مقالات

  • مقال للكاتب حمدي رزق بعنوان ( الله عليك يا منسى.. )

    الجيل الثالث فى العائلة مبهور بالمنسى وإخوانه، وهذا لعمرى تطور نوعى مهم، جيل شب عن الطوق لم يهتم يومًا بتضحيات الجنود، ولم ير تلك الوجوه الوضاءة قبلا، ولم يختبر مثل هذه الروح الاستشهادية، التى تمتلئ بها نفوس السمر الشداد.

    لو لم يترك مسلسل «الاختيار» سوى هذا الفخر والافتخار بخير أجناد الأرض لكفاه تأثيرًا، شيوع تلك الروح الوطنية فى شرايين الأجيال الشابة بشرى عظيمة، والاختيار بعد فيلم «الممر» جرعة وطنية من مصل مضاد لفيروس اللامبالاة، التى ظننا أن هذا الجيل جبل عليها، وحسبناه فى واد بعيد، فثبت أنه يقف على أرض وطنية صلبة تفوق خيالنا.

    أن يلتف الشباب حول بطل اسمه المنسى، فيصير علمًا، وأن يبحثوا عن سر عظمته فى ثنايا المشاهد الحربية، وكيف هو عطوف على الجنود، شديد مع الأعداء، رزين فى التخطيط، شجاع فى الهجوم يتقدم الصفوف، كامل الأوصاف، الله عليك يا منسى يا حبيب قلبى.

    منسى أسطورة حقيقية، جسدها مسلسل قيد له إرادة عسكرية أخرجته للوجود ليتعرف أولادنا وأحفادنا على تضحيات الآباء من أجل مستقبل الأبناء فى حضن الأجداد.

    مسلسل وضعنا فى قلب المعركة، كم كنا بعيدين عن معركة التحرير الثانى لسيناء، إماطة اللثام عن سير المعارك موثقة، وتصوير ما خفى من أسرار هذه المعارك، يحسب للشؤون المعنوية التى قدمت نماذج من الشهادات الحية على انتصار عظيم، عظمته فى ثمنه غاليا، أرواح غالية، طابور من الشهداء الأحياء، يتعجلون الشهادة، وكل منهم يتمناها، ويفضل نفسه شهيدًا على أخيه، ويتقدمهم ضباط شباب ممتلئون بالوطنية والفداء.

    بعيدًا عن ملاحظات المثقفين على بعض ما جاء فى المسلسل عن «ابن تيمية»، ولهم كل الحق، يبقى درس المنسى معلمًا بالدم فى العقول، منقوشًا فى القلوب، حرق قلب الإخوان الإرهابيين والتابعين من أهل الشر.

    جنون الجزيرة وأخواتها التركية من مسلسل «الاختيار» لأنه قوض وهمًا عاشوا عليه، وبدد ما يصنعون لعبًا فى العقول الخضراء، وحصن أجيالا من فيروس التطرف، الذى تم حقنه فى شرايين المجتمع عبر الخلايا النائمة، التى أسكنها المسلسل قعور بيوتها وقطع ألسنتها الطويلة فخرسوا إلا من تويتات وتغريدات كالزبد يذهب جفاء.

    الله يرحم المنسى واقرأوا له ولإخوانه الفاتحة، وتيقنوا، الأرض المصرية ولادة أبطال شهداء وهم أحياء.. وإن كان فى أرضك مات شهيد فى ألف غيره بيتولد.

  • مقال للكاتب ” حمدي رزق ” بعنوان ( كورونا بين الشيخ والقسيس! )

    بين رفض وقبول تداول أفاضل مقدرون فكرة «مقبرة جماعية لشهداء كورونا» منهم من استنكرها كراهة، ومنهم من ثمنها محبة، ولكنها فكرة من أفكار مواجهة الآثار المجتمعية الناجمة عن تفشى الوباء، قد تلقى قبولا أو رفضا، ولكنها تحرك العقول لتدبر أحكام الجائحة، وكما يقولون للجائحة أحكام.

    من جملة الرافضين، توقفت أمام سطور كتبها الصديق الشيخ سعد الفقى، وكيل وزاره الأوقاف بكفر الشيخ، وقال ما نصه: كتب الأخ والصديق حمدى رزق مقالة في «المصرى اليوم» تحت عنوان: «مقبرة جماعية لضحايا كورونا»، وعرض لحالتى (شبرا البهو/ مركز أجا دقهلية) و(شباس عمير/ قلين كفرالشيخ) الأولى اعتذرت عن فعلة الجهلاء والثانية ضربت المثل في الشهامة والوفاء.

    واستطرد كاتبنا أنهم في «لندن» أقاموا مقبرة جماعية «كامينال بارك» جنوب شرق البلاد لدفن ضحايا الوباء الخبيث من المسلمين وفقا للشريعة الإسلامية، وكان سؤاله: هل نفعلها خشية تكرار مأساة الرفض واستباحة فلول الإخوان وخلاياهم النائمة من السلفيين لتبعات الفيروس؟.. وليسمح لى أخى أن أخالفه الرأى جملة وتفصيلا من كل النواحى، والخلاف في الرأى لا يفسد للود قضية.

    أولا: مصر دولة قوية وعفية ومحاولة كسرها سوف تبوء بالفشل الذريع، وهذا ما حدث في الماضى ونراه الآن وهى محفوظة بعون الله، ومن خلال متابعتى لحالات مماثلة وجدت أن ما حدث في «شبرا البهو» سبق حدوثه في الإسكندرية والإسماعيلية، وكان سيف القانون وفرض هيبة الدولة من خلال رجال الشرطة الذين سيطروا كعادتهم على الوضع في الحال، وتم حبس الجناة والمجرمين دون النظر إلى ماهيتهم ومن يكونون.

    ثانيًا: إن ما حدث في «شبرا البهو» غير قابل للتكرار لاستهجان جموع المصريين واستنكارهم التصرف الأحمق، وهو ما عبرت عنه مواقع التواصل الاجتماعى وتناقلته وسائل الإعلام بشتى أطيافها.

    ثالثًا: المصرى متدين بطبعه وديننا، بل كل الأديان، تأمرنا بإكرام الميت من خلال المسارعة بدفنه، لاسيما أن الجهات المعنية أحرص ما تكون على أخذ التدابير الاحترازية عند الدفن، ويبقى سيف القانون هو الرادع لمن تسول له نفسه كسر هيبة الدولة، ولا فرق عندنا بين فلول الإخوان أو من يقف في خندقهم، وعندما تطل الفتنة فالحديد لا يفله إلا الحديد، وعلى الباغى تدور الدوائر.

    الرسالة الثانية من صديقى القس مكاريوس فهيم، كتب يقول: «أؤيد اقتراحك، واسمح لى بإضافات لتشجيع الشعب بإقامة نصب تذكارى رمزى بالمقبرة مع مئذنة ومنارة صغيرة الحجم، واعتراف الدولة رسميًا بالشهداء وتسميتها مقابر شهداء الوباء، وكتابة أسماء المتوفين تمامًا مثل النصب المعتاد مع سور وحديقة، والحمد لله لدينا الصحراء الفسيحة، ويمكن شق طريق صغير ممهد يؤدى إلى المقبرة، ولا بأس، وأتمنى أن يفتتحها الرئيس والبابا وشيخ الأزهر في حفل وطنى معتبر ومعتمد شعبيًا.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “خطورة استمرار المشروع الأردوغانى فى ليبيا”

    نشر موقع الشروق مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان “خطورة استمرار المشروع الأردوغانى فى ليبيا”جاء على النحو الآتي :-

    هل أخطأ المشير خليفة حفتر حينما قرر، مساء يوم الإثنين الماضى، إسقاط اتفاق الصخيرات لحل الأزمة الليبية؟.
    تقديرى أن الإجابة هى لا، لأن «حكومة الوفاق» التى يرأسها فايز السراج، والتى تحكم العاصمة طرابلس، وبعض مدن الغرب الليبية، أسقطت الاتفاق عمليا، حينما قررت استدعاء الاحتلال التركى إلى ليبيا، وقبل ذلك حينما اعتمدت بالأساس على حماية الميليشيات الإرهابية والمتطرفة.
    استمرار التعلق بهذا الاتفاق، الموقع عام ٢٠١٥ يعنى تمكين رجب طيب أردوغان، وقادة الميليشيات الإرهابية، من تحقيق هدفهم، وهو تحويل ليبيا إلى نقطة ارتكاز تركية لهز وخلخلة استقرار بقية دول المنطقة، خصوصا مصر، تمهيدا لإحياء المخطط التركى بغطاء إخوانى والذى تعرض لضربة قاصمة على يد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
    من أجل كل ذلك فإن هزيمة المشروع التركى فى ليبيا خصوصا، والمنطقة العربية عموما، يصب فى صميم الأمن القومى المصرى والعربى، وبالتالى وجب على مصر وكل شقيقاتها العربيات خصوصا فى الخليج، التعاون، وبذل كل الجهد، لدحر هذا المشروع الذى يريد أن يعيد أمجاد الإمبراطورية الغابرة على حساب العرب بصورة حديثة.
    لم يعد خافيا، أن أردوغان يسعى لفرض مشروعه بإحياء الإمبراطورية العثمانية سواء تحت لافتة سلطانية طورانية، أو خلافة إسلامية، ولم يعد خافيا أيضا أنه نجح فى استخدام جماعة الإخوان ومعها تنظيمات متطرفة وإرهابية متنوعة، كأداة رئيسية فى محاولة تحقيق حلمه، حتى لو تسبب ذلك فى تدمير العديد من دول المنطقة وتخريبها تحت وهم إحياء الخلافة الإسلامية.
    أردوغان لا يغفر لمصر ونظامها أنها تمكنت من كسر الحلقة الرئيسية لمشروعه، بإسقاط دولة الإخوان فى منتصف عام ٢٠١٣.
    أردوغان لم يستسلم، وتمكن من تجييش غالبية القوى الإرهابية فى المنطقة، بل وحولهم إلى مرتزقة يحركهم كيفما شاء من العراق إلى سوريا ومنها الآن إلى ليبيا.
    وللأسف فإن غالبية الدول الأوروبية ــ باستثناءات قليلة ــ تتفرج بل وتركت أردوغان يرسل الأسلحة والعتاد والمرتزقة، رغم قرار الأمم المتحدة بحظر تصدير الأسلحة لليبيا، ورغم أن غالبية هذه الدول، ومن خلال عضويتها فى حلف الناتو تسببت فى تدمير ليبيا لإسقاط القذافى نهاية عام 2011،وللاسف فان استبداد القذافي كان احد الادوات الاساسية لتدمير ليبيا،مثلما كان استبداد الاسد وعلي صالح احد الاسباب الاساسية في دمار سوريا واليمن.
    مساء الإثنين الماضى، أعلن اللواء أحمد المسمارى، المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى، أن تركيا أمدت حكومة السراج بأكثر من ١٧ ألف إرهابى، عاد منهم إلى سوريا ١٨٠٠ بينهم مصابون، وأكثر من ألف قتيل، المسمارى قال إن تركيا والميليشيات استغلوا الهدنة الموقعة فى ١٢ يناير الماضى، لاستقدام المرتزقة والمقاتلين الأتراك، وفشلوا فى السيطرة على مدينة ترهونة رغم أنهم هاجموها من ٧ محاور.
    وجود المرتزقة فى ليبيا منع سقوط حكومة الميليشيات الإرهابية، بل جعلها تسيطر على مدينتين مهمتين قبل أيام هما صبراتة وصرمان. وبالتالى فاستمرار الالتزام الصورى من قبل الجيش الوطنى الليبى باتفاق الصخيرات، يعنى توفير الغطاء لأردوغان وميليشياته ومرتزقته، لقضم مزيد من المدن الليبية المهمة، وتغيير المعادلة على الأرض.
    الجيش الوطنى الليبى حقق انتصارات مهمة فى الفترة الأخيرة، خصوصا أنه تمكن من الوصول إلى الحدود الغربية مع تونس، وقبلها سيطر على درنة وسرت، إضافة إلى بسط سيطرته على غالبية مدن الجنوب، وبالطبع على مدن الشرق خصوصا بنغازى، والأهم سيطرته على معظم حقول النفط الرئيسية.
    لكن من الواضح أيضا أن هناك دولا أوروبية ومنها إيطاليا خصوصا، تسعى لتمكين السراج وميليشياته من تحقيق هدفه، وللأسف فإن الموقف التونسى والليبى ــ ولأسباب مختلفة ــ يتخذ مواقف عائمة بل وتميل أحيانا إلى مغازلة تركيا والجماعات الإرهابية فى ليبيا، رغم أنه يفترض بالجزائر أن تدرك خطورة تمكين الجماعات الإرهابية من إحكام سيطرتها على ليبيا، بما يذكر بالعشرية السوداء بالجزائر فى تسعينيات القرن الماضى، ومن البديهى فهم موقف حركة النهضة الإخوانية فى تونس من دعم شقيقتها فى ليبيا.
    ما فعله حفتر خطوة مهمة، لكن وطبقا لبعض التحليلات العسكرية كثيرة فإنه غير قادر بمفرده على الحسم، خصوصا بعد التدخل التركى السافر بالأسلحة الحديثة، وبالتالى وجب على كل الدول العربية، دعم الجيش الوطنى الليبى بكل الطرق المشروعة، حتى يتمكن من إسقاط المشروع الأردوغانى الإخوانى، فى ليبيا، وبالتالى بدء إسقاطه فى المنطقة بأكملها.

  • وكيل «الأعلى للإعلام»: أتحنا فرصة الدفاع كاملة لكاتب مقالات «نيوتن» بالمصري اليوم

    قال محمد العمري وكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن المجلس أتاح الفرصة كاملة لصلاح دياب كاتب مقالات «نيوتن» بجريدة المصري اليوم، وعبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة الجريدة، وعبد اللطيف المناوي، رئيس التحرير، لقول ما عندهم بشأن ما نُشر من مقالات بصحيفة المصري اليوم وموقعها الإلكتروني حول سيناء.

    وأضاف «العمري»، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «على مسؤوليتي»، المذاع عبر فضائية «صدى البلد»، مساء الثلاثاء، أن المقالات التي نشرتها الجريدة تتعارض مع ثوابت الوطن ودستوره الذي نص على أن مصر جمهورية وليست كونفدرالية، مشيرًا إلى أن حرية الرأي والتعبير كلمة مطاطة تُرتكب تحتها أفظع الجرائم.

    وذكر أن البيان الذي أصدره المجلس، اليوم الثلاثاء، كان توقيته هامًا؛ للتأكيد على ثوابت الوطن، ذاكرًا أن مصر لديها العديد من التحديات التي تواجهها خلال الفترة الراهنة على كل الحدود، فضلًا عن مكافحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد – 19».

    وأكد وكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن المجلس أتاح فرصة الدفاع كاملة لكاتب المقالات، مستطردًا: «التحقيق استمر لمدة زمنية طويلة، ولفظ إقليم وحاكم في هذه القضية أمر سيئ السمعة».

    واستنكر المقالات المنشورة بجريدة المصري اليوم؛ للدفاع عن الفكرة، قائلًا إن المجلس أصدر بيانه اليوم؛ لوقف هذه الحملة، إضافة إلى التأكيد على القسم داخل المجلس بتأدية الدور الصحفي بالأمانة والشرف.

    ولفت إلى أن رئيس تحرير الجريدة تقع على عاتقه مسؤولية قانونية، متابعًا: «نقابة الصحفيين ستجري معه تحقيقًا وتفيد المجلس بالنتيجة، حجبنا الصفحة الخاصة بالآراء وأزلنا المقال من الموقع الإلكتروني، وطبقنا غرامة مالية قدرها 250 ألف جنيه وهو الحد الأقصى للغرامة».

    وأصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، اليوم الثلاثاء، القرار رقم 16 لسنة 2020 بشأن ما نُشر من مقالات بصحيفة المصري اليوم وموقعها الإلكتروني حول سيناء تحت اسم مستعار «نيوتن» وقرر المجلس إلزام الصحيفة وموقعها الإلكتروني بنشر وبث اعتذار واضح وصريح للجمهور عن المخالفات التي ارتكبتها وذلك خلال ثلاثة أيام، وإلزامها بإزالة المحتوى المخالف من الموقع الإلكتروني.

    كما ألزم المجلس الصحيفة بأداء غرامة مقدارها 250 ألف جنيه، وحجب الباب الذي نُشرت وبُثت به المواد المخالفة بالصحيفة والموقع الإلكتروني لمدة ثلاثة أشهر.

  • مقال للكاتب ” حمدي رزق ” بعنوان ( وأعرض عن الجاهلين..)

    برغم بشاعة ما حدث فى قرية «شبرا البهو»، وبرغم قساوة بعض القلوب فى القرية التى وصفت بـ«القرية الظالم أهلها»، تفسيرا حميدا، للأسف كثير من خوف حرك كوامن الذعر، مختلطا بنوازع جماعة شريرة تستثمر فى الجائحة، فهب البعض مذعورا لرفض دفن جثمان الطاهرة الدكتورة سونيا عبدالعظيم، على غير أخلاق جبلت عليها الناس فى بر مصر من «إكرام الميت دفنه».

    برغم ما حدث وصار مثلا يضرب فى مزق البنية الاجتماعية بفعل الجائحة، يخرج علينا نفر كريم مقدر من شباب القرية معتذرًا لروح الفقيدة وأسرتها فى لافتة معبرة عن الأصالة المصرية والروح الطيبة، معلقة فى مدخل القرية، بصورة للفقيدة، وفوقها اعتذار راق: «يتقدم أهالى قرية شبرا البهو بخالص التعازى للأستاذ الدكتور محمد الهنداوى فى وفاة حرمه دكتورة سونيا عبدالعظيم، ونعتذر عما بدر من قلة غير واعية».

    يمتن هذا الاعتذار الفريد، قرار رائع من محافظ الدقهلية الإنسان الدكتور «أيمن مختار» بتسمية المدرسة الابتدائية بقرية شبرا البهو، مركز أجا، باسم الدكتورة سونيا ضحية فيروس كورونا ليصبح اسمها «مدرسة الدكتورة سونيا عبدالعظيم عارف الابتدائية».

    جميل ومحترم من المحافظ وشباب القرية، وجميل قبوله من الدكتور الهنداوى زوج الفقيدة، «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» (الأعراف/ 199)، والمعنى أن الله أمرك (يارسول الله صلى الله عليه وسلم) أن تعفو عمن ظلمك، وتعطى من حرمك، وتصل من قطعك، «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (الأحزاب/ 21).

    يستوجب تثمين صنيع شباب القرية الواعين لدورهم فى تحسين صورة قريتهم التى أصابتها لعنة كورونا، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أن الهبة القبيحة غير الأخلاقية من الفتن التى ابتلينا بها بمس من إخوان الشيطان، الإخوان إذا دخلوا قرية أفسدوها.

    بارك الله فى شباب القرية المثقفين، وبارك الله فى المحافظ المحترم، وستظل لافتة دكتورة سونيا معلقة على المدرسة تخليدا وترفيعا لمكانتها، من حق أسرة دكتورة سونيا أن ترفع رأسها فوق، فالمرض ليس معرة، وكورونا ليست عيبًا، والإصابة بالفيروس مكتوب على الجبين، واللى مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين.

