كتبت من قبل عن ضرورة عودة الحياة فى شرايين العالم بعد توقفه بشكل مفاجئ إثر جائحة كورونا، ما كان سيؤدى إلى كارثة أعمق وأضخم فى تأثيرها، وهى التحول من مجرد مكافحة وباء إلى مكافحة مجاعة فى المستقبل القريب.
كتبت أيضاً عن ضرورة التفكير فى اللحظة المقبلة، وهى الأهم من وجهة نظرى، وهى اللحظة التى لا أريد فيها أن نشعر بالخطر من توقف الحياة، إذ بدا لى بعد القرارات الحكومية الأخيرة بشأن تخفيف الإجراءات الاحترازية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، أنه صار من الواضح أن الحكومة تفكر بنفس الطريقة وبنفس المنهج.
بدا لى أن الجميع قد أدرك أن تغيير سلوكيات المواطنين هو طوق النجاة الحقيقى للوقاية من الفيروس، خصوصاً مع التوجه العام للحفاظ على دوران عجلة الحياة فى مصر، بل فى العالم كله.
قرارات التخفيف التدريجى- حتى وإن كانت بطيئة- فهى استجابة لواقع الحال، إذ أتت متماشية مع توجهات دول أخرى بإعادة عجلة الحياة للدوران من جديد، إذ باتت دبى على وشك فتح المراكز التجارية، فى حين فتحت الدول الأوروبية الباب شيئاً فشيئاً لحرية حركة المواطنين، حيث قررت ألمانيا عودة المدارس فى أوائل مايو، بينما سمحت إسبانيا بإعادة الحياة للملاعب الرياضية تدريجياً، ذلك بالتزامن مع حركة غير عادية فى المعامل لإيجاد حلول للفيروس.
لكن فيما يبدو أن الكل قد أدرك أن مسؤولية الحفاظ على النفس هى مسؤولية المواطنين دون غيرهم.. الكل أدرك أن السلوكيات هى المحك الرئيسى لمواجهة كورونا، فالعالم بدأ ينظر إلى الفيروس باعتباره أمراً وجب التعايش معه كأى فيروس آخر، حتى القضاء عليه، إما بمناعة الإنسان وقوتها المكتسبة، أو بعلاج ناجع أو بمصل واقٍ. ولذلك كان لابد من خروج الناس إلى الحياة، بعد قرارات الإغلاق والمنع.
كثير من سلوكيات المواطنين التى نراها يومياً قد تتسبب فى بقاء العدوى لفترة طويلة، لذا فإن النصيحة الوحيدة حالياً هى ضرورة تجنب ما هو ضار وفعل ما هو نافع. لابد مثلاً من الاعتماد على نظام غذائى صحى، وتغيير نمط الحياة بشكل عام، فالبُعد عن التدخين، وحل أزمة التكدس والتواجد فى التجمعات المزدحمة، والاستخدام السيئ للأدوات الشخصية، إضافة إلى تجنب لمس العينين والأنف، وغسل الأيدى بعد العطس والسعال، أمور مهمة لابد أن تتحول من إجراءات وقائية ضد الفيروس إلى أسلوب حياة.