكن من تحقيق ذلك، فهذا يعنى أن هناك كارثة حقيقية وخللا واضحا فى التفكير والتحرك والتوجه لدى معارضى النظام، وتطبيقا عمليا حقيقيا لمقولة «هزل فى موضع الجد».

    ندرك تماما أن هذا المقاول، يتم استخدامه حاليا من قبل جماعة الإخوان، التى فقدت القدرة على الحشد والتأثير منذ زمن طويل، ولم تعد تحظى بمصداقية لدى أغلبية المواطنين، الذين يرونها عاملا معرقلا لأى مشروع وطنى تجمع عليه الأمة، لاسيما وأنها كانت السبب الرئيسى، وراء فشل الفرصة الوحيدة التى لاحت فى تاريخ مصر، لإحداث عملية تحول ديمقراطى حقيقى فى البلاد، بعد ثورة ٢٥ يناير 2011.

    هذه الجماعة ترى فى محمد على أداة جديدة أو «كارت» غير محروق، لإحداث صداع للسلطة فى مصر، وبدأت تضع على لسانه ــ كما ظهر خلال مؤتمره الصحفى الذى عقده فى لندن الأسبوع الماضى ــ مفردات ومقولات وأطروحات ظلت ترددها منذ 2013، ولم تفلح فى تنفيذها على الأرض ولو لمرة واحدة، خصوصا ما يتعلق ببناء جبهة وطنية معارضة للنظام الحالى، بعدما لفظتها جميع القوى السياسية التى تأكد لها عدم مصداقيتها ورغبتها فى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وهو ما يرفضه أغلبية الشعب.

    إذن محمد على ليس سوى «مقاول إنقاذ» للجماعة من عثراتها الكثيرة، ووسيلة للضغط على السلطة من أجل تخفيف الضغوط التى تمارسها عليها، والحصول على بعض المكاسب التى تعيد لها بعض ما فقدت منذ أن ثار عليها الشعب فى 2013.

    فى المقابل، فإن هذا الانتشار الواسع للمقاول والممثل المغمور على منصات التواصل الاجتماعى، ليس سوى تعبير عن غياب السياسة فى مصر، وهى الحالة التى تعمقت كثيرا منذ ثورة 30 يونيو، نتيجة التضييق المتواصل على القوى السياسية الوطنية، وغلق المجال العام، وتدجين الإعلام وجعله يتحدث بلغة ومفردات واحدة، وتطويق المجتمع المدنى ومحاصرة قواه الحية.

    هذا الغياب للسياسة، دائما ما يفرز ظواهر غير طبيعية، مثل ظاهرة المقاول والممثل المغمور، التى يصعب ضبط حركاتها أو التنبؤ بخطواتها، الأمر الذى ينعكس بالسلب على استقرار الأوضاع فى البلاد، مثلما حدث بشكل مفاجئ فى أحداث 20 سبتمبر الماضى.

    حضور السياسة إلى المشهد، وفتح المجال العام، ليس ترفا أو رفاهية لا تحتاجها البلاد، لكنها ضرورة من ضرورات الاستقرار، وتحصين للمجتمع من الهزات العنيفة التى يمكن أن تحرق الأخضر واليابس من دون سابق إنذار، وبالتالى يكون الثمن الذى يتوجب على الجميع دفعه باهظا للغاية، والتداعيات السلبية الكثيرة التى تنتج عن ذلك يصعب معالجتها فى وقت قصير.

    أغلب الظن أن ظاهرة المقاول والممثل المغمور، لن تستمر طويلا على السطح، بل ستختفى كما اختفت من قبلها ظواهر كثيرة، لكن هذا لا يعنى أن ظواهر أخرى مشابهة لن تظهر فى المستقبل، بل على العكس ستحدث، وربما بشكل أشد تطرفا وعنفا وشذوذا، طالما استمر غياب السياسة فى مصر، وحضر النهج الأمنى فقط فى التعامل مع المشكلات والتحديات التى تواجهنا وهى لا تحصى ولا تعد.

  • فيديو «التنمر» وتحرك الداخلية.. «السوشيال ميديا» خير وشر ونميمة..مقال لـ ” أكرم القصاص “

    من متابعة الأحداث والتفاصيل والقضايا التى تسيطر على عقول التواصل الاجتماعى، تظل هناك تساؤلات عن السبب الذى يجعل موضوعا ما «تريند» بينما يلقى بآخر إلى خارج الاهتمام مهما كانت أهميته. يبدى البعض دهشة من أن تفرض قضية خلع فنانة للحجاب أو الباروكة بكل هذا الاهتمام، وتفرض نفسها وتستهلك وقتا وجهدا ومساحات متسعة من الجدل. بينما هناك موضوعات أكثر أهمية لا تجد لها مكانا.

    طبعا القضايا الأكثر إثارة ونميمة تربح فى سباق الاهتمام. ومع هذا مواقع التواصل تظل عالما معقدا يبدو أحيانا عصيا على الفهم، وهو أمر لا يخصنا وحدنا لكنه موضوع عالمى. ومع هذا فإن فكرة التريند نفسها تتعلق بعوامل كثيرة، لكنها لا تمثل اهتماما عاما لدى كل المستخدمين. لكنها تفرض نفسها حتى على من لا يتابعونها يجدون أنفسهم مضطرين للتفاعل مع موضوع ليس لهم به دراية.

    ومع هذا فإن هناك جوانب متعددة لمواقع التواصل، وخلال يومين فقط كانت هناك قضيتان فى مواقع التواصل الاجتماعى، إحداهما ضمن «الضجة الفارغة» ومنها قضية خلع الفنانة للباروكة، أو ملابس فنان فى حفل، أو اسم لمطرب مجهول، بينما هناك حالات على الرغم من أنها لا تكون تريند إلا أنها تجذب الانتباه والتفاعل بما يؤدى لنتيجة. وهنا حالتان للنموذج الإيجابى.

    الأول هو قضية فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى عن شابين أو ثلاثة يسخران «ويبلطجان» على تلميذ أفريقى فى حدائق القبة، الشباب المتنمر يحاول انتزاع حقيبة التلميذ ويسخران من لونه ومنه بشكل إجرامى أصاب التلميذ برعب وضيق، وتدخل رجل كبير وعنف البلطجية وأوصل التلميذ لمدرسته.

    الفيديو انتشر على فيس بوك ومواقع التواصل، ووجد بعض التفاعل من المتابعين، وتم النشر فى مواقع إخبارية. وبالفعل تحركت وزارة الداخلية بسرعة وتعرفت على الشباب وألقت القبض عليهم وأحالتهم للنيابة. الفيديو أثار تعليقات مختلفة، وكالعادة علق البعض باتهام عام للمجتمع أنه عنصرى، بينما نفس المجتمع الافتراضى هم من تضامنوا مع التلميذ وطالبوا بمحاسبة البلطجية المتنمرين. وبالفعل فإن من تصدى للبلطجية مواطن مصرى، ومن تحركوا وأعادوا نشر الفيديو وطالبوا بمحاسبة البلطجية مواطنون على مواقع التواصل، بل إن مئات دخلوا إلى صفحة المتهم وانهالوا عليه بالهجوم.

    قضية التنمر بالأفارقة اللاجئين فى مصر بالفعل تحتاج إلى وقفة. صحيح أن الأغلبية فى المجتمع طبيعيون ويتعاملون باحترام مع بعضهم وغيرهم لكن لا يمنع أن هناك حالات للتنمر باللاجئين الأفارقة فى وسائل المواصلات والشوارع، وبعضها لا يمكن إثباته لعدم وجود كاميرات.

    وهنا نعود إلى الموضوع المهم المتعلق بضرورة التوسع فى نشر كاميرات المراقبة فى الشوارع والمناطق المختلفة، تساهم فى مراقبة وخدمة الأمن عموما، ونحن أمام تطور فى هذا الإطار لكنه يظل مجرد اجتهادات فردية تتطلب أن تكون أمرا عاما.

    مع الأخذ فى الاعتبار أن أجهزة الأمن أصبحت تتحرك بسرعة فى بعض الحالات التى يتم نشرها على مواقع التواصل، وهو أمر مهم فضلا عن امتلاك قدرات تقنية تسهل التعرف على المتهمين ومتابعتهم فيما يتعلق بالجرائم العادية أو الإلكترونية.

    وفى نفس السياق هناك قصة المطرب وزوجته اللذين تركا طفليهما على سلم المنزل فى طنطا، وبعد النشر فى المواقع والصحف ومواقع التواصل، وبلاغ الجارة لقسم طنطا، تم التحرك وإنقاذ الطفلين وإيداعهما دار رعاية واستدعاء الأب والأم المتهمين بالإهمال.

    كانت هذه وغيرها حالات تقوم فيها أدوات التواصل الاجتماعى، مع حملات خيرية أو جمع تبرعات أو علاج، خاصة الحملات التى تتم بشكل علنى وأسماء الناس فيها معلنة، وطبعا لا يخلو الأمر من حالات يتم فيها اللعب على عواطف المواطنين لحملات كاذبة، وهو أمر طبيعى.

    لكن النتيجة من حادث التنمر أو الأب والأم المجرمين، فقد لعبت مواقع التواصل دورا مهما فى نشر الحدث ومتابعته، كما أن أجهزة الأمن أصبحت تتابع وتتحرك فيما يتعلق بأدوات التواصل، وهى أمور إيجابية تجعل من المواقع أدوات يمكن أن تكون مجالا للخير أو الشر أو النميمة.

  • مقال للكاتب ” عماد الدين حسين” بعنوان “كيف وصلنا إلى إعلان المبادئ؟!”

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين” بعنوان “كيف وصلنا إلى إعلان المبادئ؟!” جاء على النحو الآتي :-
    صباح يوم الإثنين الماضى، وعقب نشر مقالى بعنوان: «هل أخطأنا بتوقيع اتفاق المبادئ؟»، تلقيت اتصالا من مسئول مصرى شغل منصبا رفيعا فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك. المسئول ما يزال يتابع عن قرب ما يجرى فى العديد من الملفات، المصرية والعربية خصوصا مياه النيل.
    الرجل لفت نظرى إلى أنه ليس صحيحا أن إثيوبيا لم تعترف بالحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل. هو طالبنى بالعودة إلى مذكرات السفير أحمد أبوالغيط عندما كان وزيرا للخارحية والتى حملت اسم «شهادتى».
    عدت لهذه المذكرات وبالتحديد لصفحة ٢٦٨ وفيها ان ميليس زيناوى رئيس وزراء إثويبا الاسبق، حينما زار مصر فى اول يوليو عام ١٩٩٣، قد أقر بهذه الحقوق، ووقع على اتفاقية اطارية، تتضمن التعاون المشترك وتعهد فيها بعدم الاضرار بمصر مائيا، لكنه تراجع عن ذلك بعد عامين فقط، وعندما سأله البعض عن السبب، قال إنهم وقعوا الإعلان فى لحظة ضعف داخلية، وان مصلحتهم فرضت عليهم التوقيع على ما لا يقتنعون به»!!
    فى هذه الصفحة من المذكرات يعلق ابوالغيط على هذا التراجع بقوله: «ان اجابة الاثيوبيين تعكس انتهازية تستثير الخشية وتفرض الحذر مع مثل هؤلاء الشركاء خاصة وهم يتحدثون عن بناء سدود عملاقة للاحتفاظ بمئات المليارات من الامتار المكعبة من المياه».
    المسئول السابق يعتقد أن هذا السلوك الإثيوبى لم يتغير، فهم ربما يشعرون بفائض قوة، أى أن لديهم العديد من أوراق الضغط. وفى هذه النقطة لا أختلف إطلاقا معه، لأن ذلك هو جوهر ما كتبته فى المقال، حينما أكدت أن الأمر أولا وأخيرا، هو ماذا نملك من أوراق القوة، وليس فقط ما هو مكتوب فى إعلانات المبادئ والاتفاقيات والمعاهدات.
    فى تقدير المسئول أن نقطة التحول الأساسية فى السلوك الإثيوبى العدائى تجاه مصر، لم تكن تقصير نظام حسنى مبارك، بل «الخطأ الكارثى الذى ارتكبه مجموعة من الناشطين المصريين الذين زاروا أديس أبابا عقب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ بشهور».
    هو يقول: «هم ذهبوا إلى هناك وقالوا للإثيوبيين: نحن آسفون على ما حدث معكم طوال السنوات الماضية، لقد أخطأنا فى حقكم. وسامحونا، لقد أزلنا هذه الطغمة الفاسدة، وجئنا إليكم بطبق من الحلويات تعبيرا عن اعتذارنا».
    ظنى انه وبالنظر إلى تاريخ الازمة، والى الظروف الحالية والمماطلة التى تتصرف بها الحكومة الإثيوبية، فإن ما فعله الناشطون المصريون كان عاطفيا وبحسن نية، وفى المحصلة الاساسية كان خاطئا، لكن من الظلم الجزم بأن هذه الزيارة هى السبب الأساسى، فى ضعف موقفنا. تقديرى أننا بدأنا نفقد العديد من أوراق الضغط مع إثيوبيا بصورة تدريجية، بعد أن بدأ مبارك يهمل إفريقيا إلى حد كبير عقب محاولة اغتياله فى أديس أبابا صيف عام ١٩٩٥.
    إثيوبيا كشفت لأول مرة عن السد خلال ثورة يناير 2011، والإعلان الرسمى كان فى إبريل من نفس العام، وليس بعد زيارة الناشطين. لكن المؤكد أن إثيوبيا استغلت الانشغال المصرى بالثورة للسير فى خطط بناء السد.
    يقول المسئول أيضا «يجب النظر والتأمل فى الظروف التى دفعتنا للتوقيع على إعلان المبادئ عام ٢٠١٥ وقتها، حيث كانت ظروفنا ما تزال صعبة جدا، بل كانت هناك مشكلة كبرى اسمها «تيران وصنافير». ولم نكن نريد أن نضم خصوما إضافيين، وقوى كثيرة فى الغرب كانت متنمرة ضدنا بطرق مختلفة، منها تشجيع الإرهابيين، على إقامة نقطة ارتكاز ثابتة فى سيناء يرفعون عليها علمهم الأسود»!
    هذا المسئول يقول أيضا: عام ٢٠١٥ لم يكن أمامنا إلا حسن النوايا، لكن كان يفترض أيضا أن نسأل أنفسنا وقتها: «احنا رايحين فين؟» وإلى ماذا سيقودنا هذا الإعلان فى ظل إدراكنا لحقيقة الموقف والتصرف والسلوك الإثيوبى ضدنا؟»! كان يفترض أنه يتضمن الإعلان أى إشارة لحقوقنا التاريخية، وأى تعهد من إثيوبيا بالحد الأدنى من حقوقنا، فى ورقة عليها توقيع أديس أبابا».
    مرة أخرى أتفق مع هذا المسئول البارز، فى أن المسألة أولا وأخيرا هى أوراق القوة. لكن أختلف تماما فى أن المشاكل كلها بدأت بعد ٢٠١١. تقديرى انها حصيلة تراكم اسباب متعددة، على مدار سنوات.
    البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، وعلينا أن نتلافى كل الأخطاء التى وقعنا فيها، وأن نعيد بناء موقف مصرى قوى مدعوم شعبيا، وأن نؤمن أنها قضية كل المصريين بل هى قضية الأجيال القادمة.
    وسأحاول ان اعود لاحقا إلى الفصل السادس من مذكرات السفير احمد ابوالغيط، لانها تنير لنا الطريق، وتفسر لنا كيف وصلنا إلى «اعلان المبادئ، بل ولماذا تعقدت علاقاتنا مع دول حوض النيل، بالصورة الراهنة.

