قالت مصادر أمنية إن الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة حل جهاز المخابرات العسكرية القائم منذ فترة طويلة ليشكل جهازا جديدا تحت سيطرة الرئاسة فى خطوة أخرى لإخراج الجيش من الحياة السياسة.
وبدأ بوتفليقة الذى لم يظهر علانية منذ تعرضه لجلطة فى 2013 فى اتخاذ اجراءات للحد من نفوذ الجيش قبل إعادة انتخابه فى ابريل نيسان 2014 . ووصف محللون هذه الاجراءات بانها تهدف إلى تمهيد الساحة لرحيله فى نهاية المطاف بعد أكثر من 15 عاما فى الحكم. لكن المرسوم القاضى بحل جهاز الأمن والمخابرات وتشكيل مديرية للمصالح الأمنية بدلا منه يمثل خطوة مهمة لاعادة هيكلة جهاز المخابرات.
ويقول المحللون إنه رغم اجراء انتخابات رئاسية فقد ظل حزب جبهة التحرير الوطنى الحاكم والجيش يهيمنان على الحياة السياسية فى البلاد ودخلا فى مناورات خلف الكواليس من أجل النفوذ السياسى فى البلاد.
وأقال بوتفليقة العام الماضى مدير جهاز المخابرات العسكرية محمد مدين الذى شغل المنصب لأكثر من 20 عاما فى تهميش لأحد كبار الشخصيات فى صراع على السلطة خلف الكواليس.
وقال المحللون إن مدين الذى يطلق عليه عدة اسماء منها “ملك الجزائر” لعب لفترة طويلة دور صانع الزعماء السياسيين من خلال التأثير على اختيارات القيادة من وراء كواليس الصراعات بين القوى المدنية والعسكرية.
ولم ينشر قرار حل جهاز المخابرات العسكرية فى الصحيفة الرسمية بعد. لكن مصادر أمنية مطلعة على القرار قالت إن اللواء المتقاعد عثمان طرطاق سيقود جهاز المخابرات الجديد من مكتبه فى الرئاسة حيث يعمل ايضا مستشارا للرئيس الجزائري.
ويلعب الجيش منذ فترة طويلة دورا فى الحياة السياسية بالجزائر منذ استقلال البلاد عن فرنسا فى عام 1962. ولكن خلال الحرب التى شهدتها البلاد فى التسعينات مع المتشددين الإسلاميين وسع جهاز المخابرات العسكرية نفوذه على الأحزاب السياسية ووسائل الاعلام والاقتصاد باسم الأمن.
وخلال العامين الأخيرين اتخذ بوتفليقة بالفعل اجراءات لابعاد جهاز المخابرات العسكرية عن المصالح المدنية وأحال عددا من الضباط للتقاعد وأعاد هيكلة قطاعات من الجيش ونقل بعض مهام جهاز المخابرات لمسؤولين بالجيش ينظر اليهم على انهم موالون للرئاسة.
وقال المحلل الأمنى أرسلان شيخاوى لرويترز “القرار سيجعل جهاز المخابرات الجزائرية ينتقل من (السياسات السرية) ليصبح جهازا للمخابرات أكثر تكيفا مع التحول الراهن فى السياسات الداخلية والاقليمية.”
ولن تتولى وزارة الدفاع بعد الآن الاشراف على جهاز المخابرات الجديد حيث سيكون تحت سلطة مكتب الرئيس. وقال عضو كبير بحزب جبهة التحرير الوطنى الحاكم “انتهى الان رسميا عصر صناع الزعماء السياسيين.”
والجزائر شريك أساسى فى الحملة التى يقودها الغرب ضد التشدد الاسلامى فى شمال افريقيا ومنطقة الساحل. لكن الفوضى التى تعم ليبيا المجاورة وتنامى نفوذ تنظيم داعش فى المنطقة وعدم الاستقرار فى مالى يمثل مخاوف كبيرة.
تأتى تغييرات جهاز الأمن وسط تكهنات المعارضة حول ما اذا كان بوتفليقة سيكمل فترة ولايته كما تأتى فى وقت تواجه فيه الحكومة تحديا اقتصاديا بعد انهيار أسعار النفط العالمية.
وتعتمد الجزائر -وهى مورد رئيسى للغاز لأوروبا- على إيرادات الطاقة فى 60 بالمئة من ميزانيتها.