    أعلم أن جرحهم غائر، جرح القلوب، ويحتاجون وقتا للبلسمة، ولكن اعتذار الأخيار يبلسم جرح الأشرار، وإذا كان نفر قليل قد أساء الأدب فى محل حرمة الموت، فإن أهل القرية مسحوا الإساءة باعتذار وبصورة جميلة للفقيدة تزين مدخل القرية، تقول هنا بشر يعرفون الحق، وأصحاب خلق، ويعتذرون عما صدر من قلة لم تع جلال الموت، الموت ما بقالهوش جلال يا جدع بتصرف، كما قال طيب الذكر صلاح جاهين.

    جبر الخواطر مستحق تماما، وفى المقابل نثمن صنيع أهل قرية شباس عمير، التابعة لمركز قلين بكفرالشيخ، الشهيرة بقرية فاطمة تعلبة، ضربوا المثل فى كيفية التعامل مع المتوفين بسبب فيروس كورونا، حيث شيع الأهالى صباح اليوم الأحد جنازة السيدة آمال خير وداع، صورة بألف مثل مما يعدون.

  • الصحفي محمود عبد الراضي يكتب مقال بعنوان ( علاج كورونا في مصنع العاشر من رمضان )

    بشائر أمل بدأت تلوح في الأفق، لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وإنقاذ البشرية من هذا الوباء الذي ضرب معظم دول العالم وأصاب رذاذ منه بلادنا، وجعل الحياة تتوقف جزئيا وكلياً في بعض عواصم العالم.
    تصريحات بنهكة الأمل والتفاؤل أدلى بها الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حول إمكانية تصنيع دواء “أفيجان” للقضاء على فيروس كورونا، مؤكداً على التواصل مع المصنع المسئول عن تصنيع دواء “أفيجان” في اليابان، الذي أثبت نجاحات كبيرة على عينة مرضى فيروس كورونا، منذ أكثر من شهر، وأن مصر تدخل في عملية بحثية مع اليابان.
    الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما حصلت مصر على بعض العينات، وفي الطريق، ستكون هناك عينات أكثر لإجراء تجارب سريرية معملية، لدراسة تأثير الدواء من خلال أساتذة وعلماء ومعامل فيروسات متطورة في المركز القومي للبحوث على أعلى مستوى.
    الأمل في القضاء على الفيروس الأخطر، تعاظم مع وجود عقار “أفيجان”، وهو عبارة عن دواء ضد الفيروس، يؤثر على عملية انقسام الفيروس، ويختلف عن دواء الهيدروكسي كلوروكين، الذى يستخدم ضد الملاريا والأمراض الروماتيزمية.
    ولم تدخر الدولة المصرية مجهوداً للقضاء على هذا الفيروس، حيث أكد وزير التعليم العالي على صدور تكليف من الرئيس بالمتابعة اليومية والتصنيع بالتعاون مع الجانب الصيني، الذي يصنع المادة الخام، بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الجانب الياباني، لتصنيع كمية تكفي، من خلال أحد مصانع الأدوية في مدينة العاشر من رمضان.
    أعتقد أن الأيام المقبلة تشهد مزيداً من الأمل والأخبار السارة، وأن شهر رمضان سيطل علينا بخيره، ومصرنا تودع الفيروس، لتعود مساجدنا لاستقبال المصليين في التراويح، وكنائسنا تدق أجراسها، لكن ينبغي علينا الالتزام والبقاء في المنازل والاهتمام بالنظافة الشخصية والابتعاد عن الزحام، حتى يحدث ذلك عما قريب بإذن الله.
  • الصحفي حمدي رزق يكتب مقال بعنوان ( Shllo بالعربية شلولو )

    الله يخرب بيتك يا واد يا نشق يا نششجى يا بتاع النشوق، حط لى بدل النشوق «كزبرة»، أعطسْ تطلع كورونا، العالم لابس كمامة، ومتطلع، وفى خبر عاجل، أعلنت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، FDA، موافقتها على مضاد طبيعى لفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) يحمل اسما كوديا Shllo بالعربية «شلولو».

    وتكتمت FDA أخبار الفريق البحثى الذى يجتهد لتحضير العقار فى معامل سرية تحت الأرض خشية تسرب مكونات «الطبخة»، التى تعود أصولها إلى عصر الأسرات الفرعونية القديمة، وتعاطاها الفراعين لتقيهم طاعون الكوليرا.

    وكشفت مصادر طبية أمريكية مطلعة أن العقار المستجد Shllo سيحدث انقلابًا عالميًا فى مواجهة الفيروس، وثبت معمليًا أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) لايقوى على مواجهة التركيبة السرية للشلولو، وأن إمكانية تحوره شبه منعدمة، ما يعطى البشرية بصيصًا من الأمل فى الخلاص من الجائحة، ويقلل عدد الوفيات المحتملة، خاصة فى كبار السن، فهى تركيبة سريعة الهضم، تؤخذ بالملعقة ودون إضافات بروتينية. واستعانت FDA بفريق من الطباخين المتمرسين فى معامل ناسا لتحضير «حلة شلولو» تجريبية، وأحيطت التجربة المعملية الطارئة باحترازات استثنائية، ربما لم تشهدها المختبرات الأمريكية منذ التجارب الأولى على القنبلة الذرية الأولى. وأفادت مصادر طبية حسنة الاطلاع، بأن قنبلة «الشلولو» الطبية تفوق فى قوتها الانفجارية فى بروتين الفيروس القنبلة الانشطارية، ما يجعل الفيروس القاتل يتمحور ويتحول إلى بروتين نباتى غذائى من فوره داخل الجسم المصاب، مع أعراض خفيفة كالفساء برائحة ليست طيبة.

    وكشف شيف مصرى شهير عن المادة الأساسية فى التحضيرة الأمريكية، وخص BBC البريطانية بسر المادة الخام لـ Shllo، وهى عبارة عن الملوخية الناشفة، حيث يتم قطف الأوراق الخضراء ووضعها فى الشمس إلى أن تجف تمامًا، ثم تطحن أو تفرك لتصبح كأوراق الشاى المطحونة، ولا يخفى على ست البيت الشاطرة أن هناك فرقاً كبيراً بين الملوخية الخضراء والملوخية الناشفة، معلوم أن اليابان سجلت قبلاً عصير الملوخية الخضراء عالمياً، ما يؤذن بنزاع عالمى حول الملكية الفكرية لعقار Shllo حال إطلاقه عالميًا.

    ورغم السرية الكاملة التى تفرضها FDA على التركيبة الافتراضية لعقار Shllo، كشف شيف مصرى لقناة RT الروسية عن تركيبة العقار المستجد، وبحسب الشيف الذى أعرب عن خشيته على حياته من تهديدات أمريكية محتملة، لكشفه «غطاء الحلة» عما سماه «طبخة الشلولو السرية»، وحسب الشيف، الذى رفض ذكر اسمه أو جنسه، فإن مكونات Shllo فحسبْ 2 كوب ماء بارد + ليمونة + نصف بصلة مقطعة قطعاً صغيرة + 2 فص ثوم مفرى + كوب ملوخية ناشفة + ملح + توابل (شطة + كمون)، وكشف طريقة تحضير Shllo بوضع الماء القراح فى إناء مغسول بالأومو، ثم إضافة البصل والثوم المفرى والملح ثم الملوخية مع التقليب ثم التوابل، ثم إضافة الليمون بقشره، ولم يفسر الشيف لماذا لا يتم تقشير الليمون، وهو السر الذى يعجز FDA ويؤخر إطلاق ال Shllo حتى ساعته وتاريخه!.

  • مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان (عقول المتظاهرين ضد كورونا)

    نشر موقع الشروق مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان “عقول المتظاهرين ضد كورونا” جاء على النحو الآتي :-
    كيف يمكن فهم ثقافة ووعى ودوافع بعض المصريين الذين تظاهروا قبل ايام فى شوارع الإسكندرية للدعاء على فيروس كورونا كى يختفى؟!!. وربما السؤال الأوسع هو: كيف يمكن تفسير سلوك وممارسات وطقوس العديد من المسلمين السنة والشيعة وبعض الإخوة المسيحيين، ورفضهم الالتزام بعدم المشاركة فى تجمعات كبيرة، كى لا يساهموا فى نقل الفيروس؟!.
    من سوء الحظ أن أغلب من شاركوا فى المظاهرة قليلة العدد مقتنع فعلا، بأنه حينما يسب ويلعن ويهتف ضد الفيروس فربما يختفى فعلا، غير مدركين أن التظاهر الجماعى، سوف ينقل الفيروس إليهم ولا يقتله!.
    هؤلاء ربما يعرفون أنه تم تعطيل كل الشعائر الدينية فى الإسلام والمسيحية والهيودية وسائر الأديان الوضعية.
    ولو كانت الأدعية والتجمعات الدينية وحدها تمنع الوباء، ما تم إغلاق الحرم المكى والمدنية المنورة، وتعليق صلاة الجمعة فى غالبية البلدان الإسلامية بل والصلوات العادية صارت ممنوعة، لسبب بسيط أنه يكفى وجود شخص واحد مصاب بالفيروس لكى ينقل المرض لكل المصلين.
    لو كان الأمر كذلك ما تم تعليق الصلوات فى الفاتيكان، وما قامت الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر بإغلاق الكنائس. وكذلك العديد من المعابد الدينية فى إسرائيل، ودول أخرى.
    ما فعله مئات المتظاهرين المغرر بهم فى الإسكندرية لم يكن استثناء بالنسبة للمسلمين السنة، بل رأينا انعدام وعى فى نفس النقطة بالنسبة لغالبية الأديان والمذاهب.
    بعض الإخوة الشيعة ظلوا أياما طويلة يرفضون عدم الذهاب إلى المراقد الشيعية خصوصا فى العراق، أو قم الإيرانية، بل إن المسئولين فى الدولتين رفضوا إغلاقها ظنا أن ذلك حرام أو ربما مكرر، وأغلب الظن حتى لا يسخروا قواعدهم الشعبية التى قام بعضها بلعق هذه المراقد!!.
    ولم يوقفوا هذه الزيارات لأيام حتى بعد أن صارت إيران عموما وقم خصوصا بؤرة لانتشار الفيروس، وكانت المشكلة الكبرى أن إيران لم تختم جوازات سفرهم، وهم لم يبلغوا بلدانهم بذهابهم إلى إيران والنتيجة، أن دولا خليجية اتهمت إيران علنا بأنها نقلت الفيروس عامدة متعمدة إليهم. والأسوأ أن هؤلاء المواطنين لا يدركون أنهم ارتكبوا خطأ كبيرا فى حق أنفسهم وحق بلدانهم.
    بعض الإخوة المسيحيين تجادلوا بشأن الإجابة على سؤال: هل يستمرون فى شعيرة «التناول» طبقا لما هو وارد فى المسيحية أم يوقفونها حتى لا تنتقل العدوى بينهم أثناء ممارسة هذا الطقس؟!.
    الجدل بين هؤلاء يشبه تماما الجدل بين السنة والشيعة بشأن العديد من الموضوعات الخلافية. الأمر نفسه تكرر بين بعض أنصار الطرق الصوفية. فقد رأينا هؤلاء يرفضون تماما وقف الاحتفال بالموالد. وسمعنا قيادة صوفية كبيرة تقول إن وقف الموالد يعنى إغضاب «أولياء الله الصالحين»، خصوصا مولد السيدة زينب. وحينما جد الجد، وقررت أجهزة الأمن وقف الاحتفال بالموالد، سمعنا قادة هذه الطرق الصوفية يشيدون بالقرار الأمنى ويعتبرونه خطوة حكيمة للحفاظ على أرواح المسلمين!.
    هذا الفرق فى الشكليات والطقوس الدينية لم يكن حكرا على المذاهب الإسلامية فقط، بل تكررت أيضا فى العديد من الأديان الوضعية فى العالم بأكمله، لكن الفارق أن معظم أتباع هذه الأديان استجابوا لطلب حكوماتهم فورا، وتوقفوا عن الذهاب إلى دور العبادة، وربما السبب فى ذلك يعود إلى أن المتطرفين فى هذه البلدان الأخرى ليس كبيرا مثلما هو موجود فى منطقتنا العربية والإسلامية. وربما المفاجأة الوحيدة كانت فى تصرف قيادة «داعش» التى أخذت بالأسباب ونصحت أتباعها بعدم الذهاب إلى أوروبا باعتبارها «أرض الوباء»!!.
    ما الذى ينبغى أن نستفيده ونستخلصه من هذه السلوكيات فى بلداننا العربية والإسلامية؟!
    فى ظنى أن غالبية القوى والتنظيمات الدينية المتطرفة والمعتدلة فى الوطن العربى، تحتاج إلى إعادة النظر فى أفكارها ومبادئها، لأن معظمها باختصار تخاصم العقل والمنطق. هى تركز على الشكل والطقوس، وتهمل الجوهر والمضمون.
    تركز على طريقة تقبيل المراقد والأحجار، وتنسى تماما صلب الدين الإسلامى المتمثل فى العدل والرحمة والإنسانية والتكافل. غالبية تنظيماتنا وفصائلنا الدينية غارقة فى الماضى السحيق، وحتى حينما تغرق فى هذا الماضى، فإنها لا تختار الأفضل، بل الشكلى والطقسى.
    الخطورة أن هذه التنظيمات لديها أتباع كثيرون، وبالتالى تقوم بعمليات غسيل أدمغة لهم وتحولهم إلى نوعيات من تلك التى رأيناها قبل أيام فى شوارع الإسكندرية وهم يهتفون ضد فيروس كورونا. معتقدين أنهم سوف يقضون عليه، بهذه الطريقة!
    سامحهم الله فقد أساءوا للإسلام وللمسلمين فى كل العالم!

  • مقال للكاتب ” عبد الله السناوي ” بعنوان ” الخروج عن النص فى زمن كورونا “

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عبد الله السناوي ” بعنوان ” الخروج عن النص فى زمن كورونا ” جاء على النحو الآتي :-

    «إنها الشوطة، تجىء لا يدرى أحد من أين، تحصد الأرواح إلا من كتب الله له السلامة».
    «لا يفرق هذا الموت الكاسح بين غنى وفقير، قوى وضعيف، امرأة ورجل، عجوز وطفل، إنه يطارد الخلق بهرواة الفناء»
    هكذا صور «نجيب محفوظ» فى روايته «الحرافيش» الأجواء المقبضة، التى سيطرت على «حارتنا»، «بلدنا» فيما يقصد، كأنه يتحدث عن العالم فيما نراه الآن تحت وطأة فيروس كورونا المستجد.
    لم تكن نوازع الخوف عند البشر أمام المجهول الغامض موضوع الرواية بقدر استكشاف فلسفة الحياة فى مواجهة الموت، أصول الحكم وضرورات العدل، فإذا لم تقترن القوة بالعدل فإنها تخرق «أصول الفتونة» كما أرساها فى الرواية «عاشور الناجى»، الذى أفلت من براثن الموت فى الحارة المنكوبة ليفتتح زمنا جديدا تعددت رواياتها جيلا بعد آخر.
    بصورة مقاربة فإن العالم بأسره أمام زمن جديد يوشك أن يولد من بين براثن الخوف والفزع الذى ينتاب جنباته تحت وطأة «كورونا».
    نحن أمام مشروع تجسيد لا سابق له لمقولة «وحدة المصير الإنسانى»، إنه عالم واحد ومصير مشترك.
    بعد أن تنقضى التجربة المفزعة لن يبقى العالم كما كان قبلها، لا فى نظرته إلى نفسه ولا فى طبيعة علاقاته الدولية وأولويات قضاياه، كأنه خروج عن النص القديم.
    فى المشهد المفزع يتبدى نوع مستجد من العولمة، عولمة الأوبئة، كأنها «شوطة» بتعبير المصريين فى الأزمان القديمة تضرب الكرة الأرضية، لا حارة أو رقعة جغرافية لا تتعداها.
    عولمة الأوبئة استدعت قدرا من الانغلاق فى مواجهتها كإغلاق الحدود وتخفيض حركات الطيران والتنقل، كانت تلك مفارقة غير مسبوقة.
    لم يشر «نجيب محفوظ» إلى زمن بعينه لأحداث روايته، غير أنه على الأغلب استوحى الأجواء المقبضة فيها مما تعرضت له قرية «القرين» المصرية عام (1947) شرق البلاد من تفش لوباء «الكوليرا».
    فى هذا العام نشر الروائى الفرنسى «البير كامو» رواية «الطاعون»، التى ذاع صيتها فى العالم، عن بشر محاصرين ومعزولين فى مدينة «وهران» الجزائرية، لا يستطيعون مغادرة المدينة ولا أحد بوارد أن يأتى إليهم.
    كان ذلك مدخلا لموضوعه: فلسفة الحياة والوجود أمام الموت الداهم.
    فى عمل أدبى ثالث «الحب فى زمن الكوليرا» للأديب الكولومبى «جبراييل جارثيا ماركيز» بدت المفارقة بين عنوان الرواية وموضوعها، هناك حب ولم تكن هناك كوليرا، رفع العلم الأصفر فوق سفينة تحمل حبيبين قديمين فرقت بينهما أقدارهما وقد تجاوزا السبعين من عمريهما، حتى يهرب منها بقية الركاب ويبقيا معا «إلى الأبد».
    «ماركيز» وظف دراميا الوباء على نحو يختلف عن «محفوظ» و«كامو»، أراد أن يقول إن الحاجة إلى الحب تشتد كلما اقتربنا من الموت.
    بعدما يستوعب العالم تجربته الحالية، يلملم آلامه ومخاوفه فى الذاكرة، فإن تجربة «كورونا» المستجد سوف تمثل باليقين مادة إنسانية وتراجيدية لاستلهام رؤى وأفكار جديدة تأخذ طريقها إلى الأدب والفن لاستكشاف عالم منقسم بالمصالح وموحد بالأوبئة، ليس هو عالم «الطاعون» عند «كامو» ولا «الكوليرا» عند «ماركيز» ولا «الشوطة» عند «محفوظ».
    إنه عالم «الكورونا» وعولمة الأوبئة، حيث أصبحت «حارتنا» هى العالم بأسره.
    ما يحدث الآن أقرب إلى مرآة سياسية واجتماعية وثقافية لعالم جديد يوشك أن يولد، نوع من الخروج عن النص.
    يكاد العالم يفقد حيويته، منارات الحضارة مطفئة بمسارحها ومتاحفها ومزاراتها وتجمعاتها الرياضية، رياض الأطفال والمدارس والجامعات ودور العبادة مغلقة، أو توشك أن تغلق خشية انتقال المرض.
    تفشى الوباء بصورة متسارعة أربك الحسابات السياسية ومراكز صنع القرار فى العالم، أربك التحالفات والأولويات، أفضى إلى أضرار اقتصادية فادحة يصعب حصرها قبل أن تنقضى الجائحة.
    هذه أجواء غير مسبوقة فى التاريخ الإنسانى الحديث ولا فى شموليته للكرة الأرضية بنفس اللحظة.
    فى مثل تلك الأجواء تنشط «نظريات المؤامرة» دون دليل عليها، ونظريات الحروب البيولوجية، فإذا كان تعطيل النمو الاقتصادى الصينى هدفها الأساسى فإن التعطيل شمل العالم كله وأصبحت أوروبا البؤرة الأساسية لتفشى الوباءــ حسب منظمة الصحة العالمية، أو «الصين الجديدة» كما يقال.
    الخشية ــ هنا ــ أن العالم الثالث قد يكون هو «الصين القديمة» موطن الأفيون والذباب والأوبئة فى العصور القديمة حيث تعجز دوله عن توفير الاحتياجات الطبية الضرورية وتعوز شعوبه درجات الوعى اللازمة للوقاية.
    التفكير العلمى لا الغيبى من ضرورات المواجهة بالإجراءات الاحترازية والبحوث العلمية التى تسابق الوقت للتوصل إلى عقاقير ناجعة للقضاء على الوباء المستجد.
    لا وقت للاستخفاف أو الخفة، الرئيس الأمريكى نفسه «دونالد ترامب» بعدما استخف بالوباء اضطر أمام تزايد أعداد الضحايا فى بلاده أن يعلن حالة طوارئ وطنية.
    قد تكتسب قضية سلامة البيئة زخما غير مسبوقا بعدما أصبحت قضية مصير ووجود، لم يعد ممكنا الاستهتار بها على ما فعل رئيس البرازيل الحالى الذى تعرض للإصابة بالفيروس.
    منذ بدء الخليقة لم يكن الإنسان قويا كما هو الآن ولا ضعيفا كما هو الآن.
    قدرة الدول على مواجهة الفيروس المستجد بشفافية وكفاءة يدخلها فى حساب جديد كاختبار عملى لمستوى تقدمها الطبى والتكنولوجى وقدرتها على تعبئة طاقاتها فى أوضاع صعبة ومدى صلابة أوضاعها الداخلية.
    نحن أمام حرب عالمية من نوع جديد، لم تكن مصادفة أن تعلن دولا كبرى إجراءات يصعب اتخاذها فى أوقات الحروب المسلحة، فالعدو هذه المرة لا يرى لكنه يميت.
    أمام الأخطار المحدقة تتأكد الحاجة الماسة إلى إعلاء قيم الشفافية والتفكير العلمى وإعلان الحقائق وردم فجوات الثقة وخفض الاحتقانات الداخلية طلبا للتماسك الوطنى واتخاذ ما هو ضرورى من إجراءات احترازية بلا تردد ولعثمة لحماية حياة المواطنين.
    «ماذا يحدث فى حارتنا؟»
    نحتاج إلى إجابة جدية فى وقت «شوطة» على سؤال «نجيب محفوظ» فى رواية «الحرافيش».

