نشر موقع المصري اليوم مقال للكاتبة دينا عبدالكريم تحت عنوان ( التفاصيل ) .. فيما يلي أبرز ما تضمنه :
- ( الحياة قاسية على الجميع ) حقيقة نتعلمها كل يوم .. فكل مَن اعتقدناهم أوفر حظاً وأكثر توفيقاً ، ضعفاء جداً من داخلهم ، بل يبدو كأن شكل الحياة المُريح يحرمهم أحيانا من حق الألم أو الشكوى لحبيب أو صديق.. فغالبا سيتهمهم السامع بالبطر أو التذمر دون وجه حق.. وأصبحت لدينا كليشيهات مؤلمة نرددها فى وجه الشاكي : (مش انت اللي تشتكى ، شوف حال غيرك ) .
- أن الحياة أوسع من السياسة وأهلها وناسها ، وتفاصيل الحياة ووجوه الناس وضحكاتهم ودموعهم أهم من كل المناصب والمكاسب التي سعينا إليها فى حياتنا أبدا ، الذين استُشهدوا فى 25 يناير وهم يدافعون عن وطنهم أمام قسم الإسماعيلية وغيرهم على مر السنين من شهداء الشرطة ، أهم كثيرا من رأينا السياسي فى أداء الشرطة ، وتفاصيل حياتهم وبطولاتهم أهم كثيرا من مواقفنا الثورية ، والذين قُتلوا غدرا- واستُشهدوا فى ثورة يناير وهم يرددون: (أنا بحبك يا بلادى ) وكانوا يتخيلون فى لحظاتهم الأخيرة أنهم يشترون بدمائهم كرامة ووطنا- هم أهم كثيرا من آرائنا المتعجرفة حيال ثورة يناير وتسمياتنا الضحلة لأمور كانت يوما نبيلة .
- لا أعرف لماذا أخذتنا الحياة إلى إهمال التفاصيل ، التي تحفظ إنسانيتنا وتُبقينا فى مظلة الإحساس وترحمنا من التبلد الذى حوَّل الناس إلى فئات متناحرة وطبقات منفصلة ومنعزلة، كلّ فى دائرته.. وكلّ من موقعه يحكم على الآخرين بمجمل اعتقاده فيهم كفئة أو جماعة.. فأولئك أفاقون وهؤلاء كاذبون.. أولئك ملائكة وهؤلاء شياطين.. بينما الحقيقة غالبا ما تكون أبعد من ذلك كثيراً .
- الحقيقة أن التفاصيل هي التي تخبرنا بكل شيء ، تخبرنا بمَن يستحق ومَن لا يستحق ، التفاصيل هي التي تخبرنا مَن الصادق ومَن المنافق ، اهتمامنا بالتفاصيل هو ما يجعلنا نُنمى آذاننا من نوع آخر تسمع لأنَّات قلوب الناس وتحتضن آهاتهم وتمسح دموعهم .
- اتركوا الساحات الكبرى والمحافل الكبيرة قليلا.. واختاروا دوائر أصغر.. ووجوهاً أقل.. حتى تتسنى لكم الفرصة لاكتشاف روعة التفاصيل ، فلا تفاصيل فى الزحام ، ولا جودة فى صخب ، ولا سعادة فى عناوين كبرى ، فكل جمال الحياة يسكن فى تفاصيلها ، وهناك يسكن الملائكة ، لا الشياطين كما خدعنا الساسة وقالوا لنا .