تشهد مدينة نيويورك فى الولايات المتحدة الأسبوع الجارى، تدفق وفود 193 دولة إلى مقر الأمم المتحدة للمشاركة فى الدورة الـ74 للجمعية العامة، التى تشارك فيها مصر بوفد رفيع على رأسه الرئيس عبد الفتاح السيسى، غير أن قمة هذا العام تظل «قمة استثنائية» بحسب وصف سفير مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد إدريس الذى تحدث لـ«اليوم السابع» من داخل مقر البعثة المصرية فى نيويورك بشأن الدور النشط الذى تلعبه القاهرة داخل المنظمة الأممية على صعيد العديد من القضايا العالمية، ومن بينها القضية الأكثر زخما على الصعيد الدولى المتعلقة بـ«تغير المناخ».
وتسبق قمة هذا العام تصعيد فى العديد من التوترات فى منطقة الشرق الأوسط، واستمرار العديد من القضايا العالقة، جنبا إلى جنب مع العديد من التطورات على الصعيد الداخلى فى مصر، وهو ما ناقشناه مع السفير المصرى الذى كشف عن العديد من جوانب الأجندة المصرية خلال القمة التى تعقد فى غضون أيام.. وإلى نص الحوار:
ما أهم القضايا التى يجرى الإعداد لمناقشتها ضمن برنامج الرئيس السيسى خلال الجمعية العامة والفعاليات التى نشارك فيها؟
الدورة ذات خصوصية من أكثر من جانب، فهى تأتى فى ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، ويرأس الجمعية العامة أفريقيا من نيجيريا، فضلا عن أنها تشهد أكبرعدد من القمم واللقاءات رفيعة المستوى على مستوى قادة الدول، كما أن هناك تركيزا على القضايا ذات التأثير المباشر على حياة المواطنين، فنجد قمة خاصة بالمناخ وقمة خاصة بالرعاية الصحية الشاملة وقمة خاصة بتقييم ما تحقق حتى الآن على صعيد أهداف التنمية المستدامة، وأخرى تتعلق بتمويل التنمية ولقاء يتعلق بمنع الانتشار النووى ولقاء خاص بالدول الجزرية الصغيرة التى يهددها تغير المناخ.
ومن ثم هناك توجه نحو التركيز على القضايا التى تنعكس بشكل مباشر على مصلحة المواطن العادى، وهذا الهدف يجعل الأمم المتحدة اكثر صلة وقربا من المواطنين بحيث لا تكون فى منطقة منعزلة أو تتعامل مع قضايا بعيدة عن شواغل المواطن اليومية.
ما يتعلق بالفعاليات فجميعها لها أهميتها وسنشارك فيها جميعا، هناك فعاليات سيكون من المهم أن نعرض فيها تجاربنا المتميزة مثل ما يتعلق بالرعاية الصحية والجهد الذى يجرى بذله فى القضاء على مرض فيروس سى وتوفير العلاج بأسعار لا تقارن بذى قبل، وفى نفس الوقت نستفيد من تجارب الآخرين، لأننا سنكون مخطئين، إذا ظننا أننا فعلنا كل شىء على ما يرام نحن نفعل أشياء صائبة وأشاء أخرى نحتاج إلى تحسينها.
ما هى اللقاءات الثنائية التى تم الإعداد لها ضمن أجندة الرئيس السيسى على هامش الجمعية العامة؟
هذه المناسبات الدولية لها شقان، شق يتعلق بالقضايا الأممية والآخر يتعلق بالاجتماعات متعددة الأطراف ذات الصلة بالمحافل التى تكون مصر عضو فيها، وبالفعل ستكون هناك اجتماعات خاصة بأفريقيا وحركة الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامى.