  • مقال للكاتب محمد أمين بعنوان ( كانت مكيدة سياسية! )

    عرفنا المظاهرات فى العالم ضد الحكومات والرؤساء، لكننا لم نعرف مظاهرات تخرج لتؤيد الرئيس، بعد الإعلان عن إطلاق سراحه فى قضية رشوة.. معناه أن الشعب يعرف أن السجن كان لأسباب سياسية، ويعرف أنها كانت «مكيدة» هدفها إزاحة الرئيس.. هذا هو «لولا داسيلفا»، الذى أحيا الأمل فى نفوس البرازيليين، فخرجوا «يردون له الجميل» ويهتفون من أجله!.

    وقد قرأت، أمس، تقريرًا لوكالة أنباء الشرق الأوسط، عن قرار القضاء البرازيلى بضرورة الإفراج عن الرئيس السابق «داسيلفا».. وطالبت المحكمة الشرطة الفيدرالية بالامتثال «على وجه السرعة» للقرار الصادر بالإفراج عنه.. وبالمناسبة فقد نقل «داسيلفا» دولة البرازيل من تحت الصفر، لتصبح لديها 200 مليار دولار من النقد الأجنبى، ولم «يشفع» له ذلك إطلاقًا!.

    وللعلم، فقد قضى «داسيلفا» مدته الرئاسية طبقًا للدستور، ومضى.. لا غيّر الدستور، ولا خرجت من أجله مظاهرات تطالب ببقائه فى الحكم.. إنما كان الشعب يعرف أن التهم الموجهة إليه تهم سياسية لا جنائية.. وكان الهدف منها إزاحته من أى سباق رئاسى.. والآن يخرج بعد تخفيف العقوبة، والأمر الصادر بإطلاق سراحه.. فهل يخوض السباق الرئاسى القادم؟!.

    والسؤال: هل هذه العقوبة تمنعه من استيفاء أوراق الترشح لأى انتخابات رئاسية قادمة؟.. معلوم قطعًا أن قضية الرشوة من القضايا التى تمس الشرف والنزاهة.. اللهم إلا إذا اتخذ إجراءات قانونية لإسقاط العقوبة.. وفى كل الأحوال فإن «داسيلفا» مشروع رئيس «محتمل» تسلم البرازيل خرابة، وأعاد إليها هيبتها، ووضعها على خريطة الاقتصاد العالمى دون أدنى شك!.

    وبالتأكيد هناك فرق بين القضايا السياسية والقضايا الجنائية.. قضية داسيلفا كانت فى ظاهرها قضية جنائية، ولكنها سياسية بالدرجة الأولى.. وفى كل سجون العالم سوف تجد هذه القضايا.. وسوف تجد معتقلين توجه إليهم قضايا جنائية، والرأى العام يعرف أنها قضايا سياسية طبعًا.. ثم يتم الإفراج عنهم، فلا تعرف كيف تم التصرف فى الاتهامات التى تسد عين الشمس!.

    كتبتُ عن «داسيلفا» بعد ثورة 25 يناير.. وكان ذلك قبل أول انتخابات رئاسية فى 2012.. وقلت يومها نريد رجلًا يشبه داسيلفا.. فليس شرطًا أن يكون فريقًا أو طبيبًا أو عالِم ذرة.. نريده رجلًا يحب مصر فقط.. وضربت به المثل.. فقد نقل بلاده من الحضيض فعلًا.. وفاز مرسى للأسف، فضيّع هيبة الدولة المصرية.. وعزلته ثورة 30 يونيو.. واستردت مصر كرامتها!.

    وأخيراً، أتساءل من جديد: هل يعود «داسيلفا» للأضواء مرة أخرى؟.. هل يستعد للترشح لانتخابات الرئاسة القادمة مثلًا؟.. هل تمنعه تهمة الرشوة، باعتبارها تهمة تمس السمعة والشرف والنزاهة؟.. أم سينجح فى إسقاط هذه التهمة بالقانون؟.. لا أدرى.. ومَن قال لا أدرى فقد أفتى!.

  • مقال للكاتب ” مجدي رزق ” بعنوان ( طابور سيناء )

    صورة طابور الراغبين فى الحصول على كراسة مشروع التملك فى سيناء، صورة بألف كلمة، أخيرًا طابور الخير يصطف رجالًا لتعمير سيناء، صورة كالحلم، طابور جد مختلف، ولّفنا على الطوابير الاستهلاكية، أخيرًا طابور مُحبَّب مهضوم يؤشر على أمل يبزغ فى أرض الكليم موسى «عليه السلام».

    كل هذا الألق، الذى يشع بالأمل، هذا أجمل طابور شاهدته فى حياتى، شباب من الدلتا والصعيد ومن خط القنال ينافسون شباب سيناء فى زراعة الأرض بالبشر، إذا زُرعت سيناء بالبشر فاستبشر خيرًا.

    وفى ذلك فليتنافس المتنافسون، شروط التملُّك بسيطة وميسورة، والأرض براح، والمتاح فى 18 تجمعًا سكانيًا «11 شمالًا و7 جنوبًا» يكفى ويزيد، المشروع يتسع لعدد 1187 أسرة، ستتملّك منزلًا وعشرة أفدنة، هذا المشروع القومى مكتوب فى صحيفة حسنات الرئيس السيسى، الذى يرى سيناء بعين مِلْؤها الأمل فى غدٍ أفضل، القوات المسلحة العظيمة حرّرت سيناء من ربقة الإرهاب، لتزرعها بالمصريين، والخير كل الخير على قدوم الواردين.

    إعلان التمليك الذى صدر من محافظتى شمال وجنوب سيناء فى آن، يشى بإرادة سياسية متحققة تمحق باطلًا يقول به المرجفون، سيناء للمصريين من رفح حتى شرم إلى خط القنال، مصر تعمر الأرض، التى رُويت بدماء أعظم الجنود، وأرجو أن تكون هناك أولوية عند إجراء القرعة الأولى لعائلات الشهداء، هؤلاء أَوْلَى بأرض سيناء، يتملّكون أرضًا رُويت بدم الشهيد، أبى استُشهد هنا.

    وأولوية لشباب سيناء الذين قاسوا وعانوا وصبروا ووقفوا سدًا منيعًا فى وجه الاحتلال، ومن بعده الإرهاب، لا هانوا ولا استكانوا ولا لانت عريكتهم، وكانوا ولا يزالون فى ظهر خير أجناد الأرض، وبرز منهم مناضلون، وارتقى منهم شهداء، وذاقوا لبان الصبر مرًا علقمًا، مستوجب أن يذوقوا طعم الأمل فى أرض الأمل.

    لله درّ العاملين على هذا المشروع القومى العظيم، ودعوات من القلب أن يطرح فى هذا المشروع البركة، وأن ينبت أشجارًا ظليلة وارفة تظلِّل على أهلنا وتحميهم من غوائل الصحراء، القوات المسلحة وقائدها الأعلى يحملون لأهل سيناء كل الخير، رغم دعاوى القوم والغلواء.

    يتحدث عقور فى اسطنبول عن البشر قبل الحجر، فى فصل تعسفى متعمد سياسيًا لإجهاض التجربة المصرية الواعدة فى تعمير الوطن، هذا مشروع يجمع بين الحجر الذى ستُبنى منه المنازل، والبشر الذى سيسكن فى مزارع جماعية، وتجمعات سكنية زراعية ورعوية، ستبذر الأرض المباركة بحبوب اللقاح تنبت أشجارًا باسقة تستصحب أشعة الفجر، تنظمها عقدًا من جواهر تتلألأ فى أرض الرسالات.

    هذا مشروع يجاوز فى أهميته كل مشروعات التنمية الكثيفة فى أرجاء المحروسة، وعليه فليزودنا المؤتمنون على هذا المشروع بالمعلومات والتفاصيل والمستقبل المرسوم فى عيون شباب فى طابور الأمل، يتشوقون لتعمير الحبيبة سيناء، فرّحوا الشعب بعيدًا عن كراسة الشروط الجافة أملًا مجسدًا على الأرض الطيبة.

  • مقال لأستاذ طب الأطفال ” هنا أبوالغار ” بعنوان “احذروا فأنتم تحترقون”

