نشرت صحيفة الوطن مقالاً للكاتبة ريهام فؤاد الحداد تحت عنوان عنوان : (صناع الأمل وأفئدة الطير) ، وجاء كالتالي :
صناع الأمل، هو عنوان مسابقة قد أعلن عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبى، مسابقة خير توقظ بالنفس كل الآمال والطموحات بنشر الإيجابية والسلام، ومن خلال قصص عطاء الفائزين الخمسة، المختلفة، رأيت أحلامى الشخصية للبشرية والإنسانية تتحقق بأيديهم بامتياز وتضحية منقطعة النظير.
علقت أختى على الفائزين، بأن هؤلاء هم من يمتلكون أفئدة كأفئدة الطير. حقيقة الأجواء كلها كانت طيبة ملهمة، حتى إن القائمين على الجائزة أنفسهم كان لهم ذات الأفئدة الطائرة!!
تنوعت قصص العطاء وخدمة البشرية وعَظُمتْ لدرجة أن قام الشيخ محمد بمنح جميع الفائزين جوائز تتساوى مع الفائز الأول، ليعطى رداً واضحاً مباشراً بكرم العطاء وكيف يكون العطاء رداً على العطاء، لتتحول المسابقة إلى مباراة عطاء كريم لنفوس طيبة لا تعرف للبذل سقفاً أو حدوداً، عسى الله أن يثيبهم أجمعين خير الثواب والجزاء.
حتى لجنة التحكيم كانت على مستوى من الإنسانية والدقة والرقى والضمير، بحيث اختارت نماذج ملهمة جميلة وأثنت عليهم بعبارات فى منتهى الصدق والتجرد، كأن ذكر (على جابر) أنه من خلال قصص صناع الأمل وتضحياتهم قد انتابه إحساس بتفاهة ما يقوم به بالحياة، وسبقه (أحمد الشقيرى) قائلاً لـ(هشام الذهبى)، من العراق وأحد الفائزين، إنه قد شعر أن مجرد إنفاقه على يتيم بدار رعاية لا يعد شيئاً مقارنة بما قام به «هشام» من إيواء ٣٣ طفلاً بمنزله الصغير، إقامة كاملة يطعمهم ويرعاهم ويربيهم ويعلمهم الموسيقى والرسم ويأخذهم للمدارس ومن يصل منهم لِسن الزواج يقوم بتزويجه، وكيف أنه بهذا قد حقق المعنى الفعلى والحقيقى لكفالة اليتيم وبناء الإنسان.
كان من الفائزين أيضاً السيدة المصرية (ماجى جبران)، الملقبة بالأم تيريز المصرية، تلك السيدة التى كانت تشغل منصب أستاذ جامعى بالجامعة الأمريكية والتى قادتها الصدفة لزيارة حى الزبالين بالمقطم منذ ثمانية وعشرين عاماً، لتترك حياتها السابقة وتؤسس عدد اثنين وتسعين مركزاً لرعاية المحتاجين يضم ثمانية عشر ألف طفل، تعليماً وعلاجاً وتدريباً.
جاءت الكويتية (معالى العسعوس) لتضرب مثالاً جميلاً على أن فعل الخير لا ينتظر قوانين المنطق واحتمالات النجاح والفشل، تقول «معالى» إن زيارتها لليمن منذ سنوات وألمها الشديد تجاه معاناة أهله جعلتها تتخذ قراراً بالهجرة إلى اليمن، هاجرت للمجهول وسكنت العشش وعاشت معاناة الأمراض والأوبئة والقصف والحصار، وكثيراً ما انقطعت عن أهلها لتعود إليهم بعد غيبة فتجد من تزوج ومن أنجب! يفوتها الكثير من تفاصيل هنية بعيشة مستقرة آمنة، إلا أن متعتها (بمساعدة أهل اليمن، وإنشائها خمسة عشر مشروعاً مائياً، وإقامتها لثلاثين حملة إغاثية استفاد منها مائتان وخمسون ألف شخص، وسعيها لإجراء خمسة آلاف عملية جراحية للمكفوفين، وتنفيذها لـ٦٣٧ منحة دراسية) لهى أحب إليها من رغد عيشها ببلادها!! حتى إنها اشترطت على زوجها عندما جاءها خاطباً أن يتطوع أولاً فى مشروعها الخيرى ليعلم ويتفهم أن ما تقوم به دائم ولَيْس عملاً عابراً.
أما (أصحاب الخوذ البيضاء) فهم مجموعة متطوعين ينتمون للدفاع المدنى السورى بدأوا بـ٢٥ متطوعاً ليصل عددهم اليوم إلى ٣١٠٠ بتسع محافظات سورية بقوة ١٢٠ مركز دفاع مدنى، وقد أنقذوا ٩٤٠٠٠ شخص، ورشحوا لنيل جائزة نوبل للسلام. هم مقاتلون سلميون، سلاحهم الخوذة والمجرفة والكريك. وبينما يهرب الجميع من مراكز الغارات والهجمات يقومون هم بالنزوح الفورى صوب الخطر لإنقاذ البشر، حتى إنهم فقدوا حتى الآن قرابة الـ١٨٩ شهيداً، لينقذوا آلاف الضحايا.
أما الفائزة بأكبر عدد ونسبة تصويت من حضور الحفل فقد كانت الآنسة المغربية (نوال الصوفى)، الملقبة بماما نوال، تلك الآنسة سمراء البشرة بيضاء القلب والفعل، التى تستقبل رسائل البحر يومياً المحملة باستغاثات السوريين الفارين من الموت بأعداد كبيرة على مراكب صغيرة، يستنجدون بها لتتلقاهم ببوارج الإنقاذ قرابة السواحل الصقلية حيث تعيش.
وينتهى حفل توزيع الجوائز، حاملاً دمعة شجن من جميع الحضور، وبسمة أمل، ومتبنياً لفكر راقٍ، وجميل، بجمال ورقى العطاء والمحبة غير المشروطة لأناس لهم أفئدة كأفئدة الطير.