الشق الثانى هو اللقاءات الثنائية، وهناك عدد كبير من اللقاءات التى يجرى الترتيب لها، وهناك لقاء مؤكد مع سكرتير عام الأمم المتحدة، بينما أى لقاءات أخرى يتم الحديث عنها بعد إجرائها غالبا، لأن تحديدها يكون بموجب توافق جداول أعمال الرؤساء أنفسهم، فكل رئيس لديه انشغالات، وبالتالى اللقاءات قد تتم أو لا، ليس لأسباب سياسية قد يؤلها البعض لكن لأن ارتباطاتهم لم تتوافق أو تتلاقى.
قمة المناخ ربما تكون هى الأكثر زخما.. ما الذى ستقدمه مصر هذا العام فى إطار مكافحة التغير المناخى خاصة أننا متضررون بشكل مباشر من ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط؟
المفارقة فى هذه القضية أن الأقل تسببا فى الظاهرة هو الأكثر تأثرا بعواقبها، سواء مصر أو غيرها من الدول لنامية. نحن ضمن منظومة الدول الأفريقية والدول الأخرى التى تتأثر بعواقب تغير المناخ، رغم أننا لسنا من المتسببين فيها بشكل كبير، فالانبعاثات تتصل بالنشاط الصناعى والدول الصناعية الكبرى والظاهرة نتاج ممارسات على مدار عقود من الزمن.
المجتمع الدولى يتعامل مع الظاهرة باعتبارها تحديا دوليا وخطرا داهما للجميع، لكن الدول النامية دائما تلجأ إلى مبدأ المسؤولية المشتركة والأعباء المتباينة، وليس من الإنصاف أن يتم التقاسم فى أعبائها بشكل متساو، لأن ليس الكل ساهم فى إنتاج الظاهرة بشكل متساو وأيضا ليس الكل لديه القدرات والطاقات التى تمكنه من التعامل مع آثارها بنفس القدر من الفاعلية.
وفى هذه القضية تم تقسيم القمة إلى عدد من القضايا الموضوعية الأساسية وهم 9 قضايا بينها قضية «التكيف وبناء المناعة» لدى الدول، وهذا الشق من أعمال المؤتمر ترأسه مصر وبريطانيا، باعتبارهما ذات نشاط وانخراط أكبر فى هذه القضايا، وتتولى مصر المفاوضة بالنيابة عن الدول الأفريقية حتى من قبل أن تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى. وفى عام 2018 تسلمت مصر رئاسة مجموعة 77 والصين وقامت مصر بدور محورى فى مؤتمر أطراف اتفاقية تغير المناخ الذى عقد فى بولندا العام الماضى، وكان مهددا بالفشل، والسكرتير العام ذكر فى عدة محافل أن مصر أسهمت فى إنقاذ هذا المؤتمر من خلال دورها النشط، ومن ثم طلب من مصر وعدد من الدول أن ترأس الجوانب الخاصة بتحالف التكيف وبناء المناعة.
ما المقصود بتحالف التكيف والمناعة؟
تركز مصر على أن يتم بناء قدرات الدول النامية ولا يتم فقط النظر إلى موضوع بناء المناعة على أساس تعويض الضرر ولكن الرؤية المصرية تقوم على منع الضرر قبل وقوعه، بمعنى أن نساعد الدول فى بناء قدراتها وبناء منظومة تقيها عواقب تغير المناخ، وهذا يحتاج تمويل وتكنولوجيا، وبالتالى يجب أن تقوم الدول المتقدمة بنصيب فى ذلك.
ما الميزانية المخصصة لذلك وهل هناك التزام من جانب الدول الصناعية؟
لم يتم تخصيص ميزانية لأن المؤتمر يقوم على طرح مبادرات ورؤى، وهو مبادرة من الأمين العام لتسريع التعامل مع قضية تغير المناخ، وبالتالى الدول غير ملزمة بأن تقوم بذلك ولكن طواعية.
وفى المؤتمرات السابقة التى أجريت فى إطار اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ وهو المحفل الرسمى الدولى، كانت هناك اتفاقات على تخصيص موارد مالية بقيمة 100 مليار دولار، لكن للأسف لم يتم الإيفاء بهذا المبلغ وبعض الدول قدمت مساعدات لكن فى النهاية لم يتم الالتزام، وذلك لأن الدول الصناعية تتبنى وجهة نظر أخرى تقوم على مبدأ المسؤولية الجماعية وهناك محاولة لتأجيل التعامل مع التمويل و إحالته للقطاع الخاص.