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال لأستاذ طب الأطفال ” هنا أبوالغار ” بعنوان “احذروا فأنتم تحترقون” جاء على النحو الآتي :-
    إحساس بأنك مسجون فى تفاصيل يومية، بأن يومك كله ملك لروتين أصبح مع الوقت يسيطر على حياتك. تصحو من النوم بدون نشاط وكأنك لم تنم، تقضى اليوم كله تنتظر انتهاءه، تبحث عن شعلة الشغف والطاقة التى كانت تملؤك فى الماضى فلا تجدها، استُبدلت بإنهاك جسدى وألم فى كل عضلاتك، الصداع زائر متكرر وعنيد، والأكل أصبح ساحة معركة فأنت تأكل بسرعة وعنف وكأنك تنتقم أو تتفاداه وكأن بينكما عداوة. وطبعا لا ننسى الانفلونزا التى كلما شفيت منها تستغل فرصة انخفاض مناعتك فتعود لتسكن الجسد.
    جسدك لا يشكو وحده، فنفسك أيضا غير راضية، إحساسك بعدم التحقيق أو الفشل فى المهنة أو حياتك الاجتماعية كزوج أو أب أو صديق أو حتى كإنسان كان يحس أن له قدرة على تغيير محيطه يملؤك، تقاوم هذه الأحاسيس بهدف واحد وهو أن تستيقظ غدا لتبدأ يوما آخر فى نفس سجن التفاصيل والروتين والواجبات، نفس الساقية التى تدور فلا تصل إلى مكان به راحة أو رضا. الهزيمة تبدأ فى التسرب إلى وجدانك وتستبدل العزيمة التى توقظك كل يوم نشيطا، بعدم اكتراث وانفصال عن ما كان يوما عالمك لكنه لم يعد سوى «تدبيسة»، وتدرك أن لديك التزامات مادية وأخلاقية نحو عملك وإن تغيير حياتك صعب بل قد يبدو مستحيلا، يملؤك التشاؤم من غد أفضل وتدريجيا تبدأ أن تنفصل عن العالم، فتتفادى أن تفتح لنفسك نوافذ جديدة بعملك كان من الممكن أن تنمو من خلالها إنسانيا ومهنيا، تعتذر عن أى أنشطة اجتماعية أو تفاعل مع أحبة فطاقتك فى العطاء قليلة وهو ما يزيد من إحساسك بالفشل كإنسان. ترى كل شىء بنظارة متشائمة وسلبية وتتحول من شخص يرى الجمال فى الأمكنة والبشر بدلا من التركيز على القبح إلى شخص غاضب غير راضٍ عن حاضره ولا متفائل بتغييره فى المستقبل.
    شخصيتك المهنية تتحول من شخص مجتهد طموح جدير بالمسئولية إلى شخص يتنصل من كل ما كان يقوم به سابقا فى عمله وأحيانا يمتد هذا إلى حياته الاجتماعية أيضا، كل شىء مؤجل «هاخلص التقرير بكرة»، «هازور ماما بكرة»، «هكلم صديقى بكرة». وياحبذا لو ظهر أو اختلق عذرا لعدم الذهاب للعمل أصلا، أو إلقاء جزء منه على الآخرين بشكل متكرر وبمبررات واهية. يصاحب هذا تراكم كم كبير من المشاعر السلبية بداخلك تجعلك شخصا عصبيا، وتخرج مشاعرك فى صورة نوبات غضب وانفعال لا تتماشى مع شخصيتك السابقة.
    ***
    فى ٢٠١٩ أدرجت منظمة الصحة العالمية «الاحتراق ــ Burnout» كإحدى اصابات العمل التى تستلزم إجازة براتب وعلاج على نفقة العمل. وهى أعراض تم ملاحظتها ووصفها علميا فى بداية الألفية الحالية.
    كلنا نتعرض لفترات ضغط زائد بالعمل (Stress) وهو أمر طبيعى من آن لآخر فى أى مهنة (مشروع جديد، مؤتمر يتم التحضير له، شهادة جودة نود أن تحصل عليها الشركة، المنافسة على الترقى لوظيفة أعلى.. إلخ) وهو مفيد إذا كان وقتى وتكراره متباعدا، فهو يحفزنا ويشجعنا على رفع كفاءتنا وعطائنا المهنى ويعطينا جرعة حماس لأن التحدى يصاحبه شعور بالتنافس مع النفس والغير وفرصة للاستمتاع بطعم النجاح، كما أن هذا الضغط يجعلنا نختبر قدراتنا الذهنية والإبداعية ونأخذها إلى أقصى نقطة. أهم فارق بين «الضغط المقبول» و«الاحتراق» هو طول مدته، فالضغط المقبول فى ظروف العمل أو داخل الأسرة يكون وقتيا وحتى إذا كان يتكرر مع ظهور مشروعات أو أهداف مهنية جديدة فهو غير دائم وله نقطة نهاية. أما الاحتراق فهو مصاحب لوضع داخل مكان العمل أو فى المنزل يتطلب جهدا وعطاءً مستمرين ولا ينتهى ولا يصاحبه شغف ولا حماس ولا تقدير يجعله يستحق أن يخطف منا سنوات العمر، هو استثمار فى مهام عادة ما تكون روتينية ومتكررة قليلة الإبداع ولن تتغير، وجو اجتماعى داخل مكان العمل جاف وبارد، ولذلك يولد رد فعل سلبى أغلبه لا مبالاة وعدم اكتراث وإحساس بقلة الحيلة. وإذا كان «الضغط» مع تكراره قد يولد عند الشخص مرض «التوتر anxiety» فالاحتراق يقترن أكثر بمرض «الاكتئاب depression».
    الاحتراق لا يرتبط بالضرورة بالعمل المهنى، فهو يحدث فى أى ظرف فيه عمل شاق قليل التقدير، فالموظف الذى لا يحصل على إجازات ولا علاوات ومكان عمله ليس به تقدير لجهده مثله مثل الأم التى تعمل داخل بيتها لخدمة أبنائها وزوجها وقد تكون بالإضافة تخدم شخصا كبيرا فى السن فى محيط الأسرة، هذه الوظيفة ليس لها مواعيد ولا إجازات ولا مرتب ولا تقدير ملموس وليس بها تأمين حقيقى لمستقبلها حين تكبر فى السن ولا تستطيع مواصلة هذا العطاء، بالإضافة إلى أنها محرومة من الترقى والأمل فى اكتساب خبرات جديدة أو الانتقال لعمل مختلف ومتجدد وبالتالى فالزوجات فى مجتمعاتنا من أكثر الفئات التى تصاب بالاحتراق.
    ***
    مع دخولنا عصر التكنولوجيا زاد الإصابة بالاحتراق بشكل مبالغ فيه حيث إن عملنا والتزاماتنا وهمومنا لا تتركنا لحظة، فهى تخترق بيوتنا وحياتنا العائلية، أثناء الرياضة أو القراءة حتى ونحن نتعبد فإن مجرد معرفتنا بأن تليفوننا المحمول متاح لأى شخص ليرسل رسالة أو بريدا إلكترونيا فيسأل سؤال أو يطلب طلبا أو يعاتبنا على تقصير أو يضع علينا ضغطا مهنيا (أو اجتماعيا) من أى نوع وأننا فى لحظة معينة سنقرأ هذه الرسالة لا مفر، هذه الحقيقة اخترقت خصوصية الإنسان وسلبته أدق لحظات يومه التى يشحن فيها طاقته. وحتى لو قرر أن يتجاهل هذه الآلة فإن ثقافة العمل الحالية والمجتمع سيجعله يدفع ثمنا غاليا من فرصة فى النجاح لأنه لم يكن متاحا وقت أن كان مطلوبا أن يتم الوصول إليه حتى إذا كان ذلك خارج أوقات العمل وفى الإجازات والنتيجة أنه لا ساعات راحة ولا وقت فراغ ولا حرية فى التخطيط لأنشطة خارج إطار الوظيفة.
    نسمع كل يوم عن شباب غير مهنته بحثا عن السعادة، شباب قرر أن يترك أسرته والقاهرة ويبدأ حياته فى مكان آخر داخل أو خارج مصر بعيدا عن مدينتنا وحياتنا العصرية التى أصبحت تثقل الروح والجسد، نسمع عن جيل وسط ناجح جدا لكنه يختار مسارا جديدا لحياته فيترك موقعه المتميز فى مهنته لشخص آخر يديره، أو يبيع مشروعه الناجح ويقلل من حجم عمله. فى أعيننا تبدو قرارات غريبة وصادمة وأحيانا نراها خاطئة، ولا نفكر للحظة فى مراجعة مدى رضانا عن جودة حياتنا وهل فعلا ننعم بالسعادة والراحة ونستمتع بالحياة؟ هل نقضى وقتا كافيا فى الطبيعة، هل نذوق متعة العمل العام والعطاء للغير؟ هل نقضى وقتا كافيا مع أحبائنا لنشحن الذاكرة بلحظات أغلى من أغلى خاتم أو موبايل؟ هل عندما نطمئن على قدرتنا المادية لتوفير كل ما يحلم به أبناؤنا من «حياة عصرية» هل سنكون أعطيناهم أهم شىء وهو وقتنا واهتمامنا وقيمنا؟. نحن نرث ممن سبقونا الكثير، حتى مقاييس النجاح وسبل السعادة والأحلام نفسها إرث، لكننا للأسف لم نرث نفس ظروف الحياة، فما تبقى من الزمن الذى ورثنا منه مقاييس النجاح هذه يكاد يكون لا شىء، وأصبح مطلوبا أن نعيد قراءة ظروفنا لنرسم أحلاما جديدة أكثر تناسبا مع واقعنا حتى لو كانت هذه الأحلام تنحصر فى لحظات رضا وراحة واستمتاع بأحبائنا على حساب «المنصب» و«الترقى» و«الحساب فى البنك» و إلا فسنموت «محترقين» بحثا عن سراب.

  • مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان “الحد الفاصل بين الصحافة والبروباجندا”

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان “الحد الفاصل بين الصحافة والبروباجندا” جاء على النحو الآتي :-
    ذلك كان عنوان الجلسة الختامية لمنتدى إعلام مصر فى يومه الثانى والأخير عصر الإثنين الماضى.
    كنت متحدثا فى هذه الجلسة، بجانب الصديقين ضياء رشوان نقيب الصحفيين ورئيس هيئة الاستعلامات والكاتب الصحفى جمال فهمى.
    عنوان الجلسة مغرى ومقلق، خصوصا ان غالبية جمهور القاعة بدا متحفزا، ويريد عناوين وشعارات ساخنة، كما أن أسئلة مديرة الجلسة الإعلامية نوران سلام من البى بى سى، كانت سريعة، واكثر سخونة.
    لم أعد من المغرمين بالحصول على تصفيق الجماهير، وبت أعتقد أن بعض هذا التصفيق قد يرضى جمهور الترسو أحيانا، لكنه لا يحل أى مشكلة، بل يزيدها تفاقما. وانطلاقا من هذا المبدأ، وحينما حل دورى فى الكلام وردا على أسئلة نوران سلام قلت بوضوح: لو كنتم تسألون هل هناك تضييق على الإعلام فالإجابة هى نعم قولا واحدا، والإعلام يمر بواحدة من أسوأ فتراته.. لكن ليس ذلك هو السبب الوحيد فى المشكلة.
    صار عندى اعتقاد ايضا أن جزءا من الجمهور يريد كلاما سهلا وبسيطا وإنشائيا، حتى يريح نفسه، على طريقة الخناقات بين جماهير الكرة المتعصبة.
    غالبية الحاضرين فى القاعة لا يحبون هذه النوعية من الكلام، لانهم يريدون شعارات فى اتجاه واحد، وحينما وجهوا السؤال عن حرية الصحافة للنقيب ضياء رشوان لم يتهرب وقال لهم بشجاعة أكثر من مرة، وبأكثر من طريقة، إن هناك مشكلة كبيرة، وعلينا أن نتكاتف جميعا للتغلب عليها.
    قلت فى هذه الجلسة، التى حضرها أصدقاء وزملاء اعتز بهم كثيرا، إن الإعلام المصرى يعانى من أربع مشكلات كبرى. الأولى هى تراجع مستوى الحريات، والثانية الارتفاع المتوالى فى أسعار مستلزمات الإعلام خصوصا ورق الصحف. والثالثة التراجع الكبير فى حصيلة الإعلانات.
    والرابعة هى التراجع المخيف فى المستوى المهنى للعديد من الإعلاميين، علما بأن الصحفى المتمكن من أدواته قادر على إيصال رسالته إلى حد كبير، مقارنة بغير المؤهل.
    قلت للحاضرين أيضا إن أسهل شىء أن تلقى بالمشكلة فقط على الحكومة وغياب الحريات، وهو اتهام حقيقى لكنه ليس الوحيد.. صحيح التضييق الحكومى مشكلة كبرى واساسية، ويؤدى لتحويل الصحف والفضائيات إلى نسخة واحدة، لكن صار لدينا مشكلة وجودية خطيرة هى أن ارتفاع تكاليف الصناعة وقلة الإعلانات جعلت غالبية وسائل الإعلام تقوم بعمليات تقشف متوالية، أدى بعضها إلى إنهاء خدمات مئات وربما آلاف الصحفيين والإعلاميين، بل إن فضائيات بكاملها أغلقت أبوابها بسبب هذا التقشف. هل هناك علاقة بين نقص الحريات و المشكلة الاقتصادية؟!. لا أعلم وإن كنت أعتقد أن شيوع الحريات وتنوع المحتوى وجاذبيته، يمكن أن يحدث انفراجة حقيقية، ويؤدى إلى استعادة الإعلام المصرى لدوره الريادى على مستوى المنطقة، بدلا من توجه الجمهور إلى منصات خارجية بعضها معادٍ وبعضها مضلل وبعضها جاهل.
    ولا يمكن أن نلوم هذه المنصات فقط قبل أن نلوم أنفسنا، لأننا حينما تراجع مستوى إعلامنا، فقد أعطينا فرصة للخارج بأن يجذب جانبا كبيرا من الجمهور.
    ما قلته على منصة «منتدى إعلام مصر» أكرره منذ سنوات فى هذا المكان، وقلته أيضا فى عشرات الفضائيات، وبعضها مملوك للدولة. وبالتالى فما أتمناه من بعض الزملاء الصحفيين والإعلاميين، وبعد أن ينتقدوا الحكومة كما يشاءون، أن ينظروا أيضا لبقية الصورة.
    الصورة الكاملة تقول إن التوازن العام فى المجتمع هو الذى يقود لحرية الإعلام، وأن الحرية والمهنية وكل ما هو مثالى لا يهبط فجأة من السماء، لمجرد أننا نتمنى ذلك، بل هو يحدث نتيجة وعى عام وتطور سياسى واجتماعى واقتصادى، ونضال سلمى طويل، وقبل ذلك وبعده وجود كوادر مهنية مدربة تدرك الواقع ليس فقط الموجود فى مصر، ولكن فى المنطقة والعالم.
    أما إذا كان جمهور الترسو يريد التصفيق والحصول على اللقطة فقط، ولا يشغل نفسه ببقية الموضوع، فسوف نستمر فى هذا التحليق فى الفراغ لفترة طويلة، خصوصا أن هناك قطاعات، مؤثرة فى المجتمع المصرى لا تحب الصحفيين ولا تود أن يحصلوا على حقوقهم وبعضهم يصدق بحسن نية أن «الصحفيين يريدون ان يكون على رأسهم ريشة»، اعتقادا أنهم يريدون الحصول على مكاسب شخصىة، وليس حريتهم فى العمل والكتابة والكلام كى يدافعوا عن كل المجتمع وقضاياه الحقيقية.

  • مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان “الصحافة الجيدة.. وماذا سنقول للأجيال الجديدة؟! “

