نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ( الطريقة المثلى لمناقشة سد النهضة) جاء على النحو الآتي :-
ما هى أفضل طريقة إعلامية للتعامل مع مشكلة سد النهضة والحفاظ على حقوقنا المائية التاريخية؟!
لست خبيرا فى شئون المياه والرى لأفتى فى مسائل فنية وهندسية متخصصة، لكن أستطيع أن أتحدث من واقع عملى عن الزاوية الإعلامية فى الموضوع.
الذى لفت نظرى لهذا الموضوع، المؤتمر المهم جدا الذى عقده المركزى المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فى الأسبوع الماضى بعنوان «أزمة سد النهضة بين فرض الأمر الواقع، ومتطلبات الأمن القومى المصرى».
المؤتمر كان ثريا وقدم شرحا وافيا للمشكلة، وتمنيت وأنا أتابع جلساته وأقرأ أوراقه، أن يكون منقولا على الهواء، حتى يعرف المصريون جميعا حقيقة الأزمة، وبالتالى يكونوا عونا لحكومتهم ورئيسهم، فى البحث عن حلول للمشكلة، بدلا من الأخبار والقصص والخرافات والأساطير والتحليلات المبالغ فيها جدا تهوينا أو تهويلا.
فى هذا المؤتمر تحدث نخبة من الخبراء وأساتذة الجامعات والوزراء والمتخصصين والسفراء المتميزين مثل هانى رسلان ومحمد نصر علام وضياء رشوان ومحمد سلمان طايع وحسن أبوطالب ومحمد مجاهد الزيات ومجدى عامر وأمانى الطويل وجمال عبدالجواد واللواء محمد إبراهيم ومحمد سامح عمر ومحمد حجازى وأيمن عبدالوهاب ومحمد العرابى ونهى بكر، بإشراف من المدير العام للمركز الدكتور خالد عكاشة.
نعلم جميعا أن إثيوبيا كشفت فى الفترة الأخيرة عن رفض متشدد للمطالب المصرية، ورأينا فى المقابل إصرارا مصريا على التمسك بالحقوق المائية التاريخية، على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء مصطفى مدبولى ووزير الخارجية السفير سامح شكرى.
هذا المؤتمر كسر حاجز حصر المشكلة فقط لدى الحكومة أو النخبة، فى حين أنها دونا عن كل المشكلات تخص كل فرد فى مصر، بل والأجيال المقبلة، وبالتالى فإن من مصلحة الحكومة والأجهزة المختلفة، إشراك المواطنين والرأى العام والمجتمع المدنى والأهلى فيها، حتى يكونوا على بينة من تفاصيلها وتطوراتها ومناقشة حلولها، لأن البديل أن يستيقظ الجميع ذات يوم ــ لا قدر الله ــ على سيناريوهات كارثية، ووقتها لن ينفع الندم.
لدى الحكومة وجهة نظر تقول إن فتح الباب فى هذه القضية لكل الآراء من شأنه أن يقود إلى البلبلة والتشكيك وتقديم معلومات مغلوطة، بل وإثارة الفزع والرعب بين الناس للوهلة الأولى يبدو ذلك وجهة نظر معقولة ومقدرة، خصوصا أننا نقرأ على وسائل التواصل الاجتماعى وبعض الفضائيات المعادية، رؤى وتقارير وتحليلات ما أنزل الله بها من سلطان، وتفتقر إلى الحد الأدنى من الموضوعية. وكثير من هؤلاء بحسن أو سوء نية، ارتدى زى الخبراء الاستراتيجيين، وراح يفتى فى أمور الحرب والمياه من دون إلمام بالقدر الكافى من المعلومات الصحيحة.
لكن هل البديل لذلك أن نغلق الباب أمام الجميع فى النقاش وتبادل الآراء والمعلومات والأخبار؟!.
فى ظنى أن تلك مشكلة كبيرة، وبالتالى أرى أنه ينبغى علينا جميعا وأقصد الحكومة والإعلام وأجهزة الفكر والدراسات أن تتوسع فى فتح باب النقاش فى هذا الموضوع، عبر استضافة الخبراء المختصين والملمين بهذا الموضوع، وأن نعطى لهم مساحات واسعة فى الفضائيات والصحف وكافة وسائل الاعلام التقليدية والإلكترونية،حتى يقدموا للناس الصورة كاملة بدلا من أن يحصلوا عليها مشوهة وناقصة ومبتورة من أطراف متربصة أو معادية أو جهولة، أو حاقدة تنتظر كبوة للدولة المصرية، حتى لو كانت ستصيب البلد بأكمله والأجيال القادمة!!.
شخصيا كنت أعتقد أننى ملم بقضية مياه النيل، لكن حينما استمعت للخبراء فى المؤتمر الأخير، فقد اكتشفت وجود زوايا جديدة ومهمة لم أكن ملما بها بصورة جيدة، خصوصا فيما يتعلق بالداخل الإثيوبى عبر الرؤية المهمة التى قدمها الدكتور هانى رسلان، وسأعود إليها قريبا إن شاء الله، إضافة إلى الشرح التاريخى الذى قدمه الدكتور نصر علام، خصوصا فيما يتعلق بورقة الكهرباء الناتجة عن سد النهضة وكيفية توظيفها للمصلحة المصرية.
مرة أخرى أعتقد أن من مصلحتنا جميعا دولة وحكومة وشعبا أن نشرك المواطنين فى هذه القضية التى تستحق صفة قومية بحق، حتى يكونوا عونا وسندا للمفاوض المصرى، وحتى تشعر الحكومة الإثيوبية أن القضية لا تخص الحكومة أو النظام فقط، بل تخص أكثر من 100 مليون مصرى، وأنهم قد يختلفون فى هذه القضية أو تلك، لكنهم متوحدون تماما فى قضية المياه وحق المصريين التاريخى فيها.