الإدارة الأمريكية الحالية لا تؤمن بالقضية والرئيس الأمريكى وصفها بأنها «كذبة صينية».. إلى أى مدى يؤثر موقف الولايات المتحدة على معالجة القضية داخل الأمم المتحدة؟
بالطبع يؤثر الموقف الأمريكى الحالى بشكل كبير، الإدارة الأمريكية السابقة كانت تولى قضايا البيئة وتغير المناخ اهتماما كبيرة وعلى النقيض منه الإدارة الحالية وبالتالى هناك تغير فى السياسات يتبعه تغير فى تقديم الدعم والتمويل اللازم.
فيما يتعلق بخطة التنمية2030.. ما هو تقييم أداء مصر؟
نستطيع القول: إن مصر تسير بخطى ثابتة وموفقة فى هذا الأمر وهناك آلية المراجعة الطوعية التى تقوم بها كل دولة من خلال تقديم عرضا لتجربتها لأهداف التنمية، ومصر قدمت عرضا مرتين خلال الأعوام الماضية، شارك فى تقديمه ممثلين عن الجانب الحكومى والقطاع الخاص والمجتمع المدنى عرضوا مسار التنمية المستدامة، ولاقى العرض فى المرتين تقديرا بشأن الجهد الدءوب الذى يبذل.
وبالحديث على المستوى الدولى بالطبع التقرير الذى قدمه السكرتير العام يتحدث عن فجوات كبيرة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الدولى ككل. ويتحدث عن أن بعض الدول فى أفريقيا قد لا تسطيع اللحاق بركب تحقيق هذه الأهداف فى الوقت الحالى، لأنه خطة 2030 طموحة وتتعامل مع 17 هدفا تغطى مختلف المناحى وتحتاج إلى تمويل كبير وضخم بينما الاقتصاد العالمى يمر بركود والدول الممولة الكبرى تمر بأزمات مالية، وأصبحت مخصصتها المالية تتقلص واستعدادها لتمويل مساعدات للدول النامية أقل، وبالتالى ما يتوفر لا يتناسب مع أهداف الخطة، ومن ثم نشأت توجهات جديدة تتعلق بتوفير تمويل بصيغ جديدة أغلبها يتركز على تحفيز وبناء شركات بين القطاع الخاص والحكومى.
لكن على الأرض، هذه الصيغة لتحفيز القطاع الخاص وتوفير موارد مالية كبيرة من جانب القطاع الخاص لم تصل إلى تحقيق نجاحات مالية كبيرة وهناك اهتمام كبير لكن ترجمته إلى خطوات ملموسة يرتبط بمجمل مسار الاقتصاد الدولى والتجارة الدولية، وتوترات السياسة الدولية فى أماكن كثيرة من العالم.
أزمة الديون تشكل عائقا للتنمية فى كثير من الدول.. كيف تتعامل الأمم المتحدة معها؟
هناك مبادرات لكنها غير ملزمة بإعفاء الديون للدول النامية والأقل نموا التى تواجه ضغوط اقتصادية كبيرة، لكن نلفت إلى أن هناك ممارسات دولية لا تساعد الدول النامية، فى فترة ما كان هناك انطباع أن الدول النامية تطالب فقط بمساعدات وكان رد الفعل أننا نريد كدول نامية قدرا أكثر عدالة ونصيبا أكبر فى النظام الدولى يوفر موارد يمكن استخدامها فى تحقيق التنمية.