  • الكاتب والمحلل السياسي عبد المنعم سعيد يكتب مقال بعنوان ( مفاوضات سد النهضة )

    وصلت مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى إلى منعطف مهم عندما قررت إثيوبيا منفردة أن تمتنع عن حضور جولة المفاوضات الأخيرة.

    كانت الجولات السابقة تعبر عن حالة من التقدم المطرد، خاصة فى قضايا بالغة التعقيد لها علاقة بملء الخزان، والتعامل مع التغيرات الطبيعية فى معدلات الأمطار السنوية، وبالذات فى أوقات الشح والجفاف.

    كان ذلك تقدما كبيرا أخذ خمس سنوات لتحقيقه عبر خطوات من إعلان المبادئ، إلى المفاوضات الثلاثية، إلى مفاوضات واشنطن التى تعاملت مع القضايا الفنية تعاملا مرنا وبإيجابية تكفل المصالح الخاصة بدولة المنبع (إثيوبيا)، ودولة الممر (السودان)، ودولة المصب (مصر).

    وصلت المفاوضات إلى مراحلها الأخيرة الخاصة بوضع النقاط على الحروف، والصياغة النهائية لاتفاقية حفظت السلام والاستقرار فى وادى النيل، ونجحت فى تحقيق المعادلة بين حق إثيوبيا فى الحصول على الكهرباء الضرورية للتنمية، وحق مصر والسودان فى الحماية من العطش والتنمية أيضا.

    كانت المفاوضات تعنى ثلاثة أمور: أولها أن الدول الثلاث شركاء فى المصير، باعتبارها دولًا نامية لم تكن الأقدار رحيمة بها لركوب ركب التقدم فى الماضى، ولكنها الآن، ولأسباب مختلفة، تعطيها الفرصة الذهبية لتحقيق ما سبق من إهدار للزمن. وثانيها أن وجود الأطراف الثلاثة فى القضية يعنى تداخلها فى مصالح مشتركة تخص مياه النيل وتجعل بالضرورة نهر النيل نهرا دوليا بتعبيرات اليوم والعصر، لكنه مر بالشعوب منذ فجر التاريخ. وثالثها إذا كان الناس شركاء فيما يخص الماء والكلأ والمرعى فى الصحراء فإنهم فى وديان الأنهار يتشاركون بالجوار فى الماء والهواء ونور الشمس وضياء القمر. هى حقائق أفرزها الجوار، وفى هذا تختلف «الأنهار الدولية» عن «الموارد الطبيعية»، مثل البترول والغاز، التى يتطلب استغلالها إنفاقا لاستغلالها واستخراجها، ولذا فإن القانون الدولى للأنهار فرض ضرورة منع الضرر عن كل من كان واقعا على مجراها.

    المفاوضات هى واحد من الأساليب السلمية لإدارة الأمور المختلف عليها، وهى هكذا بالنسبة للدول الطامحة للتنمية ذات طبيعة استراتيجية لأنها ليست استغلالا للوقت، أو تظاهرا بالسلم، وإنما هى من أجل التوصل إلى نتائج تعطى لكل الأطراف أملا فى المستقبل. وبالنسبة لمصر التى عرفت ويلات الصراعات فى الشرق الأوسط، وإثيوبيا التى عرفت نتائج الصراعات الداخلية والإقليمية، والسودان التى عاشت فى ذات الظروف، فإن المفاوضات تكون الوسيلة التى تعطى الفرصة وليس المخاطرة. الخبرة المصرية تقضى بأن الدبلوماسية والسياسة يمكنها أن تصل إلى الحقوق، ومن خبر الخبرات «الساداتية» من أجل استرجاع الأراضى المصرية سوف يعرف أنها تقود للاسترجاع ومعها السلام والتعاون وفتح طرق أكبر للأمن الإقليمى على جبهات متعددة. ولم تكن أوقات المفاوضات كلها سلسة ولا سهلة، وفى أحيان دخلت إلى منعطفات توقفت عندها، لكنها عادت مرة أخرى لأن الحساسية للظروف التاريخية والإقليمية وحتى الداخلية أيضا كانت كافية لكى تعود الأمور إلى نصابها وفى الطريق الذى يحقق مصالح كافة الأطراف. الحجة الرئيسية للفريق الإثيوبى هى أنه يحتاج وقتا للتشاور الداخلى مع أطراف الساحة السياسية التى تستغل الموقف لخدمة مصالح ضيقة. مثل ذلك وارد فى دول كثيرة، ولكن المعضلة تكون عندما يستغل ذلك لتغيير الأمر الواقع ثم العودة إلى المفاوضات للتعامل مع ما هو مفروض. الرسالة الأمريكية وموقف البنك الدولى كانا واضحين، أن الحصول على التأييد من الجبهة الداخلية وجهة نظر يمكن تقبلها، ولكن بدء تخزين المياه يجعل العودة إلى مائدة المفاوضات ضرورية، خاصة أن الاتفاق جرى على تحقيق المصلحة الإثيوبية فى وقت الفيضان القادم لتوليد الكهرباء، ولكن بعد التوقيع الذى يحقق مصالح بقية الأطراف.

    الرئيس السيسى وفريق التفاوض المصرى فى وزارة الخارجية ووزارة الرى نجحوا فى حماية المصالح المصرية خلال المراحل الثلاث من المفاوضات، فكان إعلان المبادئ هو الذى أخذ القضية من الجدل حول حق الإخطار ببناء السد والتعامل مع الواقع باعتباره بات قضية مشتركة تحقق أهدافا مشتركة بالنسبة لنهر دولى له تاريخ بدأ من الأزل. وعندما وصلت المفاوضات إلى منعطف السباق مع الزمن كان وضع المسألة برمتها فى سياق دولى له علاقات وثيقة مع الأطراف المعنية، وبجواره منظمة دولية هى جزء من النظام الدولى وقوانينه التى سبق تطبيقها فى أمور مشابهة. والآن مع المنعطف الجديد فإن بعضا من الصبر أحيانا يكون ضروريا، ولكن الصبر ليس سكونا للزمن، وإنما هو فرصة للتشاور أيضا مع الأشقاء العرب، وبقية الدول الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن، وكل من لديهم خبرة ومعرفة بطبيعة عمل الأنهار الدولية.

  • الصحفي محمد أمين يكتب مقال بعنوان (قصة الحضارة!)

    دعانى الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، لزيارة متحف الحضارة، مع وفد إعلامى رفيع المستوى.. وذهبنا إلى هناك لنشاهد بقعة ساحرة وعبقرية مصرية.. وتولى الشرح الدكتور مصطفى وزيرى، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، لأن الوزير اعتذر لظرف طارئ.. وهى المرة الأولى التي أقترب فيها من الدكتور مصطفى، وأتعرف عليه عن قرب.. وقدم شلالاً من المعلومات وتميز بخفة الدم أيضاً.. وتعرفنا على قصة الحضارة كيف بدأت من مصر؟!

    وصحح «وزيرى» بعض المعلومات التي تقول إن حضارة مصر سبعة آلاف عام.. وقال عندنا فُخار في المتحف عمره 55 ألف سنة.. والفخار الأزرق لا يوجد له مثيل في العالم.. وفى الجولة التي بدأت من أمام بانوراما عين الصيرة الكبريتية، شرح فكرة المتحف، وأرجع الفضل للوزير الفنان فاروق حسنى.. وكان يحضر الجولة استشارى المتحف ومهندس التصميم وعدد من كبار الأثريين والمسؤولين عن العرض المتحفى!

    وعشنا لحظات خارج الزمن، حين شرح كيف يتم استقبال أي قطعة أثرية أو مومياء.. وقال إنها تدخل الحجر الصحى أولاً ليتم تعقيمها لمدة 21 يوماً قبل انضمامها للمتحف.. والتأكد من خلوها من الأمراض والعفن وغير ذلك، حتى لا تصاب مومياوات أخرى بالعدوى، ثم شرحوا لنا كيف يتم ترميم الآثار، سواء العضوية أو المعدنية، أو المنسوجات، ورأينا لحظات من ترميم كسوة المحمل، التي كانت مصر تقدمها للكعبة، ورأينا الكتان الذي اشتهرت به مصر في عصور سابقة، حتى أصبح أفضل كتان في العالم!

    رأينا سيرة وحكاية وطن يتحرك أمامنا في عصور حضارية مختلفة.. منذ ما قبل التاريخ وحتى نهاية عصر الأسرات.. وقال إنه سوف يتم نقل 22 مومياء من متحف التحرير إلى متحف الحضارة في موكب يليق بمكانة ملوك مصر، وقال إن الحدث سوف تنقله فضائيات العالم ويتم تأمينه من الباب للباب.. ويقصد تأمين النقل وتأمين الركب أيضاً.. وتشارك في الموكب المهيب كل الوزارات المختصة!

    والهدف من الزيارة أن الوزارة استعدت لافتتاح المتحف، وقد رأينا بأعيننا أنهم يعملون هناك على قدم وساق، وأن المتحف بدأ يأخذ شكله النهائى، ودخلنا مركز الترميم، وتعرفنا على عباقرة مصر وهم يواصلون الليل بالنهار لإعادة الآثار إلى سيرتها الأولى.. فالمتحف لا يقدم قطعاً أثرية فقط، ولكنه يقدم تراثاً إنسانياً، يسمح للزائر بمعرفة حضارة مصر عبر العصور، ويربط الماضى بالحاضر في نسيج واحد.. فهو أول متحف للحضارة في العالم بالتعاون مع اليونسكو!

    إنها فرصة لكى أدعو الوزير خالد العنانى لإتاحة المتحف أمام طلاب الجامعات والمدارس.. وتخيل حين يتم افتتاح المتحف المصرى الكبير ومتحف الحضارة، وتكون الزيارة تشمل المتحفين.. أهم إنجازات مصر.. فلا يوجد متحف يشبه المتحف الكبير، ولا يوجد متحف للحضارة بهذا المستوى.. فالحضارة هي مصر.. وليس غريباً أن يطلق على مصر أنها أم الدنيا!.

  • الصحفي حمدي رزق يكتب مقال بعنوان ( خطاب تنحّى أبوناصر! )

    لم يخيب «أبوناصر» تركى آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية حسن ظنى، أعلن استقالته من الرئاسة الشرفية للنادى الأهلى المصرى، وكتب عبر حسابه على «فيس بوك»: «قررت بعد التفكير كثيرا تقديم استقالتى من الرئاسة الشرفية للنادى الأهلى الكبير، وأن أعود لصفوف الجماهير، مشجعا ومحبا، حفظ الله مصر وشعبها الطيب، ووفق الله الأهلى وكل أنديتنا العربية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

    كنت أتمناها من قبل مجلس إدارة الأهلى ويقبل الاستقالة الأولى، ويستوجب على الأهلى الكبير أن يقبل الاستقالة الثانية، لا تنتظروا الثالثة، لأنها كده مسّخت وبوخت ومططت وطولت، وصار كالعلكة (اللبانة) فى الأفواه!

    الشيخ أراح واستراح، ناس كثيرة فى مصر، وأنا منهم، لم تكن مستريحة أبدا لتمدد قدمى الشيخ فى القلعة الحمراء، وتدخله فى الشؤون الكروية المصرية ما ينذر بأزمات مستقبلية فى ظل الاحتراب الكروى الحادث، ونصحنا بالابتعاد بمسافة كافية حتى لا تلطخ الثياب البيضاء.

    وكتبنا معترضين على استمرارية الرئاسة الشرفية للشيخ فى القبيلة الحمراء، وعلا صوتنا حتى فى قناة الأهلى يوم (17 فبراير الماضى)، وقلنا القبيلة الحمراء لا تقبل مثل هذه الرئاسات ولو كانت شرفية، ونصحنا بقبول الاستقالة الأولى، وفى مقال منشور فى هذه المساحة (24 يناير الماضى) نصًا: «لزم القول حبًا فى الأهلى الكيان، واحترامًا لرئيس هيئة الترفيه، كان يستوجب قبول الاستقالة، احترامًا للتاريخ، وللكيان، ولعموم الجماهير الحمراء، رئاسة الشيخ الشرفية عصفت بالكيان الأهلاوى».

    الاحترام الواجب لجماهير الأهلى كان يستوجب قبول الاستقالة، حتى احترامًا لآل الشيخ، فإذا كان صادق الحب والعزم، لم تفرق الرئاسة الشرفية فى البذل والعطاء فى حب الكيان الأحمر، ولن يخلع الفانلة الحمراء، ولن يتوانى عن دعم مشروعات النادى، كما وعد كثيرا.

    قبول الاستقالة الأولى كان سيترجم استقلالية قرار الأهلى، صلح الخطيب وآل الشيخ واستعادة الود المفقود، وحميمية الصداقة، كلها من الأمور الشخصية، ولكن الكيان شىء آخر، الكيان لا يمنح رئاسته الشرفية، ويتضرر، والضرر حادث وتتحدث به الركبان. والرئاسة الشرفية ليست هبة سرمدية، بل استحقاق مستحق، وإذا كان آل الشيخ يعلق إسهاماته على استمرارية الرئاسة الشرفية، فلنثبت استقلالية القرار مهما كلف القلعة الحمراء.

    هذا ما كتبته سابقا، وتقريبا الشيخ ترجم المقال إجمالا فى تويتته التى تتحدث بعشق الكيان، عشق الكيان مالوش آخر.

    وللأمانة أعجبتنى جملة «وأن أعود لصفوف الجماهير، مشجعا ومحبا».. أبوناصر يقتنص جملة خالد الذكر جمال عبدالناصر فى خطاب التنحى «قررت أن أتنحى تمامًا ونهائيًا، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر».. شكرًا أبا ناصر!.

  • الصحفي عبد اللطيف المناوي ينشر مقال بعنوان ( كما يليق به وبنا )

    ورحل الرئيس مبارك بعد حكم استمر ثلاثين عامًا، وتسع سنوات منذ تخلى عن الحكم، أراد الله له أن يشهد فيها الكثير. وأراد له أن يترك الدنيا بعد أن استرد الكثير من ثقة الناس وعدلها في تقييمه كشخص ورئيس. واتفقت الأغلبية على اعتماد ما قاله هو بنفسه بأن نترك التاريخ ليحكم على ما فعل وفعلنا.

    سعدت بمراجعة كثيرين لمواقفهم من مبارك وإعادة اكتشافه بعدما كانوا يهيلون التراب عليه. وجدت أنها شجاعة من هؤلاء أن يراجعوا مواقفهم ويعلنوا مواقفهم الجديدة. أظنهم حتى أكثر شجاعة من الذين ثبتوا على موقفهم، كما فعلت شخصيًا، فلم يبدلوه رغم الأجواء غير المواتية في أوقات عديدة. فهؤلاء، وأنا منهم، ظل تقييمهم للشخص والتجربة والمرحلة دون تغيير، ولكن فقط قد يكون ازداد نضجًا.

    أستحضر بعضًا مما كتبت عن الرئيس مبارك في الأوقات التي وصفتها بأنها لم تكن مواتية. وكان ذلك في الأعوام التالية مباشرة لأحداث يناير، والتى انتهت بتخليه عن الحكم.

    «قد يختلف البعض حول تقييم الرئيس مبارك، لكن من الظلم والتجاوز أن نقلل من قيمة ودور الطيار محمد حسنى مبارك».

    هذه حقيقة لو آمنا بها لكانت علامة مهمة وواضحة على أن المجتمع في طريقه إلى الارتقاء إلى مستويات أعلى وأكثر إنسانية في التعامل مع أبنائه، مهما كان موقعهم.

    لم أنس تعليق صديق خليجى على ما رآه من تغير في الشخصية المصرية أثناء الاندفاع وراء المطالبة بمحاكمة مبارك، بل إعدامه، عندما قال: «الأزمة التي يعانى منها الشعب المصرى أنه لأول مرة نراه وقد فقد أهم صفتين فيه: الصبر والتسامح».

    ولم أنس أبدا أيضًا تعليق أحد الأصدقاء الإنجليز أثناء مرحلة تجريس مبارك ومحاكمته ونقله من بيته إلى المستشفى ومنه إلى القفص الذي بُنى له خصيصًا تحت إشراف الوزير المختص وقتها، ثم إلى السجن، وقتها تساءل صديقى متعجبًا: «ألم يحارب مبارك يومًا مع الجيش؟»، فأجبته: بل شارك في ثلاث حروب منذ حرب السويس عام 1956، ثم حرب يونيو/ حزيران 1967، ثم أخيرًا حرب أكتوبر 1973 التي تعد بحق الانتصار الأهم في تاريخ العرب.

    تعجب الرجل مما يتعرض له مبارك وقتها من مهانة، قائلًا: «لو أنه في بلادنا لكان الوضع مختلفًا، هذا رجل حارب ووضع روحه على كفه، ليس مرة ولكن مرات، وهذا له قيمة كبيرة أن تكون محاربًا من أجل بلدك».

    عندما علمت بقرار أن تكون جنازته عسكرية، رأيته قرارًا محترمًا جديرًا بنا كدولة حقيقية، وتمنيت لو شارك كبار قادة القوات المسلحة، وأن يشارك الرئيس السيسى شخصيًا في الجنازة. اعتبرت حدوث ذلك محاولة استعادة لقيم ومبادئ كدنا نفقدها تمامًا. وحدث بالفعل ما تمنيته، وشهدنا بالأمس مشهدًا لوداع رئيس ومقاتل من أجل بلده لأكثر من نصف قرن. وداع حضر فيه أهل مصر وجيشها ورئيسها لتحية وداع واجبة. وبمشهد يليق بمبارك وبنا أبناء مصر.

