مع أهمية القضايا التى أثارها الرئيس فى إجابته عن أسئلة المواطنين بمبادرة اسأل الرئيس، تأتى قضية المحليات كواحدة من أهم وأخطر الموضوعات التى تتعلق بالمستقبل. وبالرغم من أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان حريصا على استخدام تعبيرات منضبطة، حسب وصفه، لكنه بدا مدركا للدور المتعلق بالمحليات، وكيف تغير من أداء الدولة عموما وتضع مصر على طريق التقدم الفعلى.
هناك اتفاق على أن المحليات هى أساس التحول والإصلاح فيما يتعلق بالإدارة، وفى الوقت الذى تقوم فيها مشروعات عملاقة ومدن جديدة وشبكة طرق وبنية أساسية، يظل أداء المحليات ضعيفا فى الأحياء والمدن المختلفة القديمة، بل وأقل من الضعيف، إشغالات ومخالفات وزحام وبناء على الأراضى الزراعية واعتداء على أراضى الدولة. كلها من عمل المحليات ممثلة مجالس الأحياء والقرى والمدن والمحافظات ومتابعة الخدمات.
ولا نعرف كيف يتلقى المسؤولون حديث الرئيس فى القضايا المختلفة، ومنها قضية المحليات، فقد عبر الرئيس عما يقوله الناس فى الشارع بشكل مباشر تجاه المحليات، كونها أهم وأخطر قطاع يمكن أن ينهى نصف مشكلات الإدارة فى مصر، ان لم يكن أكثر. لقد أعلنت الحكومة عن البدء فى تنفيذ التوصيات الخاصة بمؤتمر الشباب، ولعل المحليات هى النقطة التى تتطلب الكثير من الدراسة والجهد، وإصلاحها سوف يكون فارقا فيما يتعلق بشعور الناس بثمار الإصلاح.
فى إجابته عن تأخر قانون المحليات، ذهب الرئيس السيسى للقضية، وقال «إن حجم التعدى على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة يعكس الدور الخطير والمهم للمحليات.. فى دول أخرى لا يستطيع مواطن زراعة أو يشيل شجرة أمام بيته إلا وكان هناك تصديق من المحليات».
وتطرق الرئيس إلى أداء الموظفين والمحليات وقال: «هناك غياب كامل للمحليات والنتائج صعبة جدًا.. إحنا عملنا تعديل لقانون المحاجر وكنا نتمنى أن نتحصل على 18 لـ 20 مليار جنيه، كعوائد من الأمر، مخدناش ولا حتى 10%، وهذا معناه أن القانون مش دقيق أو أداؤنا مش دقيق، هناك 35 مليون جنيه من محجر واحد، هنا نحن أمام إهمال وتقاعس وربما تواطؤ فيما يتعلق بإهدار ثروات الدولة، وحرمان الموازنة من دخل ضخم».
ونظن أن حديث الرئيس يعنى أن تتحرك الجهات المعنية من محليات ورقابة إدارية للبحث عن مصدر التواطؤ الذى يؤدى إلى إهدار ثروات ضخمة.
الأمر الآخر فيما يتعلق بغياب المحليات واضح فى حجم الإشغالات والمخالفات والتعديات فى أحياء القاهرة والمحافظات بشكل يكشف عن عدم قيام رؤساء الأحياء بدورهم الطبيعى، ولهذا تساءل الرئيس السيسى: هل ما نراه فى مصر يعكس دورا وأداء جيدا ومنضبطا وكفئا؟.. وأجاب: «لا طبعا، احنا شايفين حجم التجاوز.. أى مبنى يتم بناؤه خارج الإطار من شغل المحليات، وأى تعديات هو شغل محليات، عندنا فى مصر مشكلة كبيرة فى هذا الأمر».
ولأن التشخيص بداية العلاج، فإن الرئيس أعلن حرص الدولة على الانتخابات بأسرع وقت ممكن، معربا عن أمله فى أن تكون النسبة الكبيرة من الشباب. لكن حديث الرئيس يتضمن إشارات مهمة فيما يتعلق بضبط الأداء، وتعديل القوانين باعتبار أن التشريعات وحدها لا تكفى وضرب مثلا بتعديلات قانون المحاجر وفشل المحليات فى تنفيذه، وبالتالى وبالرغم من أهمية قانون انتخابات المحليات وما يمكن أن تقوم به المجالس الشعبية فيما يتعلق بالرقابة والمتابعة والضبط، فإن الحكومة والجهات المعنية بالتخطيط عليها دور فى توسيع دراسة الأسباب والعوامل التى تراكمت على مدى سنوات.
لقد كشفت تجارب السنوات الأخيرة، أن الرئيس عندما يضع أمامه قضية لايتركها إلا وقد تم تفكيكها وعلاج جذورها، لكن يفترض أن تتحرك أجهزة الدولة لتساعد فى إنهاء هذا الملف، وفى حال نجح علاج المحليات تكون مصر بالفعل على طريق التقدم.