أكد الدكتور إبراهيم عشماوي مساعد أول وزير التموين للاستثمار ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن التغيرات التي يشهدها العالم تنبئ باقتصاد عالمي جديد في ظل استمرار تبعات أزمة كورونا وعلى مستوى التضخم في الأسعار وتباطؤ سلاسل الإمداد وتراجع معدلات الإنتاج وزيادة أسعار الشحن والطاقة عالميًا.
جاء ذلك في كلمته خلال ندوة الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال تحت عنوان :”الاقتصاد العالمي إلى أين؟ رؤية القطاع الخاص للتعامل مع التحديات الاقتصادية الجديدة”، مساء أمس، بمشاركة السفير علي الحلبي سفير لبنان بالقاهرة والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية وأعضاء السفارة بالقاهرة، وفؤاد حدرج نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية، وعلاء الزهيري الأمين العام، والدكتورة زينب الغزالي رئيس لجنة المرأة وعضو مجلس الإدارة مروان زنتوت رئيس اللجنــة الاقتصادية وعمر بلبع رئيس لجنــة العلاقات والاعلام، وكريم خليفة ومحمد أمين الحوت رئيس لجنة الصناعة ووائل شكري ولفيف من أعضاء الجمعية من القطاع الخاص المصري واللبناني، ونظم اللقاء عمرو فايد المدير التنفيذي للجمعية.
وأوضح “عشماوي”، في بيان صحفي، اليوم الأربعاء، أن التجارة التقليدية، عبر سلاسل الإمداد المختلفة بداية من جائحة كورونا تغيرت تماماً وبدأ ظهور حجم تجارة إلكترونية عالمياً كبيراً جدا.
وأضاف أن قطاع التجارة أحد أهم المسرعات وإحداث النمو في اقتصاد الدول، لأنها المسئولة عن توافر العوامل الهامة في اقتصاديات الدول الأعلى من حيث إجمالي الناتج المحلي وهي زيادة الاستهلاك وزيادة الإنتاج، والاستثمار والادخار، لافتاً إلى أن أمريكا تعد أكبر منتج ومستهلك في العالم، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي 23 تريليون دولار، تليها الصين بإجمالي 15 تريليون دولار كأكبر مستثمر، ومن حيث حجم التجارة ثم اليابان من حيث الادخار.
وأضاف أن قطاع التجارة يساهم بنسبة 19% من حجم الناتج العالمي المقدر بنحو 93 تريليون دولار، يبلغ نصيب تجارة السلع 17 تريليون دولار، وتجارة الخدمات 5 تريليون دولار، لافتاً إلى أن قطاع التجارة تأثر بأزمة كورونا وانخفض مساهمته في الناتج العالمي بنسبة تصل 12% في 2020 وبنسبة 9% العام الماضي.
وذكر أن قطاع التجارة الداخلية في مصر ملف استراتيجي ومحوري لدفع النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن مساهمة القطاع قفز بعد أزمة كورونا من 14% إلى 17% حالياً من اجمالي الناتج المحلي، وتصل النسبة إلى 21% مضاف إليها بعض الأنشطة التجارية واللوجستيك والموردين، مضيفًا وفقًا لتوقعات الخبراء بدأ الاقتصاد في العالم يعاود مرة أخرى إلى النمو حيث من المتوقع نسبة نمو 5.6% في 2022، مع تغيير شامل لقنوات التجارة من خلال التحول إلى التجارة الإلكترونية في أوروبا في 2050.
واضاف عشماوي، أن التحدي القادم لتجاوز ما يشهده الاقتصاد في 2022 حيث مازلنا نعيش تبعات أزمة كورونا ومع التضخم العالمي وزيادات أسعار الطاقة والشحن وتكلفة السلع، هو كيفية التعامل على مراكز التكلفة حتى تصل السلع والخدمة بشكل جيد وبسعر تنافسي.
وأكد أن الفترة القادمة تتطلب إعادة النظر في منظومة البنية التحتية للتجارة العالمية، خاصةً وأن أسعار الشحن والنقل أضاف أعباء على المستهلك تصل إلى 40%، موضحاً أن الفترة القادمة ستشهد اختزال سلاسل الإمداد لتوفير السلع بأقل تكلفة من خلال توصيل السلعة من باب المصنع وأماكن الإنتاج إلى المستهلك النهائي.
ولفت في هذا الصدد إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في مصر ينمو بدرجة كبيرة منذ بداية أزمة كورونا بإجمالي نحو 25 مليارات دولار حيث قفزت حجم عمليات الشراء ببطاقات الائتمان والدفع المسبق من 3.6 مليار دولار إلى 4.9 مليار دولار العام الماضي من والتي تمت فقط عبر منصات إلكترونية والدفع المسبق بخلاف الدفع الكاش بعد الاستلام.
وأشار أن نتيجة للمتغيرات العالمية لازمة سلاسل الإمداد اتجهت الحكومة المصرية للاستثمار بقوة في تهيئة البنية التحتية لقطاع التجارة من خلال اللوجستيك وإقامة مستودعات ومراكز استراتيجية لزيادة الاحتياطي من السلع النهائية وحوكمة الدعم بجانب الاهتمام بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوطين التكنولوجيا في الصناعة والأنشطة الاقتصادية والخدمية لمنظومة الدفع والتجارة الإلكترونية حيث أصبحت التكنولوجيا هي المحرك الرئيسي والنمو لأى صناعة أو تجارة.
