حوادث قتل وقعت في الآونة الأخيرة في مدينة الرحاب الواقعة في القاهرة الجديدة، كان آخرها عثور الأجهزة الأمنية على جثة طالب يبلغ من العمر 24 عامًا في صندوق خشبي مدفون أسفل سيراميك مطبخ فيلا بالمدينة، مقتولا على يد والد خطيبته منذ عدة أيام.
شهور قليلة تفصل هذا الحادث عن واقعة قتل أب لأولاده وزوجته وانتحاره خوفا عليهم من الديون، ما دعا الأجهزة الأمنية لتكثيف الجهود لضبط الخارجين عن القانون والتصدي لمثل هذه الجرائم، وفي هذا التقرير نرصد تفاصيل هاتين الحادثتين علهما تكونان الأخيرتين.
7 أيام قضتها الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، بإشراف اللواء محمد منصور مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، في إجراء التحريات والبحث عن الطالب بسام أسامة 20 سنة، عقب ورود بلاغ من أهلية الشاب يفيد باختفاء يوم وقفة عيد الأضحى المبارك.
في البداية، شكل اللواء أشرف الجندي مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة، فريق بحث برئاسة اللواء سامي غنيم واللواء أحمد عبدالعزيز نائبا مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، وضم اللواء نبيل سليم مدير المباحث الجنائية والعميد عبد العزيز سليم رئيس مباحث قطاع القاهرة الجديدة، والمقدم تامر عبدالشافي والمقدم عمرو الوكيل والمقدم محمد كمال رؤساء مباحث أقسام شرطة التجمع الأول والتجمع الثاني والشروق، وبدأت الأجهزة الأمنية في تجميع خيوط البحث عن الطالب المختفي.
وخلال عمل الأجهزة الأمنية، بقطاع القاهرة الجديدة، تابع اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، واللواء محمود أبو عمره مدير مباحث الوزارة، خطوات البحث عن الطالب، حيث تم التعامل مع البلاغ في الشق الأول علي أنه إختفاء، وتم توزيع نشرة تحمل صورة شخصية له ومعلومات عنه وأرقام هواتف أهليته علي القطاعات المختلفة.
وأكملت الأجهزة الأمنية عملها، في شق ثاني، حيث تم البحث عن خيوط وقوع جريمة قتل تسببت في اختفاء الطالب بسام، وبدأت الأجهزة الأمنية في البحث عن نشرات الجثث المجهولة في مديريات الأمن المختلفة، وتجميع خيوط عن أصدقاء وأقارب المجني عليه، للتوصل إلي ماهية الاختفاء.
وخلال عمل فرق البحث، كشفت تحريات الأجهزة الأمنية، عن أن الطالب علي صلة بابنة أحد رجال الأعمال، وبالكشف عنها تبين أنها خطيبته، وأنها مختفية منذ أيام هي ووالدها، وواصلت الأجهزة الأمنية البحث عن خيوط أخرى لكشف لغز اختفاء طالب الجامعة البريطانية.
وخلال عمل فرق البحث، تلقت أسرة الطالب الجامعي، اتصالا من رقم مجهول يؤكد لهم أنه وراء واقعة اختفاء نجلهم، وطلب منهم تحضير مبلغ 600 ألف دولار فدية لإعادته، وتم إبلاغ الأجهزة الأمنية بالمكالمة، حيث بدأت فرق البحث الجنائي بإستخدام التقنيات الحديثة للكشف عن موقع الاتصال وهوية المتصل.
استخدمت الأجهزة الأمنية تقنيات حديثة للتوصل إلي هوية المتصل “طالب الفدية”، وفك لغز الجريمة، حيث تبين أن آخر اتصال تلقته الشبكة عبر هاتف المجني عليه كان بمنطقة الرحاب، وأنه تلقي اتصالات هاتفية من والد خطيبته وشقيقها وخطيبته قبل إغلاق هاتفه، فاتجهت خيوط البحث نحو والد خطيبة المجني عليه، حيث تم القبض عليه كأول خيوط الجريمة.
واعترف والد الفتاة، أمام المستشار محمد سلامة رئيس نيابة القاهرة الجديدة، وبإشراف المستشار أحمد حنفي المحامي العام الأول لنيابات القاهرة الجديدة، بقيام نجلته باستدراج المجني عليه لشراء شقة الزوجية بمنطقة الرحاب تمهيدا لتنفيذ خطتهما بقتله.
كما كشفت تحقيقات النيابة، أنهم اتجهوا إلي إحدى الشقق السكنية المملوكة لوالد الفتاة، وكان في انتظارهم مجموعة من البلطجية التابعين له، وبمجرد وصولهم قاموا بتكتيف المجني عليه، وقام أحدهم بضربه بسكين في جسده.
وقام المتهمون بوضع جثة الطالب في صندوق خشبي وجلبوا كميات من الفحم ووضعوها علي الجثة لمنع انبعاث رائحة حين التعفن، ومن ثم حفروا في أرضية الشقة وأنزلوا الصندوق الخشبي، وردموا عليه الرمال والأسمنت والسيراميك مرة أخري، لإخفاء الجثة تماما.