  • الصحفي حمدي رزق يكتب مقال بعنوان ( التجربة الألمانية )

    قُتل تسعة أشخاص، ليل الأربعاء الماضى، فى عمليتى إطلاق نار استهدفتا مقهيين لـ«النارجيلة» فى مدينة «هاناو» قرب «فرانكفورت»، يُرجّح أن يكون الدافع إليهما «كراهية الأجانب». تولت النيابة الفيدرالية الألمانية، المختصة بمكافحة الإرهاب، التحقيق فى «الجريمة المزدوجة»، وتملك ابتداء «أدلة تدعم وجود دافع كراهية الأجانب». عُثر على رسالة مؤلَّفة من «24 صفحة» تعكس كراهية الجانى (المنتحر) للأجانب.

    على وقع المذبحة، يتداول الألمان مشروع قانون يلزم «مواقع التواصل الاجتماعى» بإبلاغ الشرطة عن المحتوى، الذى يحمل «خطاب كراهية»، إلزامًا سيكون على شركات الإنترنت الإبلاغ عن المحتوى الدعائى لـ«اليمين المتطرف» والمواد البصرية العنيفة والقتل والمنشورات التى تشير إلى إعداد شخص لتنفيذ هجوم إرهابى.

    مشروع القانون يحتاج موافقة البرلمان، والخلاف حول توسيع نطاق خطاب الكراهية الإجرامى ليشمل تهديدات الاغتصاب، وتدمير الممتلكات، والتعبير عن تأييد الجرائم الكبرى، وسيكون للجرائم المدفوعة بـ«معاداة السامية» عقوبات أشد وأغلظ.

    الحكومة الألمانية فى اختبار جدى، الفضاء الإلكترونى مفعم بالكراهية، وخطاب الكراهية يسيطر على الأجواء الإلكترونية، ومتوالية جرائم الكراهية مُخضَّبة بالدماء، والقانون الألمانى الحالى عاجز، وخطاب الكراهية عابر للحدود، ما دفع المستشار النمساوى «سباستيان كورتس» إلى لقاء مؤسِّس فيسبوك «مارك زوكربيرج»، الأسبوع الماضى، لبحث سبل مكافحة نشر الكراهية عبر الإنترنت.

    مكافحة خطاب الكراهية عالميًا تذهب إلى سَنّ قوانين تبيح إجراءات أشد صرامة، مُصِرّون على اقتلاع خطاب الكراهية من الفضاء الإلكترونى، مكافحة خطاب الكراهية عالميًا واجب مستوجب، وموقع «يوتيوب» الإلكترونى كشف أنه سيتخذ «موقفًا أقوى» لمنع خطاب الكراهية ضد الشخصيات العامة والمبدعين، سيُحدِّث القواعد التى تحكم الهجمات الشخصية، مع حظر مقاطع الفيديو التى «تُهين الناس» بشكل خبيث، استنادًا إلى العرق أو التعبير عن الجنس أو الميل الجنسى.

    هكذا يحمون مجتمعاتهم، ويُضيِّقون المساحات على الكارهين، آن أوان تحرك الحكومة المصرية لإقرار مشروع قانون على غرار القانون الألمانى لمكافحة خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعى. خطاب الكراهية فى الحالة المصرية كلفنا الكثير من الأرواح، راجعوا فيديوهات «قنوات رابعة» التركية على «يوتيوب» لتقفوا على ما ذهب إليه خطاب كراهية الإخوان ضد المصريين، والسلفيين ضد المسيحيين، والمتطرفين ومَن تبعهم ضد العلمانيين، كراهية الإخوان من صنف كراهية اليمين الألمانى المتطرف تستوجب كبحها إلكترونيًا.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان (الفتونة التى صارت أداة دبلوماسية!)

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان (الفتونة التى صارت أداة دبلوماسية!) جاء على النحو الآتي :-

    سيذكر التاريخ الحديث أن الرئيس الأمريكى دونالد #ترامب قد جعل «الفتونة» أداة دبلوماسية واضحة وسافرة، لتحقيق مطالبه الشخصية أو مصالح بلاده. وسيذكر التاريخ أن هذا النوع من الفتونة الذى يقترب من البلطجة قد بدأ ينتشر بين العديد من قادة العالم.
    كنا نظن أن الكيان الصهيونى هو صاحب الامتياز، فى البلطجة، لكن تبين لنا أنهم تلاميذ بالمقارنة مع ما يفعله ترامب. غالبية رؤساء أمريكا مارسوا هذا النوع من «الدبلوماسية الخشنة»، ولكن كانت تتم غالبا «بقفازات حريرية جدا»، حتى جاء ترامب، وبدأ يفرض العقوبات على أعدائه وأصدقائه على حد سواء. بل وبدأ يفعل ذلك بصورة مهينة، مع قادة دول يفترض أنها حليفة لبلاده. فعل ذلك مع غالبية دول الخليج، ومع الاتحاد الأوروبى واليابان وحلف الناتو، وقبل ذلك فعلها مع سوريا والصين وروسيا، ويفعلها كل يوم مع إيران، مهددا كل من يتعامل تجاريا معها بعقوبات مغلظة. الدولة الوحيدة تقريبا التى أفلتت من عقوباته هى إسرائيل. التى كافأها بصورة لافتة واستقوى من أجل عيونها على الفلسطينيين المساكين.
    إسرائيل، لم تعد فى حاجة ملحة إلى الفتونة والبلطجة التى مارستها لعقود طويلة، والسبب، أن العرب تكفلوا بتحقيق معظم أهدافها الاستراتيجية. لكن ولأن «الأصل غلاب»، نراها تمارس بلطجتها فتهاجم وتعتدى على الفلسطينيين فى غزة، وتعتقل فلسطينى الضفة، وتهاجم لبنان وسوريا، بل وتضرب كل من يجرؤ على معارضتها خصوصا الفصائل المسلحة الموالية لإيران خصوصا فى العراق.
    التلميذ النجيب الآن فى مدرسة أو جامعة ترامب هو الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى مارس بلطجته على سوريا، وأرسل قواته إلى شمالها، ثم استدار الآن ليرسل بعض مستشاريه العسكريين وآلافا من الجنود المرتزقة الذين يعملون لحسابه إلى ليبيا. هو لا يكتفى بدور «الغازى» بل يزعم أن «ليبيا إرث أجداده العثمانيين». يوم السبت قبل الماضى هدد أردوغان أوروبا والعالم علنا، بأن من سيعترض على تدخله العسكرى فى ليبيا، يعنى أنه يشجع داعش على التمدد والمهاجرين على العبور إلى أوروبا. وهدد أيضا بأن قواته سوف تتدخل أكثر فى سوريا، وفى ليبيا. وما بين سوريا وليبيا، يتحرش أردوغان علنا بقبرص واليونان ومصر، من أجل الحصول على جزء من كعكة الغاز فى منطقة شرق البحر المتوسط، ووقع اتفاقية ترسيم حدود بحرية غير قانونية مع حكومة الميليشيات فى ليبيا، لمناكفة الدول الثلاث!.
    وما تفعله الحكومة الإيرانية فى المنطقة العربية، يعتبر إلى حد كبير «فتونة» واستقواء على جيرانها، خصوصا حينما تواصل دعم الميليشيات الحوثية فى اليمن، و«الحشد الشعبى» فى العراق، وتتباهى بأنها تحكم وتسيطر على صناعة القرار فى أربع عواصم عربية هى بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. هى خلقت أذرع لها فى هذه البلدان الأربعة، على أساس طائفى فقط، ثم تحولت هذه الميليشيات إلى شوكة فى ظهر بلادها، وأججت الصراعات الطائفية.
    وللموضوعية فإن بعض دول الخليج السنية ساهمت فى نفس هذا الصراع المذهبى، وتتحمل نفس القسط من الخطأ القاتل.
    نجاح طريقة ترامب، وعدم اكتراثه بكل ما هو منطقى ودبلوماسى وإنسانى، جعل صورة الفتوة هى الأكثر تأثيرا لدى العديد من الناس، والدليل أن استطلاعات الرأى تشير إلى أن شعبية ترامب لم تتأثر كثيرا فى بلاده، رغم كل الكوارث التى فعلها، ورغم الأخطاء الكارثية التى وقع فيها، ورغم خروجه على كل القواعد والأعراف التى عرفتها السياسة الدولية لعقود طويلة. ونلحظ ارتفاعا فى شعبيته بعد إفلاته من قرار العزل بفعل الأغلبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ.
    ومن سوء الحظ أن غالبية العالم تتحول للتفكير بنفس المنطق «الترامباوى الأردوغانى»، حتى لا يتم دهسهم تحت هذا القطار الشعبوى العنصرى المندفع، والذى يحقق نجاحات كثيرة فى مناطق مختلفة بالعالم!!.
    يفترض أن الإجابة الصحيحة هى التمسك بالأخلاق والقانون الدولى، لكن ذلك وحده لا يفيد كثيرا، بل ينبغى أن تتسلح كل دولة بقوتها الشاملة، حتى لا تغرى «البطجية والفتوات واللصوص الكبار» باقتحامها واحتلالها والهيمنة عليها. الدول الضعيفة مهما كانت تملك من حجج وحقوق، لا تصمد أمام تلمظ الدول الكبرى، خصوصا إذا كانت الأخيرة عنصرية أو متطرفة.
    السلام والأمن والاستقرار، تبنيها القوة الشاملة، أى امتلاك كل وسائل هذه القوة من الاقتصاد والتنمية الشاملة إلى المجتمع المتعلم، مرورا بتوافق المجتمع الداخلى، نهاية بالقوة العسكرية.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان (مصر وإفريقيا.. من التجميد إلى التقارب)

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان (مصر وإفريقيا.. من التجميد إلى التقارب) جاء على النحو الآتي :-

    بعد نهاية رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى يوم الأحد الماضى، قد يسأل البعض: من الذى استفاد أكثر: مصر أم الاتحاد الإفريقى؟!.

    السؤال قد لا يعجب البعض، وربما يفضلون صيغة، ما هى المكاسب التى عادت على الطرفين؟!.

    فى كل الأحوال هناك إجابة تقليدية، تدور حول ما فعلته مصر خلال توليها رئاسة الاتحاد الإفريقى، وهذه الإجابة لن نتوقف عندها، فقد تحدث عنها كثيرون، وبدلا منها، سوف أركز على نقطة قد لا تشغل بال كثيرين، وهى عودة مصر الحقيقية إلى القارة الإفريقية، وانخراطها فى قضايا القارة المختلفة، والأهم أن المواطنين العاديين بدأوا يتعودون على أن جزءا أصيلا من هويتنا إفريقى فعلا، وليس مجرد جملة أو تعبير نردده أثناء انعقاد القمم أو المؤتمرات الإفريقية الكبرى.

    هذه الروح أو عودة إحساس المصريين بالهوية الإفريقية بجانب عروبتهم، مسألة مهة جدا، وكانت موجودة بقوة فى الخمسينيات والستينيات فى أوج تألق ثورة يوليو ١٩٥٢، التى قدمت مساعدات ضخمة للعديد من شعوب وبلدان القارة لنيل استقلالها من المستعمر، ثم ساعدتها بعد الاستقلال، وفى تلك الفترة كانت العلاقات المصرية الإفريقية فى ذروتها، فى كل المجالات. وكانت إفريقيا داعما كبيرا ومهما لمصر فى كل المحافل الإقليمية والدولية.

    لكن قبل أن نتحدث عن عودة إفريقيا ومصر لبعضهما البعض، علينا أن نتحدث بسرعة عن أسباب هذا الابتعاد؟

    بعد رحيل عبدالناصر وزيارة السادت للقدس واتفاقيات كامب ديفيد فى حقبة السبعينيات من القرن الماضى حصل ما حصل، ومن بين ما حدث أن مصر الرسمية بدأت تبتعد عن إفريقيا، مفضلة إما النظر غربا حيث الولايات المتحدة وأوروبا، أو شرقا حيث الوطن العربى.

    ليس عيبا أن تكون لنا علاقات جيدة وقوية مع وطننا العربى، أو مع العالم أجمع، لكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب العلاقات مع إفريقيا، حيث منابع مياه النيل، وحيث عمقنا الاستراتيجى وحيث السوق الكبيرة والموارد الاقتصادية المختلفة التى يمكن أن تفيدنا فى مجالات كثيرة.

    ربما يرى البعض أن تواصلنا مع إفريقيا استمر لسنوات بعد عبدالناصر خصوصا حينما تولى بطرس بطرس غالى الملف أواخر السبعينيات ومعظم الثمانينيات.

    لكن الابتعاد الأكبر كان بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى يوليو ١٩٩٥، بعدها استدرنا بالكامل شطر أوروبا وأمريكا، وتجاهلنا إلى حد كبير إفريقيا، التى كانت قد بدأت هى أيضا تبتعد عنا، خصوصا إثيوبيا، التى بدأت تناكفنا ومعها جنوب إفريقيا، ونيجيريا، والثلاثة كانوا يعتقدون معظم الوقت، أن ابتعاد مصر عن إفريقيا يفسح لكل منهم إمكانية قيادة القارة، وبالتالى فالخطأ لم يكن فقط من قبل نظام مبارك، بل كان من قوى إفريقية كثيرة، بدعم من قوى دولية.

    إثيوبيا كانت تتحين الفرصة طوال الوقت لإقامة سدود على النيل الأزرق، وتمكنت من إقناع غالبية دول حوض النيل، لنسف اتفاقيات ١٩٢٩ و١٩٥٩، وتأسيس كيان بديل فى عنتيبى، كل ذلك حدث قبل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، لكن الفوضى العارمة التى وقعت فى مصر بعد الثورة منحت أديس أبابا الضوء الأخضر للسير فى بناء سد الألفية أو النهضة، ولم يكن غريبا أن يكون الإعلان عن المشروع فى الأيام الأولى لثورة يناير، ثم تحويل مياه النيل فى إبريل ٢٠١١، والسير فيه بخطوات متسارعة فى لحظات الضعف المصرى، لكن من الخطأ الكبير الزعم أن ثورة يناير، وحدها كانت السبب فى هذا التحول، لأن هناك أسبابا متراكمة على مدى سنوات.

    حتى حينما قامت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، قرر الاتحاد الإفريقى تجميد عضوية مصر، لأنها من وجهة نظر الاتحاد خالفت مواثيق الاتحاد.

    لكن دولا كبرى فى القاهرة أيدت هذا التعليق، ليس حبا فى الديمقراطية، بل لضمان إبعاد مصر، حتى ينفسح المجال لها، خصوصا فى ملف دخول دولة إفريقية إلى مجلس الأمن فى حالة توسيع العضوية.

    عادت مصر للاتحاد فى يونيو ٢٠١٤، وكانت أول جولة خارجية للرئيس عبدالفتاح السيسى لحضور قمة الاتحاد الإفريقى فى مالابو فى غينيا الاستوائية، كانت رسالة واضحة أن مصر ستعيد إصلاح بوصلتها للتوجه جنوبا، كان البعض يعتقد أن هذا التوجه شكلى، لكن ثبت أن ذلك غير صحيح، وأنه توجه جوهرى؛ حيث حرص السيسى على حضور كل القمم الإفريقية.

    وما بين تجميد عضويتها قبل سبع سنوات، وهذه الأيام، جرت فى النهر مياه كثيرة. رسميا عادت مصر للاتحاد الإفريقى، وصارت رئيسة له.

    السؤال الأهم هو: هل انعكس هذا النشاط الرسمى على العلاقات الشعبية، أى بين مصر والشعوب الإفريقية؟!. سؤال يحتاج إلى إجابة أكثر تفصيلا.

  • مقال للكتاب الصحفي “عماد الدين حسين” بعنوان  ” التدخل العسكرى .. هل هو سيئ دائما؟!

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكتاب الصحفي “عماد الدين حسين ” بعنوان  ” التدخل العسكرى .. هل هو سيئ دائما؟! ” جاء على النحو الآتي :-

    حينما تكون هناك أزمات ونزاعات بين الدول، فإنها تبذل كل الجهد لحلها سلميا عبر الحوار والمفاوضات، لكن ماذا لو أن الحلول السلمية فشلت، ووصلت دولة لقناعة جازمة بأن أمنها القومى مهدد فى الصميم؟! هل تلجأ هذه الدولة للحل العسكرى، أم تضع يدها على خدها، فى انتظار اقتناع الطرف المعتدى أنه على خطأ؟!
    أطرح السؤال للنقاش، لأنه يشغل بال الكثير من المصريين وبعض العرب، وهم يرون بلدهم يتعرض لتهديدات جدية تتعلق بموارده الاقتصادية فى البحر المتوسط، وحدوده البرية مع ليبيا، وحقوقه المائية فى نهر النيل.
    شخصيا أصنف نفسى إنسانا مسالما إلى أبعد الحدود، وتوقفت عن التعصب لغالبية الآراء، اقتناعا بأن هناك آراء ووجهات نظر متعددة، لكل قضية فى العالم أجمع، مهما تصور الكثيرون أنها مقدسة، وأن المفاوضات هى السبيل الأساسى لحل أى أزمة. لكن مرة أخرى ماذا لو كانت الحرب هى الخيار الوحيد والأخير، هل نخوضها أم نؤثر السلامة حرصا على أرواح أولادنا؟!
    من الواضح أن «العقدة اليمنية»، ما تزال حاضرة فى الوعى المصرى، رغم مرور أكثر من نصف قرن عليها، حينما أرسل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الجيش المصرى إلى اليمن، لدعم الثورة والجمهوريين ضد حكم الإمامة. هناك وقعنا فى مصيدة واستنزاف لا حدود له، ويعتقد البعض أن ذلك كان سببا فى هزيمتنا فى يونيو ١٩٦٧. ربما كان قرار التدخل فى اليمن خاطئا، وإن كان العدل والمنطق يحتمان مناقشته فى إطار الظروف المختلفة وقتها، وليس بالقواعد والظروف الحالية.
    على أى حال الوضع بالنسبة لحقوقنا المائية فى نهر النيل، والاقتصادية بالبحر المتوسط، وحماية حدودنا الغربية، يتطلب فى لحظات معينة، ألا نستبعد أى خيار مهما كان صعبا.
    مرة أخرى أرجو ألا يفهم كلامى، بأننى أطالب بالحرب اليوم أو غدا، بل الهدف أن نبدأ فى مناقشة الموضوع بهدوء، وأن نضع كل السيناريوهات المختلفة، وأن يكون عامة الشعب على معرفة واطلاع «إلى حد ما» عليها ليكون سندا وظهرا لحكومته ودولته وجيشه إذا قدر الله أن نختار الخيار الأصعب.
    لا توجد دولة فى العالم تفكر بطريقة صحيحة، تخرج وتقول إنها لن تحارب مطلقا، وأظن أن عبارة الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بأن «حرب أكتوبر هى آخر الحروب» كانت خاطئة استراتيجيا، ولم تكن موفقة بالمرة سياسيا. حينما يقول رئيس دولة مصر إن هذه هى آخر الحروب، فإنه كمن يعطى شيكا على بياض لإسرائيل ولكل الأعداء، أن يعربدوا فى المنطقة بأكملها. مرة أخرى، لا أطالب بالحرب مع إسرائيل أو تركيا أو إرسال جيشنا إلى ليبيا أو قصف منشآت سد النهضة الإثيوبى، بل أدعو إلى محاولة فهم عقلانى لهذه القضية الحاسمة.
    سفير ومسئول سياسى كبير سابق قابلته قبل أيام فى ندوة مهمة ومغلقة عن الصراع العربى الإسرائيلى، وكنا نتكلم فى نفس الموضوع. قال لى إنه لابد من تغيير النظرة السائدة، والتخلص من كابوس اليمن. هو يقول: «لا يوجد منطق فى أن نقول إننا لن نتدخل عسكريا أو نرسل قواتنا خارج الحدود على الإطلاق».
    نحن نتحدث دائما عن الدور المصرى فى المنطقة، وهذا الدور لن يكون موجودا ومؤثرا، من دون أن نجازف أحيانا. فى بعض اللحظات يتعرض أمننا القومى للخطر، ولابد من تحرك، حتى يدرك من يستهدفك أنه لن يفلت بتحريضه أو العمل ضدك.
    القيادة المصرية تصرفت بصورة صحيحة قبل سنوات، حينما أعطت أوامرها فى 17 فبراير2015، للقوات الجوية بقصف مواقع التنظيمات المتطرفة فى سرت ودرنة، التى ذبحت بوحشية ٢١ مصريا قبطيا فى ليبيا. ثم فعلت ذلك أيضا، فى 26 مايو 2017، حينما ثبت لديها أن نفس التنظيمات كانت مسئولة عن استهداف أتوبيس رحلات كان يقل زوارا لأحد الاديرة بمحافظة المنيا.
    تلك كانت تحركات صغيرة جدا ومحدودة خارج الحدود. لكن قد يتطلب الأمر اتخاذ قرارات أوسع وأصعب.
    مرة أخرى نحتاج إلى تغيير الثقافة والذهنية السائدة. فالطلاب الذين يجاهدون ويدفعون الكثير مقابل الالتحاق بالكليات العسكرية، عليهم أن يدركوا أن كونه ضابطا، لا يعنى فقط الأبهة والمكانة والنفوذ، بل إنه قد يستشهد فى أى لحظة دفاعا عن بلده ووطنه. نعم الحرب صعبة ومؤلمة ومدمرة، ومعوقة للتنمية وللحياة الطبيعية، لكن فى لحظات معينة لا يكون هناك مفر منها «حتى لا يتجرأ علينا كل من هب ودب».