إلى أى مدى تحقق ذلك؟
التقدم بطىء لأن النظام التجارى الدولى ككل يواجه تعثرا نتيجة لممارسات الدول الكبرى، وفى نفس الوقت الدول النامية تطالب بوقف التدفقات المالية غير المشروعة من هذه الدول، هناك تقديرات بأن 100 مليار دولار تهرب من القارة الأفريقية فى صورة تدفقات مالية غير مشروعة، وجهة نظر الجانب المتلقى تقول أنه لا بد من مكافحة الفساد لمنع تدفق هذه الأموال بينما تتفق الدول الأفريقية وهناك منظومة بالفعل لمكافحة الفساد، لكن هذه المكافحة يجب أن تشمل الجانب المتلقى أيضا.
مصر تشارك ليس فقط بصفتها الوطنية لكن أيضا بصفتها القيادية كرئيس للاتحاد الأفريقى.. فما الذى ستقدمه مصر على صعيد أفريقيا؟
مصر تركز فى هذه الدورة من الجمعية العامة على عدة محاور منها محور البنية الرئيسية فى القارة ومحور التجارة وتعزيز التجارة البينية الأفريقية ودخول اتفاقية التجارة الأفريقية الكبرى حيز النفاذ وأيضا محور بناء السلام وفى هذا الشأن مصر تستضيف المركز الأفريقى فى بناء السلام والإعمار فيما بعد النزاعات، وهناك إسهامات مصرية كبيرة فى هذا المجال لأشقائنا فى القارة، عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية من خلال مركز القاهرة الدولى لحفظ وبناء السلام وبعضها يتم من خلال مؤسسات مختلفة تقدم الدعم لبناء القدرات فى مجال الصحة والتعليم والأمن، وبذلك مصر من خلال مشاركاتها تركز على ما يشغل القارة وما يشغل القارة هو أن هناك علاقة تبادلية بين السلم والأمن والتنمية، بدون توفر السلم والأمن لا يمكن تحقيق التنمية.
ويتجسد الدور المصرى فى مبادرة مصرية طرحتها مصر وستؤكد عليها من خلال أعمال الجمعية العامة وهى منتدى «أسوان للسلم والتنمية» وهو منتدى جديد فريد من نوعه يتعامل مع هذا الترابط بين قضايا التنمية والأمن ويقدم رؤى وحلول أفريقية تلائم القارة وهى مبادرة مصرية تحظى بدعم دولى سيتم انطلاق الدورة الأولى لهذا المنتدى فى شهر ديسمبر هذا العام.
أطلق حديثا خطة عمل الأمم المتحدة لحماية الأماكن الدينية بعد عدة حوادث فى الدول الغربية، بينما لم تتحرك عندهجوم الإخوان بمصر على الأماكن الدينية فى أغسطس 2013.. هل تعتقد أن الأمم المتحدة تتعامل بازدواجية مع القضايا فى الدول الغربية والدول النامية؟
هذا الأمر تم طرحه بالفعل من قبل الوفد المصرى خلال المناقشات والمفاوضات التى تمت بشأن هذه المبادرة وأشرنا إلى أن هناك معاناة منذ زمن وتعديات عديدة تمت على المؤسسات الدينية فى دول الشرق الأوسط وغيره، والرد كان أنه إذا كان الاهتمام قد تأخر فالأفضل لا يأتى، لكن بالطبع هناك تأخر فى رد الفعل، وربما يكون تزامن الاأحداث التى تمت فى نيوزيلندا مع الولايات المتحدة وعدة دول حول العالم هو الذى دفع برد الفعل. المبادرة فى النهاية تنفذيها منوط بالدول وهدفه تسليط الضوء على قضايا ذات أهمية وحساسية.
فيما يتعلق المعيار المزدوج فى التعامل، بالفعل هناك أحيانا اهتمام أكبر بما يحدث فى العالم المتقدم، وهذا يقابله قدر من رد الفعل أيضا وهناك شعور بأن قدرا أكبر من الإنصاف والعدالة يجب أن يتوفر فى المجتمع الدولى، كما أن وسائل التواصل الاجتماعى جعلت من الصعب تجاهل الأمور التى كان يمكن إغفالها قبلا.
