قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن دار الإفتاء المصرية بمثابة بيت خبرة للفتوى والإفتاء ليس على مستوى مصر وإنما العالم، مشيرا إلى أن دار الإفتاء المصرية لها خبرة متوارثة ومتراكمة منذ 125 عاما.
وأضاف المفتي، خلال لقاء خاص مع الدكتور محمد الباز، في برنامج “آخر النهار” المذاع عبر فضائية “النهار”، أن الهدف الأسمى لدار الإفتاء هو الاستقرار المجتمعى، لافتا إلى أن دار الإفتاء تنتج شهريا ما يقارب 3 آلاف ونصف إلى 4 آلاف فتوى يوميا، وتصدر كتاب مستقل لدار الإفتاء كل عام، فيه كشف حساب عما قدمته الدار فى العام الماضي وماذا ستقدم في المستقبل.
وأكد المفتي، أن هناك إقبال من كافة المفتيين في العالم على زيارة دار الإفتاء المصصرية، موضحا أنه عندما أنشأت الأمانة العامة للفتوى كانت بمشاركة 25 دولة، والآن تضم حوالي 60 دولة و85 شخصا، مشيرًا إلى أن اللائحة الداخلية للأمانة العامة للفتوى وضعت نصا صريحا بألا يتم السيطرة على الفتوى، وضرورة الاحتفاظ بخصوص كل بلد وطبيعتها في مسألة الفتوى، منوها إلى أن فتاوى كورونا من القضايا المشتركة بين الدول وفتاواها تكاد تكون واحدة.
وأوضح المفتي، أن العرف ما دام متناغما مع مصلحة الناس وما لم يتعارض مع الشرع فلابد من اعتباره في الفتوى، مضيفًا: “كل زمان ومكان له اعتبارات خاصة قبل الإدلاء بالفتوى، وهناك عرف عام يحكم طبيعة الأمور ومقتضياتها”، مؤكدًا أن أي قرار في دار الإفتاء لا يمكن أن يؤخذ إلا بناء على معطيات علمية.
وأوضح المفتي، أن هناك تصرفات في الفتوى بمقتضى القضاء، وهي خاصة بالنزاع وتحتاج لشهود وأدلة، وهناك تصرف بمقتضى الفتوى، لا يحتاج أدلة إثبات ولا شهود وإنما يبين حكم الله.
ونوه المفتي إلى أنه في إطار العلاقة الزوجية ينبغي على الزوجين التفاهم في كافة تفاصيل الحياة، والاعتماد على النقاش والحوار الهادئ، الذي سيؤدي إلى ثمارات تبقي استمرار الحياة الزوجية، مردفا: “لا نحب الجانب الحقوقي في العلاقات الزوجية، وإنما الجانب الأخلاقي”.
وقال الدكتور شوقي علام، إن تحديد المصطلحات من الأمور الهامة جدا في أي علم من العلوم، ومصطلح “فقه الإنجاز” نتاج معركة فكرية اجتماعية على مستويات عديدة، وترجمة عن معاني كبيرة وجدت في منظومة الشريعة الإسلامية.
وأضاف أن من ينظر إلى الشريعة الإسلامية بعمق يجد أنها جاءت لصالح الإنسان وبنائه، وأدائه دورا مهما في الحياة، فيأخذ هذا الدور بيده ويحقق مصلحته في الدنيا والآخرة، متابعا: فقه الإنجاز بذلك هو ترجمة عن فقه بناء الإنسان.
وأكد أن بناء الإنسان هو محور الشريعة، مدللا على ذلك بما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم ومكوثه فترة طويلة في مكة المكرمة قبل انتقاله للمدينة المكرمة دون تكليفات في الشريعة سوى بعض العبادات، وذلك لأن النبي كان يريد بناء الإنسان أولا وتعميق قضية الإيمان في القلوب.
وتابع: عملية القلب هي أساسية للانطلاق إلى الكون، لأنه لو لم توجد رقابة ذاتية التي يصل فيها الإنسان إلى تحقيق الإحسان الذي قصده سيدنا جبريل في سؤال النبي عن الإحسان وأجاب النبي “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تراه فإنه يراك”.
وأوضح أن من تعمق في قلبه الإيمان، ينطلق في الكون ويعمر بلده ويساعد ويتعاون ويفهم النص الشريف “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”، وقوله تعالى “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأثنى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، ليأخذ من النص الشريف ويطبقه ويعمر الكون.
ولفت إلى أن ما يقال عنه “فقه المآل”، فيه جزء كبير من فطنة المفتي، في أنه يتبصر وينظر في المسألة التي أمامه، وماذا سترتب كلماته وفتوته على غيره.