نشرت صحيفة الشروق مقالاً تحت عنوان (تحرير الأجور بعد تحرير الأسعار) لأستاذ الاقتصاد و عميد تجارة المنوفية السابق ” صفوت قابل ” .. وفيما يلي أبرز ما تضمنه :
1 – شهد المجتمع المصري زلزالاً قوياً أصاب الأسعار بعد تعويم الجنيه وزيادة أسعار المواد البترولية ، حيث زادت أسعار كل السلع والخدمات بنسب كبيرة ، وسبق هذه الزيادات زيادة الأسعار نتيجة تطبيق ضريبة القيمة المضافة وصاحبها زيادة الحكومة لأسعار الكهرباء والمياه والأدوية ، بحيث تغير هيكل الأسعار .
2 – المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد والمواطن المصري حالياً ليست فقط هذه الموجة التضخمية ولكن استمرار ارتفاع الأسعار بحيث فقد الجميع القدرة على تحديد المحطة التي يتوقف عندها طوفان ارتفاع الأسعار ، ولم يعد المنتج قادراً على حساب تكلفة إنتاجه حيث تتغير أسعار مدخلات الإنتاج نتيجة زيادة سعر الدولار وما يصحب ذلك من زيادة الجمارك نتيجة التغير اليومي لسعر الدولار الجمركي .
3 – لقد تعودنا على شكل جديد لزيادة الأسعار حيث تختفي السلعة وتظهر السوق السوداء بأسعار مرتفعة ثم تتدخل الحكومة لتوفير السلعة ولكن بالأسعار الجديدة المرتفعة وحدث هذا أخيراً في ألبان الأطفال والأرز والسكر وأخيراً الأدوية .
4 – أعتقد أننا جميعاً كمواطنين لم نعد نصدق التصريحات الحكومية عن ضبط الأسعار والتوجيهات الرئاسية بضرورة التصدي لجشع التجار ، فالكل يدرك أن المشكلة ليست في جشع التجار بل في عدم وجود نظام للتسعير وترك المواطنين فريسة لكل من يستطيع زيادة الأسعار دون قيود أو ضوابط ، بل ضعف الدولة وعدم قدرتها على وضع نظام للتسعير ، فعندما تجرأ رئيس الوزراء ليتحدث عن إمكانية وضع تسعيرة جبرية لبعض السلع الأساسية ، تعرض لهجوم كاسح من القوى الاحتكارية ليذكروه بأن الحرية الاقتصادية تتطلب تحديد الأسعار وفقاً للعرض والطلب دون تدخل الدولة ، وأن الدولة إذا حاولت التدخل فلن تجد سلعاً بالأسواق ، وهو ما جعل رئيس الوزراء يتراجع ويعلن تشكيل لجنة لبحث تحديد هوامش ربح للسلع المختلفة ، وبالطبع فلم ولن تجتمع هذه اللجنة لأن القوى المسيطرة أكبر من القرارات الحكومية .
5 – علينا الاعتراف بأن طوفان زيادة الأسعار لن يتوقف ، وستظل الأسعار تتزايد وهو ما سيؤدي إلى المزيد من الإفقار لشرائح واسعة من الطبقة الوسطى وتغيير في أنماط استهلاكها ، بل علينا أن نتوقع المزيد من الفساد لمحاولة الحصول على دخل يساعد على توفير متطلبات الإنفاق لعدم التدني الكبير في مستوى المعيشة ، بينما ستزداد ظاهرة التسول والبحث عن إعانات من ذوي القلوب الرحيمة للعلاج وتوفير الغذاء ، وبالطبع هناك على الجانب الآخر من يستفيدون من زيادة الأسعار بتراكم ثرواتهم .
6 – أننا سنعاني من المزيد من ارتفاع الأسعار وأن الحكومة لن تستطيع وقف هذه الزيادات بل ستكون طرفاً فيما سيصيب المواطن من هذه الزيادات ، لذلك فإنني اقترح النظر في الجانب الآخر من المعادلة وهو الأجور ، فإذا كانت الحكومة قد أطلقت العنان لتحرير الأسعار فلابد من تحرير للأجور .
7 – تعد مشكلة الأجور من أهم المشكلات التي تؤثر على جميع قطاعات الاقتصاد ، فعلى الدولة أن تراجع موقفها من الأجور .
8 – لمعالجة مشكلة الأجور في مصر لابد أن يتوافر في نظام الأجور الجديد المبادئ التالية :
أ – تحديد حد أدنى للأجور بما يتوافق مع الحد الأدنى اللازم لتوفير الحاجات الأساسية .
ب – أن يكون الأجر شاملاً لكل متطلبات الوظيفة لمنع التحايل على ذلك بالعديد من البدلات التي توضع لعمل معين هو أصلاً جزء من الوظيفة ، فلماذا مثلاً يحصل رئيس العمل على مكافأة لحضور الاجتماع ما دام هذا الاجتماع جزء من عمله أو ما يتطلبه العمل ؟
جـ- الأجر الواحد للعمل الواحد ، وحتى لا يحدث ما نشاهده الآن من اختلاف الأجر لذات العمل مثل البنوك .
د – إلغاء ما يسمى بالصناديق أو الحسابات الخاصة والتي يحصل المنتفعين منها على أضعاف مرتباتهم .
هـ- الربط بين الأجر والإنتاجية .
9 – إذا كان لا مفر من تحرير الأسعار لتتناسب مع الأسعار العالمية ، فلابد من تغيير هيكل الأجور لكي يستطيع المواطن العمل ولا يتحول إلى متسول .