لا تنقطع محركات البحث عن تصدير أخبار من نوعية كيف تستثمر أموالك في فترات الأزمات الاقتصادية، و5 نصائح لحماية مدخراتك من التآكل، و8 طرق تضمن الحفاظ على فلوسك من التضخم، عشرات النتائج التي تشمل هذه النصائح الجاهزة محلية الصنع، والتعليمات المنقولة والمعالجات السطحية، التي بالمناسبة لا تنتشر إلا في بلادنا، فالمنطق يختل عندما تفكر في الاستثمار والثراء والبحث عن أفضل طرق للمكسب في أوقات الأزمات، خاصة إن كانت عالمية كونية، لم تتضح أبعادها، ولم تصل الحلول إليها، حتى الآن.
لا أجد منطق أكثر أنانية من أولئك الذين يظنون أن السفينة تقلهم بمفردهم، وأنهم سيجنون من الشوك العنب، ويحصدون المكاسب من رحم الأزمة، فالحقيقة المؤكدة أن الأزمة لا تحمل فرصاً لأحد، ولو أن هناك مكاسب أو مزايا، بالطبع ستكون وقتية عارضة، فالسفينة لو غرقت في قلب المحيط، لن يختلف مصيرك كثيراً إن كنت تجيد السباحة أو لا، فالشواطئ بعيدة لا تراها الأعين، والمياه عميقة وشديدة البرودة، والقروش والحيتان تحيطك من جميع الاتجاهات، فلا تتصور أن النجاة ستحالفك وحدك، لكن نجاتك في نجاة المجموع بالحفاظ على السفينة، وضمان استقرارها، ومتابعة صيانتها، وتوفير احتياجاتها، والالتزام بتعليمات قبطانها وطاقمها، فهذا طريق النجاة الحقيقي.
لا تنخدعوا بالنصائح المعلبة والعبارات المستهلكة، ولا تنشغلوا كثيراً بأسعار العملات، وصعود الذهب، وحركة البورصة، ومعدلات الفائدة، اهتموا فقط بمعدلات الإنتاج، والمحاصيل الزراعية، والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وقللوا استهلاكاتكم من المنتجات المستوردة، وتحركوا في حدود قدراتكم المادية، ولا تثقلوا أعباءكم بديون أو احتياجات غير ضرورية، وقللوا من مظاهر الترف والرفاهية، وتجاوزوا أفكار التقليد الأعمى، وامنحوا أنفسكم فرصة للتخلي عن العادات الاجتماعية الخاطئة، والتقاليد البالية، التي تحفز على الإسراف وتدعو للإفقار.
يخطئ من يتصور أن الأزمة فرصة، وتحمل في طياتها مكاسب، لذلك عليك أن تنظر إلى المعادلة دائما من أبعادها المختلفة، فلو كنت صاحب تجارة وتظن أنك تجني أرباحاً من رفع الأسعار وإشاعة الغلاء، ستسقط بعد قليل في أعباء زيادة أسعار العمالة، وتكاليف الإنتاج والخامات المستوردة، وتواجه الركود الممتد، نتيجة انخفاض القوة الشرائية، وهو ما قد يدفعك في النهاية إلى فقدان تجارتك، فلا تظن أن المكاسب تستمر أو أن الأمور تسير على طريقتك الخاصة.
الوعي أهم ما نحتاجه في الوقت الراهن، وهو أقرب سبيل للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية، لذلك يجب أن نقف جميعاً في خندق واحد إلى جوار الدولة، فالمؤسسات الرسمية تقوم بجهد غير مسبوق على كافة المستويات لتأمين احتياجات المواطنين من السلع الأساسية، التي تكفي لفترات طويلة لمواطنين عددهم يتجاوز 100 مليون نسمة، وتسخر كل إمكانياتها لتخفيف كاهل المعاناة عن المواطن، لذلك يجب أن نلتزم بكل ما تنتهجه الدولة من سياسات، ونحترم ما تصدره من قرارات، ونتخلى عن منطق الفهلوة والحداقة، ونحاول أن نتحلى بالمسئولية الاجتماعية، ونؤدى أدوارنا بتجرد وإخلاص.