أقلام حرة

مقال للكاتب محمد أمين بعنوان : ( كوبر رئيساً للوزراء )

نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب محمد أمين تحت عنوان : ( كوبر رئيساً للوزراء ) ، وفيما يلى عرض للمقال :

 لم يعد حلمنا الصعود إلى القمر، ولا أن نكون نمراً اقتصادياً.. أصبح حلمنا بسيطاً، وهو أن نفوز اليوم أمام الكاميرون، ونفرح بالحصول على كأس الأمم.. إلى هذا الحد تقلصت أحلامنا الوطنية.. وبالتالى فاضل على الحلم خطوة.. فهل تقف الكاميرون دون تحقيق الحلم.. أم تكون نقطة للعبور إلى كأس الأمم الأفريقية؟.. هل نذبح عجلاً؟.. هل ننذر نذراً؟.. وهل تستجيب العناية الإلهية لدعاء الملايين؟!

فى مباراة مصر وبوركينا فاسو كنت أشاهد المباراة على مقهى كبير.. الأعداد كانت رهيبة.. كانت الجماهير تصرخ بكل ما تملك مع كل كرة تجاه المرمى هنا وهناك.. لكن حين وصلت الأمور إلى لحظة ضربات الجزاء، تعلقت الجماهير بالحضرى.. وارتفع الصوت بالنداء: يارب.. هنا اختلطت الآهات بالدموع.. وعندما تفوق الحضرى، وصد الركلة، انطلقت الصواريخ وبكى الناس هذه الليلة!

الحكاية تحتاج فعلاً إلى تحليل نفسى واجتماعى.. وتحتاج إلى شرح.. الأمور ليست هى الفوز بالبطولة والعودة بالكاس.. الأمور هى أنه لا يوجد شىء آخر.. وهى أن الحلم أصبح فى قدم لاعبى المنتخب.. ولم يعد فى الصعود إلى القمر.. البوستات الآن تأتينا عن كوبر.. بعضهم يقول إنه مولانا.. بعضهم يتحدث عن حظ كوبر.. بعضهم يأتى به مع خلفية ماشى بنورر الله، أدعى وأقول يارب!

ليس سراً أن الناس مهتمة بكأس الأمم أكثر من التعديل الوزارى.. تشكيل المنتخب أهم من تشكيل الوزارة.. تغيير البدلاء أهم من تغيير الوزراء.. الناس تعرف خطة كوبر وتشكيل كوبر، ولا تعرف تشكيل الوزارة، ولا تدرى عن الوزراء شيئاً، كما تعرف كل شىء عن صلاح والننى والحضرى.. هذه هى المأساة.. ليس لأننا نهتم بالرياضة، ولكن لأن الرياضة أصبحت الاهتمام الأول والأخير!

هل تفسير ما يجرى قصور فى إدارة ملفات سياسية واقتصادية، أم أنه احتجاج من جانب الجماهير على الإدارة السياسية، أم أنها استراحة محارب؟.. أتمنى أن تدرك الدولة خطورة الأمر.. وأتمنى أيضاً أن يتم تفسير ما يحدث.. فلا يكفى أن يقال إن العالم مهتم بالكرة.. الاهتمام بالكرة وحده لا يكفى.. ليس حلاً بالمناسبة.. المفترض أن الكرة جزء فقط من الاهتمام العام، وليست كل الاهتمام العام!

 أتمنى أن تفوز مصر وتكسب المباراة وترجع بالكأس.. ليس لأن هذه هى أمنيتى فقط.. ولكن لأننى أخشى أن يصاب الناس بالإحباط.. فقد رأيت كيف ينتظرون لحظة فرح.. ورأيت كيف عبروا عن فرحتهم بعد مباراة بوركينا.. صحيح أنها كانت مباراة صعبة وقوية، لكن كان الفوز حلاً لمشكلات كثيرة، يعيشها المواطن المصرى.. وأظن أن تأجيل التعديل الوزارى جيد، حتى لا يغتم الناس هذه الأيام!

فيا أيها الذين تديرون شؤون البلاد، ماذا أنتم فاعلون بعد كاس الأمم الأفريقية؟.. هل هناك خطة «بديلة» لشغل الناس؟.. هل لديكم قرارات تسعد الملايين كما أسعدتهم «الكورة»؟.. هل عندكم حلم آخر غير حلم الكاس؟.. هل هناك أمل أن تعمل الوزارة بخطة كوبر، فتحقق النصر بأدوات مصرية، وتسعد الجماهير؟!

زر الذهاب إلى الأعلى