يعد اكتشاف مرض بهجت من بين الكثير من الإنجازات الطبية التي حققها العلماء المسلمون والعرب منذ مئات السنين في المجال الطبي وعلم الأمراض.
فالعلماء والأطباء المسلمون كان لهم الريادة في معظم الأسس والاكتشافات الطبية التي لا تزال تُدرّس في كليات وجامعات الطب حتى اليوم، وربما يكون اكتشاف مرض بهجت الذي يصيب عدة مناطق وأجهزة داخل الجسم في أوائل القرن الماضي من بين أهم الإنجازات الطبية العربية الحديثة.
ولمعرفة تفاصيل أكثر دقة، عن تاريخ مرض بهجت وأسبابه وأعراضه، وطرق العلاج منه، فإن التقرير التالي سوف يسلط الضوء على مرض بهجت المزعج الذي تم اكتشافه لأول مرة في تركيا.
ما مرض بهجت؟
يعد مرض بهجت أو متلازمة بهجت كما يطلق عليها البعض، هو أحد الأمراض النادرة التي تم تصنيفها على إنها أحد أنماط وأنواع التهابات الأوعية الدموية التي تتسبب بتقرحات في الأغشية المخاطية، تصاحبها المعاناة من المشاكل البصرية.
ولمرض بهجت عدة مراحل أولية قبل الظهور بشكل كامل على المريض؛ حيث تبدأ المراحل الأولى بمعاناة المصاب من التهابات وتقرحات في مختلف المناطق بداخل الفم.
وتنتقل تلك التقرحات إلى الأعضاء التناسلية، وأخيرًا يبدأ المصاب بالمعاناة من التهاب القزحية.
ويصنف العلماء مرض بهجت على أنه من الأمراض الشاملة التي تصيب الكثير من الأعضاء والأجهزة الداخلية داخل جسد الإنسان.
فتأثير مرض بهجت يصل إلى الجهاز التنفسي والعضلي إلى جانب الجهاز الهضمي والعصبي والهيكلي.
كما يعد مرض بهجت من الأمراض المميتة في بعض الأحيان؛ نتيجة تسببه في إحداث تمزق للأوعية الدموية المتمددة، إلى جانب إحداثه تأثيرات عصبية حادة.
لماذا سُمي مرض بهجت بهذا الاسم ؟
تم اكتشاف مرض بهجت للمرة الأولى في تركيا عام 1937، على يد العالم التركي المسلم، بهجت خلوصي، ولهذا سُمي المرض باسم مرض بهجت؛ نسبة إلى العالم التركي الذي كان يعمل أستاذًا وباحثًا داخل جامعة إسطنبول التركية.
ما أسباب الإصابة بمرض بهجت؟
منذ اكتشاف مرض بهجت عام 1937 وحتى اليوم لم ينجح الأطباء والمتخصصون في علم الأمراض في اكتشاف أسباب واضحة للإصابة بمرض بهجت.
ولكن تعد الإصابة بالالتهابات في الأوعية الدموية أحد الأسباب المتوقعة لـ مرض بهجت، وإن كان هناك اختلاف بين المتخصصين بشأن هذا السبب.
وإلى جانب التهاب الأوعية الدموية يميل قطاع عريض من الأطباء والباحثين في علم الأمراض، إلى أن المرض يسبب الإصابة بفرط نشاط المناعة؛ حيث تهاجم الخلايا الداخلية للمريض جسده وأجهزته الداخلية؛ هو السبب الرئيس للإصابة بمرض بهجت.
الجدير بالذكر أن العامل الوراثي يلعب دورًا هامًّا في الإصابة بمرض بهجت؛ حيث يمكن أن تنتقل الإصابة بالمرض بين الأقارب من الدرجة الأولى.
أعراض مرض بهجت
لأن مرض بهجت يعد من الأمراض الشاملة، ويصيب العديد من أجهزة الجسم والأعضاء الحيوية فإن الأعراض وفقًا لكل جهاز داخل الجسم تصل إليه تكون كالتالي:
– مرض بهجت والأغشية المخاطية والجلد
هناك أعراض تصيب الأغشية المخاطية والجلد يعاني منها المصابون بمرض بهجت مثل ظهور التقرحات المخاطية على الجلد التي يصاحبها الشعور بالألم.
ويبدأ انتشارها من الفم حتى تصل إلى الأعضاء التناسلية وحول فتحة الشرج وكيس الصفن، وتتسبب بإحداث ندب في 75% من حالات الإصابة، وقد تظهر بعض العقد الحمراء في منطقة الذقن والقدمين .
– الجهاز البصري
يهاجم مرض بهجت الجهاز البصري بضراوة شديدة، متسببًا بالعديد من الأضرار التي تؤدي إلى فقدان النظر بشكل كامل في 20% من حالات الإصابة.
وتبدأ الأعراض بالظهور على شكل ألم وقيح في العين مع انخفاض في حدة الرؤية، وهو ما يسمى بالتهاب العنيبة الأمامية.
وقد تتنوع الأعراض لتتمحور حول انخفاض في حدة الرؤية دون ألم مع وجود خلل في الإبصار، وهي علامات الإصابة بالتهاب العنيبة الخلفي والتهاب الأوعية الشبكية .
– الأمعاء
يتسبب مرض بهجت بشعور المصاب بألم في البطن وحالة من الغثيان والإسهال الدامي أو العادي، إلى جانب الإصابة بانتفاخ البطن وتصلبها وظهور أعراض تتشابه مع أعراض الإصابة بمرض القولون العصبي.
– تأثير مرض بهجت على الرئتين
يتسبب مرض بهجت بحدوث التهاب للغشاء المحيط بالرئتين وحالة من السعال والحمى، كما يحدث تراكم للسوائل داخل التجويف الرئوي، ويؤثر في بعض الأحيان على الإصابة بتجلط الشريان الرئوي .
– علاقة مرض بهجت بالمفاصل
يؤثر مرض بهجت على شعور نصف حالات الإصابة به بألم حاد في المفاصل السفلية للجسم كالركبتين والكاحل ومفصلي الفخذ .
– أعراض متفرقة لمرض بهجت
يؤثر مرض بهجت على الجهاز العصبي؛ حيث يتسبب بالإصابة بالتهاب السحايا المزمن وضمور في جذع المخ في بعض الحالات المزمنة وفقدان في الذاكرة .
كما إن الإصابة بمرض بهجت تسبب حالة من الإرهاق والهزال العام للجسم، وقد تصيب بعض الحالات بالتهاب التامور الذي يحدث لعضلة القلب.
علاج مرض بهجت
لا توجد علاجات نهائية للقضاء على مرض بهجت، فعمل العلاجات والأدوية الحالية يتمحور حول التقليل من الالتهابات والحد من الأعراض إلى جانب إحكام السيطرة على الجهاز المناعي.
وبحسب استشارة الأطباء فإن هناك بعض العلاجات المشهورة مثل عقار الكورتيكوستيرويد الخاص بالحالات المتأخرة فقط؛ لأن منحه للمريض بشكل خاطئ قد يؤدي إلى الموت أو فقدان البصر.
وهناك عقاقير أخرى مثل الثايلدوميد للجهاز المناعي والأنفلكسيماب الذي يعالج الالتهاب التي تظهر في القزحية، وعقار ابتانرسبت الذي يحارب التقرحات الجلدية والمخاطية بجانب عقار النترفيرون الكولشيسين المخصصين لعلاج الأعراض التناسلية والتهاب المفاصل لمرض بهجت.