نشرت صحيفة الوطن مقالاً للكاتبة ” نشوي الحوفي ” تحت عنوان : ( يحدث في مصر ) ، وفيما يلى أبرز ما تضمنه :
أتفق مع الكثيرين من المصريين على ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة عليها فى ظل غياب ضمير فردى ومجتمعى. ولكننى لا أستطيع التعامل مع ما يحدث فى مصر بمعزل عن العالم العربى أو الدولى فى ظل تراجع نمو عالمى رصدته وتوقعته كافة التقارير الدولية محذرة من تكرار الأزمة المالية التى عصفت بالعالم كله بما فيه الدول الغنية فى العام 2008. ولذا فأنا أدرك أن بلادى تخوض حرب وجود تجعلنى أعلم حجم المثابرة فى النهوض بها وتثبيت أركان دولتها، بين فساد اعتاد أن يرتع فى جنباتها، وإرهاب أبى إلا أن يواصل توحشه بدعم إقليمى ودولى، وزيادة سكانية فاقت معدلات أعلى الدول فبلغت 2.4%.
ودعونا ننظر حولنا لندرك أين نقف.. أبدأ معكم من تصريحات وزير المالية السعودى إبراهيم العساف الشارحة للموقف المالى للمملكة ومطالبته للمواطنين فى بلاده، 30 مليون نسمة من بينهم 10 ملايين وافد، بتحمل مسئولياتهم فى ظل مشهد اقتصادى سعودى لم يعد خافياً ما يمر به من صعاب بعد توالى سنوات تراجع سعر البترول -المصدر الرئيسى لإيرادات السعودية- وإعلان المملكة تسجيل عجز فى ميزانية العام المالى 2017 بلغ 52 مليار دولار -للعام الثالث على التوالى، حيث بلغ العجز 98 مليار دولار فى عام 2015، و87 مليار دولار فى العام 2016- مع تراجع احتياطيها من 732 مليار دولار فى 2014 إلى 562 مليار دولار فى 2016، وهو ما دفعها لاتخاذ عدد من الإجراءات النقدية شملت رفع أسعار المواد الأساسية والطاقة وإجراءات تقشف وخفض رواتب والسحب من احتياطاتها، واقتراض 17٫5 مليار دولار عبر سندات طُرحت للمرة الأولى فى الأسواق الدولية.
ويمتد نظرى معكم لتصريحات الحكومة التونسية الصادرة أمس الأول 14 يناير بمناسبة الذكرى السادسة لثورة تونس ورحيل بن على، والتى أقرت بالعجز عن تحقيق أى طفرة اقتصادية رغم عقد مؤتمرين اقتصاديين دوليين بها، ورغم ما تم اتخاذه من قرارات تقشفية ومحاولات للإصلاح. ورغم تعداد السكان الذى لا يتجاوز 11 مليون نسمة، إلا أن الأوضاع فى تونس -التى روجوا لها كواحة للنهضة الاقتصادية والسياسية- جعلت من الذكرى السادسة لثورتها مناسبة لاندلاع المظاهرات المنددة بصعوبة الحياة للمواطنين الذين يعانون من ارتفاع نسب البطالة ونقص التنمية والتهميش وعدم وجود مشروعات لاستيعابهم. لذا جاءت مطالبهم فى ذكرى الثورة بضرورة إيجاد حل.
ومن تونس لتركيا التى كانت فى مصاف الاقتصاديات المتقدمة عالمياً، تدرك أن الاقتصاد التركى فى أزمة أمام تراجع السياحة بنسبة 10% وتناقص قيمة الليرة التركية أمام الدولار وتحديات الاستثمار التى دفعت بأردوغان إلى عرض الجنسية التركية على الأجانب مقابل 2 مليون دولار هى قيمة ما يطلبه من استثمار، وعجز فى الموازنة بلغ 4.5% وركود اقتصادى يهدد بأزمة قد تستمر للسنوات المقبلة.
وأقرأ فى الإمارات عن قرار زيادة سعر الغاز المستهلك محلياً للمواطنين يوم 14 يناير 2017 وفقاً للأسعار العالمية لتكون تكلفة إعادة تعبئة أسطوانات الغاز سعة 25 رطلاً هى 53 درهماً بما يوازى 14.5 دولار بزيادة 4 دراهم. أما الأسطوانة سعة 50 رطلاً فأصبح سعرها 106 دراهم بما يوازى 28.86 دولار بزيادة 8 دراهم. وهو ما فسره القرار بأنه تجاوب مع الأسعار العالمية فى بلد تمثل فيه موارد البترول نحو 170 مليار دولار ويفوق ناتجه القومى تريليون درهم ولا يتجاوز تعداد سكانه 9 ملايين نسمة من بينهم 8 ملايين مقيم لا يحملون الجنسية الإماراتية.
ولذا أدرك بنظرتى المتواضعة حجم ما تعانيه بلادى وحربها الضروس لا للبقاء وحسب، ولكن لصناعة مستقبل يليق بها مهما كانت الأخطاء أو التحديات. بلدى بسكانها الذين تجاوزوا 90 مليوناً وثقافة إنتاجهم واستهلاكهم وحاجتهم لتطوير ثقافة وسلوك العمل. بلدى المقاومة لإرهاب دول تحيط بنا وفساد ضمائر سكنت فينا. بلدى وأعلم ما يحدث على أرضها من تحديات فلا أملك إلا دعمها بكل ما أوتيت من قوة رغم جهل البعض ومتاجرة الآخرين بها.