أتفق مع الكاتب الكبير طارق الشناوى فى أن الرئيس رحب الصدر أكثر من الذين حوله، وأنه يضحك للنكتة الحلوة، ويؤمن أن الشعب يعانى، ولكنه يتحمل بصبر ووطنية، وقد شكره الرئيس على ذلك فى كل مناسبة.. وأتفق معه أيضًا فى أن التضييق الذى يحدث من البعض، إنما هو اجتهاد شخصى، فطالت قائمة الممنوعات، التى لا يعرفها الرئيس ولم تُعرض عليه أبداً.
فالرئيس يعرف بالتأكيد من خلال تقارير يومية «حالة الشعب».. ولولا شعوره بالامتنان ما شكر الناس.. وحين كان يقول إن الشعب هو البطل، كان يؤمن بذلك.. وبالتالى فإن الصحافة التى تعبر عن مواجع الشعب لا تقلق الرئيس، إذا كانت «وطنية» قلبها على مصر.. ونحن نفعل ذلك بلا خوف من أى تفسيرات.. المشكلة حين يكون النقد نوعًا من التحريض!.
إن حالة السخرية حالة جيدة للشعوب الحية.. وقد كان الشعب يسخر من نفسه، فيعبر فوق الأزمات.. روح السخرية مهمة فى حياة الشعوب.. وهى تمتص حالة الغضب.. لكن أن يحدث كتم لهذه الأصوات الساخرة والرسومات الناقدة، فهو ليس فى صالح الشعب ولا الوطن.. وأعتقد أن بعض المؤسسات كانت تنتج سلاح النكتة فى وقت ما.. ومازالت حتى الآن!.
ومن هنا أقول «مجددًا» إن حالة منع الكُتاب والساخرين فى الصحف وعلى الشاشات ليست حالة جيدة أو مفيدة.. لأنها تؤدى إلى حالة اكتئاب.. وأظن أن الدكتور أحمد عكاشة، فى حواره للزميل شريف عارف، قد شرح حالة الاكتئاب، وتكلم عن ضعف الروح المعنوية للشعب.. وقال إن 30% من سلامة الصحة النفسية تعتمد أولًا على الإحساس بالحرية والديمقراطية!.
ومعناه طبعًا أن الحاكم ينبغى ألا يقلق من الشعب الساخر، الذى يتحلى بروح الفكاهة، وإنما يقلق من الشعب النكدى الذى يكتم سخريته وضحكته ومشاعره.. لأنها ببساطة تخرج فى «عمل عنيف» يضر بالوطن إلى حد كبير.. وبناء عليه أطالب بفتح المجال أمام الأصوات الوطنية.. خصوصًا أن الشعب يتجه لمَن يعبر عنه ولو كان يخدره أو حتى «يكذب عليه»!
ولا أخفى عليكم أن مراكز الأبحاث الأمريكية تدرس حاليًا لماذا لم يعد الشعب الأمريكى يتحلى بروح الفكاهة والسخرية؟.. وهم مشغولون جدًا بهذا الأمر.. فالسخرية تفيد الجسم والعقل.. وتحفز الإنسان على الإبداع.. وتحقق السعادة والسلامة النفسية، كما أنها ترفع الروح المعنوية.. فضلًا عن دعم العمل الجماعى، وتساعد على تطور الشخصية والقدرة على القيادة!
وباختصار، نحن نضحك للنكتة الحلوة.. ونعرف النقد الموضوعى الوطنى من النقد الهدام.. مهم أن نفتح المجال بلا تضييق.. ومهم أن نقلل من قائمة الممنوعات والممنوعين.. كلنا وطنيون نحب مصر.. أتحدث هنا عن مصريين يحبون الوطن، فليس كل مَن ينتقد من الخونة.