وعقب تقنين الإجراءات، واعتراف والد الفتاة، أمرت نيابة القاهرة الجديدة، بضبط وإحضار باقي المتهمين المشاركين في الواقعة.
وهنا ننتقل لجريمة رجل أعمال يقوم بقتل زوجته وأولاده ويقوم بقتل نفسه لتراكم الديون عليه، واستغرقت عدة أيام على اكتشاف الجيران لها، بعدما انبعثت روائح كريهة في مدينة من إحدى المدن الراقية بالقاهرة الجديدة، والتي لم تشهد حوادث مثل هذه الحادثة البشعة، حيث يقطن في مثل هذه المدن أصحاب النفوذ والطبقات العالية والمثقفين، الذين أفاقوا في صباح الأحد على مذبحة غريبة من نوعها وهي رجل أعمال يقوم بقتل زوجته وأولاده ويقوم بقتل نفسه لتراكم الديون عليه لتصبح الجريمة حديث السوشيال ميديا ومواقع التواصل ومدينة الرحاب بأكملها، فلم يجد مقاول وسيلة للتخلص من الديون والدعاوى القضائية، التي لحقت به سوى قيامه بإطلاق الرصاص على زوجته وأولاده الثلاثة ثم ينتحر.
الجريمة أثارت جدلا واسعًا بين سكان الحي الهادئ، حيث تداول السكان أخبارا ما بين أن الحادث انتحار أو انتقام، ففي البداية نشرت إحدى الصفحات التي تهتم بأخبار حي الرحاب علي “فيس بوك” أن الحادث انتحار، وأن الأب أطلق النيران علي أولاده وزوجته وبعدها انتحر، بسبب غرقه في الديون وعدم قدرته على السداد.
ولكن التعليقات كشفت عن حالة من الجدل بين السكان، فمنهم من أكد أن الحادث انتحار والآخرين كذبوا الرواية، مؤكدين أنهم لم يسمعوا صوت إطلاق رصاص خلال أمس أو الأيام الماضية، ومنهم من أكد أن الجثث كانت مذبوحة وغارقة في الدماء وأنه عثر عليهم في حالة تعفن لوقوع الحادث منذ عدة أيام.
تحريات رجال المباحث كشفت عن الخيوط الأولية لجريمة القتل، حيث تبين أن الأب يعمل في مجال تجارة المقاولات وأنه جمع من المواطنين مبالغ مالية كبيرة، ولكن تعثره في السداد جعل الضحايا ينهالون عليه ببلاغات ضده وبعد فترة وجيزة صدر ضده العديد من الأحكام القضائية وأصبح ملاحقا أمنيا ليصاب بحالة نفسية سيئة نتيجة لذلك.
وفي ليلة الحادث والتي كانت نهاية زوجته، 43 سنة، ونجله، 22 سنة، وابنته، 20 سنة، وأخرى، 18 سنة، على يده بعد أن أطلق الرصاص عليهم لتتحول فيلتهم إلى بركة من الدماء، وبعدها قام بإطلاق الرصاص على نفسه ليلقى مصرعه في الحال.
وكشفت التحريات أنه بعد مرور 3 أيام اشتم السكان رائحة كريهة تنبعث من داخل الفيلا، فتم إبلاغ الشرطة التي حضرت على الفور، وقام رجال الأمن وخبراء المعمل الجنائي بمعاينة جميع مداخل ومخارج الفيلا وفحص المترددين عليها، وكذا جار العمل على فحص سجل المكالمات الأخيرة للمتوفين بعد مخاطبة شركات المحمول لكشف غموض ملابسات الحادث، وأمر اللواء خالد عبد العال، مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، بإخطار النيابة التي تولت التحقيق في الحادث.
فيما كشفت المعاينة عن وجود المسدس المستخدم في الجريمة بجانب القتيل “الأب”، كما تم العثور علي من فوارغ الطقلات بأنحاء متفرقة من المنزل، كما تم العثور علي طلقات الرصاص المستخدم في قتل الزوجة على “كنبة الريسبشن” والفتاة بطلقتين بجوارها، ثم ابنيه أحدهما في المطبخ والآخر في غرفة النوم، كما تبين أن الأعيرة النارية المستخدمة في قتل الثلاثة أفراد والسيدة وزوجها هي ذاتها الأعيرة المنطلقة من أداة الجريمة بجانب جثة المجني عليه “مسدس غير مرخص”، كما تم العثور على جميع مصوغات الأسرة بالكامل ولم تتعرض الفيلا للسرقة، ما يؤكد أن الحادث هو انتحار بسبب الديون المتراكمة، وتبين من المعاينة اختفاء كلب يملكه أصحاب الفيلا، وعدم وجوده في أي مكان داخل محيط الفيلا، وكذلك أن إطارات السيارة فارغة من الهواء تمامًا.
وانتهت النيابة من تفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بالفيلا والفيلات التي بجانبها، وتبين عدم دخول أو خروج أي فرد من الفيلا غير سكانها خلال الأيام الماضية، وتستمتع النيابة إلى أقوال الجيران الذين أكدوا أنهم قاموا بإبلاغ الشرطة بعد انبعاث رائحة كريهة من الفيلا والتي كشفت عن جريمة القتل البشعة.