نشر موقع ( المصري اليوم ) مقالا للكاتب الصحفي ” علي الفاتح ” …
لا يمكن الفصل بين مقاطعة إمارة الإرهاب والعمليات الإرهابية التي تشهدها مصر خلال اليومين الأخيرين، والمؤكد أن استهداف الكتيبة 103 صاعقة عند نقاط ارتكازها في مربع البرث جنوب رفح، قد تم التخطيط له منذ اللحظة الأولى لقرار المقاطعة الذي اتخذته مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
كما تم التخطيط لعمليات إرهابية أخرى تتم بشكل خاطف لاستهداف كمائن وعناصر شرطية أو تنتمي للقوات المسلحة داخل المدن والمحافظات المصرية، على نحو ما جرى قبل أيام بمدينة العياط، حيث استُشهد ضابطان ومجند بالقوات المسلحة، وهجوم لمسلحين على كمين بمحور 26 يوليو، وأخيرًا استهداف ضابط بالأمن الوطني بعد خروجه من صلاة الجمعة بمنطقة الجبل الأصفر.
ومن المرجح أن تنشط خلال الأيام المقبلة الجماعات الإرهابية وملحقاتها من اللجان النوعية الإخوانية المنتشرة بمختلف المحافظات كخلايا عنقودية، لتواصل استهداف عناصر الجيش والشرطة والكنائس المصرية، بهدف إظهار الدولة المصرية ضعيفة في مواجهة الإرهاب وعاجزة عن حماية مواطنيها.
إنه ذات المخطط القديم الذي وضعه التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية قبل أربع سنوات، لكن الدوحة تحتاج، وبعد فضح أميرها الإرهابي، لتسريع وتيرة الأحداث الإرهابية كوسيلة للضغط، ليس على مصر فقط وإنما على الدول الغربية لإخافتها وتهديدها بأن الإرهاب الذي ترونه في بلد النيل قد ينتقل إلى عواصم دولكم بشكل أفظع إذا تركتم دول رباعية المقاطعة تستمر في سياساتها العقابية ضدنا، أي الدوحة، فنحن الذين نمتلك مفاتيح الإرهاب ونستطيع توجيهه أنّا شئنا ولا تنسَ أيها الغرب أنك من أعطانا هذا الدور.
لقطر أذرع إرهابية على حدودنا؛ فحتى الآن تكتشف قواتنا المسلحة أنفاقًا تمتد لأكثر من 3 كيلومترات داخل العمق المصري، تديرها حماس ولا جدوى من تنصلها العلني من التبعية للتنظيم الإرهابي، وأظن أن حديث العقيد أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، عن تورط سوداني في دعم الإرهاب ببلده، يدفعنا للنظر نحو حدودنا الجنوبية؛ فالعلاقة بين الإدارة هناك والدوحة وثيقة الصلة.
موقف رباعية المقاطعة صلب وانتقل على لسان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، من نقطة الحديث عن مجرد اتهامات إلى ثبوت الإدانة وارتكاب الجرم بالأدلة والوثائق.
ودول الخليج قبل مصر على يقين من ضلوع قطر فيما شهدته من أعمال إرهابية وتخريبية، سواء في البحرين أو السعودية، ومؤامرات داخل الإمارات العربية المتحدة، وكما أن مصر لن تقبل إلا بمعاقبة الإرهابي تميم، فإن دول الخليج لن تسمح باستمرار بقاء هذا الإخواني الإرهابي بالقصر الأميري أكثر من اللازم.
ويخطئ من يعتقد أن الخليج سيسمح أن تكون قطر ككوريا الشمالية دولة مارقة يتفاوض معها من أجل التفاوض وليس لوضع حد نهائي لتهديداتها.
والأمر يتصل بنواحٍ ثقافية واجتماعية ترتبط في أقل مستوياتها بما تعارفت عليه العادات والتقاليد في شبه الجزيرة العربية حتى قبل أن تصبح دولًا.
التخوف الحقيقي مصدره الغرب عامة والولايات المتحدة بوجه خاص؛ ألمانيا التي تحتضن أحد أكبر الارتكازات السياسية والاقتصادية لتنظيم الإخوان الإرهابي قادت موقفًا داعمًا لإرهاب تميم، فيما يغلب الصمت على لندن وباريس، وبينما ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاسمًا في بداية الأزمة، بل ومتهما للنظام القطري بتمويل الإرهاب، انتهى إلى موقف يتعامل مع المسألة بوصفها أزمة دبلوماسية يجب أن يتم حلها من خلال المفاوضات، لا المزيد من العقوبات على ذلك النظام الإرهابي.
جشع رجل الأعمال ترامب لا يبدو العامل الوحيد في تغير موقفه؛ فأجهزة استخبارات بلاده هي من رسم للدوحة هذا الدور قبل عشرين عامًا، وليس من السهل إنهاؤه بهذه البساطة.
أوروبا ورغم ما تشهده من إرهاب إسلامي وآخر مسيحي مضاد بعمليات دهس متبادلة، لا تبدو أنها غيرت من استراتيجيتها باحتضان أمراء الإرهاب تحت دعاوى حقوق الإنسان الزائفة، وعلى العكس يمتد جزء من هذه الاستراتيجية في دعم دولة مثل قطر لتكون الحاضنة الإقليمية لكل التنظيمات الإرهابية بمختلف مذاهبها السنية والشيعية، لتبعد الإرهاب عنها.
تلك النظرة الغربية تتوافق مع إرادة كل من إيران وتركيا في الإبقاء على قطر كدولة مارقة بالنسبة لمحيطها العربي وأن تظل كذلك على المدى البعيد، حتى تتمكن كل منهما من النفاذ إلى قلب الجزيرة العربية عبر الدوحة.
ليس أمام دول المقاطعة سوى أن تذهب وفورًا أولًا لحسم مواقف باقي الدول العربية تجاه إرهاب قطر وتدخلاتها، وفي مقدمتها الكويت وسلطنة عمان والعراق والأردن، وأتصور أن شيئًا من هذا القبيل قد ينجح في دول القارة الأفريقية، بما تملكه دول المقاطعة الأربع من أوراق اقتصادية وسياسية هناك.