قالت مصادر بصناعة السلاح إن الصين تحاول بيع غواصتين لمصر بسعر أرخص من غواصتين عرضتهما ألمانيا على مصر في إطار مساعي بكين لتوسيع صادراتها من الأسلحة بما تتجاوز سوقها التقليدية في آسيا.
وقالت المصادر إن الصين سعت لقطع الطريق على شركات صناعة الغواصات الغربية من خلال عرض أسعار مخفضة وشروط ائتمانية مغرية للمبيعات في آسيا، وأبرمت صفقات مع كل من (باكستان وبنجلادش) حتى الآن.
وقال معهد (ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي) في مارس، إن الصين حلت محل ألمانيا كثالث أكبر دول العالم تصديرًا للسلاح، رغم أن ما يقرب من 70% من هذه الصادرات ذهب إلى لباكستان وبنجلادش وميانمار.
وقال مصدر عسكري مصري إن الصين عرضت بيع غواصات للقاهرة.
وأضاف المصدر: “نحن ندرس العرض لكن القرار ليس سهلا”، وامتنع المصدر عن ذكر تفاصيل وطلب عدم الكشف عن هويته لأنه ليس مصرحًا له التحدث لوسائل الإعلام.
وقال متحدث عسكري مصري إنه ليس لديه “تفاصيل رسمية” عن الموضوع، ولم ترد وزارة الدفاع الصينية على طلب للتعليق على الأمر.
وقال مصدران بصناعة السلاح مطلعان على تفاصيل الموضوع إن القاهرة أرادت شراء غواصتين إضافيتين بعد أن طلبت تصنيع غواصتين من شركة تايسن كروب مارين سيستمز الألمانية في عام 2011 من المقرر أن تتسلمهما في عام 2017، وأضاف المصدران أن الشركة الألمانية تجري محادثات مع مصر بشأن بيع الغواصتين الإضافيتين.
وفي حين امتنعت الشركة الألمانية عن التعقيب قالت وزارة الاقتصاد الألمانية إنها أصدرت موافقة على صناعة الغواصتين الإضافيتين لمصر.
وفي بادرة على تطور العلاقات بين البلدين وقعت شركة سيمنس الألمانية صفقة قيمتها ثمانية مليارات يورو (9.05 مليارات دولار) مع مصر في يونيو الماضي لتوريد محطات لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز وطاقة الرياح.
وقالت المصادر إن بكين طلبت من مصر النظر في غواصاتها الأحدث كبديل منخفض التكلفة، وأضافت أنها لا تعرف طراز الغواصة التي عرضتها الصين أو شروط التسعير على وجه الدقة.
وقال مصدر بصناعة السلاح: “بكل تأكيد الغواصات مطروحة للبحث رغم أن مصر تجري محادثات مع ألمانيا عن الغواصتين الإضافيتين منذ فترة”، وتتولى بناء الغواصات الصينية شركة ووتشانغ لبناء السفن التابعة لمؤسسة الصين لصناعة بناء السفن التي تديرها الدولة، ولم ترد الشركتان على طلب للتعليق.
*تاريخ طويل
وتربط الصين ومصر علاقات ودية منذ فترة طويلة وفي الثمانينيات زودت الصين مصر بأربع غواصات تعمل بوقود الديزل من طراز مينج.
ويقول تقرير رسمي صيني إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أبلغ الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال رحلة إلى بكين في ديسمبر أنه يريد تعزيز التعاون العسكري والأمني مع الصين.
وأدلى الرئيس شي بتعليقات مماثلة للسيسي عندما زار الرئيس المصري بكين هذا الشهر لحضور عرض عسكري بمناسبة مرور 70 عامًا على نهاية الحرب العالمية الثانية، كما شاركت سفن حربية صينية ومصرية في أول مناورات بحرية مشتركة بين البلدين هذا الشهر.
وقال موقع “صينا نيوز” الذي يعمل وفق اللوائح الحكومية وهو من المواقع الإخبارية الرائجة في تعليق له الشهر الماضي، إن شركات صناعة الغواصات الصينية عليها أن “تجري استعدادات” لتلبية طلب متنامٍ من مصر ودول أخرى في أفريقيا، وأضاف أن الصين أفضل خيار أمام مصر لشراء الغواصات بسبب قيود الميزانية لدى القاهرة.
وكانت باكستان وافقت على صفقة لشراء ثماني غواصات من الصين في وقت سابق من العام الجاري، وسبق أن باعت بكين غواصتين لبنجلادش.
وفي يوليو جمدت تايلاند خطة لشراء 3 غواصات صينية متعللة بضرورة تقييم ما إذا كانت قواتها البحرية في حاجة فعلية للغواصات، ولدى الصين أسطول من نحو 70 غواصة.
*السعر المناسب
وقال المصدر الثاني بصناعة السلاح إن الصين تثبت أنها منافس صعب المراس لشركات معدات الدفاع الغربية في المنافسة على بيع الغواصات.
وقال المصدر: “أسعارهم أرخص كثيرًا… كما أن شروط الائتمان التصديري الصينية مغرية للغاية للمنتجات العسكرية”، وطلب المصدر عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بحساسية الموضوع.
وقال خبراء أمنيون إنهم يعتقدون أن الصين تعرض في الأساس نسخة من غواصتها من طراز سونغ للبيع في الأسواق الدولية، وهذه الغواصة هجومية حديثة تعمل بوقود الديزل والكهرباء ويقول الخبراء إنها تشمل تعديلات صينية على نظم ألمانية وفرنسية.
وتقول تقارير إخبارية صينية إن طراز يوان الأكبر والأحدث به نظام دفع صيني التصميم لا يجعل الغواصة تحتاج للصعود إلى سطح الماء كثيرًا مثل الغواصات التي تعمل بالديزل، كما أن إشاراتها الصوتية أضعف مما يزيد من صعوبة رصدها، ومع ذلك أثار عدة خبراء شكوكًا في مدى قدرة نظم الدفع والبطاريات الخاصة بها وما إذا كانت تجاري الغواصات الغربية.
وقال ريتشارد بيتزنجر خبير الأمن الإقليمي في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن الغواصات الصينية ربما لا تكون أفضل الغواصات المعروضة في السوق، لكن السعر عنصر مهم للدول النامية مثل مصر.
وأضاف: “ربما يكون تنسيق العمليات تحديًا عندما تمتلك غواصات مصنعة في دول مختلفة، لكن هذا ليس مشكلة لهذه الدول النامية؛ لأنها أكثر اهتمامًا بما يمثل أفضل صفقة لها”.