نشرت صحيفة الوطن مقالاً لحازم منير بعنوان : ( المرحلة الثانية لحرب الإرهاب ) ، وجاء كالتالي :
القرار الرئاسى بتأسيس المجلس القومى لمكافحة الإرهاب والتطرف تدشين لخطوة جديدة تمثل المرحلة الثانية فى الحرب على الإرهاب، كونه الأول من نوعه فى مواجهات مع الإرهابيين على مستويات عدة تتجاوز المواجهات العسكرية والأمنية.
تحدثت سابقاً عن نجاحات استراتيجية حققها الجيش والشرطة فى المواجهات المسلحة مع الإرهابيين، وكتبت رداً على سؤال هل فشلنا فى الحرب على الإرهاب، أن القوى الأمنية المصرية «جيش وشرطة» تمكنت من احتجاز الإرهابيين فى نطاق «العمليات الإعلامية» ومخططات محاولة التأثير المعنوى على الرأى العام، بعد أن تمكنت قوات إنفاذ القانون من إجهاض قدرات الإرهابيين على التخطيط أو تنفيذ عمليات تحقق لهم متغيراً ميدانياً أو تبدلاً فى توازنات القوى أو تتيح لهم الحديث عن مكاسب استراتيجية على الأرض، وحولت قدراتهم إلى مجرد عمليات متناثرة على قاعدة الكر والفر، كما كشفت الأيام الأخيرة والضربات الأمنية للأمن عن نقلة موضوعية مهمة فى الاختراق ساعدت على امتلاك معلومات تمنع هروب مرتكبى الجرائم من الإرهابيين.
مواجهة الإرهاب تتجاوز القدرة على الحسم العسكرى، كما تتجاوز محاصرة الدول الراعية والممولة والداعمة للإرهاب بالاحتياجات اللوجيستية، فحدود المواجهة والقدرة على حسم المعركة تمتد إلى متغيرات مهمة مطلوبة فى المجتمع تؤدى إلى محاصرة وتجفيف منابع تمويل التنظيمات الإرهابية بالبشر.
اعتقادى أن المنظومة الثقافية والفكرية المصرية تحتاج إلى متغيرات جذرية بعد أن اجتاحتها لسنوات طويلة موجات من الأفكار رسخت لثقافة العنف والتكفير وإنكار الآخر، ولم تعد معركتنا مثلاً فقط مع مناهج التعليم وإنما أصبحت أيضاً مع أدوات التعليم نفسها، المتغيرات المطلوبة لم تعد فقط فى تكثيف القوى والقدرات الأمنية، إنما تمتد أيضاً للثقافة القائمة واستبدالها من العنف والكراهية والتعصب وإنكار الآخر والإقصاء والتمييز والكراهية، إلى مفاهيم التسامح ومنع التمييز بين المواطنين على أى أسس ولأى أسباب، ثم حظر ممارسة الدولة نفسها للتمييز على أسس الدين أو المعتقد، وإطلاق حريات الرأى والتعبير والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية للجميع
فى ظنى أن استكمال خطوات الحرب على الإرهاب تتجاوز عقد الندوات والمؤتمرات العلمية إلى تدابير باتت مطلوبة على الأرض، تبدأ من تغييرات تشريعية ضرورية على القوانين المصرية التى أصابها الزمن، فجعل من بعضها أدوات لحماية التطرف والتعصب والتمييز، نحن نحتاج إلى إجراءات إدارية جادة فى مواقع العمل والتجمعات الشعبية الطبيعية لمكافحة كل أشكال التعصب والكراهية، ومساعدة الناس عبر وسائل وإجراءات تتيح لهم الحق فى الحصول على العدالة والإنصاف، حماية حقوق الناس خطوة ضرورية لإشعارهم بالمساواة وعدم التمييز، ونشر ثقافة حرية الإبداع وإطلاقها فى عموم البلاد يسهم فى دعم جهود الدولة لمكافحة الإرهاب، وتشجيع العمل السياسى والعام يرسخ من ثقافة المشاركة والتنوع والتعددية والقبول بالآخر، مطلوب إشاعة أجواء وموجات من التحركات الجادة لدفع الناس للمشاركة فى تحقيق النصر الشامل المطلوب، وتنجح فى إبطال دعاوى التكفيريين وادعاءاتهم الباطلة، وتحاصر أفكار الكراهية والتعصب والعنف، المواجهات الأمنية تحقق الانتصار على الإرهابيين والمواجهة الشاملة تحقق النصر على الإرهاب.