نشرت صحيفة المصري اليوم مقال لمحمد أمين بعنوان : ( أسوأ بيان رسمى ) وجاء كالتالي :
حزنتُ إلى درجة الاكتئاب، عندما علمتُ بنبأ استشهاد 18 من رجال الشرطة فى عملية إجرامية واحدة.. للأسف، لم نعد نبكى، ليس لأن القلوب تحجرت، ولكن لأن الدموع هى التى تحجرت فى العيون.. فالصدمة مروعة والعدد كبير، ومعناه أن تخطيط الإرهابيين على أى مستوى.. والغريب أنهم يستخدمون المعلومات بشكل احترافى، فأين نحن من هذه المعلومات؟.. أليست هناك أجهزة معلومات «معاونة» للقوات؟!
كلمة السر وراء ضبط أى عملية إرهابية، أو فشلها هى «المعلومات».. ويمكنك أن تفتش وراء عملية العريش أمس، ستعرف أنها حدثت بسبب نقص «المعلومات»، أو بسبب الخداع من جانب الإرهابيين.. وكلمة السر فى تدمير خلية أرض اللواء كانت المعلومات أيضاً.. وقد تكون عملية العريش للانتقام من تصفية خلية أرض اللواء.. ولا أستبعد فكرة الانتقام.. الإرهاب قد «يتصرف» بحقارة، ولكن بمعلومات!.
ومن المؤكد أن هناك علاقة بين ما جرى فى أرض اللواء، والعملية الإجرامية فى العريش.. فما إن نجحت قوات الأمن فى ضرب الإرهاب فى الجيزة، حتى كان الرد فى اليوم التالى مباشرة.. فقد استيقظنا أمس الأول على حركة غير عادية فى شوارع الجيزة ووسط البلد، بعد قليل جاءنا الخبر أن عملية حصار وتدمير تتم لخلية فى أرض اللواء.. هذا الخبر كان له صدى فى سيناء، فتمت عملية الخداع والانتقام!.
ولستُ من الذين يتحدثون عن أخطاء المواجهة والدم يسيل.. فلم أتحدث من قبل عن تقصير هنا وفشل هناك.. لكن هذه المرة أقول هناك أخطاء فادحة، وكان ثمنها سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء.. وربما كان هناك استرخاء أيضا بعد عملية أرض اللواء.. هذا الاسترخاء كلف قوات الكمين حياتهم.. ومن هنا أشعر بالحزن والاكتئاب.. لأن أراوحهم ذهبت «هدراً»، وقد حدثت لغياب معلوماتى «واضح»!.
فلا ينبغى أن نتعامل مع هذه الجرائم، على أنها أمر روتينى اعتدنا عليه.. ولا ينبغى أن تتعامل أجهزة الدولة فى بياناتها مع هذه الأحداث على أنها أمور طبيعية، فتصدر بيانات مثل الذى قرأناه بالأمس.. البيان الذى صدر فاتر.. وهو بيان غريب ومستفز.. يتحدث عن تلفيات بالسيارات، قبل أن يتحدث عن بعض الشهداء وبعض المصابين.. ولم يذكر أى عدد.. سواء للقوات أو المدرعات.. «بيان زى عدمه» للأسف!.
وقد فهمتُ من بيان الداخلية، أنها لا تريد تضخيم الأمر، وربما لا تريد أن يغطى خبر الحادث على فرحة الداخلية بتصفية وكر أرض اللواء، وربما أيضاً لا تريد أن يغطى على زيارة وزير الداخلية، لمستشفى الشرطة.. وقد أكون مخطئاً، وقد أكون غاضباً.. ولكن يمكن مراجعة البيان الرسمى.. كله مكتوب على طريق «بعض التلفيات»، و«بعض الشهداء»، و«بعض المصابين».. إنه أسوأ «بيان رسمى» حتى الآن!.
فلا يصح أن تُكتب البيانات بهذه الصيغة الفاترة، ونحن أمام مذبحة كبرى.. ولا يصح أن تكون بهذا الاستفزاز.. هل الهدف منه أن نقول إن الأمر عادى؟.. هل الهدف ألا يفرح الإرهابيون مثلاً؟.. مهم أن نستنهض همم المصريين فلا يشعروا بالاسترخاء أبداً.. مهم أن نقدم معلومات واضحة، حتى لا يأخذوها من مصادر أخرى!.