قام الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية أمس بنشر أكبر وأشمل تحقيق استقصائي حول الثروات الخفية والمعاملات المالية المشبوهة للعديد من رؤساء الدول والحكومات في عدد من دول العالم ، في واحدة من أكبر تسريبات الوثائق المالية ، وذلك بناءً على ملايين الوثائق المسربة من جميع أنحاء العالم ( حوالي 11,9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية تعمل في مختلف دول العالم ) ، وتم إطلاق عليه اسم تحقيق ( وثائق باندورا ) ، حيث شارك في إعداد ذلك التحقيق أكثر من (600 ) صحفي ومراسل يعملون في (117) دولة .
أشارت تلك الوثائق إلى تورط (35) شخص من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات سواء السابقين أو الحاليين ، إضافة إلى أكثر من (300) مسئول حكومـي ، مـن بينهـم ( العاهـل الأردنـي الملك عبد الله الثاني / رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس / الرئيس الروسي فلاديمير بوتين / الرئيس الكيني أوهورو كينياتا / رئيس الإكوادور جييرمو لاسو / رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان / الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس / الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي / رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ) في شراء العديد من العقارات الفاخرة ، إضافة إلى إخفاء ملايين الدولارات عبر شركات خارجية متخصصة في التهرب الضريبي في ( جزر العذراء البريطانية / بنما / دولة بليز / قبرص / الإمارات / سنغافورة / سويسرا ) ، وكذلك التورط في جرائم غسيل أموال ، حيث أكدت تلك الوثائق أن العاهل الأردني قام بتأسيس ما لا يقل عن (30) شركة تعمل في دول أو مناطق تعتمد نظاماً ضريبياً متساهلاً ، والتي يُطلق عليها عالمياً اسم ( شركات أوفشور ) ، ومن خلال هذه الشركات قام بشراء (14) عقار فخم في ( الولايات المتحدة / بريطانيا ) بقيمة تزيد عن (106) مليون دولار .
أبرز ما تضمته الوثائق عن رؤساء الدول ورؤساء الحكومات سواء السابقين أو الحاليين
(( الأردن ))
تظهر ( وثائق باندورا ) أن ملك الأردن أنفق أكثر من (70) مليون جنيه إسترليني ( أكثر من 100مليون دولار) لإقامة إمبراطورية عقارية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة ، مؤكدة أن شبكة من الشركات استخدمها الملك
” عبد الله الثاني ” لشراء ( 15) عقاراً، منذ توليه السلطة في عام 1999 ، حيث تشمل القائمة ( 3 منازل مطلة على المحيط بماليبو بولاية كاليفورنيا الأمريكية بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني – 68 مليون دولار/ شققا في واشنطن العاصمة / 8 عقارات تقع في لندن وجنوب شرقي إنجلترا) تم شراؤها بوسطة شركات غير مقيمة .. وذلك على النحو التالي :
– تمكن برنامج بانوراما ( BBC) وصحيفة الجارديان البريطانية بالتعاون مع مؤسسات إعلامية أخرى، من الوصول إلى أكثر من 12 مليون ملف من 14 شركة في الجزر العذراء البريطانية، وبليز وبنما وهونغ كونغ وقبرص وسويسرا ودول أخرى أوضحت أن الملك ” عبد الله ” أشترى بين عامي ( 2012 – 2014 ) نحو ( 4 ) شقق في حي جورج تاون الراقي في العاصمة الأمريكية واشنطن ، وقد تكون عملية شراء هذه الشقق التي بلغت قيمتها (16) مليون دولار، لها علاقة بنجل الملك ولي العهد الأمير الحسين، الذي كان يدرس في جامعة جورج تاون في ذلك الوقت.
– تم في 2014 شراء عقار يطل على المحيط الهادئ في شبه جزيرة بوينت دوم في ماليبو بكاليفورنيا بمبلغ (33.5) مليون دولار من قبل شركة Nabisco Holdings SA، وهي شركة تتخذ من الجزر العذراء البريطانية مقراً لها ، واشترت شركتان مختلفتان تتخذان أيضاً من الجزر البريطانية مقراً لهما، المنزلين الواقعين على جانبي العقار عامي ( 2015 – 2017) وتجري عمليات التعديل على العقارات الثلاثة لجعلها عقاراً ضخماً واحداً .. وكشفت “وثائق باندورا” أن الشركات الثلاث هي من بين الشركات التي يمثلها مكتب محاماة في بنما، وجميعها مملوكة سراً لملك الأردن.
– تشير “وثائق باندورا” إلى وجود (8) عقارات له في لندن وجنوب شرق إنجلترا في ( كنسينجتون / بلجرافيا / أسكوت في مقاطعة ساري / بالقرب من قصر باكينجهام) .
