يوجد العديد من المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالمساحة الآمنة، ووضع الحدود في العلاقات، بغض النظر عن نوعها، في بعض الأحيان نشعر بأن الحدود أمر غير ضروري في العلاقة؛ لأن الطرف الآخر يجب أن يكون على دراية بكل تفاصيل حياتنا، وأن إخفاء بعض الأمور عنه أو امتلاكنا لوقتنا الخاص بنا قد يؤثر سلباً على علاقتنا.
في حقيقة الأمر، فإن كل العلاقات الجيدة والصحية بها حدود واضحة وصريحة، وينعم فيها كلا الطرفين بمساحة آمنة، ويحترم أطرافها هذا الأمر جيداً.
وضع حدود صحية في العلاقة ليس أمراً سهلًا، ولا يحدث من تلقاء نفسه، ولكنه يحتاج إلى بذل الجهود، وأن يكون أطراف العلاقة متفاهمين جيدًا، كما أن الحدود الصحية تسمح لكلا الطرفين بالشعور بالراحة، وتساعدهم على التطوير من أنفسهم.
رمز العلاقة الصحية
وحتى تتمكن من وضع حدود، سوف يكون من الضروري أن تكون واضحاً مع الطرف الآخر، وأن تخبره بما تريد وتتحدث إليه عن معتقداتك وقيمك وحدودك، وفي كثير من الأحيان؛ نميل إلى التكيف مع ما يريده الطرف الآخر، فننسى أنفسنا تماماً، وهو الخطأ الذي يرتكبه كثيرون.
وضع حدود صحية في العلاقات ما هو إلا انعكاس نفسك وتجسيد لهويتك، ومن أنت؟ وماذا تريد؟ وفي نهاية المطاف سوف يعزز وضعك في الحياة مع شريك حياتك، وبغض النظر عن ما إذا كانت الحدود كبيرة أو صغيرة، فهي مهمة وتستحق الاحترام والتقدير.
على سبيل المثال، إذا طلب منك الطرف الآخر، شريك حياتك أو صديقك أو أحد أشقائك، عدم استخدام ممتلكاته من دون إذنه، ولكنك استخدمت سيارته في كل الأحوال، ربما يكون هذا الأمر غير مهم بالنسبة إليك، ولكنه شديد الأهمية بالنسبة إليه.
بغض النظر عن مدى انتهاك الحدود، وبغض النظر عن حجم التجاوز الذي ارتكبته، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، فلا يحب أن يتم تجاهل حدوده، وألا تحظى مساحته الآمنة باحترام.
ضع في اعتبارك، إنه إذا سمحت لشريك حياتك أو صديقك باختراق خصوصيتك والتعدي على حدودك، خوفًا من رد فعله أو تجنباً لإغضابه، فاعلم أنك في علاقة غير صحية، وبأنك تؤذي نفسك.
كيف نضع حدودًا ونحظى بعلاقة صحية؟
وضع حدود صحية يتطلب بعض الأمور الضرورية، ويحتاج بذل الجهد والعمل، لذلك أولاً وقبل أي شيء عليك أن تكون صريحاً وأن تتحدث عن ما تريد، وأن تمنح الطرف الآخر الوقت الكافي للتفكير فيما إذا كان يقبل هذه الحدود أم لا.
لا تفترض مشاعر الطرف الآخر
وضع افتراضات من شأنه إحداث سوء تفاهم، ويتسبب في وقوع العديد من المشاكل في العلاقات.
ربما تشعر بأنك تعرف شريك حياتك بما يكفي لتحديد شعوره، ولكن هذا غير حقيقي؛ لأن هذه الافتراضات والتخمينات تكون في كثير من الأحيان خاطئة تماماً، لذا عليك أن تسأله عن حقيقة شعوره، وأن تعرف في ما يفكر.
لا تقبل بأي تجاوز
لا تقبل بأي تجاوز أو انتهاك لحدودك الشخصية قبل أن تتأكد من أن الطرف الآخر يعي جيدًا ماهيتها وبأنه يحترمها.
ومع مرور الوقت، لا يوجد أي مشكلة في أن تقبل ببعض المواقف الاستثنائية، ولن يضرك شيئاً إذا حاولت الوقوف مع الطرف الآخر على أرضية مشتركة.
تحمل مسؤولية أفعالك
عوضاً عن إلقاء اللوم على الطرف الآخر واتهامه بأنه لا يراعي مشاعرك أو يُقدّرك حق تقدير، عليك أن تأخذ خطوة إلى الخلف، وأن تفكر في الخيارات المتاحة أمامك، وأن تفكر فيما إذا كنت وضعت حدوداً أم لا، وترى ما إذا كان لك دور فيما آلت إليه الأمور.
اعلم متى يحين الوقت للمُضي قدماً؟
بإمكانك فقط التحدث إلى الطرف الآخر عن الطريقة التي يريد أن تتعامل بها معه، ولست مسؤولاً عن مشاعره أو استجابته مع ما طلبته منك.
كل شخص لديه الحق في أن تتم معاملته باحترام وبأسلوب لائق، وإذا لم يحترم الطرف الآخر حدودك، فربما سوف يكون عليك إنهاء هذه العلاقة وأن تُمضي قدماً.
في كل الأحوال، فإن تأسيس الحدود صحية يتطلب مهارات خاصة، كما أنه يحتاج بعض الوقت.
تذكر أن الحدود الصحية لا تأتي فجأة ولا تحصل عليها ببساطة، ولكنها تتطلب أن تثق في حواسك وغرائزك، وأن تكون مُنفتحاً وصبوراً.