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان “الصحافة الجيدة.. وماذا سنقول للأجيال الجديدة؟! ” جاء على النحو الآتي :-
    «الصحافة الجيدة.. المحتوى والممارسات ونماذج الأعمال» هذا كان عنوان «منتدى إعلام مصر». ويستحق من اختار هذا العنوان أن نوجه له التحية، بعد أن تعرضت مهنة الصحافة والإعلان لانهيارات متتالية، ليس فقط فى مصر، ولكن فى المنطقة العربية عموما.
    سعدت بحضور الجلسة الافتتاحية للمنتدى بدعوة كريمة من رئيسة النادى الإعلامى نهى النحاس، وسعدت أيضا بوجود نخبة من ألمع الصحفيين والإعلاميين المصريين، المهمومين بالمهنة وحاضرها ومستقبلها.
    عناوين الجلسات الرئيسية كانت متميزة من قبيل: «مناخ الصحافة الجيدة.. الشروط والتحديات القائمة» و«تقنيات إنتاج قصص صحفية باستخدام الموبايل» و«أدوات الصحفى الاستقصائى فى تعقب وتبييض الأموال» و«إعلام الخدمة العامة.. الملكية والقرار التحريرى» و«كيف تتحسن الصحافة بفضل الاستماع للجمهور والزملاء؟!»، و«أخلاقيات استخدام الأدوات فى الصحافة الاستقصائية» و«خريطة طريق صحفى الجودة ٢٠٢٠»، و«الإعلام الرياضى.. كيف يصل إلى مهنية تحاصر التعصب؟»، و«فى علاقة الإعلام بالسلطة.. الحد الفاصل بين الصحافة والبروباجندا السياسية».
    كانت هناك أيضا ورش عمل متنوعة حملت عناوين جذابة مثل: «طرق تبسيط المحتوى الاقتصادى وآليات وصوله للجمهور» و«تحديات وحلول السرد والقصص البصرى» و«الصحافة الجيدة فى العصر الرقمى ومحركات البحث» و«الضوابط القانونية لممارسة صحفية آمنة»، وكيف تخلق زاويتك الخاصة فى القصة الصحفية؟! وتحديات وفرص الاستثمار فى الكيانات الإعلامية الناشئة و«كيف تصنع تغطية جديدة فى الأحداث العاجلة؟».
    تلك هى العناوين، وقد سعدت فعلا بالاستماع إلى أساتذة محترفين فى هذه المهنة مثل عبدالله السناوى، الذى صك تعبير أن «الصحف المصرية ماشية بالبركة»، وياسر عبدالعزيز، الذى كان موفقا جدا فى تشريح المشهد الإعلامى من زاوية أكاديمية متخصصة، متصلة بالممارسة اليومية. وصار عبدالعزيز الأكثر تمكنا فى هذا الشأن ليس فى مصر فقط ولكن فى المنطقة العربية. هو طرح الأسئلة ووضع المحددات والقواعد، لكنه قال أكثر من مرة، لا أريد منكم إجابات، فليقم كل منكم بالإجابة عن بعض هذه الأسئلة بنفسه»!!، أما المستكاوى فأجاب بوضوح على سؤال: لماذا انتشر التعصب الكروى؟
    أتحدث فقط عن الانطباعات عن الجلسة الافتتاحية الأولى، والجلسة قبل الاخيرة، أما الجلسة الأخيرة التى شاركت فيها متحدثا فسوف أعود إليها لاحقا إن شاء الله.
    ولفت نظرى أن إعلاميا كبيرا، قال لى عقب نهاية الجلسة الأولى، إن هناك مشكلة فى معظم الندوات والمؤتمرات التى تتحدث عن الصحافة والإعلام وتتمثل فى أن الجميع يقدمون وصفا وتشخيصا للمشكلة منذ سنوات طويلة، ومعظمنا صار يعرف المشكلة وتوصيفها، بل وعلاجها.
    هو لفت نظرى أكثر إلى أن الصفوف الأخيرة فى القاعة الكبرى، التى احتضنت الجلسة الافتتاحية يجلس فيها طلاب كليات ومعاهد وأقسام الإعلام فى الجامعات المصرية المختلفة. وهؤلاء لا يحتاجون إلى إعادة سماع وتوصيف وتشخيص المشكلة، بل إلى من يقول لهم ماذا يفعلون من الآن وحتى تخرجهم، وماذا سيكون عليه الوضع حينما يتخرجون؟!
    للأمانة هى لفتة ذكية، لأن كثيرا منا لا يفكرون او ينشغلون كثيرا بهذا الجيل الجديد من خريجى الصحافة والإعلام. هم جيوش جرارة لأن هناك عشرات كليات ومعاهد وأقسام الإعلام فى غالبية الجامعات المصرية تقريبا تضخ الاف الخريجين سنويا. هم التحقوا بالكليات بأحلام عظيمة، أن يصير كل منهم نجما تليفزيونيا كبيرا أو محررا وكاتبا صحفيا أو مدونا، وفجأة بدأوا يسمعون أن المهنة تعانى من أمراض مزمنة إضافة إلى أمراض طارئة جديدة وخطيرة!!
    أتمنى أن تنشغل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام بمشكلة الأجيال الجديدة فى ظل المشاكل الصعبة التى تعانى منها المهنة. علينا أن نطرح أسئلة جادة ومهمة من الآن؟ ما هو التصور للإعلام المصرى خلال خمس أو عشر سنوات؟ وماذا تنوى الدولة أن تفعل بالإعلام القومى من تليفزيون وصحف؟ وهل تنوى إعادة هيكلة تتضمن تخفيضا جذريا فى الأعداد والميزانيات أم بصورة تدريجية؟، والسؤال الأهم هو ماذا تريد الدولة أصلا من الإعلام والصحافة، هل تريدها أداة للحشد والتعبئة فقط وبأى صورة، أم قوة ناعمة حقيقية، شرط تمتعها بهامش من الحرية والتنوع، وهل تدرك الدولة خطورة الضعف الشديد والهزال الذى يعانى منه الإعلام المصرى حاليا على قوة الدولة نفسها، مقابل منصات أجنبية كبيرة بعضها معادٍ وبعضها متربص وبعضها صديق يرى نفسه الأحق بقيادة المنطقة إعلاميا، بعد أن بدأ يديرها اقتصاديا؟!
    أخيرا نسأل: هل الصحافة الموجودة لدينا تستحق أن نطلق عليها جيدة، أم سيئة، أم بين بين؟!

  • مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان هل أخطأنا بتوقيع اتفاق المبادئ؟!

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان هل أخطأنا بتوقيع اتفاق المبادئ؟! جاء على النحو الآتي :-

    سألنى أحد الأصدقاء: ألا ترى أن إعلان المبادئ الذى وقعته مصر مع إثيوبيا والسودان فى عام ٢٠١٥، كان خطأ كبيرا لأنه أعطى أديس أبابا اعترافا مصريا واضحا بسد النهضة، فى حين أنه لم ينص صراحة على حق مصر فى حصتها التاريخية من مياه النيل؟!
    السؤال شرعى وموضوعى ويسأله كثيرون ليل نهار، ليسوا فقط من عموم الناس، ولكن بعض الخبراء والمختصين فى قضية مياه نهر النيل وأزمة سد النهضة الإثيوبى.
    طبعا الأوراق والمعاهدات والاتفاقيات مهمة جدا فى العلاقات الدولية، لكن علينا أن نفهم جيدا أن موازين القوى هى الأساس وعندما تتغير هذه الموازين لا يصبح لهذه الأوراق كثير قيمة، فإما أن تتغير برضا الأطراف الموقعة عليها، وإما بحكم الأمر الواقع. لكى يكون كلامى واضحا فإن إثيوبيا لم تعترف إطلاقا باتفاقية ١٩٢٩ التى أبرمتها بريطانيا دولة الاحتلال نيابة عن كل من أوغندا وتنزانيا وكينيا مع الحكومة المصرية، والتى تتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل وأن لها الحق فى الاعتراض فى حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر ورافده، وتراها مفروضة من المستعمر البريطانى.
    إثيوبيا أيضا لم تعترف باتفاقية ١٩٥٩ بين مصر والسودان المكملة لاتفاقية ١٩٢٩، حيث شملت الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة للبلدين، ورغبة مصر فى إنشاء السد العالى وخزان الروصيرص على النيل الأزرق وتحديد حصة البلدين من المياه بحيث تحصل مصر على ٥٥٫٥ مليار مكعب والسودان على ١٨٫٥ مليار متر. بل سحبت اعترافها باتفاقية ١٩٠٢ التى وقعتها بمحض إرادتها.
    إثيوبيا لم تعترف بالاتفاقيات لكن ــ وتلك هى القصة المهمة ــ ظلت ملتزمة بها حتى عام ٢٠١١ حينما أعلنت عن بناء سد النهضة فى فبراير ٢٠١١، ثم وضع حجر الأساس له فى إبريل من نفس العام.
    الذى جعل إثيوبيا تلتزم بهذه الاتفاقيات لم يكن قيمتها القانونية، بل حقائق القوة على الأرض، وظلت تتحين الفرصة لتمزيق هذه الأوراق حتى جاءت اللحظة المناسبة.
    نتذكر أيضا أن إثيوبيا لم تتملص من هذه الاتفاقيات بين يوم وليلة أو حينما وقعنا معها اتفاق المبادئ فى الخرطوم بل تم ذلك عبر تراكم وقائع وحقائق على الأرض.
    لمن نسى، فإن الأساس الفعلى لاتفاقية عنتيبىى التى نسفت اتفاقيتى ١٩٢٩ و١٩٥٩، تم خلال اجتماعات كثيرة لوزراء مياه ورى دول حوض النيل خصوصا فى شرم الشيخ والإسكندرية عام ٢٠٠٩ و٢٠١٠.
    وقتها كنا نكرر لمدة سنوات أن المشكلة مع إثيوبيا ودول حوض النيل قد تم حلها بنسبة ٩٩٪، وحينما وقعت الواقعة اكتشفنا أن المأساة تكمن فى الـ١٪! أى إلغاء حقنا فى حصتنا التاريخية، وإلغاء حقنا فى الاعتراض على المشروعات والسدود المائية على نهر النيل.
    إثيوبيا تخطط لهذه اللحظة منذ عشرات السنين، لم تجرؤ على التنفيذ إلا حينما تراجعت قوتنا، وضعفت أوراقنا.
    إعلان المبادئ فى مارس ٢٠١٥، تنقسم بشأنه آراء الخبراء، المؤيدون يقولون إنه بمثابة ورقة فى يد مصر تقول أن إثيوبيا لن تتسبب فى أى ضرر مائى لمصر وكذلك ضرورة الاتفاق على الخطوط الإرشادية لقواعد التشغيل السنوى للسد وتلتزم إثيوبيا بالتنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بالسد الواردة فى تقارير لجنة الخبراء الدولية.
    فى حين أن المعارضين يقولون إن كل ما ورد فى النص غير ملزم لإثيوبيا، فى حين أنها حصلت على اعتراف مصرى بحقها فى إنشاء السد.
    مرة أخرى إثيوبيا تحاول فرض أمر واقع، والقضية الجوهرية ليست اتفاق إعلان المبادئ، بل فى حجم وقيمة وأهمية الأوراق الشاملة التى نمتلكها، وتجعل إثيوبيا ــ أو غيرها ــ تفكر تريليون مرة قبل أن تحاول إحداث ضرر فى حقوقنا المائية.
    إذا كانت إثيوبيا تملصت من اتفاقية ١٩٢٩ الأساسية والملزمة والدولية، فهل نستغرب إذا تمصلت من إعلان مبادئ غير نهائى؟!.
    مرة أخرى علينا أن نمتلك كل أسباب القوة الشاملة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفنية وبالطبع العسكرية، هذه القوة هى التى تحمى حقوقنا ليس فقط فى مياه النيل ولكن فى كل القضايا. والأهم أن يكون هناك دعم حقيقى من المجتمع المصرى للمفاوضين فى هذه القضية القومية، شرط أن تشرك الدولة المجتمع فى هذه القضية حتى يكون لها سندا وعونا كى تنتهى هذه المشكلة بما لا يضر بحقوقنا التاريخية.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” المعقول واللا معقول فى حادث شهيد التذكرة”

    مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” على موقع الشروق الإخباري بعنوان ” المعقول واللا معقول فى حادث شهيد التذكرة” جاء على النحو الآتي:-

    هل من الطبيعى أن يتعاطف الناس مع شهيد التذكرة الشاب محمد عيد، الذى لقى مصرعه تحت عجلات القطار، عند محطة دفرا قرب طنطا، الأسبوع الماضى؟!.
    الإجابة هى نعم قاطعة، ومن لا يفعل ذلك فهناك مشكلة ضخمة فى تكوينه النفسى والعقلى والإنسانى؟!.
    سؤال آخر: هل معنى هذا التعاطف أن يتوقف محصلو القطارات عن ممارسة عملهم، ويتركوا الركاب يستقلون القطارات من دون دفع تذاكر أو غرامات؟!.
    الإجابة هى لا قاطعة، لأنه لو فعلنا ذلك فسوف تفلس هيئة السكة الحديد خلال شهور قليلة!.
    للأسف الشديد، وعقب الحادث الأخير الذى راح ضحيته أحد الباعة الجائلين، وأصيب زميل له إصابات خطيرة، فان غالبية الناس تصر على رؤية الحقيقة من جانب واحد فقط، ولا تنظر لبقية الجوانب، وإذا حاولت لفت نظرها لهذا الأمر، فسوف يتم اتهامك فورا بالعدمية ومحاباة الحكومة أو المعارضة، وإمساك العصا من المنتصف.
    هذا الفريق لا يريد منك إلا أن تدين الحكومة أو تدين القتيل فورا ومن دون نقاش.
    الذى لفت نظرى للموضوع أننى وجدت كثيرا من المواطنين، يتشاركون فيديو على اليوتيوب لوزير النقل المهندس كامل الوزير عنوانه: «وزير النقل لكمسارى: لو بتسيب الناس تزوغ يبقى أمشيك وأوفر مرتبك».
    وبالطبع علينا أن نتخيل حجم ونوعية التعلقيات وكلها تهاجم وتنتقد الوزير وتصوره قاسيا وبلا قلب ويحرض الكمسارية على الركاب!.
    بعض الناس، وبسبب الظرف الإنسانى للحادثة تصاب أحيانا بالعمى عن رؤية كامل الحقيقة.
    حينما شاهدت الفيديو، فإن كل قاله وزير النقل للكمسارية بضرورة تحصيل قيمة التذاكر من الركاب صحيح ومنطقى، وإذا لم يفعل الكمسارى ذلك يكون مقصرا فى عمله.
    لكن هناك فرقا كبيرا بين ضرورة أن يحصل الكمسارى قيمة التذاكر من الركاب، وبين أن يدفعهم دفعا لقتل أنفسهم!!. فى الحالة الأولى هو يمارس عمله، ويجب أن يعاقب إذا لم يفعل ذلك. وفى الحالة الثانية هو يرتكب جريمة كبرى حينما يفتح الباب ليدفع أو يجبر الراكب على القفز من القطار أثناء سيره حتى لو كان يسير بسرعة قليلة.
    بعض الناس الطيبين وهم يدافعون عن شهيد التذكرة ــ ولهم كل الحق فى ذلك ــ يرتكبون خطأ فادحا، حينما يطالبون بأن يكون ركوب القطارات مجانا أو أن يتم التسامح مع المتهربين!!. هؤلاء الناس هم أنفسهم الذين ينتقدون ليل نهار الفساد والإهمال فى هيئة السكة الحديد وكل مرافق ومؤسسات البلد.
    لكى «نعدل الحال المايل» فى هيئة السكة الحديد وغيرها من المرافق، فلابد من أن يدفع الركاب قيمة تذاكرهم والغرامات المقررة، وأن يتوقف التزويغ، وألا يحصل أى شخص مهما كانت الجهة التى يعمل بها على تذاكر مجانية من دون وجه حق، وأن يكون التوظيف فى الهيئة على أسس فنية واقتصادية عادلة. من دون ذلك فسوف ينهار هذا المرفق القومى قريبا.
    لا يمكن الدفاع عن أى خطأ، لكن ما قاله وزير النقل فى الفيديو للمحصلين صحيح مائة فى المائة. هو قال لأحد المحصلين: «لو لم تقوم بعملك فى تحصيل قيمة التذاكر والغرامات فما هو دورك، والأفضل فى هذه الحالة أن نستغنى عنكم، ونوفر مرتباتكم طالما أن الركاب لن يدفعوا قيمة التذاكر والغرامات»!.
    هذا كلام صحيح ولا يجب أن نختلف معه، ونحن فى غمرة التعاطف الإنسانى مع شهيد التذكرة. لكن، مرة أخرى، كثيرا من الناس خلطوا بين هذا الحادث، وضرورة أن تكون الفوضى هى السائدة داخل القطارات.
    المحصل وطاقم القطار أخطأوا خطأ قاتلا فى التعامل مع الحادث، والنيابة اتهمت الكمسارى بالقتل بالترويع. وظنى أن الهيئة بأكملها فشلت فى تثقيف وتأهيل العاملين والموظفين فى كيفية التعامل مع الركاب.
    دور المحصل والمفتش والناظر أن يضمنوا حق الدولة فى تحصيل قيمة التذكرة أو الغرامة. لكن ليس من حقهم تهديد أو ترويع أو قتل الركاب. الراكب الممتنع عن الدفع يتم تسليمه لشرطة المواصلات، وهى تتولى التحقيق معه طبقا للقانون.
    يقول البعض إن «الباعة الجائلين» غلابة وينبغى التسامح معهم أو تركهم «يلقطون رزقهم»!. هذا منطق غريب وإذا طبقناه فى القطار، فعلينا أن نطبقه فى كل مكان، خصوصا فى الشوارع والأسواق، ووقتها علينا أن نتوقف عن انتقاد الحكومة لأنها تسمح بذلك!!.
    ما أريد قوله: أن نتعلم الحد الأدنى من الموضوعية، وفى الحادث الأخير، علينا أن ندين المنظومة بأكملها، وثقافة الخوف، التى سمحت للمحصل بدفع البائع لإلقاء نفسه هربا من الشرطة أو قيمة التذكرة، وبين ضرورة تحصيل حق الدولة من أى مواطن طالما كان ذلك فى إطار القانون.

