نشر موقع بوابة الوفد مقالاً لطارق يوسف بعنوان : (أكذوبة ضبط الأسعار ) ، وجاء كالتالي :
لم يعد المواطن يصدق الحكومة، والحكومة لم تمل من إطلاق تصريحاتها اليومية المستفزة والبعيدة تماماً عن الحقيقة، وبين هذا وذاك افتقد الطرفان الثقة فيما بينهما، فلا الحكومة قادرة على كبح جماح الأسعار، ولا المواطن يصدق كلامها، والمواطن على حق، فعلى رأى المثل «أسمع كلامك أصدقك وأشوف أمورك أستعجب» فخلال عام 2016 والربع الأول من عام 2017 تعاقب ثلاثة وزراء للتموين فى حكومة المهندس شريف إسماعيل، والجميع ليس لديهم إلا التصريحات الفشنك والمتعلقة بمراقبة الأسواق وخفض الأسعار، وأخيراً أكد عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك ضرورة ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق ووضع تسعيرة على المنتجات ومحاسبة من يخالفها، وهم يجهلون أن الأمر ليس بأيديهم من قريب ولا من بعيد، فلا الحكومة منتجة ولا تعلم شيئاً عن التكلفة لغالبية المنتجات، كما أنها لا تستطيع السيطرة على سعر العملة فى بنوكها ولا تستطيع القضاء على السوق السوداء فى الدولار، ولا توفر دعماً للمنتجين ولا تقوم بتيسير إجراءات الاستيراد للمواد الخام اللازمة لمعظم الصناعات القائمة، كما أنها أيضاً لا توفر العملة الصعبة، وقامت مؤخراً برفع الدعم جزئياً عن الطاقة والمحروقات، فبأى حق تتحكم فى تسعيرة السلع أو تخفيضها؟ وكيف يلتزم البعض والبعض الآخر لن يلتزم وستكون لديه عشرات الحجج والبراهين والأدلة التى تؤكد أن من حقه رفع السعر عن غيره، وهذه الحجج تتمثل فى تذبذب سعر العملة هبوطاً وارتفاعاً وأن المنافس كان لديه مخزون من المواد الخام تم استيرادها عندما كان سعر الدولار ثمانية جنيهات أو أكثر قليلاً، والآخر يتعلل بأن خاماته مستوردة من الاتحاد الأوروبى، وغيره قام باستيرادها من الصين أو تايلاند أو الهند أو صناعة محلية ولن تستطيع أجهزة الدولة المترهلة حسم الأسعار لصالح فريق سواء فى الصعود أو الهبوط، وسيجد المستهلك نفسه حائراً بين أكثر من تسعيرة خصوصاً إذا كان الأمر متعلقاً بسلعة استراتيجية مثل السكر أو القمح أو الأرز
هناك محتكرون يقومون بتخزين البضاعة وسحبها من الأسواق ليرتفع سعرها رغماً عن الحكومة ومراقبيها سواء كانوا من التموين أو من أى أجهزة أخرى، وطالما أن جميع السلع تخضع للعرض والطلب منذ الانفتاح فى الاستهلاك والاستيراد الذى أغرق الأسواق من كل شىء، فكيف يراقب موظف راتبه عدة مئات من الجنيهات سلاسل وأسواق تبيع بالمليارات وجميعها بلا تسعيرة جبرية وستكون له سلطة فى ضبط أصحاب هذه السلاسل أو تحرير محاضر لهم، وهم لم يخضعوا لأى جهة أو هيئة تلزمهم بتسعير منتجاتهم، كل ما فى الأمر هو تكتل أصحاب المصالح فى كيانات واحدة تحت مسميات مختلفة، فتارة نسمع عن جمعيات رجال الأعمال لصناعة الرخام أو الحديد أو السجاد أو الدواء أو اتحاد الغرف التجارية الذى يضم تجار العديد من السلع المختلفة، وكل اتحاد أو غرفة أو جمعية لا يهمهم سوى تعظيم أرباحهم وإلزام بعضهم البعض بأسعار محددة تضمن لهم السيادة فى السوق وابتزاز المواطن الذى رفع الراية البيضاء واستسلم لأية زيادات تفرض عليه دون أن يرفع صوته بكلمة واحدة و«المتغطى بالحكومة عريان» وعليه أن يبلع إهانته واستغلاله دون أن يتلفظ بكلمة واحدة مكتفياً بكلمة «عيادته شحاته» أى أن الكلمة الأولى والأخيرة للمصنعين والتجار وأن الحكومة لا تستطيع فعل أى شىء سوى الكلام والتحدث فى الإعلام وإعطاء وعود وهمية بأنها جادة فى محاربة جشع التجار.
فعلى الحكومة أن تتحسس حواسها وهى تطلق تصاريح جوفاء وتعلم أن السوق سينضبط إذا ازداد الإنتاج فى كل شىء وأن أى شىء ستفعله الحكومة بدون دعم الصناع والزراع لن يجدى، وأن التجار هم من التهموا الكعكة بأكملها ولم يتركوا لأحد شيئاً سوى الصياح والترحم على زمن ولى، كان فيه سعر اللحمة كذا والسكر كذا ولا يملكون إلا مصمصة الشفاه والدعاء على الحكومة.