يرى معهد بروكينز للدراسات في واشنطن، أن تحرير الرمادي قبل أيام يُعد نصراً للعراق وللولايات المتحدة، على تواضعه.
ولكن تلك الحقائق تعد مفتاحاً لفهم ما يمكن أن يعنيه تحرير المدينة بالنسبة لمستقبل العراق، ولمسار الحملة الأمريكية هناك.
فعالية داعش المحدودة
وحسب بروكينز، جاء تحرير الرمادي ثمرة جهود سبعة أشهر من التحضير، رغم المساعدات التي حظي بها الجيش العراقي، ذلك ان المدينة خضعت لسيطرة داعش أشهر عدة، بأقل من ألف مسلح من داعش، خاصة في الشهر الأخير.
وفي المقابل، حشد الجيش العراقي قرابة عشرة آلاف جندي بأسلحتهم الخفيفة، ومدرعاتهم الثقيلة.
وكما يقول خبراء، ورغم أن مقاتلي داعش أكثر اندفاعاً للقتال، إلا أنه ثبت أنهم ليسوا أكثر كفاءة من المقاتلين العرب أو الأكراد.
وإلى جانب ذلك، كان الجيش العراقي مدعوماً بقوة جوية أمريكية، وبمستشارين من الاستخبارات والجيش الأمريكيين.
وفي الواقع، شارك عددٌ من الألوية في العملية بعد تدريبها وتجهيزها من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وأبلت بلاءً حسناً، وبدا أداؤها أفضل من باقي الألوية العراقية، التي لم تحصل على التدريب نفسه.
خلل في الجيش العراقي
ويُشير بروكينز إلى أن حصار الرمادي الذي دام سبعة أشهر، كان نتيجة لاستمرار اختلالات في قيادة الجيش العراقية، والساسة العراقيين عامة.
ورغم مُضي فترة طويلة على عزل المالكي من القيادة العامى للجيش العراقي، إلا أن تسييس الجيش بقي بعده، رغم إقالة أو استبعاد مسؤولين كبار عن مراكز القيادة.
وعلى امتداد الحصار، كانت مختلف الوحدات المشاركة في المعركة ترسل تقاريرها إلى قادة مختلفين، كان بعضهم يرفض التعاون مع قادة آخرين، ما دفع بقواتهم للسيطرة على وحدات أخرى، ما عطل عمليات الجيش العراقي أسابيع طويلة أحياناً.
سُنّة وحشد شعبي
وإلى جانب ذلك توجد مشاكل مع أبناء الطائفة السنية، ذلك أنه ورغم تعاون محافظ الأنبارالكبر، إلا أن تدريب مئات من رجال العشائر السنية للمشاركة في العملية، تطلب وقتاً طويلاً.
ويري بروكينز، أنه كان يتحتم إعطاء “وجه سني” لاستعادة مدينة أغلبية سكانها سنة، فضلاً عن مشاركة جنود يثق بهم السكان ويتقبلونهم.
فالعراقيون لم ينسوا التجاوزات السابقة الخطيرة التي ارتكبتها مليشيات شيعية بعد سقوط تكريت، الأحداث المعروفة جيداً لدى أبناء الطائفة السنية، ما أدى إلى خلافات حول الطرف الذي سيستعيد الرمادي، ويؤمن سكانها.
تهديدات
ويُضيف معهد بروكينز، أن آخر قطعة في هذه الأحجية كان إيران، و بشكل أصح، زعماء الميلشيات الشيعية المدعومة من إيران.
وأوضح كل من زعماء السنة والولايات المتحدة للحكومة العراقية، أنهم لن يدعموا استعادة الرمادي إذا شاركت فيها مليشيا الحشد الشعبي، المدعومة إيرانياً، وذلك تحسباً من وقوع مجازر، وعمليات تؤكد استبعاد الطائفة السنية من المشاركة في الحكومة المركزية.
وعليه، لا يستغرب المعهد، استياء عدد من قادة الحشد الشعبي، خاصةً منهم الأكثر ارتباطاً بإيران مثل هادي العامري، وقيس الخزعلي وأبو مهدي المهندس، الذين سعوا إلى منع تحرير الرمادي في غيابهم، إلى درجة تهديد ضباط عراقيين وأسرهم بالقتل.
وذكرت تقارير أخرى أن الإيرانيين أنفسهم أرادوا ضمان فشل أي إنجاز عسكري في العراق لا يُنسب إليهم.
دور أمريكي حاسم
وبالنظر إلى هذه العراقيل، يرى بروكينز، أن الولايات المتحدة هي من أمن تحرير الرمادي.
وواصلت الإدارة الأمريكية، على مدار أشهرٍ، الضغط على العراقيين لاستعادة المدينة.
وعندما لم يُحرك العراقيون ساكناً، أشار لهم الأمريكيون بأن استعادة الرمادي سيكون لمصلحتهم، ما جعل الإدارة الأمريكية دور الوسيط والقوة العازلة، التي أقنعت العراقيين بمزايا الاتفاق فيما بينهم.
ويلفت معهد بروكينز، إلى أن تحرير الرمادي أظهر مرة ثانية، أن العراقيين قادرين على القيام بما يريدونه، وبما يحتاجونه، ولكنهم بكل بساطة أيضاً يحتاجون الدعم الأمريكي، لكن إذا كان الانتصار في الرمادي متواضعاً بالنسبة للولايات المتحدة، إلاّ أنه هزيمة مدوية لإيران.