  • مقال الكاتب عبد اللطيف المناوي بعنوان ( الأسلوب العلمى.. واختراع العجلة )

    تتردد خلال الفترة الماضية أحاديث عن محاولات إصلاح الخط العام للدولة، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات وقرارات من شأنها إعادة ترتيب الوضع المصرى وتحديد الأولويات لاستكمال خريطة الإصلاح التى بدأت مع العهد الحالى.

    تلك الخريطة وضعت أهدافًا نبيلة بعيدة، إلا أن طريق الوصول إليها صعب وشاق، ويحتاج كثيرًا من الخطوات والتحديات، كما يحتاج أيضًا العقل والمنطق.

    فى هذه النقطة تحديدًا، أريد أن أُذكِّر القائمين على إدارة هذا الملف بأننا فى هذا الأمر لن نخترع «العجلة»، ولا المطلوب أصلًا أن نخترعها من جديد، بل إن الواقع والظروف الحالية وما يعيشه العالم من تقدم يُحتِّم علينا أن نتبع الأسلوب العلمى فى التفكير والتخطيط، وأن نستعين بالمتخصصين فى كل المجالات، واستقبال أطروحاتهم وأفكارهم، ومناقشتها علميًا، من أجل الوصول إلى نقاط الضعف والقوة، ومن ثَمَّ الاستفادة القصوى منها.

    وهذه النقطة مهمة جدًا، لأننا دفعنا أثمانًا باهظة نتيجة الاعتماد على الاجتهاد من دون خبرة أو علم.

    من المهم كذلك إخضاع تلك الأفكار لقياسات علمية صارمة، لبيان مدى نجاح تطبيق تلك الإجراءات.

    نحتاج أيضًا استنباط توصيات لوضعها أمام أجهزة الدولة المعنية، لمعرفة إمكانية وكيفية تنفيذها، ومدى استفادة الدولة منها فى المستقبل، والإيجابيات التى تعود علينا منها، والسلبيات التى قد تضرنا جراء اتخاذ قرار فى غير محله، ولا وقته.

    ضرورى كذلك أن نعترف بأخطائنا، فهو بداية الطريق نحو الفعل الصحيح، كذلك مطلوب ألّا نخجل من الاستعانة بالخبرات العالمية فى عملية إصلاح المسار تلك، لأن العالم تقدم بالأسلوب العلمى، وسبقنا فى هذا الأمر بسنوات ضوئية، فالاستعانة بهذه الخبرات تجعلنا نختصر وقتًا طويلًا من الحفر فى الصخر.

    بقى أن نقول إن التوقيت مثالى للمراجعة وإعادة المسار، المهم فقط هو توفُّر الإرادة والقناعة بأن إصلاحًا داخل الإصلاح لا يُعتبر تراجعًا، بل هو تقدم، لأننا فى النهاية نريد تحقيق الهدف من الإصلاح.

    لابد فى النهاية من الاتفاق مع الفكرة القائلة إن المقدمات المتشابهة تؤدى دائمًا إلى نتائج متشابهة، ومن السذاجة الاعتقاد بأن المقدمات المتشابهة قد تأتى بنتائج غير متشابهة.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “هل كان البغدادى «بندقية للإيجار»؟! “

    نشر موقع ” الشروق ” الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان “هل كان البغدادى «بندقية للإيجار»؟! ” جاء على النحو الآتي :-
    لو سألت أى شخص هذه الأيام: هل كان زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادى عميلا للولايات المتحدة أو لاوروبا وإسرائيل، قد يسخر منك ويرد بتهكم: كيف ذلك والولايات المتحدة هى من قامت بقتله فى قرية باريشا بادلب السورية فجر يوم السبت الماضى؟!
    ليس المقصود بطرح السؤال، أن البغدادى كان مسجلا فى كشوف عملاء الولايات المتحدة أو أنه يتقاضى أجرا مقابل عمالته. المقصود شىء أعقد من ذلك بكثير.
    العمالة تطورت وتعقدت، لدرجة أن البعض قد يصبح عميلا، من دون أن يدرى ذلك، فالمهم هو أداء المهمة والوظيفة، حتى من دون أن تدرى، وبهذا المفهوم، فإن البغدادى وغالبية قادة وعناصر تنظيم داعش، والنصرة وأمثالهما يقدمون أفضل خدمة للولايات المتحدة وإسرائيل، وكل خصوم وأعداء العرب.
    أفضل مثال على ذلك ما كان يفعله صبرى البنا أو «أبونضال» الذى انشق على ياسر عرفات فى حركة فتح، وكون ما سمى «فتح ــ المجلس الثورى»، وكان يزايد على عرفات وقادة فتح، ويعلن أقصى المواقف المتشددة لفظيا. ولاحقا تسربت تقارير تقول إن الموساد الإسرائيلى اخترق هذا التنظيم ووجهه لقتل قادة فلسطينيين معتدلين جدا مثل عصام سرطاوى، حتى لا يكون هناك قادة معتدلون يمكن الحديث معهم، لاحقا، وهناك كتاب فى غاية الاهمية عن هذه الظاهرة، للكاتب البريطانى الشهير باتريك سيل عنوانه: «بندقية للإيجار»!!
    لا نحتاج دليلا على أن ما فعلته داعش هو أفضل خدمة لإسرائيل وأى جهة لا تريد الخير للعرب أو حتى للإسلام.
    هل نلوم هذه القوى؟! بالطبع لا، لأنهم يسعون لتحقيق مصالحهم. لكن نلوم أنفسنا كعرب ومسلمين، لأننا وفرنا البيئة الخصبة لظهور مثل هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
    قد لا يكون البغدادى وكبار قادة التنظيمات المتطرفة فى المنطقة العربية، قد جلسوا وجها لوجه مع المخابرات الإسرائيلية أو الغربية، للاتفاق على تدمير العرب والمسلمين والإساءة إليهم، لكن النتيجة على الأرض أن هذه التنظيمات أفادت إسرائيل بصورة لم تكن تحلم بها، حتى لو انفقت كل أموال العالم.
    أدرك ان غالبية أعضاء وعناصر داعش والتنظيمات الإرهابية لديهم يقين جازم بأنهم يجاهدون فى سبيل الله، لكنهم لا يدركون أن مجمل ما يفعلونه يصب فى مصلحة هؤلاء الذين يعتبروهم أعداء.
    سيقول البعض، ولكن أمريكا ودول غربية كبرى شكلت تحالفا دوليا لمحاربة داعش منذ عام ٢٠١٤، صحيح، ولكنها لم تقض على التنظيم، بل تركته يتمدد ويتجول فى المنطقة بصورة مريبة. هى حاربته إعلاميا، ونفذت ضده ما يمكن تسميته بضربات تليفزيونية، لأنه على أرض الواقع كان يؤدى وظيفة مهمة جدا وهى تمزيق المنطقة وتفتيتها وإغراقها فى الحروب الدينية والمذهبية والطائفية، حتى لا تتفرغ لإسرائيل أو لتحقيق التنمية والتقدم.
    ومرة أخرى فالملوم الأكبر هو حكومات المنطقة التى تسببت سياساتها فى ولادة داعش وهو ما مهد لاختراق الخارج للمنطقة والعبث فيها كما يشاءون!.
    حينما قدمت إسرائيل المساعدة لبعض الفصائل الداعشية والإرهابية فى سوريا، فلم تفعل ذلك، لأنها متعاطفة مع أفكار التنظيم، أو حبا فى الإسلام، ولكن لأنها تريد للصراع والحرب والانقسام أن يستمر فى سوريا والمنطقة، لأطول وقت ممكن.
    نفس الأمر ينطبق حرفيا على المتطرفين الذين يحاربون الحكومة والمجتمع فى شمال سيناء، وكانوا يطلقون على أنفسهم «أنصار بيت المقدس»، هم قتلوا ضباط وجنود الجيش والشرطة والمدنيين، ولم يطلقوا رصاصة حقيقية واحدة على من يحتلون بيت المقدس. إسرائيل هى أكبر مستفيد مما يحدث فى سيناء منذ عام ٢٠١١.. فهل يدرك الإرهابيون ذلك؟!
    أمريكا استخدمت البغدادى، وداعش، مثلما استخدمت الزرقاوى قبله فى إشعال صراع طائفى فى العراق، وقررت قتله لأنه صار ورقة محروقة، وسيصبح ورقة مهمة فى حملة دونالد ترامب الانتخابية يشهرها فى وجه كل من ينتقده على قراره بالانسحاب من سوريا أو بيع الأكراد لتركيا!.
    وقد تساءل كاتب سعودى هو حمود أبوطالب قائلا فى عكاظ: هل قدرة البغدادى على التخفى طوال ٥ سنوات أكبر من كل وسائل الرصد والتعقب الأمريكية التى تملأ السماء والأرض بدقة متناهية، وتكشف أدق التفاصيل؟!! مضيفا: «هناك كائنات عجيبة تظهر فجأة لتربك العالم وتحتل بلدانا وتنقل كالأشباع الغامضة لأماكن اخرى، وفجأة يتم التوصل لقادتها وقتلهم»!!.
    وبهذا المنطق علينا التنبه إلى أن الغرب يربى ويسمى قادة هذه التنظيمات، ثم يحولهم إلى أبطال خارقين اسطوريين، لتقسيم المنطقة، وحينما ينتهى دورهم، يتخلص منهم فى عمليات أقرب إلى الأفلام منها إلى الواقع، لا نلعب فيها نحن العرب إلا دور المشاهدين المندهشين أو المغلوبين على أمرهم، وأحيانا المتواطئين!!

  • مقال للكاتب مجدي الجلاد بعنوان ” الدولاب بيكلمني..! “

    نشر الكاتب الصحفي مجدي الجلاد مقال بعنوان ” الدولاب بيكلمني..! ”  .. (جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع )
    تنويه ضروري:

    المقال

    هذه القصة حقيقية، وليست من وحي خيال الكاتب.. ومن لا يصدق، عليه ببساطة شديدة النظر بداخله..!

    اعتاد أن ينصت إليّ باهتمام شديد دون أن ينطق.. تضيق الدنيا في عيني، فألوذ إليه شاكياً.. فلا أحد غيره يمنحني الإحساس بالأمان واتساع الصدر.. هو وحده يمتص آلامي وجنوني ونزقي.. يربت على كتفي في صمت، فأذهب وكأني ألقيت حمولي وخطاياي بداخله.. إلى أن جاء ذلك اليوم..!

    كنت أحدثه عن وطني، ونفسي التي هي وطني.. وكان يسمع كعادته، ولكنه هذه المرة كان يرتجف خوفاً عليّ، وحين قلت له بصوت متهدج «أخشى على نفسي من الجنون».. أطلق ضحكة مقهقهة، وقال «جنووون؟!.. ما إنت مجنون من زمان»..!

    هل تكلم أخيراً؟!!.. لقد نطق.. أنا سمعته.. فقلت له بشيء من الريبة «هل قلت شيئاً؟!».. ساد صمت مطبق، وكأنه يراجع نفسه في خطأ اقترفه للتوّ، أو زلة لسان عفوية.. كررت عليه سؤالي «هل تكلمت يا دولاب؟!».. لحظات صمت أخرى، ثم سمعته من جديد «أيوه اتكلمت.. ما هو مش معقولة أسيبك وإنت في الحالة دي؟!».. واستطرد «شوف..من ناحية إنك مجنون.. فأنت مجنون والله ومن زمان.. ومن ناحية إني متعاطف معاك، فأنا بتقطع حزناً عليك»..!

    آه يا عقلي.. الدولاب بيتكلم فعلاً.. لحظات وقفز إلى عيني وذهني الدكتور يحيى الرخاوي، أستاذ الطب النفسي، ومقولته الشهيرة «مفيش مشكلة إنك تتكلم مع الدولاب .. بس لو الدولاب رد عليك يبقى لازم تجيلي فوراً».. إذن فأنا مريض.. ولازم أروح للرخاوي..!

    غير أن الدولاب بادرني وكأنه يسمع همسي «دكتور إيه وبتاع إيه؟!.. يا عم خليك معايا، أنا فاهمك من زمان.. عشرة عمر، وأسرارك كلها معايا، لسه هتروح تحكي؟!.. وكمان مفيش حد هيحبك أدي، وإنت عارف أنا ماليش مصلحة، هعيش دولاب وهموت خشب متكسر يعملوا منه طبلية»..!

