الكاتب حمدي رزق ينشر مقال بعنوان ( نكتة نجيب ساويرس! )
«قاعد باتفرج على مظاهرات لبنان، أول ما حسيت مراتى دخلت حوِّلت على حرب اليمن!!»، نكتة ضحك عليها رجل الأعمال المصرى «نجيب ساويرس»، وغرّدها، غضبت الممثلة اللبنانية «نيكول سابا»، وغرّدت تلوم «ساويرس»: «والله افتكر انو حضرتك لما بلدك قامت فيها مظاهرة ماحدش نكِّت عليها»!!
فاعتصم نجيب ساويرس بخفة الدم: «.. إحنا أخف دم شعب على الإطلاق، وبنضحك على مشاكلنا وحكومتنا.. والضحك مش معناه ان أنا مش مع معاناة لبنان أو اليمن أو سوريا.. وحضرتك- أى نيكول سابا- متاخديش بنط على حسابى».
حذارِ الاحتراب الفيسبوكى بين المصريين واللبنانيين على وقع المظاهرات اللبنانية الصاخبة، سيُخلِّف حزازات نفساوية وثارات نحن فى غنى عنها، المشرحة العربية مش ناقصة قتلى، كفى ما بين الشعوب العربية من جراح عميقة، الاحتراس واجب احترامًا لمشاعر الشعوب الشقيقة.
أعرف أن نجيب ساويرس ليس مُنشئ النكتة الظريفة، ولكنها قريحة المصريين التى لا تنضب تنكيتًا، نحن المخترعون الأوائل للنكتة، وأصحاب الحق الحصرى فى خفة الدم، ونتعالى على آلامنا وجراحنا وأزماتنا ومشاكلنا بالمزاح، دمنا شربات، عسل ولكنه كالعسل المر، دواء وترياق لجراحنا الوطنية والقومية، مفطورون على النكتة، ومن آثارنا المعتمدة «التنكيت والتبكيت».
ولكن ما زاد عن حده قُلب ضده، مهضومة نكتة «ساويرس»، أخف دمًا من نكات أخرى سخيفة، وسخافات عديدة بذيئة، وتغريدات محزنة يتطوع بها نفر من المُغرِّدين تنكيتًا على الحراك اللبنانى، مظاهرات لبنان ليست «شو استعراضيًا» لاختيار أجمل المتظاهرات، لبنان فى مفترق طرق صعيب، على شفا جُرُف هارٍ.
لبنان يستأهل قبل تعاطفكم مساندتكم، إذا لم تكن قادرًا على التعاطف فلتكف آذاك عنهم، اللبنانيون خرجوا إلى الشوارع يأسًا وقنوطًا، لم تخرج نساء لبنان دلعًا ودلالًا، خرجن بعد أن شح القوت الضرورى، ليس مطلوبًا من اللبنانيات الخروج من لباسهن ليستدررن عطفًا، فقط يستحققن الاحترام، وكما كانت المصرية عنوان الثورة المصرية، والتونسية والسودانية والجزائرية عناوين ثورات بلادهن، اللبنانية عنوان مشرق للثورة اللبنانية.
الذكورية المصرية الطافحة على الحوائط والحسابات الإلكترونية تعبير نمطى عن ذكورية تشكل المرض المتوطن فى البيئة الحاضنة لموروثات «سى السيد»، يستأسد عليها ولا يرعوى لضيقتها وخنقتها وسد الأبواب فى وجهها، للأسف تعبير صارخ عن الذكورية الضاربة فى جذر المجتمعات العربية، فإذا برزت المرأة ثائرة، تعجب الذى فى قلبه مرض، وتسلطت عليه شياطين الذكورة، فتَسَلّط على المرأة سخرية يستبطنها إقلالًا، البعض لا يهضم ثورة المرأة اللبنانية الجميلة!
ليس على نجيب ساويرس حرج فى خفة الدم، ولكن التحسُّب ضرورة من الانجرار إلى التغريد احترابًا، فارق بين مُغرِّد مارق بين الصفوف، وبين مُغرِّد اسم عَلَم، كل حرف يصكه «نجيب» يوزَن بميزان الذهب، من حق نيكول سابا أن تغضب، ولكن يظل «نجيب» مصريًا خفيف الدم، لكن حذارِ من ثقل الدم فى الجوار الإلكترونى!