واضاف، نجحت الحكومة في أزمة كورونا في زيادة الاحتياطي من مخزون السلع التموينية والاستراتيجية نهائية الصنع إلى ما يغطي 5.6 شهر من الاستهلاك، ونتيجة لذلك لم تتأثر الأسواق من نقص في اي سلعة مقارنة بما حدث من أزمات في العديد من دول العالم.
ولفت إلى أن حجم الفاقد في تخزين الاقماح وصل في السنوات الماضية إلى 20%، بسبب انخفاض القدرة التخزينية ومنظومة تداول الاقماح، مشيراً إلى وجود حالياً 76 صومعة من الجيل الثالث بسعات تخزينية 60 و90 و120 ألف طن مما زاد من مستوي كفاءة التخزين والتداول من 1.2 مليون طن إلى 4 ملايين طن.
وأكد الدكتور إبراهيم عشماوي، أن الاستهلاك الشهري للمصريين على للأغذية يبلغ 60 مليار جنيها ويتضاعف في شهر رمضان 120 مليار جنيه أي أن شراء الأغذية يبلغ 700 مليار جنيه تقريباً من حجم الإنفاق.
وأشار أن آخر تقريرا لوكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني حول إنفاق المصريين، توقع زيادة في حجم الإنفاق من 2.1 تريليون جنيه العام الماضي إلى 2.7 تريليون جنيه ما يعادل ثلث مدخرات المصريين البالغة نحو 6.2 تريليون جنيه بالقطاع المصرفي المصري منذ إنشائه.
وذكر أن مخصصات دعم المحروقات بلغت العام الماضي 321 مليار جنيه بينما فاتورة دعم الغذاء بلغت 89 مليار جنيه، مشيراً أن إجمالي المستفيدين من الدعم حاليا 64 مليون مواطن من بين دعم سلعي أو نقدي مشروط بينما نحو 72 مواطن مستفيد من دعم رغيف الخبز مقابل 74 مليون مواطن من المستفيدين من الدعم قبل تنقية قاعدة البيانات بالوزارة.
وردا على سؤال السفير علي الحلبي سفير لبنان بالقاهرة والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية حول إمكانية وجود بديل لتخفيف الدعم، أكد «عشماوي» أن الحكومة تقوم بدراسات لحوكمة الدعم حيث تم تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء للنظر في شكل وحجم الدعم وعلى مستوي المستفيدين، في إطار توجيهات لتوجيهات الرئيس عب دالفتاح السيسي بالعمل على تطوير منظومة الدعم.
من جانبه قال فؤاد حدرج نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، خلال كلمته، في شهادة للتاريخ حبا في مصر ولبنان: «أود أن أعبر عن حبي الشديد لمصر والمصريين لما وجدته في هذا البلد الطيب ما تعجز كلمات الحب والتقدير عن وصفه من المساعدة والاحترام منذ أربعون عاماً».
واضاف حدرج: «وجدت أن محبتنا كبيرة في قلوب المصريين كما تربى اللبنانيين على حب تراب مصري فكانت ولا تزال قبلة لهم وأم للدول العربية تحظي بكل الحب والتقدير لدورها العربي والمحوري في الشرق الاوسط ولأنها كانت ومازالت أعطف علي تساويني بابنها المصري وأنا اللبناني ولم تفرق بيننا بل قد تكون انتصرت لي في بعض الأحيان انحيازا للحق وللعدالة وما يجعلني أن اضع هذه البلد الطيبة وأهلها على رأسي هو القضاء الشامخ المحترم وهذا النظام الجدير بالإحرام والذي يعمل رئيسه ليلا نهار لنحو 18 ساعة أو يزيد في العمل والإنتاج وإقامة المشروعات القومية والبنية التحتية غير المسبوقة في التاريخ من أجل أن تكون مصر وشعبها محترمين ويتمتعون بحياة كريمة ومخيرين وليسوا مسيرين».
من جانبه أكد الأمين العام للجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، علاء الزهيري، ضرورة ان نضع سيناريوهات التعامل مع التحديات التي تحدث على الساحة الاقتصادية عالميا نتيجة انعكاسات كورونا وآثارها على التضخم والركود وارتفاع الاسعار عالميا ليتجاوزها الاقتصاد المصري ونحافظ على ما حققناه من معدلات نمو في فترة صعبة على المستوى الاقليمي والدولي.
واضاف الزهيري، بالرغم ما يحدث عالمياً إلا أن الاقتصاد المصري أثبت قدرته على مواجهة وامتصاص الازمات نتيجة الاصلاحات الاقتصادية الجريئة والمشروعات القومية والتنموية التي ساعدت على استمرار النمو وليبقي التحدي الأساسي هي استدامة النمو وانعكاساته على حياة المواطن.
وتابع، بهذه المناسبة نرسل رسالة شكر وتقدير لمعالي الوزير محمد معيط وزير المالية على ما لمسناه من حرص من الحكومة على المشاركة مع القطاع الخاص وفتح حوار مستمر مع كافة أطراف مجتمع الاعمال وقد كان للجمعية المصرية اللبنانية مساهمة كبيرة في وضع الحقائق امام الحكومة من اجل تحديد الاولويات المطلوبة لتشجيع الاستثمارات وبالأخص في مجال الصناعة والزراعة والطاقة فضلا لأهمية تحقيق العدالة الضريبية بضم القطاع غير الرسمي.