    أعترف أنني صدقته، إذ بدا وكأنه جزء مني.. لذا لم أجد مانعاً في استمرار الحوار بيننا.. قلت له: عارف يادولاب.. أنا كل ليلة بحلم نفس الحلم.. إني أصحى ألاقي مصر أحسن بلد في الدنيا.. متقدمة.. متحضرة.. نظيفة من الفساد والفقر والمرض والجهل والقمامة وموت الضمير.. غير أننا لا نتغير.. وكأن نفوسنا تتحدى الزمن.. فلا هي احتفظت بنقاء الماضي ولا هي تهتم بلحظة تعيشها، ولا هي تحلم بمستقبل تسهم في صناعته..!

    غرقت في أفكاري، ونسيت صديقي الدولاب.. فنظرت إليه وجدته يتنهّد بأسى، ثم أطلق ضحكة ساخرة قائلاً «يا أخينا.. حليفك النبي بلاش غم.. واضح إنك اندمجت في الدور أوي.. ماضي إيه ومستقبل إيه.. يا عم عيش وخلاص.. عيش زي ما الناس عايشين.. تصدق إنكم مش عارفين قيمة العيشة في مصر.. ده العالم كله المفروض يحسدكم»..!

    «تصدق إنك دولاب عبيط واللي يتكلم معاك تاني يبقى أعبط منك..».. قلت له وهممت بالانصراف، ولكنه بادرني «الله يسامحك.. طيب اسحب كرسي وولع سيجارة وخليني أشرحلك وجهة نظري ببساطة، ويا سيدي لو ماقتنعتش إنت في سكة وأنا من سكة»..!

    كان هادئاً واثقاً، فجلست وأشعلت سيجارتي، وقلت «اتفضل يا دولاب.. افتي».. فرد: شوف.. لو فاكر إن العيشة في الدول المتقدمة حلوة وفلة تبقى غبي لامؤاخذة.. دي مصر أحسن بلد وأحلى عيشة..!

    هتلاقي فين بلد كل واحد بيعمل فيها اللي هو عايزه وبراحته.. بلد يهزه وينيّمه ويصحّيه بوست على الفيس بوك.. أو فيديو فنانة تعدت الخمسين بلباس فاضح.. أو خناقة بالألفاظ النوتي بين رئيس نادي ولاعب عنده 18 سنة؟!

    بلد الناس فيه بتخالف القانون بالقانون، وبتمشي عكس الدنيا كلها، ومع ذلك كلنا فخورين بها، وبنقول للعالم كل يوم إحنا أعظم أمة، مع إننا لم نقدم للبشرية الحديثة أي إسهام في أي حاجة.. عايشين في كوكب تاني.. كوكب بتاعنا لوحدنا.. تمليك يعني..!

    هتلاقي فين بلد بيغرق في ساعتين أمطار.. والناس عادي خالص.. قلعوا ونزلوا في الميه؟! والمسئولين بيقولوا إن الأمطار خدعتنا ونزلت زيادة.. وكأن يا أخي مصر عاملة اتفاق مع السحاب على حصتها من الأمطار..!

    هتلاقي بلد فين يصحى فيه ممثل زي محمد رمضان الصبح، فيقرر إنه «يسوق طيارة» بركابها.. والكابتن الطيار فرحان وبيحلف إن رمضان هو اللي سايق؟!.. ما هو الأسطورة لازم يسوق الطيارة ويضرب صواريخ كمان، لأنه عمل حفلات غنائية حضرها عشرات الآلاف وماحدش قاله إنت بتعمل إيه يا أخينا؟! هو الباشا عضو في نقابة الموسيقيين ولّا واخد تصريح بالغناء..؟!

    يا راجل دي بلد جميلة وسكر.. هو إنت خايف على الطيارة والركاب وسمعة مصر وطيرانها ومش خايف على الشباب اللي قالع عريان وبيغني وشايل مطوة زي «رمضان»؟!!

    هتلاقي فين بلد.. الناس فيها بترمي الزبالة من عربية مرسيدس في عرض الشارع.. والمدهش إنهم كلهم بيشوفوا العالم نضيف وبيلمع، فيقولوا يا عيني علينا عايشين وسط القمامة؟!.. يا مفتري هتلاقي شعب بيدمر بلده ليل نهار ومتصالح مع نفسه فين ومنين؟!

    التزمت الصمت بينما كان الدولاب يواصل:

    يا راجل ده إحنا الشعب الوحيد في الكرة الأرضية اللي بنمشي بعربية نقل ومقطورة عكس الاتجاه على الدائري، ومحدش بيكلمنا.. تصدق إنهم في أوروبا والدول المتقدمة معندهمش عقوبة للسير عكس الاتجاه، لأن اللي بيعملها بيدخلوه مستشفى أمراض عقلية؟!.. عايز مستشفى العباسية عندنا تبقى طوابير؟!.. عايز دماغ أحلى من كده، والله دي تبقى بواخة وقلة أدب..!

    هتلاقي فين شعب ظريف.. دمه خفيف.. واخد قلم في نفسه من غير أي أمارة.. يقولك الراجل المصري لما بيسافر أي بلد الستات بيجروا عليه، على طريقة «إيجيبشين هيبوسني»، وبعدين نلاقي بلدنا ضمن قائمة الدول الأكثر استهلاكاً للفياجرا والسيالس وخلافه؟!

    ويقولك إن الطفل المصري أذكى إخواته.. طيب لو دي حقيقة، حالنا واقف ليه في ذيل الأمم؟!.. واحد يطلع ويقولك التعليم هو السبب.. الولد بيتولد عبقري، والتعليم يدخله الفرن يطلع واد «مفقع» كده ومش فاهم حاجة..؟!.. يمكن.. بس المدهش إننا بنقول من مائة سنة إننا هنطور وبنطور التعليم.. ومع ذلك التعليم مش بيطور.. يمكن يا صديقي التعليم نفسه هو اللي مش عايز يطور..!

    هتلاقي فين بلد الوطنية فيها أغاني وشعارات، مش مسئولية وعمل وإنتاج وعلم، والوطني أكتر هو اللي يحط علم مصر على حسابه في الفيس بوك، ويكتب «مصر هي أمي».. وبعدين يخربها في الشارع والشغل..!

    هتلاقي فين بلد نخبته أفسد من حكومته.

    أحزابه سبوبة طرية وحلوة.

    رموزه تغتالها بوستات الشائعات والفضايح.

    إعلامه عارف إنه مش إعلام وفاكر إنه بيضحك على الناس، مع إن الناس هي اللي بتضحك عليه.

    الجاهل كاتب مشهور.

    والمنافق سياسي لامع.

    والمتلون نجم تليفزيوني.

    والشيخ مركب دقن وراكب على جناح الدين علشان السلطة والدنيا والجاه.

    والشباب فاقد الانتماء، وكأنه عايش معانا ضيف.

    والمدرسة فاضية.

    والبيت بقى مدرسة.

    والمقاول بيغش لأن المهندس مرتشي.

    والطبيب مابيدفعش ضرائب علشان بطن المريض مفتوحة.

    والموظف فاتح الدرج، والدرج فاتح على مكتب المدير.

    والمصنع بقى خرابة لأن صاحبه لهف القروض وطار.

    والعامل عامل نفسه مظلوم وسايب الماكينة وقاعد ع الفيس بوك.

    والواد بتاع «الدبلوم» بقى ملياردير.. ومع ذلك زعلان وغضبان وبيشتم!

    ودكتور الجامعة مرتبه بيدفعه «أبو دبلوم» بقشيش في «النايت كلوب»..!!

    فاهم حاجة ياعم..؟!

    قلت: لأ

    قال الدولاب ضاحكاً: ما هو ده المطلوب يا عبيط..! واستطرد: بس الجميل في كل ده إننا مرتاحين.. خلي بالك التخلف ده مريح أوي.. لأن التطور فاتورته غالية جداً.. مفيش فساد.. مفيش حاجة تحت الترابيزة.. مفيش فهلوة ولا سرقة آمنة من العقاب ولا سلطة تفلت من المحاسبة.. خلينا يا عم عايشين وكل واحد إيده في جيب التاني.. فيه أبدع من كده..؟!

    وصلت الآن إلى السيجارة الثالثة.. صمت الدولاب للحظات.. ثم صرخ في وجهي: احمد ربنا إن البلد عايشة وأكتر من مائة مليون واحد بينهشوا في لحمها.. دي لو أمريكا بجلالة قدرها كانت اتكومت في كام سنة.. عارف يا واد يامجدي إن الناس في مصر يتحسدوا لأنهم طول الوقت شايفين إن المشكلة في الحكومة مثلاً.. أو في المؤامرة العالمية ضدنا.. أو في الحرب الكونية علينا.. وعمرهم ما وقفوا مع نفسهم لحظة واحدة وقالوا إننا أصل المشكلة.. حاجة كده عبقرية مش هتلاقيها إلا في مصر..!

    شعب شبه حكومته، وحكومة بنت شعبها، بيوت نظيفة وشوارع متسخة، فن وإبداع وقوى ناعمة راحوا وبقوا أطلال.. لا الدولة بتحب الفن

    ولا معجبة بالإبداع، علشان كده تخلت عن ريادتها باختيارها.. بس الواقع الرديء ده عاجب الكل، لأنه لو مش عاجبهم كانوا غيروه.. يبقى تتنيل وتعيش وترحمنا من أحلامك الساذجة ولا لأ..؟!

    تدحرجت دموعي على أشلائي.. حاولت أن أنهر الدولاب.. غير أن صوتي انحشر في حلقي.. انتابتني رغبة عارمة في تحطيمه.. لماذا..؟! هل لأنه حطم حلمي بواقع مرير أنا جزء منه.. أم أنه قرأ ما بداخلي ثم فهمه أكثر مني..؟!

    آه يا رأسي.. الجنون يلفني.. صرخت بفزع.. هرولت زوجتي نحوي.. كنت ملقى على الأرض.. روحي تخنقني.. جسدي يرتعد.. زوجتي لم تفهم همْهمتي.. بالكاد قلت لها «اطلبي الدكتور يحيى الرخاوي فوراً».. ردت «ليه يا حبيبي.. إيه اللي حصل؟!».. قلت برعب «الدولاب بيكلمني»..! نظرت زوجتي في الغرفة وهي تضرب كفاً بكف، وقالت «بس إحنا ما عندناش دولاب أصلاً»..!

    قلت: يا نهار إسود…!

  • مقال للكاتب ” عبد المنعم سعيد ” بعنوان ( ثورة الأرز )

    جرت العادة فى الزمن المعاصر أن يكون لكل «ثورة» اسم، وعندما سقط حائط برلين ومعه الاتحاد السوفيتى والحرب الباردة أخذت الثورات أسماء مشتقة من الألوان البرتقالية والبنفسجية، وبعدها عندما نشبت ثورات «الربيع العربى» فإنها أخذت أسماء زهور فكانت ثورة تونس «الياسمين»، ومصر «اللوتس»، وهكذا اختلطت الألوان بالأزهار. انتهت ساعتها تسمية الثورات الكبرى بتواريخها، كما قيل عن الثورة «البلشفية» إنها ثورة «أكتوبر»، أما الثورة المصرية الأولى فكانت «1919»، والثانية «يوليو»، والثالثة وكانت «للتصحيح» فكانت «15 مايو». الموجة الجديدة من التسميات عبرت عن حالة من التفاؤل الشديد، وأكثر من ذلك عن الشباب الذى قيل عنه إنه مثل «الورد» الذى يفتح فى الحدائق والميادين، سواء كانت فى القاهرة أو تونس. «الثورة» الجارية فى لبنان لا تختلف عن كل الثورات، فقد سميتها فى مقال آخر «ثورة الهواتز آب» نسبة إلى الحدث أو القشة التى قصمت ظهر البعير عندما فرضت الحكومة اللبنانية ضريبة على استخدامات «الهواتز» فقامت الثورة. الآن وبعد أكثر من أسبوع على بدء المظاهرات فى لبنان، فإن «ثورة الأرز» تبدو أكثر مناسبة، ففى اليوم الأول كانت الأعلام اللبنانية قليلة (حصرت أربعة فقط فى اليوم الأول) ولكن مع اليوم التالى وانتشار المظاهرات فى كل أنحاء لبنان فإن العلم الوطنى بشجرة الأرز فى منتصفه كانت هى الوحيدة، وبأعداد هائلة، وتواجدت أعلام كبيرة الحجم وبعضها ممتد بامتداد المظاهرات. ومن حيث الجوهر فإن ثورة لبنان تنضم إلى جيل جديد من الثورات يضم تلك التى حدثت فى السودان، وتجرى فى الجزائر والعراق، ويفترض فيهم جميعا أنهم سوف يتعلمون مما جرى فى دول عربية أخرى. وبالفعل فإن هناك درجة من العلم حدثت، فهناك درجة لا بأس بها من التواضع فلا تستخدم كلمة «الثورة» كثيرا، وحل محلها «الانتفاضة» أو «الهبة» أو «الحراك» السياسى. وهناك انتباه من أول الطريق على أن يكون التغيير بعيدا عن الجماعات الأصولية مثل الإخوان المسلمين وانتهازيتهم السياسية المعروفة، بل أن الحقيقة تقول إن الموجة الجارية الآن هى ثورة على الإخوان قبل أى شىء آخر كما حدث فى السودان.