  • مقال لأستاذ السياسات العامة ” إبراهيم عوض ” بعنوان ” إنكار الشرعية على صفقة القرن “

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال لأستاذ السياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ” إبراهيم عوض ” بعنوان ” إنكار الشرعية على صفقة القرن ” جاء على النحو الآتي :-

    أريق حبر كثير على صفقة القرن التى أعلنها الرئيس دونالد ترامب يوم 28 يناير الماضى وعناصرها الأساسية صارت معروفة لكل مهتم، بحيث لم تصبح ثمة حاجة لاستعراضها. لذلك وكمقدمة يتناول هذا المقال المنطق الذى يستند إليه الرئيس الأمريكى فى طرح خطته ثم يعنى بشرعية هذه الخطة ويشدد على ضرورة إنكارها عليها. المقال إذ يفعل ذلك لا يسلّم بأن الخطة قدر لا فكاك منه وهو يظن أن فى أيدى العرب الراغبين، والفلسطينيين تحديدا، أوراقا تمكنهم من هزيمة الخطة إن أحسنوا لعبها.
    أول ما يخطر للمراقب هو التساؤل عما يخوّل للرئيس الأمريكى اقتراح خطته، خاصة ما يرد فيها من منح إسرائيل أراض فلسطينية. عندما أصدر اللورد بلفور وعده للحركة الصهيونية «بإنشاء وطن قومى لليهود» فى فلسطين فى نوفمبر 1917، وقيل عنه إنه «وعد ممن لا يملك، فهو كان وزيرا لخارجية بريطانيا التى كانت تحتل أغلب الأراضى الفلسطينية إبّان الحرب العالمية الأولى وفى سبيلها للسيطرة على القدس، وهو بالتالى، بعقلية المستعمر، كان يتصور أن من صلاحياته تخصيص الأرض التى يضع يديه عليها. ولكن الولايات المتحدة ليست فى فلسطين ولم يطلب واحد من الطرفين، هو الفلسطينيون، من رئيسها التوسط بينهم وبين الإسرائيليين. فى واقع الأمر، ما فعله الرئيس الأمريكى هو أنه بارك وضع يدى إسرائيل على الأراضى الفلسطينية، والحكومة الإسرائيلية اعتبرت أن هذه المباركة كافية لكى تضم المستوطنات وغور نهر الأردن ولتنفذ ما غير ذلك من أحكام الخطة. باختصار هذا معناه أن مباركة ترامب هى مصدر الشرعية. هذا تحديدا هو ما لا يمكن قبوله، بصرف النظر عن عناصر الخطة نفسها وبالإضافة إليها. لا ينبغى أن يكون صعبا تسويق عدم قبول مباركة ترامب، ومجرد إرادته كمصدر للشرعية، لدى أطراف المجتمع الدولى. وعدم الصعوبة هذا توجد عليه بيّنات.
    ***
    أول هذه البيّنات أن الولايات المتحدة نفسها غير مقتنعة تماما بقيمة مباركة ترامب. طلبت الولايات المتحدة انعقاد مجلس الأمن فى جلسة مغلقة وهو انعقد بالفعل يوم الخميس الماضى لكى تعرض عليه خطتها. هذا لا يعنى إلا أنها تشعر بالحاجة إلى إقناع مجلس الأمن بسلامة الخطة لأنها ستحتاج إليه إن عاجلا أو أجلا. فى النظام الدولى الحديث، التنظيم الدولى متعدد الأطراف هو وحده الذى يسبغ الشرعية أو يمسك عن إسباغها.
    تردد فى الصحافة فى الأيام الأخيرة أن الرئيس الفلسطينى محمود عبّاس سيسافر إلى نيويورك ليتحدث أمام مجلس الأمن ويرفض خطة ترامب وأنه سيحث تونس العضو العربى فى المجلس فى الوقت الحالى على تقديم مشروع قرار برفض الخطة. لا يجب منح هذه الأهمية رسميا للخطة. الولايات ربما نجحت فى ألا ينعقد مجلس الأمن أساسا، بالتلويح باستخدام حق النقض إن قدم أحد مشروع قرار ضد خطتها، وأن يكتفى بمشاورات جانبية يعقبها بيان صادر عن رئيس المجلس لا حجية قانونية له. وإذا انعقد مجلس الأمن وقدمت تونس ومعها إندونيسيا، كما شاع بعد ذلك، مشروع قرار فالولايات المتحدة ستستخدم فعلا حق النقض ضده. هذا سيكون بمثابة خبطة جديدة لا لزوم لها للجانب الفلسطينى. ربما لا يكون العمل على رفض مجلس الأمن للخطة الأمريكية، بمبادرة فلسطينية، أفضل سبل التحرك فى الوقت الراهن. لا بأس من الذهاب إلى الجمعية العامة؛ حيث لا يوجد حق النقض ومازالت فيها أغلبية مساندة للفلسطينيين، ولكن ثمة سبلا أكثر نفعا.
    الأفضل أن تترك المبادرة فى الذهاب إلى مجلس الأمن للطرف الأمريكي ــ الإسرائيلى. هذا الطرف يستهتر بالعمل المتعدد الأطراف، وبالأمم المتحدة تحديدا وبكل القرارات الصادرة عن مجلس أمنها وعن جمعيتها العامة، والتى تمثل مجتمعةً الشرعية الدولية فى شأن القضية الفلسطينية خصوصا بل وفيما يتعلق بكل أمور المجتمع الدولى عموما. فى النظام الدولى الحديث، التنظيم الدولى متعدد الأطراف والصكوك القانونية المنظمة له هى وحدها التى تمنح الشرعية. وعد بلفور نفسه لم يكن كافيا لكى تستمر الحركة الصهيونية فى بناء ما سيصبح إسرائيل بعدها بثلاثين عاما. تطلب الأمر أن يصدر قرار من مجلس عصبة الأمم فى سنة 1920 يعتمد فيه انتداب بريطانيا على فلسطين، وهو الذى تنص وثيقته على نشأة الوطن القومى لليهود فيها. لا وعد بلفور كان كافيا، ولا اتفاق الحلفاء المنتصرين فى الحرب العالمية الأولى كان. تصديق التنظيم الدولى الوليد هو الذى كان. وإسرائيل ما كانت لتقوم وما كان يمكن لها أن تزعم أنها كانت فى موقف الدفاع عن نفسها، ما لم تكن قد حازت «شرعية»، من منظور القانون الدولى الوضعى، بمقتضى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لسنة 1947. وبدون هذا القرار، ما كانت دول تقدم على الاعتراف بالدولة التى أعلن دافيد بن جوريون قيامها فى 14 مايو 1948.
    لذلك، وبالرغم من استهتاره بالعمل الدولى متعدد الأطراف، فإن عاجلا أو آجلا، سيضطر الطرف الأمريكي ــ الإسرائيلى، أو «الترامبوى ــ الليكودى»، إلى اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن تحديدا حيث للولايات المتحدة سطوة أكبر مما لها فى الجمعية العامة، ليس فقط لإبلاغه ومحاولة إقناعه كما فعل منذ أيام، بل ليستقى شرعية لخطته باستصدار قرار منه باعتمادها أو على أقل تقدير تأييدها. وإذا أخذنا بسابق التصرفات فأغلب الظن أن هذا الطرف سينتظر حتى تطبق إسرائيل خطة ترامب كاملةً فيما يخصها ثم يتقدم للمجتمع الدولى بالأمر الواقع ليقبله صاغرا وليسبغ عليه الشرعية.
    قد يثور التساؤل عن الحكمة فى الانتظار حتى تطبق إسرائيل كل ما يخصها فى الخطة وعما إن لم يكن فى ذلك مضيعة لوقت ثمين. واقع الأمر هو أن الخطة مطبقة بالفعل فإسرائيل قد أعلنت القدس «عاصمة موحدة» لها فى سنة 1980 وهى تسيطر على كل الأماكن المقدسة فيها، وهى موجودة بفعل الاحتلال فى غور نهر الأردن، وقوانينها تسرى فى المستوطنات فى الضفة الغربية. تطبيق خطة ترامب يتوهم «إسباغ الشرعية» على هذه الأوضاع. هذا هو ما ينبغى إفشاله وجعل ما يتخذ بشأنه حبرا على ورق.
    ***
    الطرف الفلسطينى يجب أن يستغل الوقت ليتحرك فى كل الاتجاهات لحث الفاعلين الدوليين على رفض الخطة حتى لا يعتمدها مجلس الأمن أو يؤيدها عندما تعرضها عليه الولايات المتحدة. من اللازم الاتصال بالدول الأعضاء فى مجلس الأمن، وبالدول الكبرى، والمتوسطة القوة من كل المناطق. ولابدّ أن يشمل التحرك المنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدنى الدولى والمجتمعات المدنية الوطنية. النشاط فى داخل إسرائيل نفسها وبين الإسرائيليين الرافضين للخطة مهم. على الرغم من أن انضمام الدول العربية أو بعضها إلى الجهد الفلسطينى هو الأمثل، فإنها يمكن ألا تفعل ذلك علانيةً. المهم هو أن تمسك الدول العربية، بما فى ذلك وخصوصا مصر، لأن الأمر يتعلق بمصادر قوتها فى العالم العربى، عن تأييد الخطة وأن تمتنع عن التعامل على أساسها. والدول التى تريد ذلك يمكن أن توفر المشورة والدعم بالتجربة والمعرفة، وأن تترك للمتخصصين والخبراء من بناتها وأبنائها أن يفعلوا هم ذلك.
    البينات، كما سبقت الإشارة، عديدة على رفض المجتمع الدولى للخطة. أى متابع يعرف بالتهكم والسخرية والازدراء والاستنكار الذى قوبلت بهم. ردود الفعل فى الصحافة الدولية، كما نقلت بعضها هذه الصفحة من «الشروق» يوميا فى الأسبوع الماضى، بليغة. قوبلت بهم فى أوروبا وفى الولايات المتحدة وفى إسرائيل نفسها. دول ومنظمات للمجتمع المدنى وشخصيات ونشطاء فى كل مناطق العالم نددوا بالخطة. هؤلاء رأوا أنها تنكر على الشعب الفلسطينى ما تبقى من حقوقه، وبالتالى فهى لا يمكن أن تكون أساسا لأى سلام، وأولئك وجدوا أنها تُعَرِّض اليهود للخطر؛ لأنها ستبينهم بشكل الظالمين مما يتسبب فى اللا سامية من جديد، وآخرون خشوا من آفاق الدولة الواحدة ومن تلاشى الطابع اليهودى لإسرائيل. الاتحاد الأوروبى أعلن عن تمسكه بالشرعية الدولية، ونضيف أنه لابدّ أن الدول الأعضاء فيه متخوفة من الغضب الفلسطينى الذى يمكن أن يتحول بعضه لاجئين وإرهابا يطولونها. على أن أهم أسباب استنكار الخطة، وهو سبب لابدّ أن يشدد عليه الجانب الفلسطينى، هو أنها تضرب بالشرعية الدولية وبالقانون الدولى عرض الحائط. عدم شرعية المستوطنات هو السبب فى مقاطعة الاتحاد الأوروبى لمنتجاتها. بل إنه، حسبما صدر عن قناة تليفزيونية رسمية إسرائيلية، فإن عددا من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى يستعد للاعتراف بشكل متزامن بالدولة الفلسطينية، ضمن سلسلة إجراءات أخرى، فى حالة ما إذا أعلنت إسرائيل ضمّ المستوطنات وغور الأردن. عدم جواز ضم الأراضى بالقوة هو مبدأ أساسى فى سلامة المجتمع الدولى. إن هُدِمَ هذا المبدأ اليوم فى فلسطين فهو سيُهدَم غدا فى غيرها، ثم يتوالى هدم المبادئ. لا يمكن أن يقوم مجتمع دولى، أو أى مجتمع، بدون مبادئ وقواعد محددة. أعضاء المجتمع الدولى، خاصة الدول الكبرى بينها، باستثناء بريطانيا، لا يمكن أن تقبل بذلك، خاصة وأنها خبرت نتائج خروج الولايات المتحدة على قواعد مشتركة للتعامل فهى فرضت الرسوم على واردات الصلب من أوروبا، ورفعت الرسوم على وارداتها من الصين، ونقضت خطة العمل الشاملة والمشتركة مع إيران، وانسحبت من اتفاقية المناخ، وتراجعت عن اتفاقية تجارية مع دول المحيط الهادى، وعرقلت إعادة تشكيل لجنة فض المنازعات فى منظمة التجارة العالمية. القبول بأن تهدم الولايات المتحدة مبدأً أساسيا مثل عدم جواز ضم الأراضى بالقوة يعنى قبولا بأن يتحول التنظيم الدولى من نظام تتساوى الدول الأعضاء فيه قانونا، وإن كانت الولايات المتحدة أقواها فعلا، إلى إمبراطورية أمريكية تفرض إرادتها على وحدات سياسية تابعة لها. لا يمكن أن تقبل روسيا أو الصين أو حتى فرنسا مثل ذلك. ردود الفعل على الخطة تبين أنه ربما كان هدم هذا المبدأ القشة التى قصمت ظهر البعير، وعلى أى حال يجب على ممثلى الشعب الفلسطينى أن يجعلوا من الخطة هذه القشة. أساطين القانون الدولى وأساتذة التنظيم الدولى، من العرب وغير العرب، يمكن أن يساعدوا على بيان كيف تقوض «صفقة القرن» أسس القانون الدولى وتهدم مقومات المجتمع الدولى. فى مجلس الأمن، حلفاء الولايات المتحدة وأصدقاؤها قد يتحرجون ويمتنعون عن رفض الخطة إن طلبت ذلك تونس وإندونيسيا، ولكنهم لن يستطيعوا تأييدها صراحة وإن طالبتهم بذلك حليفتهم الكبرى.
    أما إذا قال أحدهم لماذا نُضيّع فرصة الدولة الفلسطينية التى «تتفضل» الخطة بمنحها للفلسطينيين، فالرد يسير. هى ليست دولة ذات سيادة أصلا ليحافظ عليها. المعروض هو أرخبيل من البانتوستانات الواقعة تماما داخل إسرائيل والمنفصلة عن إقليم أى دولة عربية أخرى. وإسرائيل عملا هى التى توافق على قيام هذه الدولة الفلسطينية بعد أربع سنوات أو لا توافق. والأهم هو أن هذه الدولة ليست لها الكلمة الأخيرة فى كل جوانب حياتها، بينما «السيادة» تعريفا هى اختصاص الدولة بفرض قوانينها فى كل أراضيها. دولة بدون سيادة ليست دولة.
    أى تفاوض على أساس الخطة هو إكسابها شرعية ليست لها. سيكون مدعاة للسخرية ومؤسفا أن يسبغ العرب أنفسهم هذه الشرعية عليها.
    إسقاط «صفقة القرن» ممكن.

  • مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” ما هو فيروس كورونا؟ ” 

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان ” ما هو فيروس كورونا؟ ” جاء على النحو الآتي :- 

    العالم بأكمله يعيش رعبا كبيرا بسبب انتشار فيروس كورونا فى الصين، وبدء انتقاله إلى دول مختلفة فى أربع قارات حتى الآن، وقبل أيام وصل قرب حدودنا فى فلسطين المحتلة وبالامس وصل إلى الإمارات. وحتى صباح أمس كان عدد ضحايا الفيروس فى الصين ١٣٢ قتيلا، و ٦٠٠٠ إصابة مؤكدة منها ١٢٣٠ حالة حرجة، و1500 حالة مشتبه بها.
    وقبل أن نتحدث عن تفاصيل الرعب، وهل هو كارثة طبيعية انتشرت أكثر بسبب العولمة، أم حرب بيولوجية مقصودة، تعالوا نعرف ما هو هذا المرض، وكيف ينتقل، فربما نساهم فى توعية الناس.
    على الصفحة الرئيسية لمنظمة الصحة العالمية عنوان يقول: أسئلة متكررة بشأن فيروسات كورونا المستجد.
    وجاءت الأسئلة الرئيسية وإجاباتها كالتالى:
    ما هو فيروس كورونا؟
    فيروسات كورونا فصيلة واسعة الانتشار معروفة بأنها تسبب أمراضا تتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى الاعتلالات الأشد وطأة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) ومتلازمة الالتهاب الرئوى الحاد الوخيم (السارس).
    ما هو فيروس كورونا المستجد؟
    يتمثل فيروس كورونا الجديد فى سلالة جديدة من فيروس كورونا لم تُكشف إصابة البشر بها سابقا.
    هل يمكن أن يُصاب البشر بالعدوى بفيروس كورونا مستجد من مصدر حيوانى؟
    خلصت التحريات المفصّلة إلى أن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوى الحاد الوخيم (السارس) قد انتقلت من قطط الزباد إلى البشر فى الصين عام 2002، فيما انتقل فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (Mers) من الإبل إلى البشر فى المملكة العربية السعودية فى عام 2012. وهناك العديد من سلالات فيروس كورونا الأخرى المعروفة التى تسرى بين الحيوانات دون أن تنتقل العدوى منها إلى البشر حتى الآن. ومن المرجح أن يتم الكشف عن سلالات جديدة من الفيروس مع تحسّن وسائل الرصد حول العالم. ومنشأ الفيروس لم يُفهم بعد فهما تاما، ولكن حسب تحليل مختلف جينومات الفيروس يُعتقد أن منشأه فى الخفافيش وأنه انتقل إلى الجمال فى وقت ما من الماضى البعيد.
    ما هى أعراض الإصابة بفيروس كورونا؟
    تتوقف الأعراض على نوع الفيروس، لكن أكثرها شيوعا ما يلى: الأعراض التنفسية، والحمّى، والسعال، وضيق النفس وصعوبة التنفس. وفى الحالات الأشد وطأة، قد تسبب العدوى الالتهاب الرئوى والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة والفشل الكلوى وحتى الوفاة.
    هل يمكن أن تنتقل فيروسات كورونا من شخص إلى آخر؟
    نعم، يمكن أن تنتقل بعض سلالات الفيروس من شخص إلى آخر، بالاتصال عن قُرب مع الشخص المصاب عادةً، كما يحدث فى سياق الأسرة أو العمل أو فى مراكز الرعاية الصحية مثلا.
    هل يوجد لقاح ضد فيروس كورونا المستجد؟
    عندما يظهر مرض جديد فلا يتوفر له أى لقاح ما لم يتم تصنيعه أولا. وقد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل التوصل إلى تصنيع لقاح ضد الفيروس.
    ما الذى يمكن القيام به للحماية من الفيروس؟
    تشمل التوصيات النموذجية للحدّ من التعرض للإصابة بمجموعة من الأمراض ومنع انتقالها، ممارسات مثل الحفاظ على نظافة اليدين والنظافة التنفسية وممارسات الغذاء المأمونة وتفادى الاقتراب، قدر الإمكان، من أى شخص تظهر عليه أعراض الأمراض التنفسية، كالسعال والعطس.
    هل العاملون الصحيون عرضة للإصابة بفيروس كورونا الجديد؟
    نعم، يمكن أن يُصاب العاملون الصحيون بهذا الفيروس نظرا لاقترابهم من المرضى أكثر من عامة الناس، لذلك توصى المنظمة هؤلاء العاملين باستخدام وسائل الوقاية المناسبة من العدوى وتدابير المكافحة اللازمة.
    ما هى توصيات المنظمة للبلدان؟
    تشجع المنظمة جميع البلدان على تعزيز رصّد حالات العدوى التنفسية الحادة الوخيمة (SARI) وتوخى الدقة فى استعراض أى أنماط غير اعتيادية لهذه الحالات أو حالات الالتهاب الرئوى، وإبلاغ المنظمة بأى حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد، سواء كانت هذه الحالات مؤكدة أم مشتبها بها.
    كما تُشجّع البلدان على مواصلة تعزيز تأهبها للطوارئ الصحية وفقا للوائح الصحية الدولية (2005).
    تلك اهم الاسئلة واجاباتها ومن يرغب فى الاستزادة عليه بالدخول على موقع منظمة الصحة العالمية على الرابط التالى:
    https://www.who.int/ar

    وبجانب هذا الموقع المهم فإن خطورة هذا الفيروس المستجد الذى كان يصيب الحيوانات فقط أنه يمكن ان ينتقل من شخص لآخر اثناء فترة حضانته من دون ظهور أى اعراض على حامله.

  • مقال للكاتب عبد الله السناوي بعنوان ” أوهام الاستخفاف فى صفقة ترامب”

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عبد الله السناوي بعنوان ” أوهام الاستخفاف فى صفقة ترامب” جاءت على النحو الآتي :-

    لم تكن هناك أى مفاجآت فى خطة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، المعروفة إعلاميا بـ«صفقة القرن»، عند إعلانها رسميا تحت أضواء الكاميرات.
    كل ما أفصح عنه هو نفسه ما تسرب على مدى شهور طويلة فى الصحافة الإسرائيلية والأمريكية كبالونات اختبار لمدى جاهزية الفلسطينيين لتقبل ما قد يطرح عليهم عند المذبح الأخير.
    بلغة المسرح بدت الأجواء الاحتفالية فى البيت الأبيض أقرب إلى «مونودراما» هزلية، ممثل واحد يسرد الأحداث من وجهة نظره، يمدح نفسه باعتباره صانعا للتاريخ والسلام، ويتلقى تصفيقا متتاليا من الشخصيات التى حشدت فى قاعة الاحتفال وتتبنى المواقف نفسها.
    كان بجواره على منصة الاحتفال رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو»، كلاهما كال المديح للآخر، فـ«ترامب» صنع لإسرائيل ما لم يصنعه رئيس آخر، و«نتنياهو» رجل سلام خطا خطوة جبارة بالموافقة على صفقة تتبنى بالكامل وجهة نظر اليمين الإسرائيلى الذى يمثله!
    انتحر المنطق فى احتفالية البيت الأبيض وجرى الاستخفاف بأى حقوق فلسطينية وعربية إلى حدود غير مسبوقة.
    لم يكن هناك سلام ولا خطة سلام ولا أى صلة بأى سلام منصوص عليه فى القوانين والمرجعيات الدولية، ولا كان هناك شريك فلسطينى، ولا أى اعتبار للطرف الآخر فى الصفقة المفترضة.
    كان الغياب الفلسطينى حكما مسبقا بالإعدام على «صفقة القرن».
    فى ذلك الحفل بدا الرئيس الأمريكى، كما لو أنه فى محفل انتخابى، أراد أن يضفى على نفسه صفة «الرئيس القوى» القادر على اقتحام الأزمات الشائكة رغم أزمته الداخلية التى استدعت إجراءات عزله على خلفية اتهامه باستخدام منصبه لمقتضى مصالح شخصية وانتخابية.
    ألقت معركة عزل «ترامب» بظلالها على احتفالية البيت الأبيض، ليس لأنه سوف يعزل فعلا، فهذا مستبعد بالنظر إلى الأغلبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ، بقدر مدى تأثير المحاكمة على فرصه الانتخابية لتجديد ولايته فى الخريف المقبل.
    لأهداف انتخابية جرى استدعاء «صفقة القرن» إلى العلن، رغم عمق المعارضة الفلسطينية الجماعية للانخراط فيها، واعتبار القبول بها خيانة وطنية ــ وفق تعبير الرئيس الفلسطينى «محمود عباس».
    حاول «ترامب» باغتيال الجنرال الإيرانى «قاسم سليمانى» تأكيد صورة «الرئيس القوى»، غير أن التداعيات أفسدتها وجلبت اعتراضات عليها من داخل حزبه نفسه، لكنه استخدمها مجددا فى سياق استعراض خدماته لإسرائيل، التى تضمنت نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإلغاء الاتفاق النووى الإيرانى والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورى المحتل.
    بالنسبة لرئيس مأزوم معاركه فى الداخل مفتوحة بدت هناك حاجة ملحة لشىء ما دراماتيكى فى معادلات الخارج يضفى عليه صفات القوة والقدرة على التصرف واتخاذ القرارات الصعبة وادعاء «صناعة السلام»!
    لم تكن هناك غير القضية الفلسطينية بطنا رخوة يضرب عليها دون توقع ردات فعل تضر بالمصالح الأمريكية فى العالم العربى.
    كان ذلك استخفافا يتجاوز كل ما جرى قبله من تنكيل بأى حقوق فلسطينية أو عربية.
    استخفاف إلى حد أنه يكاد لا يرى أن هناك بشرا يستحقون الحياة فى فلسطين، وأن هناك عالما عربيا خاض حروب متعاقبة لاكتساب حقه فى أوطان مستقلة، من بينها حرب (1948)، التى قال «ترامب» أنه كان يتوجب على العرب أن يعترفوا بإسرائيل الوليدة لا أن يهاجموها!
    خطة «ترامب» تقع فى (80) صفحة، موسعة وتفصيلية، الاطلاع التفصيلى عليها ربما يشير إلى الحجم المروع لذلك الاستخفاف.
    فيما يتعلق بما يحصده الإسرائيليون، فهو حاسم ومحدد وقاطع وإنفاذه عاجل، فالقدس غير المقسمة عاصمة أبدية لإِسرائيل، ومستوطنات الضفة الغربية تضم للدولة العبرية وغور الأردن يوضع تحت سيادتها.. وهكذا.
    وفيما يتعلق بما قد يحصل عليه الفلسطينيون، فالكلام عائم ومشروط بتنازلات محددة مثل نزع سلاح غزة والاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية وإنفاذه ممرحل على أربع سنوات والوعود الاقتصادية التى تدفع أغلب استحقاقاتها الدول الخليجية معلقة على تنفيذ الإملاءات.
    الخطة الإسرائيلية، التى أعلنها الرئيس الأمريكى ووضع عليها توقيعه، تستهدف حكما ذاتيا فلسطينيا محدودا يطلق عليه اسم دولة فى حدود (70%) من الضفة الغربية يرتبط بغزة فيما يشبه الكانتونات الممزقة، بلا اتصال جغرافى ولا سلاح ولا سيادة ولا قرار أمنى.
    إنه سلام الإذعان والقوة وتجريد الفلسطينيين من أى حقوق منصوص عليها فى القوانين والقرارات الدولية، ومن بينها حق العودة.
    وفق خطة «ترامب» فالدولة الفلسطينية افتراضية، مسخ دولة.
    كل شىء لإسرائيل ولا شىء للفلسطينيين.
    من مفارقات ما حدث فى البيت الأبيض أن رجلا بمواصفات «نتنياهو» يتحدث عن «السلام» وهو يقصد «الاستسلام»، وعن «الطريق الواقعى لسلام مستدام» وهو يقصد الرؤية الصهيونية بكامل حذافيرها، وعن «اللحظة التاريخية» وهو يقصد «تصفية القضية الفلسطينية».
    كان ذلك انتهاكا مفرطا لحرمة الألفاظ والمعانى.
    مساء نفس اليوم كشف «نتنياهو» عن توجهه لاستصدار تشريع جديد خلال ساعات يفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن ويضم الكتلة الاستيطانية الأكبر فى الضفة الغربية دون انتظار لتفاوض تحدث عنه «ترامب» فى خطابه الاستعراضى.
    كان إعلان الصفقة، قبيل الانتخابات الإسرائيلية بأسابيع قليلة، داعيا للتساؤل داخل إسرائيل نفسها عن مغزى التوقيت، فـ«السماء لن تنطبق على الأرض» إذا ما تأجل إعلانها إلى ما بعد الانتخابات فى مارس المقبل حسب تعبير «افيجادور ليبرمان» وزير الخارجية والدفاع سابقا.
    بدا ذلك دعما سياسيا لـ«نتنياهو»، المهدد بالسجن على خلفية اتهامه فى قضايا احتيال وفساد.
    فى احتفالية واشنطن وقف «نتنياهو» تحت الكاميرات بجوار «ترامب» والسعادة تغمر وجهه، كأنه تلقى طوق إنقاذ قبل الغرق فى بحر الظلمات.
    كانت دعوة «بينى جانتس» زعيم لائحة «ازرق وأبيض» المنافس الرئيسى للائحة «الليكود» فى الانتخابات الإسرائيلية إلى البيت الأبيض نوعا من التغطية على ذلك الدعم الانتخابى لـ«نتنياهو».
    اجتمع بهما «ترامب» بالتعاقب، لكن الحظوة نالها «نتنياهو» وحده.
    لم يكن هناك فارق يعتد به بين المتنافسين الإسرائيليين، فكلاهما يؤيد الصفقة ويتحمس لها ويرى أنه الأجدر بإنفاذها على الأرض.
    فى التقدير النسبى لدوافع إعلان الخطة الآن فإن اعتبارات «ترامب» الانتخابية تأتى أولا، تليها اعتبارات «نتنياهو» حليفه الأوثق دون وضع الفلسطينيين والعرب فى أى اعتبار.
    هناك إجماع فلسطينى على رفض صفقة «ترامب»، وصفت بـ«صفعة القرن» و«عار القرن» و«احتيال القرن»، وترددت بصورة غير مسبوقة دعوات التحلل من اتفاقية «أوسلو» التى أنشئت على أساسها السلطة الفلسطينية.
    فكرة التحلل من «أوسلو» ليست جديدة، طرحت على الدوام فى كواليس السياسة الفلسطينية.
    لوح «محمود عباس» بالتخلى عن «أوسلو» فى خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن بدا أن هناك من يعارض هذه الخطوة داخل حركة «فتح»، التى يخشى بعض أقطابها أن يعقب حل السلطة الفلسطينية انقلاب داخلى إسرائيلى حتى تستمر بوجوه جديدة.
    ذلك يفسر ما دعا إليه «عباس» فى الخطاب، الذى ألقاه بذات مساء احتفالية واشنطن، بالبدء فى اتخاذ إجراءات تغيير الدور الوظيفى للسلطة الفلسطينية.
    المقصود التوقف عن التنسيق الأمنى والامتناع عن لعب أى دور وظيفى يكرس الاحتلال ويخدم أغراضه بأقل التكاليف الإسرائيلية.
    بأى مراجعة للأدبيات السياسية الفلسطينية والعربية بعد اتفاقية «أوسلو» فقد كان ذلك الدور جوهر الانتقادات التى وجهت إليها، عندما يتبناها الرجل الذى يوصف بـ«عراب أوسلو» فالمعنى أنه لم يتبقَ منها سوى خرق سياسية ينبغى التخلص منها فى أقرب سلة مهملات.
    هذا هو الرد الوحيد على صفقة «ترامب» مشفوعا بإنهاء الانقسام الفلسطينى وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والعودة مجددا إلى انتفاضات الغضب داخل الأراضى المحتلة.

  • وائل غنيم: لماذا تسمح دويتشه فيله بنشر مقالات علاء الأسوانى المدافع عن يسري فودة المتحرش؟

    شن الناشط وائل غنيم، هجومًا حادًا على الدكتور علاء الأسوانى فى ظل حديثه عن الحريات النسوية والحرية الشخصية، مذكرًا إياه بدفاعه عن قضايا التحرش الجنسى المتورط فيها الإعلامى يسرى فودة فى مؤسسة دويتشه فيله الألمانية، وادعائه بأن الدولة المصرية هى من لفقت تلك الاتهامات ليسرى الذى طرد من مؤسسة دويتشه فيله، على خلفية تزايد الاتهامات له بتكرار حالات التحرش بزميلاته، الأمر الذى انتهى باعتراف الوكالة الألمانية فى العام 2018، بأن موظفها السابق – أى يسرى فودة – متورط بالفعل فى وقائع التحرش المذكورة.

    وقال وائل غنيم، فى تغريده، اليوم الثلاثاء، “سؤال لمؤسسة دويتشه فيله.. الكاتب علاء الأسوانى اتهم النظام المصرى بتلفيق تهمة التحرش ليسرى فودة.. وقال إن التهمة لا يصدقها طفل.. وسؤالى هو: ما هو موقف المؤسسة من موقف الكاتب الدورى بها، الدكتور علاء الأسوانى.. والمعارض البارز اللى بيعمل بلوك لأى حد بينتقده”.

    وائل غنيم
  • الكاتب عبد اللطيف المناوي ينشر مقال بعنوان ( المأزق )

    أعلنت مصر وإثيوبيا تعثر جولات التفاوض الأربع التى عُقدت فى القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، برعاية أمريكا والبنك الدولى، ومن ثم بدأت جولة مفاوضات أخرى فى واشنطن، الإثنين، ومن المنتظر أن تنتهى خلال الساعات المقبلة، إن لم تكن قد انتهت وقت كتابة هذه السطور.

    وبغض النظر عن نتيجة الجولة، وبغض النظر كذلك عن الصورة المتداولة التى تجمع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بوزراء خارجية الدول الأطراف، ومن بينهم وزير خارجيتنا سامح شكرى، إلا أن المتوقع بعد اللجوء إلى الوسيط، وفقاً لمسار المفاوضات، وكذا الاتفاق الإطارى الموقع فى الخرطوم فى 2015، هو الذهاب إلى الهيئات الدولية للتحكيم.

    إلا أن هذه الخطوة لم تكن واضحة منذ البداية، رغم مطالبات كثير من الدوائر باللجوء إليها فى السابق. تلك الخطوة ربما لم تناقش فى الأساس مع أى اجتماعات سابقة للدول الثلاث الأطراف، سواء مع رعاية الوسطاء أو فى اجتماعاتهم بشكل منفرد على مستوى الوزراء أو القادة، وحتى الاتفاق الإطارى لم ينص على هذه الخطوة.

    الأزمة التى يخشى منها بعض المراقبين المصريين هى عدم وجود اتفاق مسبق بين الأطراف الثلاثة حول «آلية» التحكيم الدولى، ومتى يتم اللجوء إليها، إذ ربما يتم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية فى الوقت القريب.

    المعضلة أن القانون الدولى، وفقاً لبعض القانونيين الذين تحدثوا حول الأمر، يحتم الاتفاق مع إثيوبيا والسودان أولاً قبل اللجوء إلى أى هيئات دولية للتحكيم، وهو الأمر الصعب، حيث أبدت أديس أبابا تزمتها فى مسار المفاوضات، فإذا كان ذلك هو موقفها فى المفاوضات، فكيف سيكون موقفها فى اتفاق ينص على اللجوء إلى التحكيم!

    تبقى معضلة أخرى حول مدى اتساق الموقفين المصرى والسودانى إزاء هذا القرار، وذلك على ضوء التقارب الشديد بين السودان وإثيوبيا تجاه مسألة بناء السد، والفوائد التى سيحصل عليها السودان عن طريق إمداده باحتياجاته من الطاقة المولدة من توربينات سد النهضة، وهو أمر قد يصعب الخطوة.

    من الوارد أن تستخدم واشنطن أوراق الضغط التى تمتلكها بهدف دفع الأطراف الثلاثة لتقديم تنازلات مقبولة من أجل التوصل لاتفاق يُرضى الجميع، بهدف الإبقاء على مسار التفاوض السلمى وعدم اللجوء إلى التحكيم، وهذا أمر قد يوفر الكثير من الوقت.

    أتمنى أن نصل إلى اتفاق بدلاً من الوقت المهدر، الذى هو بالفعل فى صالح إثيوبيا، حيث تشير التقارير الأخيرة إلى أنها بنت بالفعل 80% من إنشاءات السد.

  • مقال للكاتب الصحفي ” عماد الدين حسين ” بعنوان (هل أدرك العرب وإيران الفخ المنصوب لهم؟!)

