بالقرب من مزلقان السكة الحديد وفى واجهة الوحدة المحلية لمركز قوص، بمحافظة قنا، ستجد تحفة معمارية صامدة فى وجه الزمن، بنيت على الطراز المعمارى الأوروبى فى المدينة التى أطلق عليها بلد العلم والعلماء، ففى عام 1904 بنى القصر الذى امتلكه وقتها طوبيا بقطر على النظام المعمارى الإيطالى فى عصر النهضة الأوروبية الحديثة وظل المبنى متواجد إلى وقتنا هذا يثير انتباه ناظريه والمترددين فى المدينة من المراكز والقرى الأخرى، يتسائل كل منهم بداخله عن أسرار هذا القصر وحكايته ويريد أن يكشف المزيد عن قصة صاحبه.
قصر طوبيا بقطر البناء المعمارى الفريد فى المدينة، تحكى معالمه تفاصيل تاريخه ويسجل صموده قصة جديدة تحكى للأحفاد ما زال المبنى موجود وشواهده باقية، لتسطر تاريخا مدون فى سجلات المبانى التراثية بالمحافظة كمثيله فى مدينة نقادة قصر الخواجة جبره وقصور بندر قنا مثل قصر مكرم عبيد وغيره من التحف التاريخية المعمارية.
ورغم الحداثة والتوسع العمرانى واحتلال العمارات أماكن المبانى التاريخية القديمة، يظل قصر طوبيا متواجدًا دون المساس من أحد بعد خلوه منذ سنوات لأعمال الترميم، حيث كانت تشغل القصر مدرسة ثانوية مشتركة لأبناء قوص وبعدها مدرسة إعدادية ثم أغلق لأعمال الترميم لتهدم أجزاء خلفية منه.
بنى القصر على مساحة 14 قيراطا، بساحة أمامه ويتكون من طابقين، بالإضافة إلى بدروم أرض، ويشغل كل طابق 6 غرف على الناحية الشرقية والغربية، بالإضافة إلى سطح مفتوح للقصر زين على أشكال أوروبية، والقصر من الداخل عبارة عن حديقة واسعة وصالة فى المنتصف مقامة على طراز أثرى نادر، وسلالم رخامية تتمركز على أعمدة أسطوانية.
وتوجد شرفة كبيرة مفتوحة محاطة بالأعمدة فى منتصف سطح القصر، مثل الواجهة من الخارج وتتميز أسقف القصر بأنها مرتفعة طبقًا للطراز الغربى القديم، وكان يجلس طوبيا فيه مع أبنائه الذين سافروا إلى القاهرة وقتها لاستكمال دراستهم وتركوا طوبيا وحيدا فى القصر، حيث رفض الذهاب معهم.
قال مراد حسن، روائى وباحث من أبناء قوص، أن صاحب القصر كان من أواخر الإقطاعيين فى مدينة قوص حيث أمتلك أكثر من 500 فدان فى حيازته بناحية مدينة قوص، وفى عام 1945 اجتمع عائلات وأعيان البلدة لأنشاء مدرسة ثانوية فى المدينة بدلًا من عناء الذهاب إلى مدينة قنا، واقترح طوبيا أن يستغل القصر للمدرسة عن طريق تأجيره وتحويله إلى مدرسة وهو ما حدث بالفعل.
وكشف حسن، عن مكان إقامة طوبيا بقطر عقب تحويل القصر إلى مدرسة ثانوية لخدمة أبناء قوص وقراها، حيث فضل صاحب القصر العيش فى البدروم بعد مغادرة أبنائه للبلدة للتعليم فى القاهرة، وظل فيه حتى توفى فى أواخر السبعينيات.
وأوضح مراد حسن، أن الجهاز القومى للتنسيق الحضارى قال إن سبب إخلاء القصر الترميم وإجراء مجسة التربة وتم نقل المدرسة الإعدادية الأخيرة إلى مدرسة النيل وأغلق القصر ولم يشهد أى أعمال ترميم أو فتح، وكان يستغل البدروم الذى مات فيه طوبيا بعد وفاته كمخزنا للكتب من قبل وزارة التربية والتعليم.
وقال محمد فتحى، من أهالى قوص، إن قصر طوبيا من المعالم التاريخية فى المدينة التى يجب الحفاظ عليها من الإندثار أو الهدم، لاسيما بعد إخلاؤه من المدرسة التى كانت تشغله، وعلى المسئولين ترميمه وفتحه كمعلم تاريخى للزائرين وأبناء المدينة، لافتًا أنه يحكى عن صاحب القصر طوبيا بقطر أنه كان من الإقطاعيين فى مركز قوص ويمتلك مئات الأفندنة فى زمامه ومات داخل القصر فى البدروم.
“القصر تحول لخرابة” بهذه الكلمات بين محمد فتحى حالة القصر فى الوقت الحالي، حيث تحول إلى مكانًا تسكنه الكلاب الضالة من الداخل بعد غلقه، كما تهدمت أجزاء منه من الجهة الغربية للمبنى من الخلف.