    فى لبنان فإن للإخوان أسماء أخرى ربما تختلف فى المذهب، لكنها لا تختلف فى الانغلاق والعنف ومحاولة السيطرة على عملية التغيير. سوف نعود لهذه النقطة، ولكن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن الحلم اللبنانى يقوم على إقامة «الدولة الوطنية» القائمة على «المواطنة» وليس الطائفية الشهيرة عن لبنان، والتى إلى حد كبير قدسوها إلى الدرجة التى جعلت منها طريقا إلى الحرب الأهلية أحيانا عندما يختل التوازن الطائفى لسبب أو آخر، والسلام أحيانا أخرى عندما يكون هناك مجال للتوافق بين الطوائف. ولذلك فإنه عندما يهتف اللبنانيون بأن الشعب يريد «إسقاط النظام» فإنه لا يعنى فى ذلك رئيس الدولة ميشيل عون أو رئيس الوزراء سعد الحريرى أو رئيس مجلس النواب نبيه برى، أو أيا من ممثلى الطوائف المختلفة فى الوزارة أو قيادات الجيش أو سفراء وزارة الخارجية أو القيادات العليا فى الدولة، فإن المعنى هو إسقاط «كلن» من القيادات ومعهم النظام الطائفى وقيام دولة وطنية لا تقوم على «المحاصصة» وإنما على الجدارة والانتماء للهوية اللبنانية. هنا لا ينتهى الأمر بسقوط حسنى مبارك أو معمر القذافى أو على عبدالله صالح أو عبدالعزيز بوتفليقة أو جعفر البشير، وإنما بسقوط نظام التوافق الوطنى الذى جرى بالتوازى مع الدستور اللبنانى عام ١٩٤٦ وصارت له الغلبة منذ هذا التاريخ وعلى أساسه جرى توزيع القيادات اللبنانية التى فشلت فى إعطاء اللبنانيين ما يصبون إليه، وحتى ما كانوا يتفاخرون به من حرية فإنهم اكتشفوا زيفها الشديد، فالحقيقة والواقع بات أن الدولة واقعة تحت الديكتاتورية الطائفية والعسكرية والسياسية لحزب الله.

  • مقال لدينا شرف الدين…اللهم اكفنى شر أصدقائى

    إليك عزيزى المصرى ما يجعلك تتأكد تماما أننا بصدد حرب باردة مستترة خلف أقنعة زائفة تعلوها ابتسامة كاذبة لقلوب سوداء لا تتمنى لنا خير!.

    وخير دليل على ذلك ضمن قائمة طويلة من الأدلة الموثقة، تلك الرسالة التى وصلتنى من أحد المتابعين الذين تملأ قلوبهم المحبة والغيرة على وطن لم يعد يلاحق من أين تأتيه الضربة، والتى ربما يتلقاها بغتة من الحبيب قبل العدو.

    وكانت الرسالة كالتالى: موقف أحزننى كثيرا ولم أجد له أى تفسير، حيث إننى أعمل حاليا فى إحدى البنوك بالرياض، وأحد أصدقائى بالعمل وهو مغربى يحمل الجنسية الفرنسية توجه إلى سفارة إحدى الدول الأوروبية بطلب الحصول على تأشيرة سياحة لزيارة مصر والذهاب إلى شرم الشيخ، ولكن موظف السفارة حاول معه تغيير وجهته وإقناعه بالذهاب إلى تركيا بحجه دواع أمنية، وأن تركيا أكثر أمنا وأمان من مصر.

    إلى متى تظل هذه الدول تقف عقبه فى نهوض هذا البلد وما السبب.

    إنجلترا منذ قديم الأزل ولها معنا العديد من المواقف المتعمدة وهى شريك مهم بل أساسى ومحرك مع الأمريكان، ولكن لماذا تحذو دول أخرى نفس الحذو رغم قيام مصر على مر العصور بمنع الهجرة الأفريقية غير الشرعية عبر حدودها فى البحر المتوسط إلى هذه الدول، وقد كان بإمكانها أن تخلع يداها وتترك الآلاف من البشر ينزحون إلى هذه البلاد، وما قد يترتب على ذلك من خلق العديد من المشكلات الاجتماعية والإرهابية فى هذه المجتمعات. ولماذا تركيا بالذات رغم أن هناك العديد من الدول أنسب سياحيا مثل ماليزيا أو سنغافورة أو اليونان مثلا.

    رسالة واضحة لمن يرغب أن يفهم أن هناك ثأرا يمتد لمئات السنوات بين دول بعينها ومصر، التى عانت الأمرين لصد غزواتهم وكبح جماح أطماعهم التى لم تنته بانتهاء احتلالهم لأراضيها واستنزافهم لخيراتها.

    فما زالت هناك بالقلوب والأنفس رائحة للشر تشتد حدتها أو تقل، تُعلن أو تتوارى وتختبئ وفقاً لسياسات كل دولة من هؤلاء الذين لا يسعدهم استقرارنا وانطلاقنا لمرتبة تأخرنا وتعثرنا كثيراً فى الوصول إليها بفعل فاعل خبيث، يتربص بنا منذ قديم الأزل.

    وما زالت المعوقات تُنثر بطرقاتنا وما زالت المؤامرات تحاك لنا ولم تكف يوماً عن ملاحقتنا، والأمثلة كثيرة، فمنها المعلن المتبجح كتركيا وقطر، ومنها المختبئ الذى يبدو محايداً كأمريكا، ومنها المتعاون الذى يبدو صديقاً كفرنسا. فكما قال أحد الشعراء: “احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة”

    وها هى مصر التى تتلقى الضربات سواء كانت معلنة مباشرة أو ناعمة خبيثة تلدغ كالحية دون أن نراها صامدة عزيزة قوية مرفوعة الرأس، متخطية الأزمات المتلاحقة بفضل الله الذى حباها بأمنه وأمانه، ونجاها من الغم والحزن وأخرجها بقوته من حلق الضيق لأوسع الطريق.

    وبشعبها الكيّس الفطن الذى يستشعر بفطرته السليمة من أين يأتى الخطر، ويشتم رائحة الخبائث ويصطف على قلب رجل واحد بأوقات الشدائد والملمات ليلقن أى عدو خائن درساً سيبقى بذاكرته وذاكرة أمته إلى أن تنقضى الحياة الدنيا.

    نهاية.. أذكر نفسى وإياكم بالحذر من هذا الذى يظهر لنا وجه المحب وبقلبه ما دون ذلك، ولنعلم جيداً أنه سيظل هناك دائماً من يريد بنا السوء أو على الأقل لا يرجو لنا خير.
    فقد تأكدت مقولة نابليون بونابرت التى أصبحت حكمة بعد مئات السنوات: “اللهم اكفنى شر أصدقائى أما أعدائى فأنا كفيل بهم”.

  • الكاتب عبد اللطيف المناوي يكتب مقال بعنوان ( تسعون دقيقة مطر )

    لا نحتاج إلى شواهد أو استطلاعات أو دراسات حالة أو جولات ميدانية لنؤكد أن الدولة المصرية بتاريخها الكبير والضارب فى جذور الحضارة فشلت فى مواجهة «تسعين دقيقة من الأمطار»، نعم، ساعة ونصف الساعة فقط، كانت كفيلة بأن تكشف هلاك البنية التحتية فى القاهرة، ومناطق أخرى من الجمهورية.

    ساعة ونصف الساعة فقط غرقت فيها الشوارع، وشُلت طرقات وميادين العاصمة. صار نفق العروبة، الكائن إلى جوار كبرى القصور الرئاسية ومؤسسات حساسة فى الدولة، إلى ما يشبه بحيرة ماء كبيرة. تأخرت حافلات المدارس التى تقل صغارنا لمدة أكثر من خمس ساعات. تقطع التيار الكهربائى فى عدة مناطق، واهتزت شبكات المحمول والإنترنت. المدينة بأكملها عادت قرنًا كاملًا إلى الوراء.

    ما زاد الأمر كارثية هو خروج الحكومة بالأمس للاعتراف بفشلها فى مواجهة «ساعة ونصف الساعة من الأمطار» رغم التحذيرات التى أطلقتها هيئة الأرصاد قبلها بأيام، وكان التبرير غزارة حجم الأمطار، وتكلفة شبكات الصرف الخاصة بالمياه، ما شكّل صدمة للرأى العام، خصوصًا أن ما قالته الحكومة يتناقض كلية مع التصريحات المتوالية من بعض أعضائها بالإنجازات الإعجازية فى مجال البنى التحتية. ولعلنا نذكر تجارب المسؤولين واستعراضهم قدرة نفق العروبة على مواجهة الأمطار قبل أسابيع قليلة، وهو النفق الذى تحول إلى حمام سباحة، أمس الأول!.

    هذه الكارثة تعيدنى مرة أخرى إلى الحديث عن فكرة غياب مجموعات «إدارة الأزمة» فى كل مؤسساتنا تقريبًا، وهى الفكرة التى لم أتوانَ لحظة فى المناداة بأخذها فى الاعتبار. من جديد أطالب بوجودها، لعل أحدًا يسمعنى فى هذا الأمر، ولا سيما أن كارثة الأمطار لم تكن الأولى خلال السنوات القليلة الماضية، ولنا فى أزمة منطقة «التجمع» والإسكندرية من قبلها أمثلة صارخة.

    من العيب أن حكومة دولة بحجم مصر تخرج لتبرر فشلها فى مواجهة «ساعة ونصف الساعة من الأمطار»، مثلما من العيب أن تتكرر الأزمة كل سنة. وفى كل سنة ننتظرها فى السنة التى تليها.

    قد يكون ما تحججت به الحكومة بالأمس صحيحًا حول اقتصاديات إنشاء صرف خاص بالأمطار فى مدن معظمها جافة بشكل عام، وبالتالى تظل جدواها الاقتصادية محل شك. ولكن هذا لا يخلص من مسؤولية الاستعداد الكافى لمثل هذه الأزمة، التى تَفاجأنا بها تمامًا كما يفاجئنا شهر رمضان. فى اجتماع تحرير الجريدة بالأمس، دار النقاش حول مدى دقة استخدام تعبير «الحكومة فى الشارع» فى العنوان الرئيسى، أظن أن المنطق الأقرب للاقتناع به أن وجود الحكومة فى الشارع ليس المعيار، ولكن المعيار هو ما الفائدة؟، وهل كان هناك فرق؟.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “الطريقة المثلى لمناقشة سد النهضة”

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ( الطريقة المثلى لمناقشة سد النهضة) جاء على النحو الآتي :-
    ما هى أفضل طريقة إعلامية للتعامل مع مشكلة سد النهضة والحفاظ على حقوقنا المائية التاريخية؟!
    لست خبيرا فى شئون المياه والرى لأفتى فى مسائل فنية وهندسية متخصصة، لكن أستطيع أن أتحدث من واقع عملى عن الزاوية الإعلامية فى الموضوع.
    الذى لفت نظرى لهذا الموضوع، المؤتمر المهم جدا الذى عقده المركزى المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فى الأسبوع الماضى بعنوان «أزمة سد النهضة بين فرض الأمر الواقع، ومتطلبات الأمن القومى المصرى».
    المؤتمر كان ثريا وقدم شرحا وافيا للمشكلة، وتمنيت وأنا أتابع جلساته وأقرأ أوراقه، أن يكون منقولا على الهواء، حتى يعرف المصريون جميعا حقيقة الأزمة، وبالتالى يكونوا عونا لحكومتهم ورئيسهم، فى البحث عن حلول للمشكلة، بدلا من الأخبار والقصص والخرافات والأساطير والتحليلات المبالغ فيها جدا تهوينا أو تهويلا.
    فى هذا المؤتمر تحدث نخبة من الخبراء وأساتذة الجامعات والوزراء والمتخصصين والسفراء المتميزين مثل هانى رسلان ومحمد نصر علام وضياء رشوان ومحمد سلمان طايع وحسن أبوطالب ومحمد مجاهد الزيات ومجدى عامر وأمانى الطويل وجمال عبدالجواد واللواء محمد إبراهيم ومحمد سامح عمر ومحمد حجازى وأيمن عبدالوهاب ومحمد العرابى ونهى بكر، بإشراف من المدير العام للمركز الدكتور خالد عكاشة.
    نعلم جميعا أن إثيوبيا كشفت فى الفترة الأخيرة عن رفض متشدد للمطالب المصرية، ورأينا فى المقابل إصرارا مصريا على التمسك بالحقوق المائية التاريخية، على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء مصطفى مدبولى ووزير الخارجية السفير سامح شكرى.
    هذا المؤتمر كسر حاجز حصر المشكلة فقط لدى الحكومة أو النخبة، فى حين أنها دونا عن كل المشكلات تخص كل فرد فى مصر، بل والأجيال المقبلة، وبالتالى فإن من مصلحة الحكومة والأجهزة المختلفة، إشراك المواطنين والرأى العام والمجتمع المدنى والأهلى فيها، حتى يكونوا على بينة من تفاصيلها وتطوراتها ومناقشة حلولها، لأن البديل أن يستيقظ الجميع ذات يوم ــ لا قدر الله ــ على سيناريوهات كارثية، ووقتها لن ينفع الندم.
    لدى الحكومة وجهة نظر تقول إن فتح الباب فى هذه القضية لكل الآراء من شأنه أن يقود إلى البلبلة والتشكيك وتقديم معلومات مغلوطة، بل وإثارة الفزع والرعب بين الناس للوهلة الأولى يبدو ذلك وجهة نظر معقولة ومقدرة، خصوصا أننا نقرأ على وسائل التواصل الاجتماعى وبعض الفضائيات المعادية، رؤى وتقارير وتحليلات ما أنزل الله بها من سلطان، وتفتقر إلى الحد الأدنى من الموضوعية. وكثير من هؤلاء بحسن أو سوء نية، ارتدى زى الخبراء الاستراتيجيين، وراح يفتى فى أمور الحرب والمياه من دون إلمام بالقدر الكافى من المعلومات الصحيحة.
    لكن هل البديل لذلك أن نغلق الباب أمام الجميع فى النقاش وتبادل الآراء والمعلومات والأخبار؟!.
    فى ظنى أن تلك مشكلة كبيرة، وبالتالى أرى أنه ينبغى علينا جميعا وأقصد الحكومة والإعلام وأجهزة الفكر والدراسات أن تتوسع فى فتح باب النقاش فى هذا الموضوع، عبر استضافة الخبراء المختصين والملمين بهذا الموضوع، وأن نعطى لهم مساحات واسعة فى الفضائيات والصحف وكافة وسائل الاعلام التقليدية والإلكترونية،حتى يقدموا للناس الصورة كاملة بدلا من أن يحصلوا عليها مشوهة وناقصة ومبتورة من أطراف متربصة أو معادية أو جهولة، أو حاقدة تنتظر كبوة للدولة المصرية، حتى لو كانت ستصيب البلد بأكمله والأجيال القادمة!!.
    شخصيا كنت أعتقد أننى ملم بقضية مياه النيل، لكن حينما استمعت للخبراء فى المؤتمر الأخير، فقد اكتشفت وجود زوايا جديدة ومهمة لم أكن ملما بها بصورة جيدة، خصوصا فيما يتعلق بالداخل الإثيوبى عبر الرؤية المهمة التى قدمها الدكتور هانى رسلان، وسأعود إليها قريبا إن شاء الله، إضافة إلى الشرح التاريخى الذى قدمه الدكتور نصر علام، خصوصا فيما يتعلق بورقة الكهرباء الناتجة عن سد النهضة وكيفية توظيفها للمصلحة المصرية.
    مرة أخرى أعتقد أن من مصلحتنا جميعا دولة وحكومة وشعبا أن نشرك المواطنين فى هذه القضية التى تستحق صفة قومية بحق، حتى يكونوا عونا وسندا للمفاوض المصرى، وحتى تشعر الحكومة الإثيوبية أن القضية لا تخص الحكومة أو النظام فقط، بل تخص أكثر من 100 مليون مصرى، وأنهم قد يختلفون فى هذه القضية أو تلك، لكنهم متوحدون تماما فى قضية المياه وحق المصريين التاريخى فيها.