جهود مصر لمكافحة الإرهاب مستمرة محليًا وإقليميًا ودوليًا.. فما أهم الاجتماعات التى سوف تشارك فيها مصر فى الدورة الحالية؟
دائما قضايا الإرهاب يتم التطرق إليها فى العديد من الأطر، هناك النقاش العام الذى يتعلق الكلمات والبيانات التى يدلى بها رؤساء الحكومات وأى بيان مصرى فى محفل دولى لا يخلو من التركيز على القضية وأثارها المدمرة وكيفية مواجهتها بكافة السبل، هناك أيضا الاجتماعات التى تتم فى أمور خاصة بالسلم والأمن سواء فى القارة الأفريقية، واجتماعات خاصة بالتنمية وفى كل هذا يتم طرح قضية الإرهاب كعقبة أمام تحقيق التنمية.
وهناك محافل خاصة بالقضية ومنها المنتدى الدولى لمكافحة الإرهاب الذى سيعقد اجتماعه الوزارى العاشر والاجتماع السادس عشر لللجنة التنسيقية، ومجموعة عمل بناء القدرات فى شرق أفريقيا، وفى هذا الإطار ستنظم مصر والاتحاد الأوروبى حدث رفيع المستوى بشأن أهمية وكيفية تجفيف منابع الإرهاب وتمويله وتسليط الضوء على انخراط دول وحكومات وأجهزة فى تمويل الإرهاب وكيف أصبحت تدخل فيها وسائل التكنولوجيا الحديثة.
من بين الأمور اللافتة فى ازدواجية الأمم المتحدة إدانة أحكام إعدام صادرة بحق أشخاص متورطين فى الإرهاب.. كيف تتعاملون مع هذا الأمر؟
هناك جدل وانقسام داخل الأمم المتحدة بشأن عقوبة الإعدام، فالمجتمع الدولى له سياقات ثقافية وفكرية مختلفة وهناك أكثر من منظومة للتعامل مع الأمور وهناك توجه لدى عدد كثير من الدول لإلغاء العقوبة، لكن مصر ودول أخرى تتمسك بها وفق محددات وضوابط وفى جرائم معينة.
هناك أكثر من منظور وعلينا ألا نتعامل مع الأمور من منطلق دفاعى لسنا دولة تخرق حقوق الإنسان، وإنما نهتم بها ونركز عليها ليس كرد فعل لمطالبات خارجية، وإنما لأن هذا يحقق مصلحة شعبنا وهو ما يليق بنا كدولة وشعب، وهناك قدر كبير من التسييس فى هذه القضايا وقدر من البحث عن الأخبار المثيرة واستخدامها فى أوراق ضغط على الدول، وهذا الأمر نتعامل معه بثقة وتوضيح للحقائق والأمور ودعوة الأطراف إلى أن ترى بنفسها وتقدم ما لديها من وثائق وأدلة، ونحن لا نخشى من الإصلاح، ليس فى العالم فريق مثالى فى حقوق الإنسان والكل لديه نواقص ولا يجب أن يعطى أحدا درسا للآخر وعموما نتعامل بحرص على أن نفعل ما يحقق مصالح شعبنا.
ليبيا هى الموضوع الأكثر مساسا وأهمية لأمن مصر.. ماذا عن الخطط الخاصة بها خلال هذه الدورة؟
تجرى ترتيبات لعقد اجتماع خاص بليبيا على هامش الجمعية العامة يجمع الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن وأطراف إقليمية ذات صلة والحكومة الليبية والأمم المتحدة، وستتم مشاورات بشأن ليبيا من جانب الأطراف المعنية ومنها مصر بالطبع، بالإضافة إلى مشاورات على مستوى ثنائى مع قادة الدول الأخرى المهتمة ومشاورات مع المسؤولين الأمميين، وهناك جهد دولى تقوم به الأمم المتحدة، وننقل من خلال هذه المشاورات رؤيتنا لأن قضية ليبيا لنا هى قضية أمن قومى بامتياز وفى نفس الوقت هى قضية شعب تربطنا به عوامل مشتركة عديدة ومصالح وبالتالى هناك أبعاد كثيرة لاهتمامنا بالقضية.
