نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب عباس الطرابيلي تحت عنوان ( حكومة الوجوه السبعة ) ، وفيما يلى أبرز ما تضمنه :
- البعض يرى أن حكومتنا بوجهين.. يعنى بوشين! ولكنى أراها حكومة الوجوه المتعددة.. فهى تنظر لكل موضوع، أو قضية بأكثر من منظار.. وبالتالى تتعدد قراراتها – فى نفس القضية.. ومن أمثلة ذلك سماحها بتعدد أسعار السكر والأرز والزيت.. وأيضاً فى قضايا مصيرية مثل التعليم والامتحانات.. ثم تراجعها عن نفس القرارات، قبل أن يجف مدادها الأول!!
- وفى قضية الأسعار تتعدد قرارات وتوجهات الحكومة.. فهى تسمح بالبيع بسعرين مختلفين فى قطاع الأدوية.. وترفض التدخل فى تحديد أسعار المواد الغذائية.. وحجتها فى الأولى أن هناك صيدليات قامت بتخزين كميات كبيرة من الأدوية.. بهدف تحقيق مكاسب غير طبيعية. يعنى ببساطة. الحكومة تعرف تعدد أسعار بيع الأدوية.. وتعرف أن كثيراً من الصيدليات تقوم بتعديل الأسعار المطبوعة على علب الأدوية بين وقت وآخر.. وأنا نفسى وجدت ثلاثة أسعار على علبة دواء واحدة.. والفرق كبير بين السعر الأول الذى خرج من المصنع.. والسعر الثالث.. ولا أحد يسأل.. أو يناقش.. وترى الحكومة هنا أن تستمر الصيدليات بالبيع بالسعر الأول المسجل من المصانع.. إلى أن يتم بيع كل ما لديها.. والصيدليات ترفض ذلك لعدة أسباب أنها تتلقى الأسعار الجديدة من المصانع أو من شركات توزيع الدواء على أنها سوف تحاسبها بالسعر الجديد، وليس المسجل على كل عبوة.. وقد يكون ذلك صحيحاً.. لأن الدفع ليس فورياً عند استلام الصيدلية للدواء.. ولا يعرف المريض هنا: هل المستفيد من تعدد الأسعار على الدواء الواحد هم أصحاب الصيدليات.. أم أصحاب المصانع وشركات التوزيع.. المهم أن المريض وحده هو الذى تضربه هذه الأسعار.
- ولكن الحكومة التى تعرف سياسة التخزين – فى الأدوية – لا تعترف بها بالنسبة لأسعار السلع الغذائية.. وليس غريباً أن سعر السلعة يتم تعديله عدة مرات فى اليوم واحد. فالسعر فى المساء.. غيره عند الظهيرة.. غيره فى الصباح.. وبالتالى ليس من مصلحة التاجر أن يبيع ما لديه.. وما أكثر ما لديه من مخزون سلعى. ولذلك أصبح لكل تاجر جشع عدة مخازن للهروب من أى رقابة، هذا إن كانت للحكومة عليهم، أى رقابة.
- هنا تتشدد الحكومة فى سلع للدواء وتعترف بالتخزين وتتمسك بإلزام الصيدليات ببيعها بالسعر المسجل أولاً على العلبة.. بينما لا تعترف بأسلوب التخزين، فى السلع الغذائية، ولا تتدخل فى ضرورة إلزام التجار بسعر توريد تجار الجملة لهذه السلع لتجار التجزئة.. وإذا كان المستهلك للدواء، ليس دائماً.. إلا للأمراض المزمنة.. فإن مستهلك المواد الغذائية مستهلك دائم ويأكل ثلاث مرات يومياً.. فلماذا هنا تتدخل الدولة – مع الدواء – بينما تتغافل عن التدخل فى الغذاء.. وماذا نسمى ذلك.. أو ذاك!!
- واللعب فى الأسعار مرفوض فى أى دولة محترمة، ودون تدخل الحكومات.. والالتزام بالبيع بسعر التوريد عند استلام الشحنة – حتى وإن جاءت للبائع.. طلبية أخرى .. وأتذكر أننى كنت فى أستراليا منذ سنوات قليلة ووقفت أشترى عدداً من القمصان، ووجدت قميصين متطابقين فى كل شىء.. ولكن أحدهما بسعر.. وثانيهما بسعر أكبر.. وسألت البائعة: لماذا؟ قالت هما نفس القميصين.. ولكن الثانى جاءنا بعد الأول بأسبوعين وكان سعره أكبر من الأول.. ولما كنا نحترم الزبون.. تركنا الأول بسعره الأول.. وهو أرخص قليلاً.. ووضعنا السعر الجديد – بالزيادة – مع الآخر .. أما عندنا.. فلا تاجر يلتزم.. ولا أحد يحترم الزبون.. وبالطبع نجد تعديل الأسعار – عدة مرات – للسلعة الواحدة.. رغم أن الطلبية واحدة.. والمخزون واحد.
- هل هى احترام من التجار.. أم التزام بشرف المهنة.. أم هو مسؤولية الحكومة، التى لا تريد أن تلزم التجار بالتسعيرة.. بل إن الحكومة نفسها ترفض فرض تسعيرة موحدة للسلعة الواحدة.. فهل تجار السلع الغذائية أكثر بطشاً على الحكومة من أصحاب الصيدليات.
- هل أخطأت أن حكومتنا – من ذوات الوجوه المتعددة – أم تخشى إزعاج التجار الجشعين وتركوا المستهلك تحت رحمتهم.. أم هو الغياب الكامل للحكومة عن مراقبة هذه الأسعار والأسواق