  • الدكتور شوقى عبدالكريم علام يكتب مقال بعنوان ( فقه: «فتبينوا» نحو تكوين وعى رشيد «الشائعات» )

    اتجه كثير من الباحثين المعاصرين إلى تحليل الشائعات وأثرها فى المجتمع، سواء كانت الشائعة مُوظّفة لأغراض قائلها ومُطْلِقها ومُتداولها، أو كانت بلا باعث على ذلك.
    فنتج عن دراستهم أنّ للشائعات أثرًا كبيرًا فى تكوين الرأى العام والدعاية السياسية وحتى الحرب النفسية بناءً على استقراء سيكولوجية الجماهير؛ لأنّ الشائعة معناها ومفهومها تتلخص فى إضفاء معنى معيّن حول قضيّة ما؛ لكى يؤمن به من يسمعه، دون معايير للتصديق، كما أنّها لا تحتاج إلى الدليل والبرهان الذى يعرفه المناطقة.
    وتتنوع أشكال الشائعات فهناك شائعات تتعلّق بالجانب الاجتماعى للإنسان وأخرى بالجانب السياسى وثالثة تتعلق بالجانب العسكرى والأمنى، ورابعة تتعلق بالجانب العلمى والمعرفى.. إلخ. وكلّ هذه الجوانب تتعلّق بحياة الإنسان ونظرته للكون والحياة وتفاعله معه بشكل يومى، فتؤثر الشائعة على نظرة الإنسان للمجتمع، وسياسته، وأمنه، والمعارف المطروحة، وكيفية تفاعله معها.
    والخطر فى توظيف الشائعة على نحو ما يجعلها تزعزع القناعات الفكرية والثوابت الإيمانية والعقدية والمقومات الأخلاقية وحتى الشرائع والقوانين، ولذلك حرّم الله سبحانه وتعالى تداول الشائعة التى من شأنها شيوع المفاهيم المغلوطة مما يُحدث ما يمكن أن نُسمّيه ردّة اجتماعية، كما أخبر الله فى القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19].
    ولقد حدثت حادثة تلفيق لاتهام شخص فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاول فيها بعض الناس إلصاق التهمة بهذا الشخص كى ينجو هو من مغبّة العقاب، يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107].
    فيروى جمهور المفسرين فى سبب نزول الآية الكريمة، أنّ إخوة ثلاثة يقال لهم: بشر وبشير ومبشر، أبناء طعمة بن أبيرق، وهم من بنى ظفر من أهل المدينة، وكان بشير شرهم، وكان منافقا يهجو المسلمين بشعر يشيعه وينسبه إلى غيره، وكان هؤلاء الإخوة فى فاقة واحتياج، وكانوا جيرة لرفاعة بن زيد، وكانت عيرٌ قد أقبلت من الشام بدرمك – وهو دقيق أبيض – فاشترى منها رفاعة بن زيد حملا من درمك لطعامه، وكان أهل المدينة يأكلون دقيق الشعير، فإذا جاء الدرمك ابتاع منه سيد المنزل شيئا لطعامه فجعل الدرمك فى مشربة له وفيها سلاح، فعدى بنو أبيرق عليه فنقبوا مشربته وسرقوا الدقيق والسلاح، فلما أصبح رفاعة ووجد مشربته قد سرقت أخبر ابن أخيه قتادة بن النعمان بذلك، فجعل يتحسس، فأنبئ بأن بنى أبيرق استوقدوا فى تلك الليلة نارا، ولعله على بعض طعام رفاعة، فلما افتضح بنو أبيرق طرحوا المسروق فى دار أبى مليل الأنصارى، وجاء بعض بنى ظفر إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فاشتكوا إليه أن رفاعة وابن أخيه اتهما بالسرقة أهل بيت إيمان وصلاح، قال قتادة: فأتيت رسول الله، فقال لى: «عمدت إلى أهل بيت إسلام وصلاح فرميتهم بالسرقة على غير بينة»، وأشاعوا فى الناس أن المسروق فى دار أبى مليل أو دار اليهودى.
    فما لبث أن نزلت هذه الآية، وأَطْلع الله رسوله على جلية الأمر، معجزة له، حتى لا يطمع أحد فى أن يروج على الرسول باطلا.
    ولذلك وضع الله سبحانه وتعالى معيارًا يمكن أن نتخذه سبيلا واضحا لتجنّب الوقوع فى مغبّة الشائعة، فقال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] وهذا المعيار هو «ردّ الأمر إلى أهله» أى: إرجاعه إلى أهل الاختصاص، سواء تعلّق الأمر «الشائعة» بالدينى أو السياسى أو الاجتماعى أو الاقتصادى أو الأمنى.
  • مقال للكاتب ” عبد المنعم سعيد ” بعنوان ( الخطاب مع العالم الخارجي )

    نحتاج كثيرًا الحديث مع العالم الخارجى المضطرب، بحكاياته الخاصة حول أزمة الاحتباس الحرارى والحرب الباردة التجارية والخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى والتنافس الأمريكى الروسى وسباق التسلح النووى، والمضطرب أكثر مما يخصنا فى القصة العالمية؛ لأن قصتنا تأتى من الشرق الأوسط، حيث أزمات «الربيع العربى» ودمائه النازفة فى الحروب الأهلية، وفى العموم حالته القلقة والمرهقة عما إذا كانت هناك فى الجعبة ثورات أو حروب جديدة. وسط ذلك كله أن تجد مكانا للقصة المصرية ليس سهلا، من ناحية لأن هناك قصصا كثيرة أخرى تقدمها دول حجزت مكانها بين الدول الكبرى أو المتقدمة أو ذات التأثير؛ ومن ناحية أخرى لأن من سبقنا إلى بقية الدنيا بقصة خرجت من صميم المواجهة فى ثورة ٣٠ يونيو المصرية. القصة فيها «المظلومية» التى تخص جماعة الإخوان؛ والثورة المغدورة فيما يخص جماعات أخرى، وطوال السنوات الماضية جرى نسج هذه القصص فى أسطورة واحدة سلبية لا تعرف بناء ولا معمارًا ولا إنقاذًا من مخالب الفاشية ولا تغييرا فى الخريطة المصرية وإضافة للتاريخ المصرى. ما أضاف إلى تلك القصة السلبية اضطرابا جاء من تطورات إعلامية تمت خلال الأسبوع الماضى، وخلقت توقعات بأن العرض الذى جرى فى يناير ٢٠١١ يمكنه أن يتكرر مرة أخرى بحذافيره، وينتهى إلى ما انتهى إليه، إذا ما استمرت عمليات تحريض عاتية تعمل آناء الليل وأطراف النهار تبث سموما وتخلق توقعات.

    .. وسط ذلك كله توجد الحاجة إلى خطاب جديد ومركز وهادف إلى طرح القصة المصرية الحقيقية الواقعة على أرض مصر بلا زيادة ولا نقصان، والغائبة تماما عن القصص الغربى عن مصر.وكان ذلك هو ما فعله المركز المصرى للدراسات الاستراتيجية فى مدينة «نيويورك» إبان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتعاون مع «معهد الشرق الأوسط» العريق فى موقعه بالعاصمة الأمريكية واشنطن. قدم الجمع من الباحثين والخبراء رسالة مصرية أولها هو كيف ترى مصر الشرق الأوسط والتهديدات الموجهة له خلال المرحلة الراهنة من تاريخه، وآخرها ماذا حققت مصر خلال السنوات الخمس الماضية وإلى أين يقودها ما حققته حتى الآن. وجرى تقديم ذلك من جمع من النظارة ومشاركين من الأكاديميين والإعلاميين الأمريكيين ومصريين فى الولايات المتحدة.

    لا توجد هنا نية لعرض ما جرى فى هذا اللقاء، ولكن خلاصته أن مصر تحتاج إلى كثير من الجهود المخلصة لكى تعرض قصتها ومواجهتها لتحديات كبرى على العالم. هذه الجهود لا يكفى فيها عمل مؤسسة أو جماعة واحدة وإنما هى رسالة متكاملة تتكاتف عليها مؤسسات مصرية عدة. القصد هنا ليس الدعاية، ولا الإعلام بمعناه العام، ولا حتى «التسويق»، وإنما «المعرفة» عن مصر كما هى فى شمولها الممتد من البحر إلى البحر، ومن الخليج إلى الخليج، ومن رحلة النهر الخالد من الشلال إلى المصب. فما بين هذه وتلك توجد إضافات كثيرة غائبة، وما هو معلوم منها يعيش فى أضابير وملفات مؤسسات وشركات، وفى كل الأحوال فإن ما تبقى من المعروف منها غارق فى «ضوضاء» هجمات دعائية كاسحة على مدار الساعة تبثها قنوات وجماعات وأفراد متفرغة لتحويل البناء إلى ركام، والاستقرار إلى فوضى. كيف نتعامل مع ذلك يحتاج تغييرات فى السياسة وتعديلات فى المنهج والمضمون يجعل المسار أكثر سلاسة وأقل انكشافا وأكبر فى الفعالية. وبالتأكيد فإنه يحتاج تعاملًا إعلاميًا محكمًا عما عرفناه حتى الآن يلتحف بالمصداقية والصدق، ويكون شاملا للأدوات المعروفة لكى تبث «المعرفة» كما هى بلا زيادة ولا نقصان، ولا مباراة فيمن يكون الأعلى صوتا بين القاهرة وإسطنبول. لفت نظرى فى هذا الشأن محاولة جادة جاءت من الجامعة الأمريكية فى القاهرة، وبالتحديد من كلية إدارة الأعمال بالجامعة التى أصدرت مطبوعة باسم Business Forward أو المشروع إلى الأمام، وهذه احتوى عددها الأخير موضوعات مثل «فيما بعد الإصلاح الاقتصادى، كيف تتعامل مصر مع الصدمات الخارجية؟»، «هل الطاقة الجديدة المتجددة فى مصر أخبار طيبة للنمو الاقتصادى؟»، «لماذا من الممكن أن تحقق اتفاقية التجارة الإفريقية إشكالية لصناعة النسيج المصرية»، «الصناعات اليدوية المصرية، ما الذى يقف فى طريقها؟». فى الجامعة الأمريكية أيضا نشطت أخيرا مطبوعة مهمة «Cairo Review» التى تناقش قضايا الشرق الأوسط وما يحدث فيه من قبل دارسين وأكاديميين وخبراء فى العالم، ولكنها فى ذات الوقت تحرص على أن يكون ذلك بعيون مصرية، وفيها خبراء فى السياسة الخارجية المصرية. تعالوا معا نتصور أن جميع الكليات والجامعات المصرية العامة والخاصة بات لها مطبوعات ودوريات باللغات الأجنبية خاصة الإنجليزية فى أمور العمران والهندسة والاتصالات والمواصلات والثقافة والفنون. هذه بطبيعتها ليست مواد دعائية، ولا هى نشرات إعلامية، ولا يوجد التسويق واحدا من أهدافها، ولكنها بالضرورة تعرض وتدرس وتقيم ما يحدث فى مصر بعيون علمية تقديرية وناقدة. مثل ذلك سوف يصف بالضرورة حالة العمران المصرى فى هذه المرحلة، ومدى التطور الجارى فى منطقة قناة السويس، وارتفاع تنافسية القناة فى مواجهة الوسائل البديلة لنقل التجارة العالمية، والمتاحف المصرية الجديدة من المتحف المصرى الجديد إلى متحف كل الحضارات إلى متحف النسيج ومتحف نجيب محفوظ، وما جرى فى طرق مصر، وكيف تقف الصعوبات أمام رقمنة المحروسة. وسط هذا الكم الهائل من المحتوى، فإن الإعلام المصرى سوف يكون عليه المساندة فى النشر، والتوجهات فى التوزيع، والمناقشات فى البحث، والمقارنة مع دول أخرى، وهكذا أساليب للعرض والتقديم وتركيب قصة مصرية عميقة المعنى غنية السردية، ومفعمة بالحياة بكل ما فيها من أفراح وأتراح وآمال وطموحات وإحباطات أيضا.

    المعضلة الرئيسية الواقفة أمام الخطاب المصرى إلى العالم الخارجى أنه مستدرج إلى التفاصيل الكثيرة، والمواقف الجزئية، وفى هذه وتلك يكون الفوز لما هو سلبى وناقص وغير مكتمل، والذى يأخذ فى ذلك سويسرا نموذجا فى السياسة، ودولة الخليفة عمر بن الخطاب نموذجا فى العدالة، وفى كل الأحوال تذوب القصة الأصلية المتكاملة التى تعرف بالتمام والكمال أين كنا وكيف أصبحنا، ومتى استقر القطر بعد فوضى، وجاء النور بعد الظلام، وكان الموجود فيه أقوى وأكثر من المفقود.

    ما أشرنا إليه من مادة إعلامية يضع الأمور فى نصابها ونسبيتها، ويخاطب العالم الخارجى بلغة يفهمها ويقدرها. وربما كان ذلك واحدا من المداخل للمعضلة الإعلامية المصرية، ولكن المؤكد أن هناك ما هو أكثر.

زر الذهاب إلى الأعلى