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب الصحفي ” عماد الدين حسين ” بعنوان (هل أدرك العرب وإيران الفخ المنصوب لهم؟!) جاء على النحو الآتي :-

    «للتاريخ، أذكر بأننى كنت على موعد مع الشهيد قاسم سليمانى فى الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم استشهاده، وكان من المقرر أن يحمل لى رسالة من الجانب الإيرانى، ردا على الرسالة السعودية، التى أوصلناها، للجانب الإيرانى، للوصول إلى اتفاقيات وانفراجات مهمة فى الأوضاع بالعراق والمنطقة».
    الفقرة السابقة بأكملها، جاءت على لسان رئيس الوزراء العراقى عادل عبدالمهدى، خلال كلمته فى افتتاح الجلسة الطارئة للبرلمان العراقى صباح يوم الأحد قبل الماضى، والتى صوت فيها البرلمان على قرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء تواجد قوات التحالف الدولى، وأى قوات أجنبية فى الأراضى العراقية، على خلفية قيام الولايات المتحدة باغتيال قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمانى وبعض قادة «الحشد الشعبى» العراقى وفى مقدمتهم أبومهدى المهندس.
    لا أعرف لماذا لم يتوقف كثيرون عند الكلام المهم جدا الذى قاله عادل عبدالمهدى عن الوساطة بين السعودية وإيران، وأن هناك تبادلا للرسائل على هذا المستوى الرفيع؟!
    فى تقديرى أن هذا تطور مهم جدا وعودة إلى التفكير الصحيح، ليس فقط للسعودية أو لإيران، ولكن لكل المنطقة، ولو استمر ووصل إلى نتيجة إيجابية فسوف يكون الخاسر الأكبر من وراءه هو إسرائيل، وكل القوى المتربصة بالمنطقة وبالعرب وبالمسلمين.
    من الواضح أن الحكومة العراقية تبذل جهدا مهما فى هذا الملف منذ شهور طويلة، بل وربما أثناء وجود حكومة حيدر العبادى السابقة. الحكومة الحالية تتمتع بعلاقات متشعبة مع إيران، شأنها شأن كل الحكومات العراقية منذ عام ٢٠٠٣، وصارت أكثر انفتاحا عى بقية الدول العربية، خصوصا الكويت والسعودية والإمارات ومصر والأردن فى الفترات الأخيرة، وهو توجه طيب ومحمود، ويصب فى مصلحة كل البلدان العربية، ويبطل العديد من المؤامرات الخارجية ضد العرب.
    كل من لديه عقل يدرك أن التصعيد بين السعودية وإيران أو بين الخليج وإيران، لا يستفيد منه إلا أعداء الدولتين والعرب والمسلمين.
    لكن وحتى نكون موضوعيين ومنطقيين، فالمشكلة ليست فقط فى المؤامرة الخارجية، والشياطين المختلفة، الصغير منها والكبير، لكن هناك مشكلة حقيقية لدى الجانبين، حيث يعتقد كل طرف أنه قادر على إلحاق الهزيمة الشاملة والماحقة بالطرف الآخر، وهو أمر مستحيل فى عالم السياسة، وفى أى عالم آخر تقريبا.
    الدول العربية الخليجية، تشعر أن إيران تريد زعزعة استقرارها، واستخدام الورقة المذهبية الشيعية سلاحا فى يدها للسيطرة والهيمنة. ويساعد على ذلك تباهى العديد من المسئولين الإيرانيين، بأنهم يسيطرون على القرار فى العديد من الدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، وبالتالى اضطر بعض هؤلاء إلى الاستعانة بـ«الشيطان الحقيقى» وهو الكيان الصهيونى، كى يحتمى به من إيران، بعد أن ألمح «الشيطان الأكبر» بالمفهوم الإيرانى، وهو الولايات المتحدة، إلى التفكير فى مغادرة المنطقة بأكملها، والتوجه إلى جنوب شرق آسيا، حيث المال والأعمال والمستقبل المزدهر، وليس الصراعات الطائفية والمذهبية والقومية.
    وإيران تشعر بأن دول الخليج تقوم بدور «مخلب القط» لمحاصرتها لمصلحة القوى الاستعمارية المختلفة، وأنها تشارك فى هذا الحصار منذ قيام الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩.
    الهواجس كثيرة، والجميع أخطأ، لكن الاستمرار فى نفس «الحلقة الجهنمية» لن يفيد أحد إلا أعداء الجانبين.
    على كل طرف أن يؤمن بأنه لن يلغى الثانى من الوجود وأن استخدام لعبة المذهب أو العرق لن تفيد أحدا. والصراع السنى الشيعى مستمر منذ عام ٣٨ هجرية، ولن ينتهى تقريبا إلا بقيام الساعة، وبالتالى فلا فائدة من تأجيجه إلا إذا كان الطرفان مجانين.
    فى تقديرى أن أحد أسباب استهداف قاسم سليمانى كان مصلحة أمريكية إسرائيلية مشتركة، وبدعم من أطراف عربية لإفساد أى تقارب بين السعودية وإيران. كثيرون كانوا يطلبون رأس سليمانى لأسباب متنوعة، لكن ما كشف عنه عادل عبدالمهدى، يقول لنا إن القوى الكبرى لا تريد للعرب وإيران أن يتقاربا بأى شكل من الأشكال، وأن يستمر الصراع حتى تجد إسرائيل وظيفة مهمة لها، وحتى تستمر أمريكا والغرب فى استنزاف قدرات الطرفين فى العديد من المواقع من اليمن إلى لبنان مرورا بالعراق وسوريا وأى بقعة أخرى. والسؤال هل يجرب الطرفان التفكير بالعقل وبمصلحة شعوبهم، حتى يكتشفوا ويدركوا أنهم يحققون فقط مصلحة أعدائهم!!

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” خائفون على الجيش.. أم على أردوغان؟! “

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” خائفون على الجيش.. أم على أردوغان؟! ” جاء على النحو الآتي :-
    الدكتور نادر نور الدين أستاذ الأراضى وخبير الموارد المائية، بعث لى برسالة على «الماسنجر» تقول: «لماذا تشن بعض قنوات الإخوان التى تُبث من تركيا، حملة بحجة عدم توريط الجيش المصرى فى الحرب الدائرة فى ليبيا، فى حين أنهم لم يفعلوا الشىء نفسه مع تركيا، التى يعيشون فيها، رغم أنها ترسل قواتها عبر البحار، إلى ليبيا، وليست لها حدود مشتركة، معها مثل سوريا مثلا، حتى تتحجج بأنها تحمى حدودها؟!».
    لا أشاهد هذه القنوات، لكن بعض الزملاء الذين يشاهدونها أحيانا، قالوا لى إنهم استمعوا فعلا إلى هذه الرسالة فى هذه القنوات بصورة مختلفة.
    للوهلة الأولى فإن بعض البسطاء حينما يستمعون إلى هذه الرسالة، فسوف يتصورون أن هدفها هو الخوف فعلا على الجيش المصرى، حتى لا يتورط فى الحرب الليبية، لكن حينما تصدر هذه الرسالة من قنوات دولة صوّت مجلس نوابها على قرار بإرسال قوات لمساندة حكومة الميليشيات فى ليبيا، فهو أمر غريب لا يحتمل إلا معنى واحد فقط، وهو أن هذه القنوات، صارت تعمل كترس فى المجهود الحربى لدولة أجنبية، وضد المصالح القومية لبلدها الأصلى مصر.
    لو أن هذه القنوات وجهت نفس الرسالة للقوات المسلحة التركية بعدم التورط فى الحرب الليبية، كنا سنفهم فعلا أنها لا تريد لمصر أو لتركيا التورط، لكن حينما تكون الرسالة للقوات المسلحة المصرية فقط، فهى واضحة ولا لبس فيها.
    فى بقية الرسالة التى أرسلها لى الدكتور نادر نور الدين يقول: «المعنى الوحيد هو أن هذه الحملة موجهة من النظام التركى، لهذه القنوات، التى صارت تعمل فى خدمة هذا النظام المعادى لمصر بصورة منهجية. يكمل نور الدين بقوله: «ولاء هذه القنوات والتنظيمات التى ينطقون باسمها بعيد تماما عن الوطنية، ولاؤهم فقط لمن يأويهم».
    ما يقوله الدكتور نادر نور، ليس رأيا شخصيا، لكنه رأى كثير من المصريين العاديين، الذين كان بعضهم يشاهد هذه القنوات، ويعتقد أنها فعلا حريصة على المصلحة الوطنية، وتتحدث عن هموم المواطنين المصريين خصوصا الغلابة منهم. لكن الأزمة الليبية كشفت الكثيرين الذين كانوا يخدعون المصريين باسم الوطنية تارة، وباسم الإسلام تارة أخرى.
    تقديرى الدائم أن من حق أى مصرى مهما كانت أفكاره أو قناعاته، أن يتبنى ما يشاء من أفكار، وأن يختلف مع حكومته أو رئيسه، كما يشاء، طالما أن الأمر فى إطار القانون والدستور. لكن حينما يرفع السلاح أو يحرض على العنف أو يهاجم جيش بلده، فالموضوع هنا خرج عن إطار إبداء الرأى إلى أمر مختلف تماما.
    سمعت بنفسى بعض هذه القنوات تهاجم الجيش المصرى نفسه وتسخر منه، وليس حتى بعض مسئوليه، وبالتالى، حينما يأتى البعض منها اليوم، ويطالب هذا الجيش بعدم التورط فى «الصحراء الليبية»، بحجة أنه يخشى أن يورطه، فهى دعوة ليست لوجه الله، أو للخوف على هذا الجيش، بقدر ما هى دعوة لإفساح المجال والأرض والأجواء للجيش التركى حتى يفعل ما يشاء فى ليبيا.
    مرة أخرى لا أتحدث عن تأييد أو عدم تأييد إرسال جيشنا إلى ليبيا، فهذا أمر تقرره القيادة السياسية ومجلس الأمن القومى، طبقا للمصالح المصرية العليا، لكن أستغرب تماما أن يتحول بعض المصريين إلى خدم فى بلاط حاكم يريد أن ينقل قوات بلاده آلاف الأميال إلى ليبيا الشقيقة، لتهديد دولتهم التى يقولون إنهم ينتمون إليها. علما أن بعضهم استغنى عن جواز سفر بلده، وصار يحمل جواز سفر تركيا.
    اختلفوا ما تشاءون مع الحكومة أو النظام المصرى، لكن أن يصل الأمر إلى هذا المستوى، فالأمر ليس خلافا مع الحكومة أو الرئيس، أو حتى مع الدولة بمفهومها الواسع. خلاف بعضكم صار مع الوطن نفسه للأسف الشديد. وهى جريمة لا يمكن نسيانها أو غفرانها أو حتى سقوطها بالتقادم.

  • مقال للكاتب ” محمد أمين ” بعنوان ( مفهوم الإعلام المحترف! )

    لم يكن الوزير أسامة هيكل وحده من يترقب لقاء الرئيس السيسى، وإنما كانت الجماعة الصحفية والإعلامية أيضاً تنتظر ما يسفر عنه اللقاء.. لقد شعرت بارتياح أن اللقاء لم يتأخر كثيراً، وشعرت أيضاً بارتياح أن الرئيس تحدث عن الإعلام المحترف.. والاحتراف يعنى الاستقلال والحرية واحترام الرأى الآخر.. وهى الأمور التي كتبنا عنها كثيراً كأحد لوازم الإعلام الحديث!.

    الأمر الثانى أن الجماعة الصحفية تنتظر القرار الجمهورى بتعيين المجلس الأعلى والهيئات الصحفية والإعلامية.. والتى قد يكون للوزير هيكل بعض المشاورات بشأنها، حتى ينسجم القرار، وتنسجم المنظومة الإعلامية.. وهو الأمر الذي يجعل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتدعيم مفهوم الإعلام المحترف في موضعه الصحيح، ويجعل من «هيكل» وزيراً للدولة!.

    ومن المصادفات الغريبة أن يصدر أمس التقرير السنوى للمجلس الأعلى عن حالة الإعلام في مصر، ثم يتحدث التقرير عن الحرية والمسؤولية.. كما يتحدث عن تراجع المخالفات والشكاوى بشأن الفضائيات.. والالتزام بالمهنية، في إشارة إلى أن المجلس كان يسير في نفس الاتجاه الذي تحرص عليه الدولة ويؤكد عليه الرئيس.. فضلاً عن الالتزام بالقواعد المهنية والرأى والرأى الآخر.. وهى نفس الرؤية التي جاء أسامة هيكل لكى ينفذها.. وها هو المجلس يصل إلى النتيجة نفسها دون «تعليمات»!.

    وفى الحقيقة لم نسمع منذ زمن بعيد مصطلح «مفهوم الإعلام المحترف في مصر» في إطار منضبط لمواكبة التطور الكبير الذي طرأ على مجال الإعلام.. وهو تعبير لا يحتمل التأويل.. فالمطلوب هو إعلام محترف يراعى الضوابط المهنية، ويأخذ في اعتباره الرأى الآخر.. ويسمح ببرامج حوارية تتصارع فيها الآراء لمصلحة الوطن.. وقد سألت الوزير هيكل عن ملامح الخريطة التي يحملها، فقال عندنا أفكار جيدة، ولكننا سنترك القنوات تتصرف من تلقاء نفسها وتقدم أفكارها وبرامجها التي ترى أنها تخدم البلاد والإعلام معاً.

    ولا أخفى عليكم أننى استحسنت هذا الرد من الوزير، خاصة أن الانطباع الذي تم تصديره هو أن أسامة هيكل سيكون جزاراً لا وزيراً، ولكن الوزير لم يكشف عن شىء من هذا.. وأشهد أنه كان منحازاً إلى إعلام حر مستقل يحتفى بالمعلومات والحرية أكثر من الغوغائية.. وهو التصور الذي عرضه على الرئيس!.

    وأظن أن السفير بسام راضى قد شرح مُراد الرئيس بوضوح شديد، حين أكد أهمية دور الإعلام في تشكيل «وعى المواطن» في ظل التطورات والمستجدات على الصعيدين الوطنى والدولى، وفى عرض كافة الآراء والاتجاهات والاطلاع على الرأى والرأى الآخر، وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية، موجهاً في هذا الإطار بقيام الوزارة بالعمل على تعزيز تلك الرسائل، من خلال صياغة السياسات الإعلامية ذات الصلة، وتحقيق التنسيق والتناغم داخل المنظومة الإعلامية، بما فيها الهيئات والمؤسسات الوطنية المنظمة للصحافة والإعلام.

    وبخصوص تناغم المنظومة، فقد كان متصوراً أن قرار الهيئات والمجلس الأعلى سيصدر قبل لقاء الرئيس والوزير، وربما قبل تعيين الوزير نفسه.. وهو ما لم يحدث حتى الآن.. مما أربك المنظومة والمؤسسات نفسها.. فهل آن الأوان؟.. وعلى أي حال فقد قدم الرئيس رؤية لا تحتمل التأويل.. إعلام محترف لا تقييد ولا رقابة!.. والأمور الآن كلها في النور!.

  • مقال للكاتب ” عباس الترابيلي بعنوان ” ليبيا.. بين سلطانين! “

    سبحان الله، التاريخ يعيد نفسه.. فما لجأ إليه فايز السراج- ابن طرابلس- عام 2020 هو نفس ما لجأ إليه أهل طرابلس عام 1835.. أى استدعاء الجيش العثمانى ليحكم ليبيا!!.. كيف حدث ذلك وارتكبت طرابلس نفس الجريمة مرتين؟!.

    انضمت ليبيا إلى الدولة العثمانية عام 1520 إلى أن انفردت أسرة القره مانلى بحكم ليبيا، بالذات فى طرابلس، من عام 1711 إلى 1745، وطلبت طرابلس دعمًا عثمانيًا من السلطان، وبذلك عادت السيطرة العثمانية إلى ليبيا عام 1835، أى برغبة وطلب طرابلس!!. والمرة الثانية عندما داهم الإيطاليون طرابلس 1911 فطالب أهلها جميعهم بدعم تركى عثمانى والنضال معها ضد الإيطاليين- رغم أن تركيا كانت وقتها تنهار- وهم يرون أن الحكم العثمانى لم يكن فى نظرهم حكمًا أجنبيًا، وهذا ما جاء فى مذكرة أول أمين عام للجامعة العربية- عبدالرحمن عزام- عام 1946 إلى الحكام العرب.

    ولم يتوقف الطرابلسيون عند هذا الطلب.. إذ أرسلوا وفودًا إلى استانبول لدعوة «الخليفة العثمانى» لاستلام حكم ليبيا بعد تدهور البيت الحاكم القره مانلى على يد آخر ولاته يوسف باشا.. ويكاد هذا السيناريو القديم يتكرر هذه الأيام من زيارة السراج إلى تركيا وتوقيعه معه هذا الاتفاق المشؤوم.. إذ بهذين الطلبين القديم والجديد جاء العثمانيون إلى طرابلس برغبة أهلها.. وهكذا تقف ليبيا الآن فى مفترق الطرق.

    وتحرك الجامعة العربية الآن بقيادة أمينها العام أحمد أبوالغيط تأكيد لدورها القديم أيام عزام باشا.. وكان للجامعة زمان دورها الإيجابى لمواجهة مؤامرة تقسيم ليبيا عقب نهاية الحرب العالمية الثانية إذ كانت المؤامرة تقضى بعودة طرابلس للإيطاليين وبرقة للإنجليز وفزان للفرنسيين.. وكان دور مصر عظيمًا فى التصدى لهذه المؤامرة..

    ■ وكان للمصريين دورهم فى الدفاع عن ليبيا عندما هاجمتها إيطاليا عام 1911 وانطلق فدائيوها يقاتلون مع مجاهدى ليبيا- ولهذا مقال آخر- وهو نفس ما جاءنى من جمعية العسكريين القدماء بدمياط برئاسة اللواء محسن هندام أحد أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة وحرب العروبة عام 1990 لتحرير الكويت.. ومعه الرائد حسن المتبولى كبير مؤسسى الجمعية وأحد أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر إذ أعلنوا دعم الرئيس السيسى فى دفاعه عن ليبيا الوطنية، وما يتخذه من قرارات للحفاظ على الأمن القومى.. وذلك بحمل السلاح والمشاركة فى صفوف قواتنا المسلحة أو ضمن قوات الدفاع الشعبى والعسكرى عن ليبيا- وهو نفس ما قام به شعب مصر عام 1911 للمشاركة مع الوطنيين الليبيين ضد محاولات الغزو العثمانى الجديد لأرض ليبيا ومحاولات السلطان الجديد!!.

  • مقال للكاتب “محمد سعد عبدالحفيظ ” بعنوان ” مغامرة أردوغان فى المستنقع الليبي “

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” محمد سعد عبدالحفيظ ” بعنوان ” مغامرة أردوغان فى المستنقع الليبي ” جاء على النحو الآتي :-

    «الديمقراطية هى مجرد القطار الذى نستقله للوصول إلى الهدف.. المساجد ثكناتنا، المآذن حرابنا، القباب خوذاتنا، والمؤمنون جنودنا»، أدلى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بهذا التصريح لصحيفة «حريات» التركية عندما كان رئيسا لبلدية إسطنبول عام 1997، وبسببه حكم عليه بالسجن لمدة 10 شهور، ومنعته المحكمة الدستورية من تقلد أى وظائف حكومية أو الترشح فى الانتخابات العامة لأنه «تحدى علمانية الدولة».

    بعد انتهاء مدة الاحتجاز والمنع من تقلد الوظائف العامة، تقمص أردوغان شخصية الإصلاحى المؤيد لأوروبا والمنفتح على الغرب والمؤمن بعلمانية الدولة التركية، وما إن تمكن «البراجماتى الإسلامى» الذى أسس على أنقاض حزب «الرفاة» حزبه الجديد «العدالة والتنمية» من حسم 10 استحقاقات متتالية حتى خلع قناعه فظهرت حقيقته «ديكتاتور شعوبى يتسلط ويستبد بشعبه، وعلى استعداد لخوض أى مغامرة لتدعم بقائه فى الحكم إلى آخر نفس».

    استخدم فى ذلك كل الموبقات السياسية من التلاعب بالشعارات الدينية والقومية لمغازلة البسطاء إلى تعديل الدستور حتى يتمكن من البقاء فى السلطة بصلاحيات شبه مطلقة، إلى الدخول فى نزاعات ومعارك وصناعة خصوم وأعداء فى الخارج حتى «لا يعلو صوت فوق صوت المعركة».