هذه القضية انخرط فيها أطراف عديدة وبالتالى نهجنا فى هذا الأمر هو أنه يحب أن نحد من التدخلات الخارجية، ويجب أن نساعد الأطراف الليبية على التوافق والتوصل إلى رؤية وطنية ليبية سياسية لأنه للأسف انتشرت فى ليبيا ثقافة الميليشيات كل فصيل يستقوى بالسلاح والمال وقوى خارجية وبالتالى يريد كل طرف أن يحصل بالقوة والسلاح ما لم يستطع الحصول عليه بالسياسة. نريد التوصل إلى صيغة سياسية تحقق مصالح الشعب بعيدا عن العنف والتدخل الخارجى مع الحفاظ على وحدة الأراضى الليبية وبناء مؤسسات ليبية وطنية، ونطالب دائما بموقف إزاء الدول التى تخرق حظر الأسلحة المفروض.
هناك أيضا عدم توازن بشأن رد الفعل الأممى حيال مرتكبى العنف فى سوريا.. فما تعليقك على التركيز على عنف النظام رغم ما ترتكبه الجماعات الإرهابية وأطراف خارجية من جرائم؟
ذلك لأن رد الفعل الأممى يقوم على توازن المصالح للأطراف الدولية الكبرى، وليس على توازن رد الفعل أو منطقية رد الفعل، فسوريا دائما كانت رقما صعبا فى معادلة الشرق الأوسط وساحة لصراع القوى الكبرى وبذلك الوضع فى سوريا لا يتصل فقط بالمسألة السورية، وإنما بأطراف دولية عديدة وأهدافها بعيدة المدى ولذلك مواقف هذه الأطراف تتحدد بمصالحها، وليس بالحرص على توازن رد الفعل.
وبالطبع مصر ترفض الكيل بمكيالين وترفض الانتهاكات أيا كان من يرتكبها وتحرص على وحدة الأراضى السورية وانحصار التدخلات الخارحية والحفاظ على مستقبل البلد والشعب السورى كما أنها كدولة عربية ذات أهمية للأمن القومى لمصر والدول العربية.
ألا ينقص هذا من مصداقية الأمم المتحدة كمنظمة دولية جامعة؟
مصداقية الأمم المتحدة لا تنفصل عن مصداقية أعضائها، فالمنظمة مواقفها ليست مجردة عن مواقف أعضائها ولكن يمكن الحديث عن قيمها وميثاقها، ويمكن التقييم بناء على تحقيق الميثاق الذى يشكل نقطة مرجعية مهمة، ويظل مرجعية تدين من ينتهكها.
تستضيف مصر 5 ملايين لاجئ من دول مختلفة.. كيف يتم تقييم الدور المصرى فى هذه القضية داخل الأمم المتحدة وما حجم الدعم الذى تلقيه؟
قضية اللاجئين والمهاجرين قضية دولية كبرى وتعكس الارتباط بالقضايا الأخرى السلم والأمن والإرهاب والتوترات القائمة فى مناطق مختلفة، ومصر كانت من الأطراف الاساسية فى المفاوضات التى تمت وتتم حول هذه القضايا، مصر لديها تجربة ونموذج إيجابى للغاية، فى بعض الدول يتم وضع اللاجئين فى معسكرات بينما فى مصر هذا لا يحدث، وإنما ينخرط فى المجتمع بالكامل ويحصل على التعليم والرعاية الصحية، وفى عدة محافل فى الأمم المتحدة يتم الإشادة بها كنموذج إيجابى فى التعامل مع القضية من منطلق إنسانى وتنموى وإشراك وإدماج هؤلاء القادمين وتحويلهم إلى طاقة إنتاجية إيجابية. 5 مليون لاجئ يشكلون أعباء إضافية فى وقت نواجه فيه تحديات اقتصادية وأعباء داخلية، ودائما ندعو أن يكون للمجتمع الدولى دور فى تخفيف الأعباء عن الدول المستقلة.