تهدف فعاليات الجولة التاسعة من القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص التي يشارك فيها الرئيس السيسي ، بالعاصمة أثينا وذلك في إطار آلية التعاون الثلاثي بين الثلاث دول التي انطلقت عام 2014 إلى استكمال ما تحقق خلال القمم الثماني السابقة وتعزيز التعاون الثلاثي في مختلف المجالات مع متابعة تنفيذ المشروعات الجاري إنشائها في إطار الآلية، بالإضافة إلى دعم وتعميق التشاور السياسي بينهم حول سبل التصدي للتحديات التي تواجه منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط.
واستعرضت دراسة للمركز المصرى للفكر والراسات التي أعدتها الباحثة بسنت جمال مجالات التعاون الاقتصادي بين الثلاث دول مع تسليط الضوء على مشروع الربط الكهربائي بينها.
العلاقات الاقتصادية بين الدول الثلاث
تتميز العلاقات الاقتصادية بين الثلاث دول بالنمو السريع على صعيد حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة وتحويلات العاملين بالخارج، حيث ارتفعت قيمة العاملين باليونان بنحو 18.7% خلال العام المالي 2018/2019 مسجلة 8.4 مليون دولار مقابل حوالي 7.1 مليون دولار خلال العام المالي السابق 2017/2018. في حين بلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بقبرص 16.1 مليون دولار خلال العام المالي 2018/ 2019 مقابل 12.7 مليون دولار خلال العام المالي 2017 /2018، وهو ما يمثل ارتفاعًا قدره 27.7%.
وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات، فقد بلغت الاستثمارات اليونانية فى مصر نحو 3 مليارات دولار، لتحتل المركز الخامس بين دول الاتحاد الأوروبى المستثمرة في مصر، وفقًا لتصريحات سفير دولة اليونان بالقاهرة “نيقولاوس جاريليديس”. كما يصل عدد المشروعات الاستثمارية اليونانية فى مصر حوالي 104 مشروعات موزعة على عدة قطاعات إنتاجية وخدمية، أبرزها الصناعات الكيمائية والنسيج ومواد البناء والأغذية.
وعلى الناحية الأخرى، قفزت قيمة الاستثمارات القبرصية في مصر خلال النصف الأول من العام المالي الماضي 2020 /2021 بنحو 525% على أساس سنوي مسجلة 57.5 مليون دولار مقابل 9.2 مليون دولار خلال نفس القترة من عام 2019/ 2020 في ظل وجود 224 شركة قبرصية تعمل فى مجالات الصناعة والسياحة والخدمات والطاقة.
وفيما يتعلق بالتبادل التجاري، ارتفعت قيمة الصادرات المصرية لليونان بحوالي 194.9% خلال أول ست أشهر من العام الجاري مسجلة 807.4 مليون دولار مقابل 273.8 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2020، وسجلت قيمة الواردات المصرية من اليونان 209.1 مليون دولار خلال (يناير – يونيو 2021) مقارنة مع 203.8 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بنسبة ارتفاع قدرها 2.6% على أساس سنوي.
في حين تراجعت الصادرات المصرية إلى قبرص خلال النصف الأول من العام مسجلة 20.097 مليون دولار مقارنة مع 160.39 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي، بينما ارتفعت الواردات المصرية منها إلى 18.587 مليون دولار.
وخلال خمس سنوات، ارتفعت الصادرات المصرية لكلٍ من اليونان وقبرص بنحو 387.2% و 68.3% على الترتيب منذ عام 2016 وحتى 2020 لتبلغ نحو 682.041 مليون دولار للأولى، و113.089 مليون دولار للثانية خلال العام الماضي
دلالات التوقيت
تأتي القمة الثلاثية التاسعة في وقت هام لكلٍ من قبرص واليونان ومصر بما ينطوي على العديد من الدلالات، التي يُمكن عرضها على النحو الآتي:
أزمة الغاز الأوروبية:
تتزامن القمة مع مرور القارة الأوروبية بأسوأ أزمة طاقة في تاريخها تتمثل أبرز ملامحها في تسجيل أسعار الغاز زيادات قياسية بضغطٍ من زيادة الطلب وتراجع المخزونات لاسيما في ظل اعتماد دول القارة العجوز على الواردات لتأمين احتياجاتها من الطاقة.
وقد أبرزت تلك الأزمة مدى اعتماد الاتحاد الأوروبي على روسيا كمورد رئيسي للغاز؛ إذ تغطي الأخيرة نحو 45% من صافي واردات دول التكتل حتى الربع الأول من 2021، ارتفاعًا من 41% خلال الفترة نفسها من 2020، تليها الخطوط النرويجية التي تغطي نحو 23%، يليها الجزائر التي تحتل حوالي 12% من واردات الغاز الأوروبية.
ومن هنا برزت أهمية مصر بالنسبة لأوروبا من خلال زيادة الاعتماد عليها كمصدر موثوق فيه لنقل الغاز أو الكهرباء إلى الدول الأوروبية.
التحول لمركز إقليمي للطاقة:
تصب مشاريع الربط الكهربائي مع قبرص واليونان في صالح الخطة المصرية التي ترتكز على التحول إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة بهدف تحقيق منافع على جميع الأصعدة سواءٍ من الناحية الاقتصادية أو الاستراتيجية، وقد جاء ذلك عقب توقيع مصر والسعودية منذ أسابيع على مشروع الربط الكهربائي بين البلدين تبلغ تكلفته الإجمالية 1.8 مليار دولار.
تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة:
من المرجح أن يساعد الربط الكهربائى بين الدول الثلاث على استيعاب القدرات الكهربائية الضخمة التي سيتم توليدها من الطاقات النظيفة التي تزخر بها القارة الإفريقية؛ إذ يستهدف المشروع في أحد بنوده على نقل كميات ضخمة من الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة ويأتي ذلك في إطار تعهد مصر بإنتاج 42% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، مقارنة مع 20% خلال عام 2022.