    قرار التدخل العسكرى فى ليبيا الذى أيده قبل يومين البرلمان التركى استجابة لطلب من حكومة رئيس الوزراء الليبى فايز السراج كان آخر مغامرات «العثمانى الجديد»، فالأزمات التى تلاحقه والضغوط التى يتعرض لها فى الداخل والخارج دفعته للهروب إلى الصحراء الليبية.

    إقدام أردوغان على تلك الخطوة جاء بعد فشله فى إيجاد حلول للأزمات المالية والاقتصادية والسياسية الخانقة التى تعانى منها بلاده، وفقا لخبراء فى الشأن التركى، «العملة التركية خسرت ما بين (11% و30%) خلال العامين الماضيين، والتضخم وصل إلى ما يزيد عن 25%، ونسبة البطالة فى ارتفاع مطرد بينما ينخفض معدل النمو». وأرجع الخبراء هذا التدهور إلى العجز المفرط فى الحساب الجارى وارتفاع الدين الخارجى وازدياد تسلط أردوغان وأفكاره عن السياسة النقدية لبلاده.

    التراجع الاقتصادى الكبير أثر على شعبية أردوغان وحزبه اللذين خسرا أكبر المدن التركية فى الانتخابات المحلية الأخيرة فتمكنت المعارضة من حسم مدينة اسطنبول وانهت 25 عاما من سيطرة إسلاميى «الرفاة» ثم «العدالة والتنمية» عليها. كما خسر الإسلاميون أنقرة وأزمير ما يعنى خسارة أكبر حواضر تركيا.

    زاد الطين بله فرض أمريكا عقوبات على تركيا بعد شرائها النظام الصاروخى الروسى «أس ــ 400»، وفى أكتوبر الماضى شنت القوات التركية عملية عسكرية فى شمال سوريا، قتلت فيها مئات المدنيين وشردت عشرات الآلاف من اللاجئين، وارتكبت انتهاكات وجرائم حرب بمشاركة ميليشيات إرهابية، ما عرض أنقرة لعقوبات أمريكية وأوربية أخرى.

    داخليا تدهور سجل الحقوق والحريات خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فالرئيس التركى شن عمليات قمع واسعة عقب الانقلاب العسكرى الفاشل فى 2016، وزج بآلاف السياسيين والصحفيين فى السجون، وأجرى تعديلات على الدستور لتمكنه من البقاء فى السلطة وإحكام السيطرة عليها، وفرض حصارا على الصحافة والإعلام فأغلق صحف وأمم أخرى، وجعل من تركيا السجان الأول عالميا للصحفيين، وفقا للجنة الدولية لحماية الصحفيين، التى أعلنت فى تقريرها الأخير أن تركيا تسجن 108 صحفيين.

    نالت تلك الإخفاقات من شعبية أردوغان، وانخفضت شعبيته إلى 33% من 41% فى يوليو 2018، وفقا لاستطلاع رأى حديث، وتعرض حزبه لمزيد من الانشقاقات بعد انسحاب 840 ألف عضو فى الأشهر التسعة الأولى سنة 2019، بينهم رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو ووزير الاقتصاد الأسبق على باباجان.

    كل ما سبق دفع أردوغان إلى الهروب للمغامرة الليبية، عسى أن يجد فيها مخرجا اقتصاديا بالسيطرة على استثمارات النفط الليبى وإجبار دول شرق المتوسط على إعادة النظر فى اتفاقيات التنقيب عن الغاز، وسياسيا بإلهاء شعبه بالدخول فى حرب قد تحد من الانتقادات التى تلاحقه فى الداخل.

    ذهب «العثمان الجديد» إلى ليبيا ظنا منه أنه قد يحقق أهدافه، تصور أنه قادر على تمكين السراج وحكومته من فرض السيطرة على المدن الليبية وإخضاع الأشقاء الليبيين، لا يعلم صاحب تلك المغامرة أن الصحراء الليبية قد تكتب نهايته، فلا طبيعة أرض المعركة فى صالحه ولا التوازنات الإقليمية والدولية ستمكنه من تحقيق مآربه.

  • الكاتب عبد اللطيف المناوي يكتب مقال بعنوان ( مشكلة السياحة فى مصر )

    ناقشت بعضًا من مشكلات القطاع السياحى، رغم الاعتراف الكامل بتحسن معدلات التدفقات السياحية إلى مصر خلال الفترة الأخيرة، ونستمر اليوم فى رصد مشكلات أخرى، تتعلق فى معظمها بالعنصر البشرى، مع اجتهاد بسيط ومشروع للحلول.

    وأود فى هذا السياق أن أؤكد على دور التعليم والأمن فى تأسيس بيئة صالحة للتدفق السياحى، وأظن أن تدريس مادة أساسية بداية من التعليم الابتدائى عن آداب وسلوكيات التعامل مع السائح، جديرة بالتفكير والتأمل، بل جديرة بالاحترام، فى ظل تثوير للمنظومة التعليمية. هذا الأمر اتبعته إسبانيا منذ فترة زمنية ليست بالبعيدة، ما جعلها من أكثر الدول فى أعداد السائحين.

    أما عن الأمن، فالحديث قد يطول فى مسألة دوره المهم فى تهيئة المناخ للسائحين، وذلك بداية من وضع تعريفة لعداد «التاكسى»، وصولًا إلى حفظ أمنهم الشخصى، وعدم تركهم عُرضة لنهب الناهبين، سواء فى محلات الشراء بالأماكن السياحية، أو فى الشوارع، حيث ينتشر العديد من «الأرزقية» الذين لا يهمهم سوى «بيع الهوا للزبون».

    والحماية التى أقصدها ليست «الحصار»، حيث يجد السائح نفسه محاصرًا بين «عساكر» من خلفه وأمامه، لذا فإنه يجب أيضًا إعادة النظر فى كيفية تأمين السائح من دون أن يشعر، حتى يتأكد من إمكانية استمتاعه بجولته دون خوف.

    تحسين مستوى الطرق المؤدية إلى المناطق السياحية وتوفير الخدمات الأساسية عليها يعتبر عاملًا مهمًا فى دعم وتطور البيئة السياحية اللازمة.

    كما يجب تطوير أدوات التنشيط السياحى من خلال المواقع المصرية عبر شبكات الإنترنت وزيادة المكاتب السياحية لمصر فى الخارج.

    التشريعات الخاصة بالقطاع السياحى أيضًا لابد من إعادة النظر فيها، كذلك من الضرورى مراجعة نظم الضرائب المفروضة على المنشآت السياحية والفندقية، إضافة إلى الترويج والتسويق السياحى، والذى يعتبر من أهم الأسباب لزيادة التدفق السياحى إلى مصر، وأظن أن الوزيرة السابقة رانيا المشاط، كان لها دور كبير فى هذا الأمر، أتمنى أن يستمر مستقبلًا، وألا يتوقف عند نقطة رحيل الوزيرة السابقة إلى وزارة التعاون الدولى، كما أتمنى بنفس القدر ألا يؤثر قرار دمج وزارتى السياحة بالآثار على استراتيجية جذب السائحين.

    تقارير أخيرة أشارت إلى أن مصر صارت من بين أهم الوجهات السياحية فى العالم، كما أن هناك توقعات بأن تزيد إيرادات السياحة خلال السنوات الخمس المقبلة، على الـ20 مليار دولار سنويًا، وهو ما يعطى انطباعا جيدًا، ولكن المطلوب إصلاح بعض الاختلالات الموجودة بالفعل، والعمل على تطوير القطاع، لأنه بالفعل أهم مصدر للدخل القومى.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين على موقع الشروق الإخباري بعنوان “12 أمنية للعام الجديد “

    مقال للكاتب عماد الدين حسين على موقع الشروق الإخباري بعنوان ( 12 أمنية للعام الجديد ) جاء على النحو الآتي:-

    اليوم أتحدث عن أمنياتى للعام الجديد ٢٠٢٠، شرط أن نبذل الجهد الكافى لتحقيقها، وليس تركها للتمنيات والمعجزات فقط.

    الأمنية الأولى: أن نتمكن من إنجاز اتفاق نهائى وعادل مع إثيوبيا والسودان، بشأن كيفية إدارة وملء وتشغيل سد النهضة، بما لا يؤثر على حقوقنا المائية، أو «بأقل الأضرار الممكنة»، بحيث لا تستخدم إثيوبيا السد سوطا مسلطا على رقابنا، من شأنه أن ينسف كل جهود التنمية والاستقرار والتقدم فى الحاضر والمستقبل. وبالطبع لن يتحقق مثل هذا الاتفاق العادل، إلا حينما تتأكد إثيوبيا ومن يدعمها بأن مصر لن تقبل بأى حال من الأحوال أن يتم فرض الأمر الواقع عليها.

    الأمنية الثانية: أن تفلت الشقيقة ليبيا من المصيدة المنصوبة لها منذ سنوات، وتحويلها إلى ساحة جديدة لتصفية الحسابات الإقليمية والعالمية، والمتضرر الأكبر من هذه المصيدة بعد الشعب الليبى المغلوب على أمره،هو مصر وامنها القومي. وأتمنى أن تنجح الإدارة المصرية، فى المرور من هذا الاختبار الصعب حتى تحفظ مصر مما يدبر لها وللمنطقة.

    الأمنية الثالثة: أن تتصالح حركتا «فتح» و«حماس»، وأن يقتنعا بأنهما يخدمان الاحتلال الإسرائيلى فقط، حينما يصران على استمرار الخصام والقطيعة.

    من دون الحد الأدنى من وحدة الصف الفلسطينى، فإن القضية الفلسطينية، قد يتم دفنها للأسف الشديد، فى ظل انشغال البلدان العربية بالحرائق المشتعلة داخلها، بل ومسارعة بعضها إلى التودد والتصالح مع إسرائيل مجانا. القضية الفلسطينية لن تحل هذا العام، أو الأعوام القريبة، إلا إذا حدثت معجزة، لكن التوافق الفلسطينى الداخلى بين جميع المكونات، يمنع على الأقل إكمال تهويد الأرض العربية، ودخول القضية كهفا سحيقا قد لا تخرج منه لا قدر الله.

    الأمنية الرابعة: أن تستمر المملكة العربية السعودية فى برنامجها للإصلاح الدينى والاجتماعى، ومحاربة التطرف. هى بدأت البرنامج وسارت فيه خطوات لا بأس بها. والمهم استكماله، وإرسال رسالة حاسمة للمتطرفين، أنه لا مكان لهم فى المملكة. نجاح هذا البرنامج، ليس فقط، فى صالح الحكومة السعودية وشعبها، بل فى صالح كل العرب والمسلمين، بل والإسلام، الذى تم اختطافه على يد تفسير متشدد، يكره الحياة والتقدم ويخاصم العلم والمنطق، وهو التفسير الذى فرخ غالبية حركات العنف والتطرف والتكفير فى المنطقة.

    الأمنية الخامسة: أن تؤمن الحكومة، بالانفتاح السياسى، على القوى السياسية المدنية، وأن دعم هذه القوى الشرعية، وتقويتها هو صمام أمان لمصلحة الحكومة والمجتمع. ضد أى مشاريع تطرف وتكفير وعنف وإرهاب.

    الأمنية السادسة: أن تواصل الحكومة ما بدأته أخيرا من انفتاح إعلامى محدود، وأن تتوسع فيه مادام فى إطار القانون، حتى توقف هجرة القراء والمشاهدين إلى وسائل إعلام متربصة أو معادية.

    الأمنية السابعة: أن تقتننع الحكومة بضرورة دعم المجتمع المدنى والأهلى، لأنه سيكون الظهير الحقيقى للدولة المصرية، فى محاربة التخلف والجهل والمرض. ومن دون المبادرات الفردية الحرة، سوف نظل ندور فى دوائر بيروقراطية قاتلة، لن تغنى ولن تسمن من جوع.

    الأمنية الثامنة: أن تستمر الحكومة فى تطبيق برنامج التأمين الصحى بعد أن بدأ بالفعل فى بورسعيد. يفترض أن يطبق هذا العام فى خمس محافظات. نجاح هذا التطبيق هو أهم ضمان لعبور مصر إلى منطقة مختلفة من الرقى والحفاظ على صحة المواطنين كمدخل للتقدم.

    الأمنية التاسعة: أن تؤمن الحكومة بأنه لا بديل عن دعم القطاع الخاص الوطنى والمنتج والملتزم بالقانون، حتى يساعد الحكومة، فى توفير فرص عمل كثيفة لملايين المصريين، بل ويصب فى مصلحتها.

    الأمنية العاشرة: أن تتخذ الحكومة المصرية قرارا حاسما، بعدم الاستدانة الخارجية تحت أى مبرر، بعد أن وصلت الديون الخارجية إلى أرقام فلكية غير مسبوقة، الاستمرار بنفس الوتيرة يعنى أن فوائد وأقساط الديون، سوف تلتهم أى آثار ايجابية للإصلاح الاقتصادى فى المستقبل، بل وتؤثر على استقلال القرار السياسى.

    الأمنية الحادية عشرة: أن تقتنع الحكومة، بحل مشاكل المصدرين والمصنعين، حلا حقيقيا. أعرف أنها بدأت فى اتخاذ بعض الخطوات المهمة، لكن نحتاج أن يكون ذلك، بصورة مؤسسية ومستدامة، وأن تؤمن الحكومة، أنها لن تكون قادرة بمفردها على قيادة وتولى عملية النمو والانتاج، مهما حسنت نواياها. تحقق ذلك سيعنى إقبال المستثمرين المصريين على العمل والإنتاج، مما يشجع جذب الاستثمار الأجنبى المباشر.

    الأمنية الثانية عشرة والأخيرة: أن يفوز الزمالك بالدورى العام هذا الموسم. أعرف أنها أمنية صعبة، وتخاصم المنطق إلى حد كبير، لكن نحن نتحدث عن الأمنيات!!.

    وكل عام وأنتم فى أفضل حال.

  • مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” ما ينتظر أسامة هيكل “

    نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان ” ما ينتظر أسامة هيكل ” جاء على النحو الآتي :-

    فى يوم الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٤ كتبت مقالا فى هذا المكان عنوانه: «إلغاء وزارة الإعلام.. وسيلة وليس غاية». كنت قد نسيت ذلك تماما، إلى أن فوجئت بأحد الأشحاص يرسله لى عبر الماسينجر. فى هذا المقال قلت إننى تلقيت أكثر من اتصال من سفراء ودبلوماسيين أجانب وطلاب إعلام عن مغزى إلغاء هذه الوزارة، التى كانت آخر من تولاها الإعلامية درية شرف الدين فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى.
    يومها قلت أن فكرة وزارات الإعلام هى اختراع عرفه العالم مع الأنظمة الاشتراكية فى الاتحاد السوفييتى وأوروبا الشرقية، والدول التى حاولت تطبيق نفس الأفكار، وكان هدفها الأساسى، الحشد والتعبئة العامة.
    قلت أيضا يومها أن «الأهم ليس وجود الوزارة من عدمه بل وجود استقلالية حقيقية لوسائل الإعلام القومية، وأن يتم ترجمة المواد الواردة فى الدستور الجديد «٢٠١٤» بشأن مجالس الإعلام الثلاثة، التى حلت محل وزارة الإعلام، بحيث يكون لدينا إعلام مهنى موضوعى ومستقل، ولا ينافق حزبا أو جماعة أو طائفة أو حتى ينافق الشعب.. فقط ينحاز إلى الحقيقة».
    هذا ما قلته فى يونيو ٢٠١٤، أى قبل أكثر من خمس سنوات، ومازلت مقتنعا به حتى الآن.
    الآن يعود الموضوع مرة أخرى للضوء مع تعيين الزميل العزيز أسامة هيكل وزيرًا للدولة للإعلام، فى التعديل الوزارى الذى جرى على حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، ظهر أمس الأول الأحد.
    مرة أخرى القضية ليست وجود أو عدم وجود وزارة أو مجلس أعلى أو هيئة وطنية، أو المجلس الأعلى للصحافة، أو اتحاد الإذاعة والتليفزيون. القضية الأهم هى الفلسفة والفكر والرؤية التى تقف وراء وجود الوزارة، أو المجلس الأعلى.
    وبالتالى علينا ألا ننشغل باللافتات والمسميات، بل ننشغل بمناقشة الجوهر، ونسأل: هو الدور المنوط بالوزارة الجديد، وما هو المطلوب منها، وكيف سنفض التشابكات بين الوزارة العائدة، والمجالس الثلاثة، التى تتمتع بصلاحيات كثيرة، وضعها الدستور، وفصلتها القوانين؟!
    قرأت للعديد من أساتذة وخبراء الإعلام، يقولون إنه لا يوجد تداخل، وأن وظيفة المجالس الثلاثة تنظيمية، فى حين أن وظيفة الوزير سياسية، أى وضع الرؤى والسياسات. وتقديرى أن هذا كلام ليس دقيقا، فوظيفة وصلاحيات رئيس المجلس الأعلى للإعلام، كانت سياسية، وليست فقط تنظيمية،، المجلس يمنح ويمنع ما يشاء، خصوصا بعد لائحة الجزاءات الأخيرة.
    المؤكد أن الدكتور مصطفى مدبولى، حينما عرض على أسامة هيكل المنصب، فإن الأخير سأله سؤالا واضحا: وما هى صلاحياتى، وكيف سنفض الاشتباك مع المجالس الثلاثة، بل ربما تطرق النقاش إلى أمور أكثر تفصيلا. والمؤكد أيضا أن رئيس الوزراء قدم له إجابات شافية، لأنه لا يعقل أن نأتى بوزير جديد، ونتركه يتصارع مع رؤساء المجالس الثلاثة حول أمور كثيرة من أول مكان المكتب، نهاية بمن يقدر ومن يضع السياسات؟!
    المعنى الذى قد يصل لكثيرين أن إعادة وزارة الإعلام، إقرار بوجود مشاكل فى ملف الاعلام، وأن ما هو موجود، من مجالس لم يستطع أن يؤدى المهمة المرجوة، خصوصا فى ظل الاستهداف الممنهج الذى تتعرض له الدولة المصرية، من جهات متعددة داخلية وخارجية.
    وإلى ان تتضح المسافات والفواصل بين الوزير والمجالس الثلاثة، فإن المهمة الأولى لأسامة هيكل ستكون التنسيق بين المجالس الثلاثة أولا، وبينها وبين جميع مؤسسات وأجهزة الدولة. والمهمة الثانية هى بلورة رؤية رسمية للإعلام المصرى. وأتمنى أن يتم بلورة هذه الرؤية بهدوء، بحيث تجيب عن أسئلة مفصلية أهمها: ماذا تريد الدولة من الإعلام، وكيف ترى دوره وتأثيره وآلية عمله، وهل صار ممكنا أن يتم ذلك بنفس أدوات حقبة السيتينيات والسبعينيات من القرن الماضى، وما هى المسافة بين الإعلام الرسمى والمستقل أو الخاص، وهل يمكن أن يكون هناك إعلام قوى ومؤثر رسمى أو غير رسمى، من دون وجود هامش حقيقى من الحرية وتداول المعلومات، حتى نتمكن من إعادة المشاهدين والقراء إلى وسائل الإعلام المصرية، بعد أن تحول بعضهم إلى وسائل إعلام أجنبية بعضها برىء وأغلبها مغرض؟!.
    كل التوفيق لأسامة هيكل فى مهمته التى أراها الأصعب بين كل الوزراء الجدد، بل والقدامى، لأنها تتعلق بإقناع الناس واحترام عقولهم.

زر الذهاب إلى الأعلى