“أخاف ألا أقيم حدود الله”.. جملة قد تكون الأشهر فى السينما المصرية خلال السنوات العشرين الأخيرة، قالتها داليا البحيري بطلة فيلم “محامي خلع” للتعبير عن عدم قدرتها على الاستمرار في الحياة الزوجية ورغبتها في خلع زوجها.
هذا الفيلم الذي تناول قضية “الخُلع” بطريقة ساخرة، وكان محوره الأساسي كيفية تخلص البطلة الضعيفة من زوجها “المفتري”، الذي تحول بنهاية الأحداث الدرامية إلى شخص منبوذ يشعر بالمرارة والحنق بعد تغلب الزوجة بمعاونة محاميها في “خلعه”.
بعيدًا عن شاشات السينما، ما الذي يشعر به الزوج عندما “تخلعه” الزوجة في عالمنا الواقعي داخل أروقة المحاكم وليس “بلاتوهات” التصوير؟
“خلعته بعد 45 سنة من الزواج.. دي كانت قضية عرضت عليا من شهرين فقط وبالطبع هناك أسباب للخلع قد تكون منطقية مثل ممارسة العنف وأخرى تبدو تافهة مثل مبيخرجنيش، ما بيفسحنيش وهكذا”، يقول الأستاذ عمرو مهدى المحامي بالاستئناف عند سؤاله عن أبرز قضايا الخُلع التى تعرض عليه.
وأضاف مهدي “قضايا الخلع والطلاق فى تزايد مستمر، فقد وصلت إلى 250 ألف قضية منذ بداية 2017، مشيرًا إلى دعاوى “خلع” تلجأ إليها سيدات، خاصة أنها الأسرع حيث لا يتجاوز الفصل فيها مدة الـ10 شهور.
وبسؤاله عن اطلاع القاضي على الأسباب، قال مهدي إن دعاوى الخلع “إجرائية” أكثر منها “قضايا بالمعنى المفهوم”، فعند تأكد القاضي من عدم قدرة الزوجة على العيش مع الزوج و”إقامة حدود الله” يستأنف الإجراءات مهما اختلفت الأسباب.
وبعد الحكم بـ”خلع” المرأة من الرجل، ماذا عن الحالة النفسية التي يكون عليها. خاصة أن المجتمع المصري عادة ما يوصم “الرجل المخلوع” بنفس الوصمة التى تصيب “السيدة المطلقة”، ويسخر منه المحيطون به بعبارات مثل “ما كنت طلقتها بكرامتك” أو “ياللي اتخلعت” أو “المخلوع”.
يلعب المجتمع دورا كبيرا فى “تعقيد الرجل” و”ضغطه نفسيًا”، وشرحت الدكتورة هبة العيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس حالة الرجل المخلوع النفسية، قائلة إن الرجل بعد إصدار القاضي حكمه بخلع الزوجة واعتبارها مطلقة، تمر مشاعره بأربعة مراحل:
مرحلة الإنكار
تبدأ بالإنكار التام لما حدث إذ يرفض الزوج الواقع الذى يعيشه، وأكدت الطبيبة أن الرجل عادة ما يبدأ إقناع نفسه ومن حوله بأن ذلك لم يحدث ويردد في نفسه وعلى الملأ كلمات مثل “أنا مطلقتهاش.. ده مش طلاق.. لازم أقولها إنتي طالق”، وتستمر هذه المرحلة فترة من الوقت يقنع فيها الزوج نفسه بأنها ستعود له أو أن أحدا دفعها لفعل ذلك، متناسيًا أنه قد يكون هو الشخص الذي جعلها تأخذ قرارها بـخلعه.
مرحلة الانفعال
يدخل الرجل فى نوبة عارمة من “الغضب” المصحوب بـالكراهية الشديدة تجاه الطرف الآخر، ويبدأ في إقناع نفسه بأنها هى التي خسرت، متذكرًا كل الصفات والأفعال الشخصية السيئة فى الطرف الآخر.
مرحلة الانتقام
يلجأ الرجل للانتقام من المرأة بشتى الطرق مثل السب وإرسال رسائل مسيئة والتهديد وغيرها، وهنا يجب التعامل مع الرجل بحذر ومناقشة القضية معه بشكل موضوعي، ومحاولة إقناعه بأن حياته على الأغلب ستكون أفضل.
مرحلة التقبل
في المرحلة الرابعة والأخيرة، يخضع الرجل للأمر الواقع ويحاول الاندماج في المجتمع ونسيان الطرف الآخر.
وعن كيفية تخطي الرجل هذه المراحل بأقل قدر من الخسائر، قالت هبة العيسوي إن المخلوع يجب أن يتبع الآتي:
1- الانخراط فى العمل: ملاذه الوحيد الذى يدفن فيه أى طاقة سلبية أو شعور سيئ ينتابه فى تلك الفترة.
2- ممارسة الحياة بشكل طبيعي: يفضل ممارسة النشاطات المختلفة مثل السفر، الرياضة، والبعد عن التقوقع والوحدة.
3- مراقبة الأهل: يجب على الأهل إدماج الرجل معهم بشتى الطرق، وإذا أصر على الانعزال والوحدة، يجب استشارة طبيب حتى لا يدخل فى اكتئاب واضطراب نفسى.
4- البعد عن الإفصاح للعامة: أكدت الطبيبة أن انتشار أمر “الخُلع” في دائرة معارف الرجل يزيد من تدهور حالته النفسية، لذا يفضل التكتم على الأمر وعدم الإفصاح حتى تنتهي المرحلة الحرجة.
5- الثقة بالنفس: الاندماج فى المجتمع وتحقيق نجاحات جديدة على المستوى الشخصي، سيزيدان من ثقة الرجل بنفسه، وذلك يثبت له أن الفشل فى العلاقة الزوجية لا يعنى فشله هو شخصيا.