ماذا تنتظر الحكومة والمحافظون ورؤساء الأحياء ليتحركوا ويبدؤوا عملا حقيقيا لمواجهة الإشغالات والمخالفات ويستعيدوا حق الدولة والمواطن فى الشوارع والأرصفة والحياة الطبيعية؟ كل ما هو مطلوب تطبيق القانون من دون تفرقة بين شخص وآخر، لا يوجد شخص فوق القانون، ومع هذا يستمر المعتدون على الأرصفة والأراضى فى عدوانهم، والجهات التى عليها تطبيق القانون لا تقوم بدورها وواجبها، وربما لهذا يسأل الرئيس: إحنا بنعمل إيه؟ ويقصد الدولة والحكومة والمحافظين، ورؤساء المدن والأحياء، وهى الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون.
نحن نتحدث عما يجرى فى الدول المتقدمة، وكيف لا يجرؤ أى شخص أيا كان على الاعتداء على الرصيف أو الشارع.. الفرق فقط فى تطبيق القانون. الرئيس عبد الفتاح السيسى لا يفوت مناسبة إلا وينبه إلى الإهمال والفوضى والتقاعس عن تحصيل حق الدوالة الذى هو حق المواطن.
لقد قال الرئيس علنا أثناء افتتاح مشروع الصوبات الزراعية بالعلمين، إن هناك عدوانا على بحيرة كينج مريوط، ومن حصلوا على حق انتفاع لا يدفعون ما عليهم، بالرغم من أنها مبالغ أقل من المستحق، ولا أحد يحصل هذه الأموال، ويقول الرئيس: أنا عارف ليه لا يتم التحصيل، وهى إشارة واضحة لوجود متواطئين ومتساهلين ومهملين، يفضلون مصالحهم الخاصة على المال العام.
الرئيس يقول: «محدش يتعرض للدولة فى مصلحة المواطنين.. أى أرض تم الاستيلاء عليها مش هاسيبها لحد، والمفروض إن مافيش محافظ يسيب متر أرض لأى حد«.
المدهش إن السادة المحافظين يسمعون ويقرأون هذا الكلام ولم نعرف أن أيا منهم بدأ خطوة نحو استعادة هذه الحقوق.
بصراحة كانت الحجج السابقة أن هناك من يحمى الكبار والحيتان ممن يعتدون على حق الدولة، اليوم الرئيس أعلى سلطة فى الدولة يقول إنه لن يترك متر أرض لأحد ويوجه للمحافظين إلا يتركوا مترا، كيف يمر هذا الكلام بسهولة ومن دون أى رد فعل؟
هل ينتظر المحافظون ورؤساء المدن والأحياء أن ينزل الرئيس بنفسه ليطبق القانون؟ أم ينتظروا أن يغير بنفسه هذه المواقع والمناصب، الرئيس يقدر فرق السرعات بين خطواته وتحركات المسؤولين، لكن نظن أنه لن يصبر كثيرا على استمرار هذا الإهمال والتسيب.
الرئيس يتحدث بناء على إدراك حقيقى لحجم الإهدار والنهب لموارد الدولة، فى الوقت الذى تبنى فيه الدولة مدنا ومشروعات فى كل الأنحاء وتحتاج هذه المشروعات لمئات المليارات، هناك مئات المليارات مهدرة أو ضائعة، بسبب تواطؤ أو فساد أو إهمال.
مرات كثيرة قلنا إن الإهمال لا يقل خطرا عن الإرهاب، وأن المواطن أولى بكل مليم يتم إهداره ويمكن توجيهه لسداد دين أو بناء مشروعات، ثم إنه لا يعقل أن تبنى الدولة كل هذه المدن والمشروعات، ويتم إهمال أحياء القاهرة، ونعود لنكتشف أنها بحاجة لأموال لإزالة فوضى الإهمال.
هناك اتفاق كامل بين كل المواطنين من كل الاتجاهات على أن هناك إهمالا وتسيبا، الأرصفة فى الشوارع بالقاهرة والإسكندرية والمحافظات محتلة بالإشغالات، والشوارع أيضا هناك مطاعم وكافيهات تحتل الشوارع علنا وتحت سمع وبصر الأحياء والمدن، بعضها غير مرخص، والبعض الآخر مخالف ومع هذا يستمرون فى الفوضى، بعض الشوارع يتم اقتطاع أجزاء منها وإغلاقها بالسلاسل والخوابير وتحويلها إلى جراجات خاصة، الأمر الذى يضاعف من الزحام، ربما يزكون محافظ القاهرة بحاجة إلى جولة فى أحياء عين شمس والمطرية والحلمية ودار السلام والمعادى وحدائق المعادى وفى كل الشوارع الجانبية، ليرى بنفسه وعلى الطبيعية كيف يتم احتلال الشوارع وفرض الإشغالات وانتزاع حق الناس فى الرصيف، من أمن العقاب أساء الأدب، هذا هو المبدأ المعروف، والحل فقط: تطبيق القانون بصرامة ومن دون تفرقة.
الرئيس يشير إلى أن الإشغالات والعدوان على أراضى الدولة تمنع من إنهاء محاور وأسواق وطرق، ونرى كيف تحيط العقارات المخالفة بالطريق الدائرى، وتمنع أى توسعات وتضطر المنفذين لالتفاف حولها، يقول الرئيس «ياريت الناس تفتكر إنى مش ضد حد.. أنا ضد الفوضى والإهمال واللا دولة، وكل الناس فى مصر أهلى وإخواتى، إنما الناس بتعمل اللى هى عايزاه ود لا يليق بمصر، ومش هنسيب حد ياخد حاجة مش بتاعته«.
هل نرى خلال أيام استعادة وجه مصر من أيدى الإهمال والفوضى؟