(( بريطانيا ))
لا يوجد ما يشير في ( وثائق باندورا ) إلى أن رئيس الوزراء السابق ” توني بلير ” وزوجته كانا يخفيان ثرواتهما ، لكن المستندات توضح سبب عدم دفع رسوم الدمغة المعروفة في بريطانيا باسم “ستامب ديوتي” عندما اشترى الزوجان عقارا في مارليبون وسط لندن في يوليو 2017 بقيمة (6.45) مليون جنيه إسترليني ، حيث استحوذ رئيس الوزراء السابق وزوجته على المبنى ، من خلال شراء الشركة الأجنبية التي كانت تملكه ( يعد الحصول على عقارات في المملكة المتحدة بهذه الطريقة أمرا قانونيا ولا يُلزم بدفع رسوم ستامب ديوتي ) ، وبذلك تمكن رئيس الوزراء البريطاني السابق وزوجته من التهرب من دفع (312) ألف جنيه إسترليني، من رسوم الدمغة .
(( أذربيجان ))
تظهر الوثائق استحواذ عائلة الرئيس ” إلهام علييف ” على عقارات بريطانية سراً باستخدام شركات تتخذ من غطاء ضريبي مقرا لها ، وأنها اشترت (17) عقاراً – بما في ذلك مبنى مكاتب – بقيمة (33) مليون جنيه إسترليني في لندن، لإبن الرئيس ” حيدر علييف ” البالغ من العمر (11) عاما في حي ( مايفير ) بلندن من قبل شركة واجهة مملوكة لصديق عائلة الرئيس في عام 2009 ، ثم تم نقل الملكية بعد شهر واحد إلى ” حيدر” ، كما تم بيع مبنى مكاتب آخر مجاور، مملوك للعائلة إلى كراون ستيت مقابل 66 مليون جنيه إسترليني في عام 2018 بعد أن اشترتها بـ 35 مليون قبل 10 سنوات .
(( روسيا ))
لم يرد ذكر اسم الرئيس الروسي ” فلاديمير بوتين ” بشكل مباشر في الوثائق، لكنه يرتبط عبر شركاء بأصول في موناكو.
(( كينيا ))
عمل الرئيس الكيني ” أوهورو كينياتا ” وعائلته على تكديس ثروة شخصية تقارب (500) مليون دولار من خلال شركات خارجية ، حيث كشفت أن رئيس كينيا و(6) من أفراد عائلته يمتلكون مجموعة من شركات الأوفشور.
(( باكستان))
أعضاء الدائرة المقربة من رئيس الوزراء الباكستاني ” عمران خان” ، بمن فيهم وزراء وعائلاتهم، يمتلكون سراً شركات وصناديق ائتمانية بملايين الدولارات .
(( قبرص))
شركة المحاماة التي أسسها الرئيس القبرصي ” نيكوس أناستاسيادس” قد ادعت وجود مُلّاك وهميين لإخفاء المالك الحقيقي لسلسلة من الشركات الخارجية، وهو سياسي روسي سابق اتُهم بالاختلاس، لكن شركة المحاماة تنفي ذلك .
(( أوكرانيا))
نقل الرئيس الأوكراني ” فلاديمير زيلينسكي ” حصته في شركة خارجية سرية قبل فوزه في انتخابات 2019 .
(( الأكوادور))
استبدل رئيس الإكوادور ” غييرمو لاسو” وهو مصرفي سابق، بمؤسسة بنمية كانت تقدم مدفوعات شهرية لأفراد عائلته المقربين صندوقا ائتمانيا مقره في ساوث داكوتا في الولايات المتحدة .
أبرز ردود الفعل حول التسريبات
(( الأردن))
نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” عن محامين للملك عبد الله الثاني قولهم إن كل الممتلكات تم شراؤها من أموال خاصة ويستخدمها الملك أيضا لتمويل مشاريع للمواطنين الأردنيين .. مشددين على أن الشخصيات البارزة عادة ما تعمد إلى شراء ممتلكات عقارية عبر شركات أوفشور للمحافظة على خصوصيتها ولأسباب أمنية .. من جانبها رفضت سفارة الأردن في واشنطن التعليق على ما نقلته الـ ( BBC) .
(( التشيك))
نشر رئيس وزراء التشيك ” أندريه بابيس ” – رداً على المزاعم أنه استثمر 22 مليون دولار في شركات وهمية استخدمت في تمويل شراء قصر بيغوبجنوب فرنسا – تغريدة جاء بها : ” لم أقدم يوما على أي فعل غير قانوني. لكن هذا لا يمنعهم من محاولة التشهير بي والتأثير على الانتخابات التشريعية التشيكية” المقررة الجمعة والسبت ” .
(( باكستان))
وعد رئيس الوزراء ” عمران خان ” بإجراء تحقيق حول كل الباكستانيين الواردة أسماؤهم في الوثائق مؤكداً على اتخاذ الإجراءات المناسبة في حال ثبوت التهم عليهم .
(( شخصيات / منظمات))
1 – اعتبر مدير الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ” جيرارد رايل ” أن التحقيق يظهر أن الأشخاص الذين يمكنهم وضع حد لسرية الشركات الأوفشور- لوضع حد لما يجري عبرها- يستفيدون منها أيضا .
2 – أكدت الباحثة في منظمة الشفافية الدولية ” مايرا مارتيني ” أن التحقيق يمثل دليلا جديداً واضحا على أن أوساط الأوفشور تسهل الفساد والجرائم المالية وتعرقل العدالة ” .