تأججت من جديد أزمة النفايات التى تحاصر مدن لبنانية منذ عام 2015، ولم تجد حلولاً جذرية، وأصبحت نارًا تحت الرماد، لكن هذه المرة باتت تفوح رائحة الطائفية من أكوام القمامة التى ملأت شوارع الشمال اللبنانى وتزكم الأنوف، عقب إقفال أحد مكبات النفايات وغرق شوارع عشرات البلدات بأطنان من القمامة، وسط غياب حلول مستدامة من الحكومة، فى بلد غارق أصلاً فى أزمات سياسية.
الأزمة تفجرت مجددًا عقب قرار إقفال مدفن النفايات الكوستابرافا فى شمال لبنان يوليو الماضى، وفيما عدا نفايات الضاحية (معقل حزب الله) والشويفات أُغلق المدفن فى وجه النفايات الوافدة إليه من العاصمة بيروت وبعبدا وعالية والشوف، الأمر الذى ترتب عليه إغراق شوارع عشرات البلدات بأطنان من القمامة تصل إلى 650 طنًا يوميًا.
Waste-1ومع عزم السلطات اللبنانية استحداث مكب جديد، ارتفعت أصوات الاحتجاجات الشعبية الرافضة لإنشاء مدفن للنفايات فى جبل تربل شمال البلاد، لما له من آثار سلبية على المياه الجوفية والصحة العامة، فضلا عن بلوغ مدفن برج حمود فى جبل لبنان طاقته الاستيعابية، دون وضع خطط مستقبلية لنفاياته. وفى تعليقه على الأزمة، قال رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، ردًّا على سؤال “هل شممتَ رائحة النفايات لدى وصولك إلى المطار؟” “تعرفون جيّداً أنّ هذه ليست رائحة النفايات بل نهر الغدير”، لافتاً إلى أنّ “المسلم غير مستعد ليستقبل نفايات المسيحى والمسيحى نفس الشىء ويلى صاير شىء مرض”.
من جانبه، أكد فادى جريصاتى، وزير البيئة اللبنانى، أن أزمة النفايات أهم من الأزمة الاقتصادية، متابعًا: “أنّنا بحال طوارئ لأنّ الوضع لم يعد يحتمل”، وقال المسئول اللبنانى، بعد مشاركته فى اجتماع لجنة البيئة: “لا أعلم ما الذى يؤخر مناقشة الخطة التى قدّمنها فى مجلس الوزراء”، وشدّد على أنّه لن يكون هناك اقتصاد وسياحة وصحة وزراعة أن لم تتم معالجة أزمة النفايات. وشبّه جريصاتى أزمة النفايات بالحرب الأهلية من ناحية الضرر الذى تُسبّبه لأنّها قادرة على تدمير البلد مثلها مثل الحرب.
من جهته، قال النائب اللبنانى مروان حمادة: “نعتبر أن لجنة البيئة فى حالة انعقاد شبه دائمة ولكن تنتظر من السلطة الإجرائيّة تصوّرًا وقرارًا يأتى من القمة”، ودعا حمادة، وزير البيئة إلى أن يطلب مجلس وزراء استثنائيًا للقضايا البيئية والصحية والاجتماعيّة والاقتصادية باعتبار أن كلّ هذه الأزمات مُترابطة.
وأعلن أن أزمة النفايات فى بيروت وجبل لبنان تطلّ علينا، وقال: “إذا لم نبنِ الثقة بقرار “من فوق” لا يُمكن أن نقنع اتحاد بلديات الضاحية ولا نواب المتن وستقع الواقعة فى أيلول”.
ولم ينجح اجتماع لجنة البيئة المنعقد أمس، فى التوصل لحلول للأزمة، وبحسب النائب اللبنانى الياس حنكش، الذى شارك فى الاجتماع “ولسوء الحظ ما زلنا فى جدل، والقصة اليوم أكثر من تقنيات، هى قصة عجز لحكومة تعالج ملفا يمس بمصلحة اللبنانيين لا بالنفايات ولا بالبيئة ولا بالكهرباء أو الاقتصاد.. هناك عجز وهناك مسئولية تتحملها هذه الحكومة”.
وأعرب عن أمله فى أن تتحمل الحكومة مسئولياتها قائلاً “بح صوتنا ونحن نتكلم عن الموضوع، هذه الحكومة التى تطلبت تسعة أشهر لتأليفها، وكل واحد من الوزراء استلم مسئولية، فليتفضلوا ويتحملوا مسئولياتهم”.
وكشف المسئول اللبنانى عن نقاش حاد داخل جلسة لجنة البيئة، قائلا: “خرجنا من هذه اللجنة بدون حل.. هناك من يجب أن يتحمل المسئولية، هناك حكومة ووزير بيئة ووزير صحة وغيرهم يتحملون المسئولية، لا نستطيع أن نرميها على النواب والبلديات، ليتفضلوا ويتحملوا مسئولياتهم، أقصد الحكومة والوزراء المعنيين فى كل ملف. اليوم كل شىء موقت سيصبح دائما”.